البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الجغرافية و الرحلات

 موضوع النقاش : الرحلة في العالم الإسلامي إلى حدود القرن العشرين    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 محمد الغضبان 
26 - يونيو - 2006

لقد أثار مخبر تاريخ العالم العربي الإسلامي الوسيط في رحاب كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس على مدى سنتين 2004-2005 و 2005-2006 موضوع الرحلة والرحالة في الفترة الوسيطة من وإلى العالم الإسلامي. وكان الموضوع طوال ذلك يُتطرّق إليه من جوانب مختلفة من قبل الباحثين التونسيين والأجانب. فكان تصنيف الرحلة والرحالين وأسبابها وغاياتها ونتاجاتها ثم وأثرها. وتم تتبع خطى الرحالين هنا وهناك في المجال العربي الإسلامي وحتى في العالم الغربي المسيحي وفي افريقيا وآسيا وأمريكيا...فكان لا بدّ من دراسة خصائص الرحلات من خلال آثارها الباقية تلك الكتب المدوّنة للرحلات والمشاهدات والتعاليق والآراء المختلفة.

وقد كان من نتائج الندوات والملتقيات المقامة بالتوازي مع نشاط المخبر المذكور أن تمّ التطرق إلى مواضيع شاملة و أخرى أكثر خصوصية. فدُرس أدب الرحلة، ودُرست الرحلات حسب أصنافها (التجارية، الدينية، الجغرافية، السياسية، العسكرية...).

ونظرا لأهمية الموضوع رأيت من الجدير أن أقترحه كموضوع للنقاش في مجالس الوراق لغاية إثراء ثقافتنا ومعرفتنا بأدب لصيق بنا في فترة من الفترات وظل متواصلا حتى القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وربما إلى اليوم مع ذلك التطور التقني والعلمي في المواصلات. إنه أدب الرحلة.

فلكل مختص في فرع أدبي أو علمي ما من العلوم الإنسانية والإجتماعية يجد في أدب الرحلة ما قد يفيده في مساره البحثي على ضوء أشكال مختلفة وطرق متنوعة من قراءات للرحلة وأدبياتها. فهي تختزن في داخلها تراثا مفعما بالتاريخ والجغرافيا والأدب والإجتماعيات من عادات وتقاليد وذهنيات...

ونرجو في نهاية هذا المدخل من المشاركين أن يساهموا بالقدر الذي يعلمونه عن الرحلة والرحالين العرب وغير العرب حتى القرن العشرين.

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
المقدسي وكتابه أحسن التقاسيم في معرفة أحوال الأقاليم    كن أول من يقيّم
 

لقد كان الاختيار صعبا لتحديد أي الرحلات يمكن أن تكون فاتحة هذا الموضوع. وطالما أن كل أدبيات الرحلات الموجودة تتساوى من حيث أنها نتاج تعب السفر والبحث والمطالعة والسؤال والتقصّي...فإن جانب الموضوعية في نقل الأخبار ووصف الأوضاع والظواهر هو الفاصل هنا. ومن بين أهم الرحلات التي تميزت بموضوعية صاحبها ولو نسبيا هي رحلة المقدّسي التي تجلت في كتاب "أحسن التقاسيم في معرفة أحوال الأقاليم" التي قام بها صاحبها من الشرق إلى الغرب الإسلامي مع اتفاق أغلب الباحثين والمؤرخين على أنه لم يدخل الأندلس. ويبقى أمر وصوله إلى المغرب الأقصى مشكوك فيه أيضا. على أن دخوله افريقية لا يمكن رفضه بل هناك ما يكسبه دعما من خلال نصوص الكتاب المذكور.

وعموما فإني رأيت أن أقدم تعريفا موجزا بالمقدسي، مقدّما أهم اللإشارات التي تؤرّخ لرحلته وتدوينها.

هو شمس الدين أبو عبيد الله محمد بن أحمد ابن أبي بكر البنّاء المقدّسي. جغرافي ورحالة، عاش في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. ولد بمدينة بيت المقدس ومنه جاءت نسبته المقدّسي. ويرجع أصله إلى أسرة عربية. وقد هاجر المقدسي إلى دمشق ، وبها نشأ وتلقى فيها علومه الأولى. وما إن تعدّ العشرين بقليل حتى انتقل إلى العراق طلبا للفقه. وفيها اشتهر قارئا عارفا بالقراءات. ثم قرر المقدّسي ركوب تجربة الرحلة لتأسيس الكتاب الذي أراده والذي تضمن الكثير من الإضافات الكثيرة التي اختلف بها عن غيره ممن سبقوه. وفي نهاية رحلته، وبعد عناء طويل، استطاع المقدسي أن يضع كتابا بالهدف الذي أراده. فكان كتابه أحسن التقاسيم في معرفة أحوال الأقاليم الذي أنهاه عام 375هـ / 985 م. وقد بلغ الأربعين من عمره. وقد أودع في كتابه الخرائط المزينة، والحجج الموثقة، والحكايات المحققة، ما جعله يحتل مكانا مرموقا بين مشاهير الجغرافيين المسلمين. أنظر موقع رواد الاسلام

