قتل الأرانب 0000للروائى الإنجليزى /جون ريفنسكروفت (1) كن أول من يقيّم
قتــل الأرانــب* جون ريفنسكروفت** ترجمة : فاطمة ناعوت*** لم أتطلّعْ يومًا إلى قتل الأرنب. لا تقلّلوا من شأن هذا الأمر – فقد كنتُ أرتعد من الفكرة. كنت أفزع منه مثلما يفزعُ القتلةُ من أنشوطة المشنقة، أو كما يفزع غواصو البحار العميقة من التواءات العضلات، أو مثلما يفزع المدرسون التعساء من صباحات يوم الاثنين (1). - " لستَ مضطرًا على فعل ذلك ! " هكذا قالت زوجتي "ماري"، التي كان القلقُ يزيد وجهها رهافةً، وكان هذا لطيفا منها، غير أن كلينا كان يعلم أن تلك لم تكن الحقيقة. الحقيقة كانت حتمية أن أفعل ذلك. إذا لم أفعل، إذن ما الذي كنا نمثله هنا تحديدًا ? إعادة عرض لكوميديا " الحياة الطيبة " (2) ? إذا لم أستطع أن أجبر نفسي على قتل أرنبٍ واحدٍ أعزل، فإن كل كلامنا حول أسلوب الاكتفاء الذاتي، ومحاولة الخروج من جنس الفئران، وإقامة حياة أكثر صحيّة، لن يغدو كل ذلك أكثر من كلام. مجرد كلام. وبوسعي الآن أن أسمع والدة "ماري"، بوسعي أن أرى حاجبيها المقوسيْن، وابتسامتها التي تقول: ألم أقل لك ?، وتهكمها الواثق :" أوه نعم، أنتَ دائما بارع في الكلام عن الأشياء، أليس كذلك يا جون...!". حسنًا، لم تكن هي من يستحق هذه الترضية على أية حال ، لكن ماري وأنا كنا في طريق أكثر إيغالا من إمكانية التراجع، تجاوزنا منذ زمن نقطة اللا عودة. تركنا وظيفتينا، تركنا بيتنا، ثم انتقلنا نهائيا إلى منطقة ريفية من البلد – والآن، انظروا إلينا. أعجوبة العجائب، كنا نفعل الشيء الذي ظللنا نحلم به طيلة العامين الماضيين. وها نحن أخيرًا، برغم كل العقبات، ندير أرضا صغيرة تخصنا. الأسابيع القليلة الأولى من محاولة تحويل المكان إلى شكل مقبول كانت شاقة، لكن مُرضية تماما. لا شك، فقد كانت الأرض المحيطة بالكوخ الريفيّ وعرة، وثمة أعمال بناء ناقصة، لكن المحيط العام كان رائعًا. لدينا ثمانية هكتارات من تربة عفيّة خصبة، محاصيل تُزرع وتنمو، دجاجات تقرققُ، بطّات توقوق، إوزات تزمِّرُ، بضع خراف تمأمئ، وبطبيعة الحال كان لدينا أرانب، أرانب مشغولة بما تحب أن تفعله الأرانب عادة. هل كان من الممكن أن أغامر بكل هذا، لمجرد أنني لا أستطيع أن أواجه ببسالة مذبحةً صغيرة - الشيء الذي هو ركن ركين من حياتنا الراهنة ? كلا. إنه الوقت الحاسم. الوقت الحاسم بالنسبة لي، الوقت الحاسم بالنسبة للأرنبة. كان اسمُها "تاج"، إحدى ثلاثة أرانب نيوزيلندية بيضاء. الذكر الضخم أطلقنا عليه اسم "بوبتيل"، أما الأنثى الأخرى فتُدعى "راج". كانت "راج" دائما حُبلى بحَملٍ ثقيل، ولو اتبعت "تاج" النهج نفسه لأصبح ثالوثنا الصغير في طريقه الصحيح المأمول نحو تزويدنا بحوالي 200 رطل من اللحم كل عام. هكذا تقول الكتب على كل حال. لكن كان ثمة مشكلة. فرغم كل جهود "بوبتيل" (و كي أوفي الولد حقه لابد أن أقول إنه بذل قصارى جهده بالفعل)، إلا أن "تاج" رفضت ترمي كرتَها. أسبوع بعد أسبوع بعد أسبوع، و"بوبتيل" يؤدي واجبَه الرجوليّ بحماسٍ مذهل، غير أن "تاج" ظلّت على عقمها العنيد. يقول خبراء الاكتفاء الذاتي : إذا كانت الأنثى غير منتجة، فإن مكانها الوحيد إناء الطهو ! وكانت "تاج"، تلك الأرنبة اللطيفة حلوة الطبيعة، من دون شك غير منتجة. حسنًا، لا مكان للعائشين على الصدقات في مزرعتي الصغيرة. "تاج" لابد أن ترحل. - "إذا لم تصبح حُبلى على نهاية الأسبوع،" أخبرتُ ماري، " إذن سيكون. سنجلب أنثى أخرى، وسيكون عليّ أن .... ، أنتِ تعرفين." وجاءت نهاية الأسبوع، وكل ما يمكنني قوله إن "تاج" ظلت عاقرًا كما هي دائما. - " غدًا،" هكذا أعلنتُ بينما أتجه إلى زر الكهرباء لأطفئ المصباح جوار السرير. " سوف أفعلها غدا." في الظلام كنت أسمع تنفس "ماري". - " هل أنت واثق?" - " نعم، لقد حان الوقت." |