يحكي لنا الزمان بأجمل وأروع بيان أنه في يوم من الأيام وكالمعتاد بعد أن أفا قت من نومها ونور الصباح يحتضن عينها, نظرت إلى ساعتها لتراها (التاسعه صباحآ).
ياإلهي لماذا لم أستيقظ مبكراً هذا الصباح? ليس من العادة أن أتاخر في نومي.
آه لقد أخذ مني الكبر مبلغه,وشاب شعر رأسي بأكمله,والشباب يا حسرة على الشباب فما عاد يعرفني وأعرفه.
خرجت العجوز من الغرفه وحمدا لله على سلامتها ووصولها الباب,توجهت إلى مكتبها أحب الأماكن إلى قلبها,وبعد أن أحضرت لها كوبا من الشاي الممزوج بالحليب وضعته على الطاوله بالقرب منها لتستطيع تناوله.
سحبت الكرسي لتجلس عليه(ويالكرسيها المسكين)!! المكسور نصف ساقه والذي تداركته بربط أحد أطرافه بقطعة قماش باليه, فكان الله بعونها وعونه.
شربت الحليب , رتبت الأوراق من أمامها ثم أخذت قلمآ لتبدأ بالكتابه, لكن قبل أن تسترسل في أفكارها, وتكتب
ما تريد,وقعت عيناها على كتاب لها قديم, موضوع بجانب المكتب.
ربما لم تره طوال هذه المدة على مكتبها إما لكون الغبار يعلوه أو أن نظارتها لم تسعفها لأن تراه.
أمسكت بالكتاب.. مسحت من على ظاهره الغبار.. فتحته فإذا هو ذكريات وشقاوة طفولة,لم تتمالك نفسها فجاد الدمع بسيولة.
لقد حمل لها هذا الكتاب واحتضن بين طياته أجمل وأحلى صور لوالديها الراحلين , وإن كانا قد رحلا عن واقع دنياها ففي مخيلتها مازالا يعيشان, تذكرت عطفهم وحبهم وذلك الدلال وكيف لا وهي صغيرتهم ووحيدتهم, كذلك من بين تلك الصور صور صديقاتها صديقات الطفولة.
آه يالجمال تلك الصور! ويالجمال البسمة البريئه التي تعلو الوجوه.
هذه هند وسارة وسعاد أقرب صديقاتي إلى قلبي وأكثرهن مرحا وبشاشه,هاهي متزوجة وأم لأربعة أولاد بل جدة تحتضن الأحفاد.
وسارة ربة البيت الماهرة,وبأولادها كم هي فرحة سعيدة, وووو الكثير منهن.
أما أنا ماذا أنا ? من بعد رحيلكم أمي وأبي , أنهمكت بأشغالي بكتبي بمؤلفاتي ,أهملت نفسي بل نسيتها , وأخذت الكتابه مني جل وقتي واهتمامي.
(لكن) صحيح لم أنجب من الابناء والاحفاد مايبقي سيرتي حية خالدة, لكني أنجبت ماهو أعظم منها وأحسن تخليدآ لذكراي.
(أوراقي أقلامي كتبي ومحبرتي خلدي أسمي في الوجووود ولا تنسي من أحبتك وكوني لي أعظم وفيه كما كنت معك أنا) .
|