الحرية ونجمة البحر كن أول من يقيّم
عزيزي الأستاذ النويهي : نحن في اليوم السادس والعشرين من هذه الحرب القذرة على لبنان وفيه بالإضافة إلى كل ما أحرق من بيوت ، ودمر من جسور ، وأزهق من أرواح ، ثلاث ضحايا سوادنيين اليوم غير اللبنانيين ( عدا السبعة والعشرين كردي سوري من العمال الزراعيين الذين قتلوا بالأمس )، وسبعة عشر في فلسطين هذا الصباح ، ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الذي انتخبه الشعب ، قادوه إلى السجن على مرأى ومسمع من العالم كله ......... وهم يقترحون علينا ليس وقفاً لإطلاق النار ، بل تعليقاً للعمليات العسكرية مؤقتاً ........
كيف يكون شعور الإنسان وهو يتعرض لهذا العنف منذ ثلاثين سنة ? ومئة سنة ? وألف سنة ?
شعوره الأول هو الخوف ! لا شيء أكبر من الخوف ! ونحن نحاول بأن ننتصر عليه مع أنه النتيجة وليس العلة فنستبدل الأبطال بالأبطال والقرابين بالقرابين ......... نحاول بأن نمسك بمصيرنا ، لكننا في الحقيقة لا نمتلك منه شيئاً .
صدقني بأنني عندما قررت نشر هذه الرسالة ، كنت بحالة من الألم لم يكن همي منها الإشادة ببريجيت ، وهي أصلاً ليست نموذجاً لليهودي ولا للأميركي ولا للفرنسي ولا لأي شيء من النماذج التي نعرفها ، بقدر ما أردت من خلالها أن أقول ، بأن حالنا تقطع قلب الحجر ، لدرجة تجعل حتى هؤلاء الذين ليسوا بموقع التعاطف معنا ، يتعاطفون من منطلق إنساني . لا أنكر بأن إصرارها الشديد والملح على مؤازرتي في هذه الفترة أشعرني بأن شهادتي هذه ، هي نوع من الاعتراف بصداقتي نحوها ، والإقرار بوجود هامش ما ، مهما كان ضئيلاً ، من الشعور الإنساني بين بني البشر ، مهما باعدت بينهم المسافات . وبأن الإنسان يستطيع أن يكسر جدار الخوف والعزلة المضروب من حوله ، والذي تفرضه عليه الظروف ، إذا عرف كيف يصغي إلى حقيقة الإنسان الذي بداخله . أليست هذه هي الحرية التي نفتش عنها ?
إن القصيدة التي نظمها الأستاذ زهير " تذكار بريجيت " تجيب في طياتها على الكثير من التساؤلات التي طرحتها ، ومنها ما لم تطرحه . وكنت بالأمس قد كتبت إلى بريجيت معتذرة على نشري لرسالتها دون طلب الإذن منها مسبقاً فجاءني منها هذا البريد ، هذا الصباح :
Bravo, ma cherie, tu as bien fait!
Tu connais l'histoire des deux amis qui se promenent sur la plage ou il y a des milliers d'etoiles de mer qui ont echoue. Tous les quatre metres le premier ami se baisse, ramasse une etoile de mer et la rejette a l'eau. Ceci se repette de nombreuses fois et le deuxieme ami demande; " A quoi ca sert de remettre cette etoile de mer a l'eau alors qu'il y en a tellement qui sont echoue" A l'ami de repondre" Pour cette etoile de mer, ca fait une difference!
Beaucoup de bisous
ترجمة الرسالة :
برافو ، عزيزتي ، أحسنت :
أنت تعرفين حكاية الصديقين اللذين كانا يتنزهان على شاطىء البحر حيث يوجد الآلف من نجمات البحر التي لفظتها المياه على الشاطىء . كل حوالي الأربعة أمتار ، كان الأول ينحني ليلتقط نجمة ويعيدها إلى الماء . وصار يكرر ذلك مرات عديدة حتى سأله الثاني :
" بماذا سيفيد إعادة هذه النجمة إلى الماء في الوقت الذي هناك الألاف غيرها مرمية على الشاطىء ? "
فيجيبه صديقه : " سيفيد النجمة التي عادت إلى الماء ! "
قبلاتي
|