بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله ، نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله . و بعد :
إطمأن قلبي بعد استخارة الله تعالى ، إلى فتح هذا الملف في علم عدد آي القرآن الكريم .
و علم العدد المزمع الحديث عنه في هذا الملف ـ إن شاء الله ـ هو علم من علوم القرآن ، يرد ذكره مع بقية العلوم الأصيلة و المتواترة عن النبي صلى الله عليه و سلم و المنقولة عنه من طرف الصحابة رضوان الله عليهم ، ثم التابعين من بعدهم و تابع التابعين إلى يومنا هذا .
و علم العدد هذا هو العلم المعتمد في ترقيم آيات المصاحف المطبوعة و المتداولة و المقروءة من طرف كل المسلمين .
و أقول المصاحف لأن ترقيم الآيات في المصحف المتداول في المشرق العربي و جل البلدان الإسلامية ، و المعروف باسم مصحف المدينة المنورة ، يعتمد العدد الكوفي في ترقيم آياته ، و هو بقراءة عاصم الكوفي و رواية حفص .
أما العدد المعتمد في ترقيم المصحف المتداول بالمغرب العربي إلى يومنا هذا ، فهو العدد المدني الأخير، و المصحف المغاربي هذا هو بقراءة نافع المدني و رواية ورش ، و يوجد مصحف آخر برواية قالون عن نافع .
أما في السودان ، فإن القراءة المتبعة هي قراءة أبي عمرو البصري ، و العدد المعتمد في ترقيم المصحف عندهم هو العدد البصري .
و أما العدد الذي كان متبعا في الشام فهو العدد الشامي.
و باقي الأعداد المتواترة هي : العدد المدني الأول و العدد المكي و بهذا تكون الأعداد المشهورة و المتواترة ستة ، و هي :
المدني الأول ـ المدني الأخير ـ المكي ـ الكوفي ـ البصري ـ الشامي .[*]
و سيأتي تفصيل الكلام في كل عدد عدد ، بعون الله و توفيقه .
و يشهد الله و يعلم أنني ما توجهت إلى هذه الدراسة سوى حبا في كلام الله و غيرة على كتابه و خدمة له . و ما المقصود من هذا الإهتمام سوى توضيح المفاهيم الخاصة بعلم عدد آي القرآن الكريم ، هذا العلم الغير المعروف عند شبابنا و مثقفينا ، و هو العلم الذي يُظـَن عند ذكر اسمه أنه هو هذه العمليات الحسابية المستحدثة و المنتشرة بشكل ملفت للنظر في عشرات مواقع الإنترنت ، و التي يطلق عليها أسماء مثل الإعجاز العددي في القرآن الكريم . و الواقع أن هذه العمليات الحسابية المستحدثة لا علاقة لها لا من قريب و لا من بعيد بعلم عدد آي القرآن موضوع هذا الملف . و الذي شجعني على هذا العمل هو إطلاعي خلال قراءاتي في الموضوع ، إشارة سادتي العلماء في علوم القرآن ، إلى أن علم العدد هذا ، و إن كان يعد من علوم القرآن ، فمن الجائز أن يهتم به غير عالم بعلوم القرآن ـ مثلي ـ لأنه في جوهره اهتمام بإحصاء و تصنيف عدد آي القرآن ، و لا يتكلم لا في تفسير و لا أحكام شرعية تدخل في اختصاص الفقهاء و المفسرين مثلا .
و نظرا لأهمية الموضوع و جسامته وخطورته ، ما دام يتحدث في أقدس مقدساتنا ، فالمرجو مِن كل مَن اطلع على هذا الملف أن يستشعر بالمسؤولية المشتركة بين أبناء هذا الدين في إبداء النصيحة ، و الإشارة إلى كل قول خالف الصواب فيما أقول لإصلاحه أو كل فكرة خاطئة للرجوع عنها ... ففوق كل ذي علم عليم ... وقديما قيل :" لكل جواد كبوة و لكل عالم هفوة "... و الكمال لله سبحانه و تعالى ، عليه توكلت ، و عليه فليتوكل المتوكلون .
........................
الهامش :
[*] ـ و من العلماء من يقول سبعة أعداد ، باعتبار " العدد الحمصي " المنسوب إلى شريح بن يزيد الحمصي الحضرمي ، و عدد الآي فيه 6232 . و العدد " الدمشقي " المروي عن يحي الذماري ،و عدد الآي فيه 6227 ، و قيل 6226 ... بدل العدد الشامي . [ الأستاذ محمد بن إبراهيم الشيباني ـ مدير عام مركز المخطوطات و التراث و الوثائق بالكويت : مقدم كتاب { البيان في عد آي القرآن } للإمام الداني ، بتحقيق د. غانم قدوري الحمد ـ ص : ط ] . |