لا يأتون بمثله     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
القرآن الكريم كلام الله تعالى وكلامه ليس من جنس كلام المخلوق. ولم تظهر دعوة- الا ماشذّ- تزعم أنها قادرة على معارضة كلام الله . ودعوة الشعراء الى ترك نظم الشعر لكى ينفوا عن أنفسهم شبهة معارضة كلام الخالق يُفترض أن تعطف عليها دعوة مماثلة لارباب النثر والخطابة إذ لافرق بناءا على أصل ما تدعو اليه بين شاعر وناثر.
وقد إستعمل الامام الشافعى التضمين من كتاب الله وهو من أئمة الفقه والعلم بكتابه تعالى وذلك فى شعره. يقول:
أنلنى بالذى استقرضت خطّا وأشهد معشرا قد شاهدوهُ
فأن الله خـلاّق البــرايـا عنت لجلال هيبته الوجوهُ
يقـول:إذا تـداينتـم بديـن الى أجل مسمّى فاكتبـوهُ
فهل لهذا التضمين دلالة على ان الشافعى أراد أن بلاغة المخلوق ليست دون بلاغة الخالق قطعا لا مع أنه تمكن من وضع كلام الله ضمن سياق أبيات شعرية دون أن يزيل حرفا أو يضيف حرفا مما جعل الابيات الثلاثة تبدو ظاهريا وكأن قائلها واحد لولا علمنا المسبق ان آخر البيت هو تضمين من كلامه تعالى.
ولعل هذا يقودنا الى التذكير بالاتجاهين المختلفين فى فهم الجانب الاعجازى للقرآن الكريم. الاول هو ماذهب اليها الاكثرية من أرباب العقائد والكلام الى أن إعجاز القرآن إنما هو فى لفظه ونظمه وكان عجز الناس عن معارضته لبلاغته المعجزة.
وزعم أصحاب الرأى الثانى أن الله قد صرف الناس عن معارضة القرآن ولولا ذلك لما عجزوا عن الإتيان بكلام يشبه فى اللفظ والنظم كلام الخالق.
وسواء أخذنا بالرأى الاول أو سلمنا بما ذهب إليه أصحاب الرأى الآخر يبقى الاعجاز قائما إما فى لفظ القرآن ونظمه وإما لانه تعالى شاء ان يصرف الناس عن معارضته- ولسنا بصدد مناقشة هذا الزعم- فكانت للناس قدرة بالقوة وعجز عن الممارسة بالفعل لولاها لما عجزوا عن الاتيان بمثله والنسج على منواله. وعلينا أن لا نغفل ان إعجاز القرآن ليس فى لفظه ونظمه فقط بل أيضا فى أسراه التى تتكشف بقدر قرب العبد أو بعده عن الله وملازمة تلاوة كتاب الله بخشوع وتدبّر فيفتح له من أسراره مالا يناله الا القلّة.
فلا خوف على كتاب الله وقد قال عز وجل: لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا |