تعليق متأخر فعذراً كن أول من يقيّم
أسفة لتأخري بالتعليق على مشاركة الأستاذة الكريمة ختام والسبب هو أن الموضوع يقترب كثيراً من موضوع ملف : أوقفوا الحرب على لبنان ، والذي استنفد تعليقاتنا في هذا الباب . ولا بد من الإشارة للأمانة بأن الموضوع استوقفني كثيراً بالشكل الذي طرحته الأستاذة ختام واسترعى انتباهي أنها حاولت بأن تجعله أكثر شمولاً ، وهي فكرة صائبة لأن جوهر الصراع واحد .
قبل أن أقول كلمتي هذه للأخت الفلسطينية ، أريد التنويه بمستوى الكتابة الذي صيغت به مداخلة الأستاذة ختام لأنه من الأدب الرفيع وهو أول ما يسترعي الانتباه .
لا بد بأن الشعب الفلسطيني أصبح مسلحاً اليوم بتجربة مريرة شحذت وعيه وعمقت من رؤيته للأمور ، السياسية منها على وجه الخصوص . هذه التجربة ، وهذه الخيبات المتتالية تدفع بنا لكسر بعض الحواجز والاندفاع نحو مسافات أبعد ، وأنه في كل مرة ، وعند كل منعطف ، علينا إعادة تحديد مواقعنا بما يفيد المرحلة القادمة .
المواجهة : لا مفر منها ، وهي مفروضة علينا أصلاً بدون اختيار ، والسلم وهم ، بل هو خدعة كبيرة وقع فيها الكبار قبل الصغار . المواجهة ، نعم إنما من أي موقع ? وما هي الأرض التي نقف عليها ?
بوضوح أكبر: كيف نعد لهذه المواجهة ? وضمن أية مفاهيم ? هل المواجهة هي عسكرية فقط أم أنها يجب أن تتحول إلى استراتيجية شعب ، بل شعوب ? وهل التناقض الديني والعرقي الموجود بيننا وبين اليهود هو وحده جوهر هذا الصراع ، أم أن له أبعاداً أخرى تعرفونها أنتم كفلسطينيين أكثر منا لأنكم تعيشون بالقرب من المشكلة وترونها من كل جوانبها ?
حاسرون في زمن الجنون ، ونبحث عن غطاء فكيف سيكون في المرحلة القادمة ?
وقبل أن أختم ، أريد أن أشكرك على عواطفك النبيلة والصادقة ، وأن أشارك ببضعة أبيات اقتطعها من قصيدة للشاعر المصري محمد الفيتوري وهي بعنوان : " صرخة الميلاد " كتبها العام 2003 بمناسبة الحرب على العراق ونشرتها صحيفة النهار اللبنانية خلال مقابلة كانت قد أجرتها معه وقال فيها : بأن الشعراء ثلاثة ، منهم من رأى البحر ، ومنهم من ركب البحر ، ومنهم من غرق في البحر . أرجو أن نكون ممن ركبوا قارب الأستاذ زهير .
دعونا نغني لمن يستحق الغناء
ونبكي لمن يستحق البكاء
ومن تتناغم أطيافنا في رؤاه
ومن هو نافورة الضوء تحت السماء
......
............
لماذا يخون الذي خان أمته ?
ويهون من هان يوماً على نفسه أرض أجداده ?
ولماذا النبيون ، والشهداء المضيئون في الخلد
والشعراء المقيمون في الكلمات ?
ولماذا القرابين والتضحيات ?
ولماذا إذاً تلد الأمهات ?
ألكي تتلهى الشعوب بمن قد ولدن
وتصنع منهم عبيداً وآلهة وطغاة ?
ألم يلدن لكي تتألف شمس العراق
وتسطع روح العروبة في الكائنات ?
كل الشكر لك عزيزتي وإلى الأخت الكريمة يمامة السباقة دائماً بالتحية والعطاء .
|