البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أوقفوا الحرب على لبنان...    قيّم
التقييم :
( من قبل 11 أعضاء )
 جوزف 
25 - يوليو - 2006
مضى أكثر من أسبوع لم أزر فيه موقع الورَّاق، ذلك لأنَّ استخدامي شبكة الإنترنت يتمُّ من مركز عملي، حيث أقضي أوقاتًا طويلةً ، أثناء دوام العمل وخارجه، أتصفَّح ما جدَّ من أخبارٍ، وأطَّلع على ما يغذِّي فكري وعقلي. أمَّا في الأسبوع الَّذي مضى، فإنَّ ذهابي إلى مركز العمل كان يتمُّ لوقتٍ قصير يوميًّا، حيث نقوم بأشياء لا نستطيع القيام بها من المنزل، أمَّا باقي الأعمال، فكنَّا نحاول إتمامها في المنزل. أمَّا السبب، فلن أذكر سوى أنَّني أعيش في لبنان.
أمَّا مشكلة تغذية الفكر والعقل، فهذا ما افتقدت جزءًا كبيرًا منه في الأيَّام الماضية، خاصَّةً موقع الورَّاق. أمَّا الاطِّلاع على الأخبار، فلا أحتاج في هذه الأيَّام إلى شبكة الإنترنت لمعرفة ما يحدث، فقد أصبحنا نحن الخبر، نرى ما يحدث من شرفات منازلنا.
وقد تردَّدتُ كثيرًا قبل كتابة هذا الموضوع في "الورَّاق"، نظرًا لما قد يثيره من حزازيَّات، ثمَّ تردَّدتُ في اختيار المجلس الَّذي سأعرض فيه موضوعي، ولو وجدت مجلسًا خاصًّا بالحزن والغضب لما تردَّدتُ... ووقع اختياري لمجلس التاريخ، لأنَّ لبنان يدخل التاريخ في هذه الأيَّام، كما دخله في 1996 و1993 و1975 و1973 و1967 و... لن أتابع تعداد المصائب الَّتي مُنينا بها، فقد أحتاج إلى أكثر من بضعة أسطرٍ لأذكرَ غالبيَّتها... وكلُّ ذنب هذا الوطن، أنَّ شعبه أعظم من مساحة أرضه.
لست أدعم حزب الله أو ألومه، ولا أدعم المواقف العربيَّة أو ألومها، ولا الصهيونيَّة، ولا أوروبا، ولا الولايات المتَّحدة، ولا أقول إنَّ هذا محقٌّ أو ذاك، كلُّ ما أعرفه هو التالي:
أطفالُ لبنان يُقتلون، البنى التحتيَّة للبنان يُقضى عليها، المدنيُّون يموتون تحت الأنقاض بعد أن ينزفوا طويلاً ولا سيَّارات إسعافٍ تصل، البشر باتوا أرقامًا تُذكر على لائحة القتلى: إذا ما سأل أحدهم عن عدد القتلى، فإنَّ الإجابة تتبدَّل بين دقيقةٍ وأخرى... هذه طفلةٌ صحت على صوت الصاروخ، فوجدت أخاها ميتًا هنا، وأختها ميتةً هناك، وأمَّها ملقاةً في مكانٍ آخرَ، لتُفاجأ في الخارج عندما ترى الناس يصرخون حاملين عددًا آخر من القتلى والجرحى، فهذه صديقتها الحميمة قد قُطِع رأسها، وهذا جارها قد بُترت ساقه وهو يستغيث... وتلك أمٌّ فقدت طفلها بعدما قتلته أصوات القذائف، فقط أصواتها، ولم يكن قد بلغ سنته الأولى... وذاك شابٌّ يحكي قصَّة فقدانه لعائلته في لحظة، ونحن نسمعه، ولم نعد نستغرب، وكأنَّه يحكي قصَّة حادث سيرٍ بسيط عرَّضه لخدشٍ في ذراعه... ولكن هذا لا شيء أمام سيَّارة الإسعاف تلك، الَّتي قُصِفت، فقُتِل من فيها، من مسعفين وجرحى، كانوا يظنُّون في هذه السيَّارة إنقاذًا لحياتهم، وها هم يفقدونها داخلها...
أكتب الآن هذه السطور، وأنا أخشى أن أفقد صديقًا من جبل عامل، أو رفيقًا يسكن الضاحية الجنوبيَّة، أو قريبًا يحاول النزوح من قريته بعدما طُلِبَ منه ذلك، وفي ذهني سيَّارة مروحين، ومنظر الجثث المتفحِّمة الَّتي ظننَّاها في البدء أكباشًا مشويَّة.
ولعلَّ أكثر ما يُثير غضبي هو ذاك المسؤول الَّذي يسخر منَّا بتلك الابتسامة المسفِزَّة، أو تلك الوزيرة الَّتي تبحث في إمكانيَّة تحضير الأجواء من أجل وقف إطلاق النار، وحتَّى ذلك الحين، يُقتَل من يُقتَل، ويفقد لبنان أكثر ممَّا فقد.
قد يستطيع اللبنانيُّون إعادة بناء ما هدِّم، ونحن مشهورون بالقدرة على إعادة الإعمار، وقد أعدنا إعمار وطننا آلاف المرَّات على مدى التاريخ، ولكن هل سيستطيع هذا الوالد إعادة بناء ابنه الَّذي ... هدِّم، أو قُتل? هل سيستطيع هذا الطفل أن يجلب والدًا جديدًا غير الذي فقده جرَّاء الغارات? بل كيف ستُبعثُ عائلةٌ جديدةٌ بعد أن أُبيدت بطلقةٍ واحدةٍ، بضغطةٍ واحدةٍ على ذاك الزرِّ، بقرارٍ واحدٍ اتَّخذه ساديٌّ هنا، أو غبيٌّ هناك...
أوقفوا الحرب... أوقفوا ساديَّتكم... العبوا بأشياء أخرى، وليس بأرواح الناس... لسنا خائفين على ما يُهدَّم، فنحن سنبنيه في اليوم التالي، لا شيء سيهزُّ اقتصادنا وقدرتنا على العمل، وها قد رتَّبنا أمورنا وكلُّ شيءٍ يجري كأن لا حرب... ولكنَّنا خائفون على هؤلاء الَّذين نفقدهم يوميًّا، هؤلاء لن يعودوا موجودين بعد اليوم، ولن نستطيع إعادة إعمارهم، لن يشعر ذاك الطفل بحنان أبيه، ولن يرى هذا الأب ابتسامة ابنه بعد الآن... رأفة بهؤلاء، أوقفوا الحرب، وإذا لم ترأفوا، فالتاريخ لن يرأف بكم، وستُفضح ساديَّتكم على مرأى من كلِّ الأجيال التالية، وسيتبرَّى منكم أحفادكم.
 1  2  3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
استفسار من ضياء خانم    كن أول من يقيّم
 
