وأكاد لفرط سعادتي أغدو كالأسير ..
وأكاد أعبق بها كما الصباح يرفل بالعبير ..
كما خيالات المحبة تكاد من شوق تطير ..
وكذا قوافل مشاعري تغذ إليها بالمسير ..
وكذا النوارس والبلابل والحمائم والصقور ..
وتكاد ملحمة الأشجان في روحي تدور..
وتصهل الأشواق في قلبي سرور ..
وكذا رُقى أجدادي النساك المطيبة بالبخور..
ضحكات عمري أشرقت تعزف أنغام البكور ..
تحث ألحان الصبابة ..تعبُّ مني كالغدير ..
تأرَّج الروض الذي تندى عليه ريح الصََّبا ..
تزجر عنه العائذات أدواء الصِّبا ..
وترسم في أحزانه أوهام السُرى ..
وكأن نُدَبَ جراحنا
ماعادت من فرح ترى ..
وبدت حروفك ترسم دربي بالحرير ..
وفيها تفاصيل المعاني تلهب كالسعير ..
فيها تلميح وتصريح وبوح المستنير ..
وأكاد ألثم حروفها لكني أخدر بالعبير..
وتكاد خمائلي تتأرج بالبوح الخطير ..
وأكاد أهمس للغدران للسواقي للبحور ..
لكنني ....
أغّلظ الأيمان أقساما على القلب الكسير ..
وأغضُّ طرف البوح إن كان سفير..
وأنا وإن شممت حرائقي
فإنني عفّ الضمير ..
وأريج الصبابة ينز من جرحي
لكنه يبقى صبور ..
يبقى أبيًّا شامخا لايستجير..
وصارت الأوهام أجنحتي ..
وحارسة الغرام في الصدور ..
وتكاد تتوهم التحليق ..
وهي في قفص تدور..
ويظل نورسك اليتيم ..
يضمد الأحزان ..
يرش فتات الصبر
وينسج السلوان ..
ما اختار الجرح..
لكن الجرح اختاره
ونمنم الصمت أما قبل ..
على منقاره..