( قصة 1 ) الجوارب
_ كانت أختي الكبرى فتاة رقيقة ,
لم يكن بإمكاني ان افهم لم ماتت
بتلك الطريقة . _ توفيت في تلك
الامسية , وهي ترقد في سريرها .
وكان جسدها متشنجا , وذراعاها
ممتدتين للاعلى , وقبضتاها
المشدودتان ترتجفان بتشنج .
عندما هدأت نوبة الصرع وتهاوى
راسها نحو اليسار على وسادتها .
حينها زحفت دودة شريطية خارج
فمها نصف المفتوح .
_ وظل بياض الدودة الغريب يراود
مخيلتي فيما بعد .
وكلما استعدت ذكرى الدودة , عادت
لذهني ذكرى الجوارب البيضاء .
_ كانت والدتي تضع عدة اشياء في
كفن اختي - تلك الاشياء التي
ستستخدمها اختي في الحياة الاخرى
. ناديت امي قائلا
_ " امي, ماذا عن الجوارب ? ألن تضعيها
هي ايضا ? "
_ " هذا صحيح ? كدت انسى .
كانت لديها قدمان صغيرتان جميلتان . "
وقلت مؤكدا " يجب ان يكون قياسها
رقم تسعة لاتخطئي بقياس قدمي
او قدمك . "
_ لم يكن حديثي عن الجوارب فقط لان
اختي كان لديها قدمان صغيرتان وجميلتان,
ولكن لانها ترتبط بذكرى خاصة لدي عن
الجوارب .
_ حدث انه في شهر ديسمبر وعندما
كنت ابلغ من العمر إحدى عشرة سنة ,
كانت هناك شركة خاصة تصنع الجوارب
في مدينة مجاورة, تعرض افلاما سينمائية
كجزء من حملتها الدعائية .
وكانت هناك فرقة مؤجرة من قبل الشركة
وتحمل رايات حمراء , تطوف مستعرضة
جميع انحاء القرى المجاورة بما فيها قريتنا.
_ كان افراد الفرقة يرمون نشرات دعائية,
وحسب الشائعة التي سمعتها فان بعض
تذاكر الدخول لعروض الافلام , كانت
مختلطة معها
_ كان اطفال القرية يلاحقون الفرقة
ويلتقطون النشرات , وفي الحقيقة فإن
تذاكر الدخول كانت بطاقات مرفقة بجوارب
الشركة . وقد اشترى العديد من القرويين
الجوارب , حيث انه في تلك الايام لم يكن
بامكانهم مشاهدة الافلام الا مرة او مرتين
في السنة , عندما كانت تعرض خلال
ايام المهرجان .
_ وقد التقطت انا ايضا واحدة من تلك
النشرات , وكان عليها صورة رجل عجوز
من المدينة . ذهبت في المساء باكرا
الى المدينة , ووقفت في طابور امام
المسرح المؤقت . كنت خائفا قليلا بانه
لن يسمح لي بالدخول .
_ " ما هذا ? " قال لي الرجل عند صندوق
التذاكر ساخرا مني ." انها نشرة فقط ."
عدت للمنزل حزينا كسير الخاطر . لم اكن
قادرا على دخول المنزل , فوقفت خارجا
قرب البئر . وكان الحزن يملأ قلبي .
وحدث ان خرجت اختي وهي تحمل
سطلا بيدها . وسألتني وهي تضع يدها
الاخرى حول كتفي , إن كان هناك ما
يزعجني . غطيت وجهي بكلتا يدي .
وضعت السطل ارضا , وعادت للداخل
وجلبت مبلغا من المال .
_ وقالت : " اسرع الان ."
_ كانت لا تزال واقفة هناك عندما استدرت
عند منعطف الطريق ناظرا اليها, ثم ركضت
باقصى سرعتي . وفي مخزن يبيع
الجوارب , سألني البائع كم قياس قدمك ?
لم اكن اعرف .
_ واقترح البائع : " لنرى قياس احدى
الجوارب التي ترتديها . "
و كان قياسها تسعة .
_ وعند عودتي للمنزل عرضت الجوارب
الجديدة على اختي . وكان قياس قدميها
ايضا تسعة .
_ بعد مضي سنتين انتقلت عائلتنا الى
كوريا حيث استقرت في سيئول .
وعندما كنت في الصف التاسع ,
حذرت ادارة المدرسة والدي بأني كنت
ودودا اكثر من اللازم مع احد اساتذتي ,
السيد ميهاشي . لذا منعني والدي من
زيارته . كان مريضا , بالزكام والذي استمر
معه ليصبح اكثر سوءا .
لم تكن هناك امتحانات نهائيه لمادته .
_ ذهبت انا ووالدتي للمدينة , قبل عيد
الميلاد ببضعة ايام للتسوق .
اشتريت قبعة ذات ساتان احمر,
وكنت انوي تقديمها هدية للسيد ميهاشي.
عرقا من من شرابة الراعي (شجرة الدبق)
باوراق خضراء داكنة وتوت احمر قد اندست
تحت الشريط. وفي القبعة كانت هناك
قطعة من الشكولاته لفت بورق القصدير .
_ وعند مكتبة في نفس الشارع التقيت
أختي وعرضت عليها لفافتي .
_ قلت لها " خمني ماذا يوجد داخلها !"
انها هدية للسيد ميهاشي .
واجابت بنبرة تأنيب " اوه كلا لايمكنك ان
تفعل ذلك ! الا تذكر ان ادارة المدرسة
قالت لايمكنك ذلك?"
_ وتلاشت فرحتي . لاول مرة شعرت
بانها غريبة عني.
_ وجاء عيد الميلاد وانتهى , لكن القبعة
الحمراء بقيت على ماهي عليه فوق
مكتبي . قبل يومين فقط من عيد رأس
السنة الجديدة اختفت القبعة .
شعرت بأن اخر اثر لسعادتي قد تلاشى
ايضا . ولم تكن لدي الشجاعة لأسأل
اختي عنها.
_ وفي امسية رأس السنة , اصطحبتني
اختى لنزهة ." اتذكر تلك الشكولاته
لقد قدمتها اثناء جنازة السيد ميهاشي,
كانت جميلة , كانت تشبه كرة حمراء
مقابل الزهور البيضاء . وطلبت ان توضع
القبعة في كفنه ."
_ كان نبأ موت السيد ميهاشي مفاجئة
لي . فانا لم اخرج بعد وضعي القبعة
الحمراء على مكتبي .
من الواضح ان والدي لم يرغبا ان اعرف
الخبر.
_ القبعة الحمراء والجوارب البيضاء .
مرتين فقط في حياتي اضع فيهما شيئا
في كفن ميت . وقد تناهى الى سمعي
ان السيد ميهاشي , قد مات متألما في
منزله المتواضع , وصدره يئز بشكل مريع
وعيناه تكادان تخرجان من محجيريهما .
_ انا لازلت احيا ولا ازال متسائلا :
ماذا تعني القبعة الحمراء والجوارب ?
انتهى