يقول أناتول فرانس : الناقد المجيد هو الذى يحكى عن مغامرات روحه مع روائع الأعمال 0
ويقول جورج سانتايانا : النقد عمل قومى جاد 0إنه يبدى لنا الجنس البشرى وهو ماض فى فصل الجزء الخالد فى روح الإنسان من الجزءالذى يصيبه الفناء 0
ويقول امير سون :لا ينبغى أن يكون النقد باحثا عن الشجار ، داعيا إلى هدر الطاقات 0يمسك بالسكين وينتزع الجذور 0عليه أن يكون هاديا معلما ، ملهما 0عليه أن يكون ريحا منعشة وليس ريحا باردة تجمد الأطراف 0
ويقول سانت بيف: الناقد هو وزير الجماهير 0غير أنه لا ينتظر حتى يملى عليه أحد رأيا 0إنه يستبصر ما يجرى ويقرر كل صباح ما الذى يفكر فيه الناس 0إن ساعته تسبق ساعات غيره بخمس دقائق 0
ويقول لورد تشستر فيلد : لنترك الناقد الغبى يعيش على جثث الأعمال – أعطونى أنا روح العمل ورواءه0
ويقول بوب :الناقد الكامل يقرأ كل عمل بالروح نفسها التى كتب بها المبدع عمله 0عليه أن ينظر إلى العمل فى شموله ،ولا يسعى إلى أن يتصيد الهنات ، مادامت
العاطفة الحقة قد حفزت الكاتب والنشوة قد أوقدت عقله 0
ويقول أيضا :فى كل عمل ، انظر إلى ما يريد الكاتب أن يعبر عنه لا تطلب المزيد فإن أحدا لا يبلغ بالتعبير شيئا لم يقصد الوصول إليه 0
أقوال انتقيتها لأنها تقول صراحة ما أقوله أنا تصريحا أو تلميحا فى نقدى للأعمال
0نعم 0ينبغى أن يكون النقد مغامرة وسياحة وارتيادا لروائع الأعمال0ويتعين عليه أن يسعى إلى تمييز الباقى فى العمل الفنى من العارض المسرع إلى الفناء
0ومن واجبه أن يتجنب العداء للعمل الذى هو مقبل على فحصه ، وأن يعزف اللحن
ذاته الذى عزف عليه الكاتب وهو يصوغ عمله 0وعليه كذلك ن يغض الطرف عن الهنات طالما أن العمل الفنى قد جاء نتيجة عاطفة حقة وفكر مشتعل 0عليه أن يحلل العمل الفنى بلباقة ورفق ، فيظل العمل بعد النقد ،جسدا حيا ،ولايموت على مائدة التشريح فيصبح جثة هامدة 0
على الناقد أن يجعل من نفسه ممثلا لمصالح الجماهير فى بلاط الفن 0أن يصبح وزيرا مستنيرا ،حر الفكر ، لا يملى عليه أحد رأيا ،ولايقف عند حدود الواقع ، حيث إنه يسبق وعى الغير ، ويقع فى المقدمة منهم0وعليه أن لا يطلب من المبدع شيئا لم يرده ، ولم يهدف إليه من عمله 0
عليه أن يزور العمل الفنى ، وقد فطن إلى القصد منه 0فلا يقول :كان من الواجب أن يكتب المبدع شيئا آخر غير ما كتب 0
طيب 00وما دور النظريات فى النقد ? علينا أن نسترشد بها ، ولا ندعها تركبنا 0علينا أن نحذر من أن نحول كتاباتنا النقدية إلى تقارير جافة ، فما استحق نقد أن يكتب إذا ما أجهض روح العمل الفنى ،أو أحاله هيكلا عظميا ، أو امتص رحيقه الحلو وتركه جافا لا يروى 0
علينا أن نحذر أن يتحول الغموض إلى إغماض متعمد0وعلينا _بصدد الغموض الطبيعى _أن نطلب إلى المبدع أن يطلق عليه بعضا من النور يعين على فهم هذا الغموض ، فتقر أرواحنا وأفهامنا حينما نتبين أن الغموض له وظيفة محددة تخدم العمل ، وليس حذلقة فكرية تزعم وجود عمق غير موجود ، وتغطى على خواء لا يمكن إخفاؤه ، مهما أمعن الكاتب فى المحاولة 0
مقالة كتبها الناقد الأستاذ الدكتور / على الراعى 0
مشاركة متواضعة أقدمها للأخوة المشاركين ، وتلبية لدعوة الأستاذة / صبيحة 00لممارسة النقد 000
هذه المقالة منشورة بالمجلد الحادى عشر العدد الثانى من مجلة فصول الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1992، ص7و8