http://rowad.alislam.com/rowad/?action=Display&view=2&doc=1&root=1&id=125&lang=ar&from=tree

ويقول الزركلي في الأعلام أنه ولد سنة 336/947-948 توفي نحو سنة 380/990. "وتعاطى التجارة، فتجشم أسفاراً هيأت له المعرفة بغوامض أحوال البلاد، ثم انقطع اٍلى تتبع ذلك، فطاف أكثر بلاد الاٍسلام، وصنّف كتابه " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم " قال المستشرق غلدميستر (Gildmeister): امتاز المقدسي عن سائر علماء البلدان بكثرة ملاحظاته وسعة نظره. وقال سبرنغر(Sprenger): لم يتجول سائح في البلاد كما تجول المقدسي، ولم ينتبه أحد أو يحسن ترتيب ما علم به مثله. أنظر

مكتبة الوراق الافتراضية، http://www.alwaraq.com/index2.htm?i=511&page=1

 

         بالرجوع إلى مقدمة الكتاب نقع على أهم فقرة دالة ومؤرِّخة لتأليف الكتاب. إذ يقول في إطار حديثه عن تأليف الكتاب والغاية منه وما ضمّنه إياه على خلاف ما عمد إليه من سبقه ومن عاصره "واعلم إني مع هذه الوثائق والشروط لم أظهره (المقصود الكتاب) حتى بلغتُ الأربعين، ووطئتُ جميع الأقاليم وخدمت أهل العلم والدين. واتفق وفاء ذلك بمصر فارس في دولة أمير المؤمنين أبي بكر عبد الكريم الطائع لله، وعلى المغرب أبو منصور نزار العزيز بالله أمير المؤمنين سنة 375" (المقدسي، أحسن التقاسيم، المكتبة الافتراضية الوراق، http://www.alwaraq.com/index2.htm?i=0&page=1). فإن كان الرحالة أظهر كتابه سنة 375/985-986 لما بلغ الأربعين هذا يعني أنه ولد سنة 335-336 وبالتالي يمكنه أن يقدم على السفر والترحال بعد تجاوزه العشرين. فيمكن إذا أن يكون قدم إلى افريقية زمن المعز لدين الله المتوفي سنة 365-366/976-977. فقد بدأ الترحال بعد تجاوز العشرين من عمره أي منذ 356/967 على الأقل فيقول المقدسي "ومكثت أنا عشرين سنةً ببيت المقدس أنام في البيت" (أحسن التقاسيم، المكتبة الافتراضية الوراق، http://www.alwaraq.com/index2.htm?i=0&page=118 ). وهي السنة التي بدأ فيها فعلا تجربته. فقد ذكر أنه حج سنة 356 ثم عاد إلى مكة ثانية سنة 367/978. فيذكر قائلا: "وحججت سنة -56 (3)- فرأيت ماء زمزم كريهاً، ثم عدت سنة 67 (3) فوجدته طيباً" (المقدسي، أحسن التقاسيم، المكتبة الافتراضية الوراق، http://www.alwaraq.com/index2.htm?i=0&page=).

والواضح من خلال كامل رحلة المقدسي أن آخر تاريخ يذكره قبل سنة 375 هو 367 التي حج فيها والتي ضرب فيها زلزال مدينة سيراف في اقليم فارس (المقدسي، أحسن التقاسيم، المكتبة الافتراضية الوراق، http://www.alwaraq.com/index2.htm?i=0&page=157). فنجد أنفسنا بإزاء رحلة طويلة مدتها 10 سنوات على الأقل بين 356-367 وقد انحسرت في مدة خلافة المعز لدين الله الفاطمي، وعليه فإن ما عاينه كان في هذه المدة. أما كتابة الرحلة فقد تم في زمن العزيز بالله قبل نهاية سنة 375.

وبما أن المقدسي حج مرة ثانية سنة 367 فإنه أنهى بها رحلته. وعلى ضوء ذلك يكون من المؤكد قد زار افريقية في عهد المعز لدين الله وليس في عهد العزيز.

