العسل و الأمراض كن أول من يقيّم
مقدمة لابد منها :
إلى الأخ عبد الحفيظ و القراء الأعزاء :
المعروف عن العسل بصفة مسلمة لا غبار عليها و عند جميع الناس وفي كل القارات و عند جميع أطبائهم و عامتهم هو أن العسل فيه شفاء للناس ....
و قد كتب مالا يعد و لا يحصى عن العلاج بالعسل في كل العصور و بكل اللغات .
و من التخصصات الحديثة في الطب ، علم l'Apithérapie ، و هو العلاج بمنتوجات النحل ، و أولها العسل . و هذا تخصص ازدهر في أول ظهوره في أوروبا الشرقية بصفة خاصة ، أكثر من غيرها من بقاع العالم .
العسل و الإصابة بالأمراض :
المعروف في أدبيات النحالة عن الأمراض التي قيل أنها تصيب بني البشر نتيجة تناولهم لمادة العسل ، هو مرض واحد ، و يصيب الأطفال الرضع خاصة ، الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة . يعرف هذا المرض باسم botulisme ، و تـُرْجـِـم في قاموس المنهل إلى { انسمام البخص } ، نسبة إلى مسببه ، و يعرفه نفس المرجع بأنه :" البخص : عصية لا هوائية تنمو في المعلبات و في اللحوم الغير المطبوخة " / اهـ.....
التسمم البخصي :botulisme
تـُعرّف المنظمة العالمية للصحة هذا المرض بما نصه ـ الأصل فرنسي و الترجمة لي ـ :
{ مرض خطير ، إلا أنه نسبيا نادر الوجود ، سببه مادة سامة قوية ، تنتجها بكتيريا Clostridium botulinum في الأغذية ..المرض غير معدي بين البشر ، و المعروف منه سبعة أنواع ، أربعة منها : A ، B ، E و نادرا F هي التي تصيب الإنسان ، أما الأنواع الباقية [ C, D و E] فتصيب التذييات و الطيور و الأسماك . توجد جراثيم أو أبواغ spores البكتيريا بكثرة في الأرض و الترسبات البحرية و في الأسماك ... تقاوم هذه الأبواغ الحرارة وتنمو في انعدام الهواء . عندها تتكاثر البكتيريا و تنتج سمها الذي يمكن أن يصبح مميتا ، إذا ما كان موجودا بكثرة في أغذية ملوثة به . و التسمم الغذائي هذا هو الشائع... إلا أن المرض قد يتنقل عن طريق الجروح مثلا ... وُجـِدَت هذه المادة السامة في أنواع مختلفة من الأغذية المعلبة كالفاصوليا الخضراء haricots verts و الإسفاناخ épinard ، و الفطر champignons ، و البنجر betteraves ، و في الأسماك و في اللحوم المختلفة من بيضاء و حمراء ... و يكفي للقضاء على السمية تعرضها مدة خمس دقائق لدرجة 85 من الحرارة ، أو بعض الدقائق في درجة الغليان } ... انتهى ما نقل عن موقع المنظمة ...
والمرض في هذا التعريف لا يخص النحل ، بل هو مرض ككل الأمراض له مسببه و مصادره ، و لم يحدد التعريف العسل كمصر للمرض في هذا التعريف العام .
التسمم البخصي botulisme و العسل :
بخص الأطفال botulisme infantile :
تعرفه المنظمة العالمية للصحة بما نصه ـ الأصل فرنسي و الترجمة لي ـ : { مرض نادر ، يحدث بعد تناول الطفل لأبواغ أو جراثيم ، تسبب في التسمم نتيجة تكاثر البكتيريا في الأمعاء . و المناعة الطبيعية عند اطفال ستة أشهر فما فوق و عند البالغين ، كافية في جل الحالات لمنع المرض ... و أهم أعراض المرض عند الأطفال هي : القبض أو الإمساك ، عدم اشتهاء الطعام anoréxie ، وهن ، عدم التحكم في حركات الرأس . و اقترن هذا المرض بالعسل الملوث بجراثيم الباكتيريا Clostridium botulinum . لذا تنصح الأمهات بعدم إطعام صغارهن بعسل غير مغلي ، لاحتمال احتوائه على هذه الجراثيم التي ثبت في الماضي أنها تسببت في هذا المرض عند الأطفال ... و نفس المرض ، مجهول المصدر ، يصيب البالغين من دون أن تكون التغذية أو الجروح سببا في الإصابة .... } / هـ .
و من الطريف أن هذه البكتيريا نفسها تستغل صيدليا لإنتاج دواء يحقن لأغراض علاجية و تجميلية ، يعرف الدواء باسمه التجاري " بوتوكس Botox " ...
و تقول مصاردر عن وزارة الصحة بكندا : " التسمم البخصي ، مرض عصبي ، يصيب الأطفال الرضع في سن دون السنة الواحدة . عرف المرض لأول مرة سنة 1976 ، و أهم عراضه الإمساك أو القبض في البطن و عسر في التنفس ، و عدم التحكم في حركات الرأس و تجمد ملامح الوجه ...و مع أن الإصابات قد تستدعي الاستشفاء إلا أن حالات الوفاة جد نادرة ... و ضمن 16 حالة المعلنة عن هذا المرض بكندا ، و منذ 1979 إلى يونيو 1999 ، وُجـِـدَ أن لثلاثة منها فقط علاقة بالعسل .
بدعة جنون العسل و العسل الخاطئ :
أما عن " جنون العسل" و " العسل الخاطئ " ، و بعد بحث أولي اطلعت فيه على كل ما جاء في الموضوع بالصفحات العربية على شبكة الإنترنت ، فأقول :
المعتاد في مثل هذه الأسماء المبتكرة عربيا أن ينسب المرض إلى المصاب الأساسي به ، فيقال جنون البقر ، و أنفلنزا الطيور و ما شابه ... أما أن يقال جنون العسل ، فهذه صيغة غير دقيقة ، و أي جنون هذا الذي يصيب العسل ... كما أن المصدر الأول المعتمد في نشر الخبر يكاد يكون هو نفسه في جميع قصاصات الأخبار المتداولة عنه ... و أما أن يقال العسل الخاطئ ، فإن الخطأ و لا شك في التسمية لا في العسل . و حسب علمي و ما أتوفر عليه حتى الآن من معلومات ، فإن القضية و لا شك تدور حول ترجمة غير دقيقة لاسم المرض المذكور أعلاه ، لا شك أن من ورائها إثارة فضول القراء بصيغة إشهارية يجتهد بعض الإعلاميين في السبق إلى استغلالها دون اهتمام يذكر بالجانب العلمي الدقيق ... و ما أكثر المغريات في هذا الباب ... و إن كان الموضوع جديا و جديدا فسنعطيه حقه من البحث ... إلا أنني أستبعد هذا .
|