نجيب محفوظ 000والاحتجاج الصامت (2)     ( من قبل 7 أعضاء ) قيّم
ولد قبل الثورة الشعبية ثورة 1919،وكانت مصر قد خضعت خضوعا مهينا للإحتلال البريطانى ، إذ أن ما فعله الإحتلال بالوطن أن كسر عزته وكرامته وكبريائه ، وصار الجميع يتسابق ويهرول لتقديم الولاء لسلطة الإحتلال التى انتهزت الفرصة لتحقيق أحلامها الإستعمارية والسياسية ، واستسلمت الحكومة لسلطان الإحتلال ، وصار الأمر والنهى للحاكم الأجنبى يفعل بالوطن مايشاء ، بل استسلم رجال الثورة العرابية والخديو والوزراء والحكام ، لكن القيادات الثورية تاهت وتعطلت وانهزمت وماتت الروح الوطنية للذين ينبغى عليهم بث الوطنية وتأجيج روح المقاومة ضد المحتل المستعمر 0
وسيطر الخوف والخنوع وعم اليأس والإحباط طبقات الشعب الذى وجد نفسه وحده فى ميدان المعركة ، وهو الأعزل من السلاح ،فماذا يفعل ? تقوقع الشعب على ذاته ، وحاول العيش بأى صورة كانت 0
كان الخنوع والخضوع والإستسلام للمحتل هوالسائد والمألوف وانكسرت العزائم وضاعت روح المقاومة ، بل لا أنسى قصائد أحمد شوقى فى التنديد بالزعيم أحمد عرابى ، لمجرد أنه يطالب بالإصلاح والعدالة والحرية 0
أين المثقفون ? أين الحمية الثورية ? أين العزة والكرامة ? سواء صدرت من أزهريين أوقوميين أو سلفيين ، أو 00أو 00الوطنية ليست بحاجة إلى تصنيف أو بواعث أوثقافة ، الوطنية شعور جارف ، إنها الغيرة على الوطن ، إنه الجهاد الأبدى لتحرير تراب الوطن من الدنس والرجس الأجنبى الإستعمارى 0وشرارة الضوء اللامع للمقاومة ، ظهرت فى باريس، (نلوذ من النار بالرمضاء )، العروة الوثقى للإمامين /الأفغانى ومحمدعبده ، وسرعان ما دب الخلاف بينهم وانفصلا وتوقف محمد عبده عن الكفاح السياسى وعاد لمصر سنة1889وبدأتجديده للفكر الدينى 0
لكن الثورة تحت الرماد متأججة ، متوهجة ، متقدة ويعلو صوت الوطنية عاليا فاضحا مدويا منددا بالمستعمر الغاصب، ألاوهو عبدالله النديم خطيب الثورة العرابية 0وظهور مصطفى كامل وخليفته محمد فريد ،وموت مصطفى كامل 0
فى سنة1912وبحى الجمالية بالقاهرة التى تحيط بمسجد الحسين بن على حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان ميلاد نجيب محفوظ الكاتب العالمى الحاصل على جائزة نوبل فى الآداب سنة 1988، الذى تربى وترعرع بحى العباسية وبدأ الكتابة فى الصحف السيارةوترجم كتب إنجليزى عن مصر القديمة سنة 1932، شىء غريب فعلا الهروب إلى الماضى وترك الحاضر بمشكلاته ، يبدو أنه السمة الغالبة على الرواد الأوائل الذين ننحنى تقديرا وتبحيلا وتعظيما لكتاباتهم ودراساتهم وأشعارهم وأغانيهم 0
وفى سنة 1938نشر مجموعة قصصية همس الجنون ، ثم توالت الثلاثية التاريخية ، عبث الأقدار 1939ورادوبيس 1943وكفاح طيبة 1944ولكنه لم يستمر فى هذه الكتابةالتاريخية ،وعاد إلى الحياة المعاصرة وكتب القاهرة الجديدة 1945وخان الخليلى 1946وزقاق المدق 1947والسراب 1948وبداية ونهاية 1949ثم دام الصمت سبع سنين لم يكتب حرفا واحدا 0
أى أن الفترة التى عاشها نجيب محفوظ ممتلئة بالأحداث والصراعات والنضال والمقاومة والجهاد ضد المحتل المستعمر ،وحربين عالميتن ونشأة الدولة الصهيونية على أرض فلسطين الطاهرة ،رغم هذا الطوفان الجارف من الأحداث التاريخية الفارقة فى تاريخ الأمة المصرية والعربية إلا أن الكاتب العالمى لاذ بالصمت وسلك طريق السلامة 0
ألم أقل سابقا أن السمة الغالبة على مثقفينا الرواد الأوائل ((ابعد عن الشر وغنى له )))والشر هنا ياسادتى الكرام مقاومة الإستعمار ورفع راية الجهاد ضد المحتل 0
هذا قولى موثقا ومن خلال القراءة المتأنية ، فمن أراد إثبات خطل ما نزعمه ونتقوله ، أكون شاكرا له هذا الفضل 00
ن |