محمد الغضبان
27 - يونيو - 2006
تيرو ميئورا    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تيرو ميئورا: الأمين العام للمركز الثقافي في طوكيو سابقا، وأستاذ الأدب العربي في جامعة طوكيو، ومترجم كتاب إدوارد سعيد في الاستشراق، وأحد ثلاثة أسهموا في تأليف كتاب (الإسلام في دراسات الشرق الأوسط) وهو بيبلوغرافيا لخمسة عشر ألف كتاب، أعماله كثيرة جدا، وقد تعرفت عليه عام 1987م عندما كنت أعمل في مركز التفسير =الذي سبق وتحدثت عنه في أكثر من مناسبة= وكان المشهد الأول الذي جمعني بميئورا أنني رأيت شابا صغيرا يقوده نحوي، فلما صافحته وعرفني إليه قال له: (حظك من السما) ومضى، ثم فهمت من ميئورا أنه يبحث عن كتاب أحمد قدامة (معالم وأعلام) فقلت له: إن هذا الكتاب من الصعب جدا أن تعثر على نسخة منه في السوق، ولكن يمكنك أن تستعير نسختي، وأخذته إلى البيت، ثم لما رأيت حرصه على الكتاب أهديته نسختي، وعرفت أنه قد أتى دمشق لإعداد بحث عن حي الشركسية =الجهاركسية= في الصالحية، وهو أقدم أحياء الصالحية، ثم عرفت أن موضوعه يكاد ينحصر في البحث عن خصائص البيت الصالحاني، ومم يتألف، وما تبقى من أسلوب المعيشة القديمة في الشركسية، فأخذته إلى الشركسية، ودخلت به إلى معظم بيوتها بمساعدة ابن الشركسية صديقي المحامي (زياد رزق) وأدخلته إلى بيوت رأى فيها بعينه وصف ابن بطوطة لاختراق نهر يزيد بيوت الصالحية، ودورانه في كل بيت  بين المطبخ والمنزول، وطالت أيامي مع ميئورا، فلما أتى لوداعي وجدته يدس في جيبي حزمة من مئات الدولارات، فأنكرت ذلك منه، ورأى في وجهي الدهشة، فاعتذر مني، وسلم علي ومضى، ورجعت أدراجي إلى البيت، ولكن بعد ثوان رأيته يضرب على كتفي، فالتفت لأرى عينيه مغرورقتين بالدموع، وهو يقول لي: (طوال هذه المدة كنت أتفكر في المقابل الذي تنتظره مني، لا أريد أن أطيل عليك، ولكن سوف أذكر لزوجتي وأبوي أني رأيت بوذا في دمشق) ثم عاد ميئورا في عامه الثاني وسعيت له ليقيم مجانا عندنا في المركز، فأقام أربعين يوما ضيفا، وكانت زيارته هذه المرة لإعداد بحث عن المدرسة العمرية في الصالحية، وهي من أقدم مدارس الإسلام، بل ربما كانت أقدمها على الإطلاق. فلما عاد إلى اليابان نشر كتابا بعنوان (أربعون يوما في الصالحية) وحكى فيه قصتي معه منذ لقائنا الأول، ثم توطدت علاقتي معه كثيرا، فزارني هو وزوجته وولداه، غوته وهيروشي، وزارني أيضا في أبو ظبي في ربيع (2004) . وبقي أن أقول شيئا للتاريخ، فإن ما ذكره الأستاذ محمد حسن الحمصي في آخر الجزء الثاني من كتابه (الدعوة والدعاة في دمشق) من أن ميئورا اعتنق الإسلام على يدي، غير صحيح، وكان ميئورا قد بعث لي بترجمة لكتابه (أربعون يوما في الصالحية) ونشرتها أنا تباعا في مجلة المركز، وفي الكتاب أني لما ذهبت به إلى المسبح رأى ناسا يصلون فسألني: هل يمكن لي أن أصلي معهم، فقلت له: لا ، حتى تتلفظ بالشهادتين وتغتسل، ففعل ذلك، فاعتبر الأستاذ الحمصي أن ذلك دخول في الإسلام، وما هو إلا كما يقول أهل اليابان (على سلوك البلدة التي نقيم فيها نتسلك) وبقي أن أقول أيضا: إنني طوال عشرين سنة عملت فيها في أسواق المكتبات وأروقتها تعرفت على مستشرقين كثر، أقمت معهم علاقات، وقضيت في خدمتهم عزيز الأوقات، وكلهم نسوني ونسيتهم إلا تيرو ميئورا
*زهير
8 - يوليو - 2006