أراء العلماء فى تسمية الحضاره.... وحجة كل واحد منهم كن أول من يقيّم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أستاذى الفاضل:. زياد أنا ممن يتفق معك فى تسميه الحضار بالحضاره الإسلامية العربية وهذا بعد دراستى للموضوع وإشكليات التسمية التى واجهها العلماء تأعرض لك نبذه عن كل إسم لماذى سمى به وما الحجة عليه أولا أختلف الباحثون حول تسمة الحضاره التى أقامها المسلمون، فقد وصفها بعضهم بأنها " الحضارة العربية" ووصفها أخر " بالحضارة الإسلامية" وبعضهم الثالث سلك طريقا وسط، وسمها " الحضارة العربية الإسلامية" بينما سماها بعضهم الرابع " الحضارة الإسلامية العربية". أولا : الحضارة العربية:. يرى أصحاب هذه التسمية أن المنطقة العربية هى التى تمتد من المحيط الأطلنطى غربا إلى الخليج العربى شرقا، وهضاب الأناضول وأرمنيا شمالاً، وأواسط إفريقيا والمحيط الهادى جنوبا- وسكنت تلك الأقاليم أمم عريقة فى حضارتها التي بدأت قبل الإسلام بفترة طويلة تمتد إلى فجر التاريخ. ويشير أصحاب هذه النظرية إلي أن المنطقة العربية تعد من المناطق النادرة التى تمتاز بشخصية إقليمية منفردة لدرجة عجيبة. وقد أشار الدكتور/ جمال حميدانٍ فى كتابةٍ " دراسات فى العالم العربي" إلى ذلك بقولة:.{ أن هناك نغمة أساسية وإتقانا مشتركاً يتكرر بإلحاح فى جميع نواحى الوجود الطبيعى والحياه البشرية فى الماضى والحاضر}. ولا تقتصر هذه الصفه الأولية على محتويات الإقليم الداخلية الطبيعية والبشرية بل تتعداه إلى الواقع الخارجى. وأثبتت الدراسات أن الحضارات التى ظهرت فى هذه المنطقة قبل الإسلام كانت متشابهة فى أمورها الإقتصادية والسياسية والثقافية والدينية، وأن الأمر إختلف بعد ظهور الإسلام، وذلك أن اللغة العربية هى اللغة التى نزل بها القرآن، وبها دونت السنة النبوية الشريفة، وهى اللغة التى تكلم بها كل من اعتنق الإسلام، وانضوى تحت لواء هذه الحضارة، وأن النبي محمد صلى الله علية وسلم جاء بهذه الرسالة الحضارية إلى كل العالم، فهم القادة الذين فتحوا، والجنود الذين حاربوا، وهم الساسة الذين خططوا، وهم الفقهاء وأهل الفكر لفتره طويلة من الزمان. وهكذا نرى أن المتحمسين لوصف هذه الحضارة " بالحضارة العربية " قد بنوا حجتهم على أساس أن " اللغة العربية" هى اللغة الأساسية لهذه الحضارة، التى ساهمت فى توحيد فكر أهلها، ويرى أصحاب هذا الرأي أيضا أن شعوباً أخرى، مثل الفرس، والترك، والهنود، قد أسهموا فى بناء الحضارة الإسلامية، وبرز من بينهم علماء، مثل إبن سيناء، والفرابي، والطبري. إلا أن هؤلاء إستعربوا، أى كانت ثقافتهم هى العربية، وإرتفعت مكانتهم نتيجة لرعاية حكام المسلمين من العرب لهم. ثانيا: الحضارة الإسلامية:. يرى اصحاب هذا الرأى أن كل الشعوب التى احتضنها الإسلام قد إندمجت فيما يمكن تسميتة بأمة محمد صلى الله علية وسلم، وأن هذه الشعوب قد إتخذت من القرآن منهجاً ودستوراً، وسارت على سنة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم حتى أصبح من الصعب وصف ملامح الحضارة عند هذه الشعوب بصفات أخرى غير " إسلامية" وتلك الصفات التى يمكن النظر إليها على أنها صفة دينية فحسب ولكنها صفة حضارية. ويرى أصحاب هذا الرأى أن شعوباً كثيرة غير عربية قد أسهمت بنصيب كبير فى بناء هذه الحضارة، وإطلاق إسم العربية عليها يثير حفيظة غير العرب، ويحرك فيهم نعرة العصبية القومية والشعوبية العنصرية التى حاربها الإسلام، وعمل على القضاء عليها. ويرى هؤلاء أيضاً أن الدين الإسلامى هو دين الأغلبية العظمى للسكان، والذين يعيشون فى إطار هذه الحضارة، وهذه فى نظرهم رابطة أقوى من اية نزعة عنصرية أو شعوبية، كما يرى أصحبا هذه النظرية. وأن ما يربط الشعوب فى كنف الدولة الإسلامية فى قارات آسيا وإفريقية وأروبا إنما هى الشرية الإسلامية، وعلى الرغم من إنقسام الدولة الإسلامية سياسيا إلى دول مستقلة، إلا أن ذلك لم يمنع المسلم أن يشعر أينما ذهب أنه يعيش فى وطنه، كما