لم تقولي لنا يا أستاذتي من هو صاحب هذه القصيدة الرائعة (وقت السفر) ??
*زهير
28 - يوليو - 2006
لبنان0000فى القلب دائما0 (2)    كن أول من يقيّم
 
باحبك    بعنيه
واقول لك غنيه
تلجك    المحبة
وشمسك الحرية
باحبك    بعنيه
لإنك      عنيه
 
 
تتلج         الدنى
تشمس       الدنى
يالبنان      باحبك
اكتر من    الدنى
تا خلص   الدنى
 
*عبدالرؤوف النويهى
28 - يوليو - 2006
رد على الإستفسار    كن أول من يقيّم
 
 
هذه قصيدتي التي كنت قد كتبتها منذ مدة ، ثم عدلت فيها قليلاً هذا الصباح لأنني وجدت بأنها هدية مناسبة لهذا الملف المتفجر باللوعة .
وقت السفر طويل ، طويل .....
 
*ضياء
28 - يوليو - 2006
لبنان...مرآتنا    كن أول من يقيّم
 
لبنان اليوم أكبر وأعمق من كل مدونات التاريخ والجغرافية ...ليست لبنان ـ هنا والآن ـ هي ما يكتب أو يقال...
لا تصدقوا مقالات الصحف، ولا خطب الحكام، ولا شعر الشعراء، ولا تنظيرات الحكماء...
لبنان هو مرآتنا الآن...
لبنان هو نقطة الضوء التي كشفت عورة الساسة العرب...وأسقطت ما تبقى من الأقنعة وغبار المساحيق. لبنان هو اليوم جرح آخر في الجسد العربي الذي أنهكته أعطاب القريب منا والغريب عنا من الأنظمة والحكومات. لبنان اليوم مرغم على تأجيل فرحه من أجلنا نحن العرب المسلمين، لأنه يرسم مذكراته اليومية بكل مفردات ومعاني المقاومة والنضال والصمود...
لبنان في معيشه اليومي هو الأم المكلومة والطفل اليتيم واليد المبتورة والوجه الـ.....والعراء ...والألم في تفاصيله التي لا يستوعبها زمننا...الألم في دقائقه البطيئة...وأبعاده الكثيفة.
لبنان بمقاومته وصموده يفضح فضيحتنا.
 
