فوضى المصطلحات كن أول من يقيّم
استاذتي و مولاتي ضياء :
لا أدري لماذا لم أطلع على مقالك الخاص بأسماء الإجاص و البرقوق و الخوخ و الدراق منذ نشره بالموقع حتى اليوم ?... مع أنني أحرص كل الحرص أن أبدأ الإبحار يوميا ، و مباشرة بعد قراءة بريدي ، بالبحث عن آخر مشاركة لكِ من ملفكِ بلائحة سراة الوراق ... أو من لائحة أحدث التعليقات ... لذا أقدم اعتذاري عن هذا التأخير في الإجابة ، و أؤكد عن مدى اهتمامي بهذا الموضوع ضمن هوايتي في تحقيق أسماء النبات الطبي عند العرب .
و منذ قراءتي لهذا التعليق و أنا مشغول بالبحث فيه و التفكير في معضلاته ، و جمع المعلومات الخاصة به ، و التعجب من أمره ، لأنه فعلا ظاهرة غريبة شائكة ... و لا أغرب من أن لا نستطيع الإتفاق على تسمية نفس الفاكهة بنفس الكلمة العربية او حتى المعربة في ما بين بلداننا العربية .
و المتتبع لهذا الإشكال المحير يجد بالملموس و الدليل و الشاهد أن العرب قد نجحوا فعلا و بشكل لا أظن أن يكون له مثيل في اتفاقهم على أن لايتفقوا في تحديد مفهوم أسماء فواكه الإجاص و البرقوق و الخوخ و الدراقن و المشمش .
فلا خوخ المشرق هو خوخ المغرب
و لا مشمش المشارقة هو مشمش المغاربة
و لا برقوق دمشق هو برقو ق الرباط
و لا إجاص القاهرة هو إجاص بيروت
و إن كان الإختلاف في التسمية هنا لا يسبب تسمما عند أكل هذه الفواكه المختلفة في تسميتها ، و هذا لطف من الله بنا ... فقد سبق لي ـ منذ عقدين ـ أن عايشت حالة أخطر من هذه الحالات بكثير ... و ذلكم أن بعثة إعلامية تابعة لمجلة عربية مشرقية من أشهر المجلات العربية سبق لها أن قامت برحلة إلى بلاد الصين ، و زارت هذه البعثة برفقة أستاذ صيني خبير في النباتات الطبية ، حديقة صينية غنية بالنباتات الطبية ، فوقف الأستاذ الصيني عند شجرة { الجنسينغ = Ginseng} و ذكر الأستاذ الصيني الخصائص المقوية و المنعشة للنبتة و آثارها الطيبة على الحالة الصحية عامة و نصح بشرب كأسين إلى ثلاثة كؤوس صغيرة في اليوم من مغلى { الجنسنج } ...
و لما جاء دور تعليق الإعلامي بالبعثة العربية على ما استفاده من هذه الزيارة ، و من الباب المفتوح على مصرعيه عند البعض من أننا نحن العرب قد سبقنا كل الأمم إلى كل المعارف ... قال أستاذنا العربي الإعلامي بأن علماء العرب قد سبق أن تعرفوا على الجنسنغ ، و أنه هو المعروف في لغتنا باسم { اليبروح } ?????!!!!!!!!!!
و هذا لعمري قمة الغلط و الخطأ و العجب العجاب الذي يمكن أن يصل إليه المتكلم في غير تخصصه . لأن { اليبروح } هو La Mandragore ، يا أستاذة ضياء و يا سراة و زوار الوراق ، نبات مخدر سام قاتل ، و أن شرب كأسين إلى ثلاثة كؤوس صغيرة من طبيخه يذهب العقل أو يفسده إن لم يزهق الروح . وأمام هذا الأمر الجلل ، راسلت رئيس تحرير المجلة في نفس أسبوع صدور العدد الخطير هذا ، و شرحت في عدة صفحات ماهو اليبروح و ما موقعه في التصنيف النباتي و ما هي خصائصه و نسبة السمية فيه و خطر تناوله من الداخل و الخارج ، و طلبت نشر هذه المعلومات حتى لا يتسبب مقالهم في إفساد العقول و إزهاق الأرواح ... فكان الرد و الجواب .... أني توصلت باعتذار من المجلة عن عدم نشر مقالتي ، لأن المجلة قد سبق و نشرت معلومات مماثلة ?????????????... و هذا عذر واه ، لأني من القراء المدمنين على قراءة هذه المجلة التي لا أنكر فضلها علي و استفادتي من كتابات أساتذة أجلاء على صفحاتها . و كان اتصالي بها من باب حرصي على سمعتها و خوفي مما قد يسببه نشر مثل تلكم المعلومات على مصداقيتها في موضوعات أخرى لها قصب السبق فيها .
و للحديث بقية .....
و أكتفي بهذا القدر ، على أن أعود إلى سرد حكايات و وقائع أغرب مما ذُكِـر .
و شكرا لك أستاذة على فتح هذا الباب المتميز في حياتنا الثقافية .
كما اغتنم هذه المناسبة لأتوجه بكل تقدير و إعجاب و تشجيع إلى الأستاذ عبد الحفيظ الذي أتتبع إبداعاته و صوره و كلماته الطيبة ... و كذا الأستاذ سعيد ... و شاعرنا زهير .
أتمنى أن يتابع الفيلسوف يحيى موضوع هذه الفوضى في تحديد المفاهيم و يشرح لنا ما خفي من هذه الظاهرة المحيرة ...
و أ قول لجميع سراة الوراق و زواره : عيدكم مبارك سعيد و كل عام و انتم بخير. |