تكملة1 كن أول من يقيّم
هذا كلام الكتاني، وعليه ملاحظاتان: ـ حاول أن يأتي بمتابع للفلاني فوجد العطوشي يروي عن محمد الفاسي عن ابن سنة، ولكن الفاسي هذا غير معروف كما أقر هو بنفسه، ثم إن العطوشي انفرد بهذه المتابعة ، ولم توجد عند أحد سواه. ـ أنه لا يعرف تاريخا لتلك البلاد بعد أحمد بابا التنبكتي، وهذا في زمنه، ولكن الآن وجد فتح الشكور للبرتلي (1140ـ 1210هـ)، ولم يتعرض لذكره، ولا أشار إليه مع أنه من بلده، والمفروض أن يكون من تلاميذه لأن البرتلي في طبقة الفلاني . ولعل أول من كشف أمر الفلاني وكذبه العلامة النقادة النسابة الشيخ عبد الحفيظ الفاسي في معجمه ص/202 وأنا أنقل المهم من كلامه، لضيق المقام، علما أن بحثه مركز على الولاتي وكونه شخصا مختلقا، وصالح الفلاني يزعم أن ابن سنة تلميذ الولاتي، وأن الولاتي شيخه هو الذي أتى له بالإجازة من شيوخ المغرب والمشرق فإذا ثبت أن الولاتي مختلق فمن باب أولى ابن سنة على حد ما يقول الفقهاء ” إذا سقط الأصل سقط الفرع “. يقول الشيخ عبد الحفيظ في معجمه :" ولصالح الفلاني هذا رواية واسعة لولا ما شانها من الروايات التي أغرب بها على أهل المشرق، وعند فحصها تبين لنا أنها مزيفة كروايته عن الشيخ التاودي ابن سودة، وكروايته عن المسمى محمد بن سنة عن المسمى محمد بن عبد الله الولاتي المدعو بمولاي الشريف. ولنقدم الكلام على رواية محمد بن سنة المذكور، فنقول: إن صالح الفلاني قد أغرب في هذا الرجل ، وأتى بما لا ينبغي صدوره من أهل العلم، ولكن إذا لم يستح المرء فليقل ما شاء ؛ فقد جعل المدعو محمد بن عبد الله الولاتي يروي عن عدة طبقات من أهل المشرق والمغرب أعلاهم محمد بن أركماش الحنفي تلميذ الحافظ ابن حجر، وآخرهم علي القاري وعلي الأجهوري وأمثالهما، وصرح أنه يروي أيضا عن علماء فاس كالعارف الفاسي والمقري وابن عاشر وطبقتهم ثم طبقة تلامذتهم كمحمد بن عبد الكريم الجزائري الذي روى عنه صاحب المنح . ولا ندري هل دخل لفاس مرارا عديدة أخذ في كل مرة عن الطبقة التي وجدها، أو دخل لفاس مرة واحدة، فأخذ فيها عنهم، وكذا القول في رحلته للديار المشرقية. فإن زعم صالح الفلاني ، أنه دخل لفاس مرة واحدة فلا يمكن أخذه عن تلك الطبقات لبعد ما بينها ، إلا إذا كان استوطن مدينة فاس نحو الأربعين سنة على الأقل مات فيها شيوخ الطبقة الأولى ، ونبغ فيها شيوخ يصح أن يروي عنهم ما عندهم. ومن البعيد الذي لا يتصور في العقل وجوده ولو في ذهن صالح الفلاني أن يبقى رجل من أهل العلم كالولاتي بقطر كالمغرب أو مدينة كفاس مدة طويلة ، ولا يعرفه بها أحد وإن قال : إنه دخل عدة مرار فهو مثله أيضا ؛ لأنه لا يمكن أن لايعرفه أحد أيضا عندما دخل أولا ، وروى عن الطبقة الأولى وهو تلميذ صغير، ثم لا يعرف في الثانية أو الثالثة عندما صار شيخا عالما، وهو يزاحم التلامذة في المجالس، ويروي عمن وجد من بقية الشيوخ، ولا يذكره أحد من جملة تلامذة مشايخه، ولا يذكره أحد في فهرسة أو إجازة تلميذا أو شيخا، والحال أننا رأينا أناسا دخلوا لفاس مدة قصيرة فاستجازهم الناس ورووا عنهم وبقي ذكرهم مخلدا في الدفاتر،هذا ما نقوله عن فاس، فكيف بمصر والحجاز وغيرهما الذي زعم صالح الفلاني أنه روى عمن بهما في عصره من الأعلام ? ومعلوم أن أهل المشرق لهم عناية بالرواية والإجازة أكثر من أهل المغرب، ولا سيما عن الغرباء والمعمرين، وذوي الرواية العالية، والرحلة الواسعة مثل الولاتي على زعم الفلاني. والحالة أنه لا ذكر له في شيء من الفهارس وكتب التاريخ المشرقية أصلا ، لا بصفة تلميذ مجاز، ولا شيخ مجيز!! وقد رحل إلى المشرق من المغرب جماعة هم دون الولاتي في سعة الرواية وعلو السند فاهتبل أهل المشرق بهم ، ورووا عنهم وذكروهم في فهارسهم وتواريخهم، وهم كثيرون... [فذكرجماعة منهم] فكيف يقال: إنه أخذ أخذ عن أعلام البلاد المشرقية ورحل إليها عدة مرات واستوطنها مدة ولم يذكره أحد بل ولم يره أحد أصلا فهل كان يحضر مختفيا، أو روى عنهم في المنام أو في مخيلة صالح الفلاني فقط. ومن الغريب أننا نجد صالح الفلاني عند ذكر شيوخ الولاتي يذكرهم على نحو ما ذكره غيره في فهارسهم بترتيبهم وأوصافهم وحلاهم وكناهم التي كناهم بها صاحب المنح المعروف بانفراده بها كأبي المكارم وأبي الرضى وغيرهما..." على أن تهافت الفلاني في تاريخ ولادة الولاتي وذكره لها عدة مرار مخالفا في الثانية للأولى ، وفي الثالثة للثانية مما يزيد التهمة وضوحا وقرينة كافية على أن الرجل كان كذابا وأنه كان يذكر التاريخ المذكور بحسب ما يقتضيه المحل الذي يذكره فيه ككونه روى عنه فلان الذي الذي مات مثلا عام 50 فيلزم أن يكون ولد قبل وفاته بمدة لتثبت المعاصرة فيصح له أن يدعي اللقيا أو الكتابة ثم يذكره مرة أخرى بخلاف الأولى ناسيا ما تقدم له، والعادة أن الكذابين يناقض كلامهم بعضه بعضا من حيث لا يشعرون هذا ، والقول في رواية صالح الفلاني [عن ابن سنة]ورواية ابن سنة عن الولاتي المذكور، وعن أكثر من تسعمائة شيخ من أهل المشرق والمغرب مثلما قلنا في رواية الولاتي المبينة آنفا؛ فإنهما من باب واحد وما أفرغهما إلا في قالب واحد ليغرب بذلك على أهل المشرق بانفراده بالرواية عن ابن سنة عن الولاتي عن المعمرين حتى صار بذلك مسند عصره وراويته“ |