*وحيد
28 - يوليو - 2006
الشاعر و الخنفساء    كن أول من يقيّم
 
عهدي به أديبا شاعرا يخاطب العقول و النفوس و الهمم العالية ... يتغنى بالجمال و الأخلاق و المشاعر النبيلة ...
عهدي به كل هذا و أكثر من هذا في اقتناص و وصف أجمل ما تقع عليه عيناه أو يصل إلى أذنه و خلده عن  ورود و ريحانات  فاتنات ساحرات جميلات طيبات كاتبات شاعرات ثيبات و أبكارا ...
عهدي به جميلا يحب الجمال و يتغنى به ... عهدي به ... عهدي به ... عهدي به ...
 
فإذا به ...  ينظم القصيد في خنفساء ... و إذا به ...  يصف من الخنفساء رفع الحذاء ... و إذا به ...  ينقل عن الخنفساء نشر العداء ... و إذا به ... و إذا به ...  و إذا به ...
 
إلا أنه يبقى في " عهدي به "  ... و " إذا به " ... الإبن البار المطيع لأقدس مخلوق على وجه البسيطة  ... يُقـبِّـل الجنة تحت الأقدام ... ويلتمس الرضى و الرضوان  بمناصرته للحق و أصحابه ، و شجب العدوان و مرتكبيه ...   فطوبى لها ... و طوبى له ... و طوبى لنا ... و طوبى لكم ...
*لحسن بنلفقيه
29 - يوليو - 2006
من شعر زهير ظاظا (لبنان فى الأذهان .... )    كن أول من يقيّم
 
لـبـنـان  في الأذهان حين iiيباحُ مـن حـقـهـا أن تهرب iiالسياحُ
رأت الوحوش الضاريات وما رأت أطـفـالـه  تـغـتـالها iiالأفراح
والـحـرب  أول ما تسيل iiدماؤها الـثـلـج والأطـفـال iiوالـتفاح
واللهِ  مـكـذوبٌ عـلـيـه iiمغفّلٌ مـن كـان يـزعـم أنـها iiأشباح
كـانـت زمـان النائمين iiرخيصة والـيـوم يـسحر عطرها iiالفواح
أيـام  فـي دمـهـا تـشاح iiكأنها زبـد الـحقول على السيول iiيشاح
مـا  لـيـس يـنكره غراب حاقدٌ فـي الـواقـفـين وشامت تمساح
إرهـاب  إسـرائـيل غير مشاهد وفـجـورهـا  شرف لها iiووشاح
ودفـاعـنـا  أن نـستباح iiجريمة ودخـولـهـا بـالـبارجات iiكفاح
وتـريـد ندفن في التراب iiجراحنا وتـريـد مـن أحـزانـنا iiترتاح
مـن  يـستحي مثلي فإني iiأستحي مـمـا  يـقـول الفكر والإصلاح
وأقـول  لـلـسـفاح ليس iiبسالك سـبـل الـحـضارة قلبك iiالسفاح
مـا أسـهـم الـنحات فيك iiبنحته ورأى  الـطـبيب وحاول iiالجراح
وإذا  انـتصرت فإن نصرك iiأسود ومـتـوج  بـأخـس مـا iiتجتاح
والـمـسـتحيل  المستحيل iiقبولنا فـي أن سـيـفـك فوقنا iiمصباح
*يوسف الزيات
29 - يوليو - 2006
سيــزيف عربــي .    كن أول من يقيّم
 
اسطورة سيزيف الذي حكمت عليه الالهة بالعذاب وبأن يدفع صخرة ضخمة إلى أعلى وكلما فعل ذلك سقطت الصخرة ليعود إلى دفعها من جديد .
 
 
Ma photo       هل يتنبه سيزيف لهذا القدر..
وهل يتوقف قليلاً لينظر حوله.. ويلم شتاته، ويعلنها (لا) كبيرة بحجم الكون لكل هؤلاء الطغاة بدءاً من أميركا و..... وصولاً إلى قادة .... الذين يتحركون وفقاً لما تمليه مرجعيات .... من جهة ومصالح ........ من جهة ثانية...
بئساً لسيزيف في محنته إن لم يدرك حجم هذا الحقد الذي تكنه (آلهة) تحداها وقاومها..
وما زال!!

