النشر الألكتروني
والسرقات الأدبية
ليست السرقات الأدبية والفكرية ، حديثة العهد ، كانت معروفة في الصحافة الورقية ، التي كانت الوسيلة الوحيدة ، للنشر قبل معرفة النت ، هذه الوسيلة الجبارة ، التي جعلت الكثيرين ممن لا يعرفون معنى الكتابة ، يقدمون عليها
كان الأديب بعد ان ينتهي من تدبيج مقالته ، او كتابة قصته او قصيدته الشعرية ، يرسلها الى الصحيفة الأدبية التي يرى انها تهتم ،،، بالنتاجات الأدبية ، وتقدم على نشرها بعناية واهتمام ، ويكون الأديب محتفظا بالنسخة الأصلية لإبداعه ، حيث يطلع عليه أصدقاؤه المقربون ، ويبدون وجهات نظرهم في العمل الأدبي ، بصراحة ، يتقبلها الأديب بكل رحابة صدر ، ويكون من العسير ان تحدث السرقات ، لان العمل الأدبي معروف كاتبه ، ومنشور في الصحيفة المعروفة ، وبتاريخ محدد ، ومع هذا كانت تحدث بعض السرقات
بعد ان تيسرت طرق النشر أمام الكتاب ، وأضحى كل من يستطيع الإمساك بالقلم ، ان يكتب ما يريد ، معبرا عن الهموم التي تشغله ، او تشغل اهتمام الناس في منطقته ، اصبح النشر ميسرا ، سهلا ، وبدلا من المجلة الواحدة ،، التي كان يجدها الأديب تهتم بنشر إبداعه ، أصبح هناك الكثير من المواقع الالكترونية ، التي تستقبل الكتابات بترحاب جميل / يجعل الكاتب يقدم على إرسال ما تجود به القريحة اليها
ولكن ليس كل من بدا أمام الناس أديبا ، له قلم جميل ، يستطيع ان يحمله ، معبرا عن أحلامه ، وأمال شعبه ، مدافعا عن قضايا المظلومين ، في عالمنا المظلم البائس ، ليس كل من امسك القلم ،،، لديه القدرة ان يقول كلمته بالطريقة التي تقنع القاريء ، وتجعله متفقا مع ما يريده من آراء ، وما يعبر به من قضايا ، أصبح للقلم أنصار ، لا يعرفون معنى الكلمة الحرة ، التي بامكانها ان تصنع رأيا حرا ، ومتفقا عليه ، أصبح بعض الناس ممن لايملكون ما يقولون ، وان ملكوا بعض ما يمكن الكتابة عنه ، فإنهم لا يعرفون كيف يكون التعبير عن الهموم المشتركة ، والطموحات الكبيرة ، التي يمكنها ان تخلق من انساب معين أديبا ماهرا ، قادرا على التمييز بين الكلمات ، واختيار أجملها ، للتعبير عن المعنى المطلوب
أصبح بعض الناس يسطون على ما يجدونه منشورا في بعض المواقع ، والمنتديات ، واخص المنتديات ، بالذات ، فقد لمست من طول معاشرتي لها ، ان بعضها لا تمحص بما ينشر بها ، من الكلام ، أكان جيدا ام رديئا ، يخاطب الأفكار ? ام يستميل الغرائز والأهواء ?
ماذا يمكن للأديب ان يفعل ان وجد ان مقالته التي تعب عليها ، منسوبة لاسم آخر لا يعرف من أبجديات الكتابة شيئا ? ماذا بمقدور الأديب ان يعمل ان وجد قصته المنشورة وفي عديد من المواقع ، قد سطا عليها نكرة ، لا يملك ضميرا ولا وازعا من خلق يمنعه ،، من السطو على أتعاب الآخرين ، وسرقة عرقهم ، أليست الكتابة معاناة طويلة ، وصعاب قاسية ، هل يستطيع من لم يجرب المعاناة بكل أنواعها ، ان يكتب ?? وماذا يمكنه ان يقول ? الأسهل له ان يمد يديه الاثنتين ، ليسرق جهود كاتب ،،، ذاق مرارة العيش ألوانا ، وسار في دروب الحرمان سنين طوال ، وبعد ان يتمكن من نشر إبداعه ، يأتي اللص ، ويضع يده على عرق السنين ، ومعاناة الأيام ، وهكذا وبكل سهولة ، وكأنه لا يوجد قراء ،، هل يوجد قراء حقا في زمننا الرمادي هذا ?? واعني القاريء الواعي ،،، الناقد المنصف ،
ماذا بامكان الأديب ان يفعل ? ان رأى ثمرة جهده تسرق ، وفي وضح النهار ، وعلى رؤوس الأشهاد ،، ولا احد يوقف تلك السرقات ، ويقول كلمة لإرجاع الحق المسلوب الى أصحابه
كل شيء يسرق في زمننا هذا ، الأوطان ، الجماهير ثروات البلاد ، الأمان ، الطمأنينة التي نركن اليها لنستطيع الحياة ، سرقوا كل شيء ، ولم يبق لدينا الا الكلمة ، وها إنهم يسرقونها أيضا ، الا يوجد قانون في هذه الديار يعيد لنا مالنا المسلوب
صبيحة شبر |