أن قضية إستشعار الأخوة والإحساس بها سادت الدولة الإسلامية، وهذا ما أدى إلى زيادة إرتباط المسلمين، كما أن قضية إستشعار الشعوبية والعنصرية والإقليمية لم تكن من القضايا الملحة، مث قضايا إزدهار العلم والفكر والأدب، وهو ما إنعكس على نوعية الإنتاج العلمي والفكرى الذى قدمه المسلمون، وارتباط المسلمون على هذا النحو من المشرق إلى المغرب نتيجة الفتوحات الإسلامية التى أدت إلى تفاعل حضارى بين الشعوب. ومما سبق يتضح أن أصحاب هذا الرأى يرون فى الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية رابطة وحدت شعوب العالم الإسلامي، وذلك أن الإسلام فى رأى هؤلاء لا يمثل عقيدة وشعائر تؤدى فقط وإنما هو فكر وسلوك ودستور للإنسانية فى أجل صورها ونتيجة لذلك وحد الإسلام عقل الأمة، أى " أصبح فكر هذه الأمة واحداً، وكانت وحدة الفكر سبباً فى وجود وحدة أخرى هى وحدة التعبير الحضارى... فَعَبَّرتْ شعوبُ الأقاليم الإسلام عن حياتها منٍ جوانبها كافة وتعبيراً متجانساً، على أن بعضهم يرى أن هذه التسمية قذ أغفلت تماماً دور أهل الذمة فى الحضارة الإسلامية، فبعضهم كانوا علماء وبعضهم الآخر كانوا أطباء، ولكن الرد على ذلك ميسور، وهو أن هؤلاء إستظلوا بمظلة الإسلام، وعاشوا فى كنف سماحتة، فإطمأنوا، وأمنوا على أنفسهم، مما أدى إلى إبداعاتهم المختلفة. ثالثا:الحضارة الإسلامية العربية:. يرى أصحاب هذا الرأى أن هذه الحضارة قد قامت على قاعديتين أساسيتين هما: الإسلام، والعروبة. وتسمية الحضارة، بالحضارة الإسلامية العربية فية نوع من التوازن بين دور الإسلام وإسهام العرب. ولذلك فإن تقديم الإسلام على العروبة، أمر منطقى، فلولا رسالة الدين الإسلامى ما نزل القرآن بلغتة العربية. والرسول صلى الله علية وسلم من أصل عربى صريح، ولكن لولا نزول الوحى عليه بالإسلام ما ظهر صلى الله علية وسلم، ولكان مثل غيره من العرب المعاصرين له، لكن نزول الإسلام عليه هو الذى جعل منه نبيا وشاهدا ونذيراُ. ومن المسلم به أن العرب هم الذين فتحوا، وقادوا الجيوش شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، لينشروا الإسلام بلغتهم العربية، ولكن لولا رسالة الإسلام ما كان للعرب أو لغتهم أي إنتشار أو حضور فى العالم، ولضل العرب ولغتهم نسياُ منسياً فى ركن شبه مجهول من اركان العالم المعروف فى ذلك الوقت. وهكذا كان الإسلام سببا أساسياً فى رفعة العرب ولغتهم التي أصبحت لغة الحضارة، التي نشأت في كنف دلوتهم المترامية الأطراف من حدود الصين حتى حدود الأندلس مع فرنسا. أما العروبة من دون الإسلام فتمثل زذائل الجاهلية، والعروبة بالإسلام هى قوة حضارية أخلاقية. فالأصل هو الإسلام، والفرع هو العروبة... وعلية فإن تسمية الحضارة بالإسلامية العربية، وتقدم صفة الإسلام على العروبة هو أمر منطقى مع منظق الأشاء. رابعاً: الحضارة العربية الإسلامية:. يرى أصحاب هذا الرأى أن تقديم كلمة العروبة على الإسلام يتفق مع المنطق التاريخي للإشياء، فالعرب كانوا قائمين فى جزيرتهم، ثم جاء الإسلام، ونزلت الرسالة على فرد منهم، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل العرب فى دين الله أفواجاً. ولم يكتفوا بذلك، بل صاروا رسل هذا الدين إلى العالم الخارجي، وعندما خرجوا كانوا محملين بثقافتهم الموروثة والسابقة على الإسلام، ومن هنا فعند أصحاب هذه النظرية العلم العربى الفن العربي... ومن ثم فإن تقدم صفة العروبة على صفة الإسلام فى تسمية الحضارة عند هؤلاء يتفق مع طبيعة الحضارة التى إشترك في تأسيسها شعوب تكلمت بالعربية، وتثقفت بثقافتها وعاشت فى ديار الإسلام. وكذلك أصحاب أديان سماوية أخرى، ولكنهم جميعاً كانوا يتحركون فى الإطار العام للثقافة العربية، وتحت رعاية رعاة الحضارة من العرب الذين حكموا هذه الدولة فتره طويلة من الزمن. أتمنى أن أكون وفيت فيما كتبت ونفعك الله به ونفع الأمة الإسلامية وللأمانه العلمية مقتبس من كتاب " الحضاره العربية الإسلامية"مقررGR111 |