 
                           *متى ستحتفل بعيد ميلاد حقيقي يا :
                          سيــزيف   العــربي ??? فلسطينيا كنت ،
                                    أو عراقــيا ، أولبنانـــــــــيا . متى??? 
*abdelhafid
29 - يوليو - 2006
وطوبى لكم    كن أول من يقيّم
 
كـلامـك  يا سيدي كالوسن ومـا أنا وحدي الذي iiأشتهيه
تـألـف من كل شيء حسن وطـبع  شفيف وحس iiرفيه
وهـذا الـلجام وهذا iiالرسن وهـذا  جـمالك لا شك iiفيه
فطوبى الفقيه وطوبى الحسن وطـوبى على لحسن iiبنلفقيه
 
تعليق: والله يا أستاذ أنا لم أشأ أن أعق أمي، وقد جادلتها في أن نقول (ذبابة) لأنها تطير من مكان إلى مكان، فقالت: لا، الذبابة محمودة في عيون الناس، لأن في جناح منها داء وفي الآخر دواء، وهذه داء محض، لا دواء معه، ولا دواء له. فما رأيكم: أليس ترى أن أمي لو تابعت دراستها سوف تكون مثل ضياء خانم وأكثر.
*زهير
29 - يوليو - 2006
وحيد ومرآة جمشيد    كن أول من يقيّم
 
فـتحت  اليوم صندوق iiالبريد فـفـاجـأني  بطرد من وحيد
فـلـما أن فتحت الطرد iiكانت بـطـاقة  دعوة لحضور iiعيد
ومـرآة تـقـول بـلا iiلسان: أنـا لـبـنان: فانظر من بعيد
أنـا  لـبنان في أشقى iiالمرايا أنـا لـبـنـان مـرآة iiالعبيد
أنـا مـرآة جمشيد بن iiكسرى أدلـك  بـالـقديم على iiالجديد
إذا غـضبت نمير على iiكلاب ذبـحت من الوريد إلى iiالوريد
أصـبت  وحيدُ وزنَكَ iiفيلسوفا عـلى  ميزان شاعرك iiالوحيد
ولا تكفي (أصبتَ) فخذ عيوني وهـات عيون هارون iiالرشيد

*زهير
29 - يوليو - 2006
أخى العزيز الدكتور / وحيد 000لاتحزن إن الله معنا0    كن أول من يقيّم
 
هل نحن علي أبواب سايكس - بيكو جديدة??
 
 
د. صلاح السروي
 
 
دخلت الحرب الإسرائيلية علي لبنان منعطفا جديدا، بدأ بضرب وتهديم كامل للبنية الأساسية للدولة اللبنانية مسقطا عددا هائلا من الشهداء والمصابين، وها هي الحرب البرية تبدأ باستخدام أعتي قوة عسكرية في الشرق الأوسط، مدججة بأحدث وأخبث ما أنتجته الترسانة الصناعية - العسكرية الأمريكية، كل ذلك ضد قوات المقاومة اللبنانية التي لا تمتلك إمكانات دولة، فضلا عن إمكانات جيش هائل العدة والعتاد كالجيش الإسرائيلي.

لقد برهن حزب الله خلال الأيام الماضية علي أنه يمتلك بنية عسكرية قوية ومنضبطة وتتمتع بمعنويات عالية، وهو - لا شك - سيصمد لوقت طويل، ولكن هل يستطيع الصمود الفعال بدون إمدادات، أو قوات بديلة، أو تعويض أسلحة?.
إن حزب الله لا يخوض معركته فقط الآن، بل يخوض معركة جميع العرب والمسلمين من وطنيين وقوميين ويساريين وإسلاميين.. إلخ، إنها معركة الوجود في مواجهة عدو لا يني يعلن أنه بصدد تغيير الخريطة السياسية لدول الشرق الأوسط، لقد قال هذا الرئيس جورج بوش الابن، في بداية الحرب علي العراق 2003، مبشرا بأن تصبح العراق نموذحا يحتذي في الديمقراطية والتقسيم والحرب الأهلية والقتل علي الهوية، ولأن الرياح لا تأتي دائما بما تشتهي السفن، فقد فسدت الطبخة العراقية، وتعقد الوضع وغاصت الأقدام الأمريكية في المستنقع، مع كلفة بشرية ومادية وسياسية باهظة، مما جعل الأمريكيين يعدلون عن خططهم، فبدلا من الانطلاق من العراق إلي سوريا وإيران أو إلي إحداهما - علي الأقل - ريثما يأتي دور الأخري، وكلتاهما علي فوهة المدفع الإسرائيلي - الأمريكي علي أية حال، فقد لاحظ الأمريكيون أن الحلقة الأضعف تكمن هناك، في لبنان، حيث الاحتقان الطائفي الذي يتيح فرصة الاستقواء بالبعض ضد البعض الآخر لاحظ نموذج أفغانستان والعراق، وحيث الوجود الإسرائيلي الملاصق للبنان، والذي لا يخفي أطماعه منذ أزمان بعيدة في مياه نهري الليطاني والوزاني، ومن ثم لا يخفي تململه من وجود قوة راديكالية، يعتد بها تتمثل في حزب الله، من هنا كان استخدام حادثة مصرع الحريري، الذي أعتقد بشكل جازم أن الأيدي الصهيونية والأمريكية هي الفاعلة وهي التي دبرته، ثم سلسلة الاغتيالات التي تلت والتي طالت جميع القوي السياسية - الطائفية اللبنانية،
والدليل علي ذلك إنما هو حسابات الربح والخسارة، فالرابح الوحيد من زعزعة الاستقرار اللبناني وإثارة الصراعات بين أطيافه، هو أمريكا وإسرائيل اللتان تضيقان بصمود سوريا وممانعتها ضد السلام - الاستسلام - مع إسرائيل، ولا تريدان وجودا لحزب الله الممانع ضد التهام لبنان ومياهه وضد تحويله إلي كانتونات طائفية لا يتعدي حجم أي منها حجم إمارة موناكو، ومن ثم التفرغ لإيران، ثم جاء بعد ذلك استصدار القرار رقم 1559 وإخراج سوريا من لبنان، وصولا إلي الهجمة المتوحشة التي تصدم الضمير الإنساني في العالم كله الآن.

أما باقي الدول العربية، فهي قد دخلت مختارة، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، إلي بيت الطاعة الإسرائيلي - الأمريكي، بل ووقفت - وهذا هو الفاجع في الأمر - مساندة للعدوان الإسرائيلي ومبررة له، بل ومبشرة بانتصاره (انظر الشرق الأوسط اللندنية 21/7)، لقد باركت الأنظمة العربية هذه الحرب المخبولة ضد حزب الله، بدعوي أنه قد ارتكب مغامرة غير محسوبة ضد إسرائيل، كما لو كانت مغامرة حزب الله هي التي استفزت إسرائيل، وما قولكم في الخبر التالي: استنفرت السلطات الإسرائيلية خلاياها النائمة في لبنان قبل أيام من أسر الجنديين (السفير اللبناني السبت 22/7) فهل كانت إسرائيل علي علم بمغامرة حزب الله? أم أن لبنان كان علي الأجندة الإسرائيلية منذ البداية، وأنها تترصده علي نحو منهجي ومدروس تؤكده الأحداث التي سبق إيرادها.
وإذا كان الحديث عن شرق أوسط جديد - تتغير فيه الخرائط والحدود السياسية - قد خفت قليلا مع التورط الأمريكي في العراق، فإن الحديث الآن يدور حوله بالفم المليان، وها هي ذي الآنسة كونداليزا رايس تتحدث عن أن إزاحة حزب الله هو المقدمة الضرورية لإقامة شرق أوسط جديدة 21/7،
وها هو ذا بوش يقول: لا ينبغي أن يتوقف القتال قبل أن يتم طحن حزب الله 22/7.

وأنا أقول إن المشكلة لا تكمن في حزب الله تحديدا، ولكنها، من وجهة النظر الأمريكية - الإسرائيلية تكمن في أي قوة راديكالية من أي اتجاه تحرري، قويا كان أو إسلاميا أو يساريا، أو من أي نوع، إنهم لم يعودوا مستعدين للقبول بوجود أي قامات منتصبة في الشرق العربي والإسلامي، لم يعودوا مستعدين إلا للتعامل مع أزلام منبطحين مطأطئي الرءوس، فاقدي الكرامة والنخوة والشرف، إننا في عصر ملوك الطوائف الجدد الذين لم يعودوا حتي قادرين علي إصدار بيان يتيم تافه، بل لم يعودوا قادرين إلا علي الاستقواء بالأعداء مبررين ذلك بأن حزب الله ينفذ أجندة إيرانية!!.. أي خبل.. وإذا افترضنا صحة ذلك علي خلله فهل تكون الأجندة الإيرانية بأسوأ من الأجندة الإسرائيلية - الأمريكية? أي هوان.. وأي استخفاف بمشاعر ومصائر الشعوب.
 
*عبدالرؤوف النويهى
29 - يوليو - 2006
 1  2  3  4  5