البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أحاديث الوطن والزمن المتحول    قيّم
التقييم :
( من قبل 39 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
11 - يونيو - 2006
كان الأستاذ السعدي قد طرح ذات مرة تساؤلاً حول علاقة التاريخ بالسيرة الذاتية . حيرني بوقتها ذلك السؤال لأن المسألة تبدت لي بديهية ، ولما فكرت فيها ، استنتجت بأن التنظير لها صعب للغاية . فالسيرة الذاتية هي تاريخ شخصي تتقاطع أحداثة مع مجريات الحدث العام ، بالصدفة يحدث هذا التلاقي في الزمان والمكان ، هكذا يبدو ......  إنما مقاصد السؤال الذي طرحه كانت ربما : كيف تحكي السيرة الذاتية التاريخ العام ?

عندي مثال ساطع على هذا تعلمت منه أكثر مما تعلمت من كتب التاريخ . فجدتي ، رحمها الله ، كانت تقص على مسامعنا سيرة عمرها الطويل وتعيد تردادها بدون كلل أو ملل . منها تعلمت تاريخ طرابلس ، تقصه مشفوعاً بأخبار الذين كانوا من حولها ممن مات ، أو عاش ، أو ولد ،  قبل " الطوفة " مثلاً( طوفان نهر أبو علي ) أوبعدها ، ومن كسر يده في الزحام ، أيام ثورة القاووقجي ، أو عندما جاء ابراهيم هنانو إلى طرابلس ، وأين اختبأوا أيام " ثورة شمعون " . وتحكي أيام الأنكليز وكيف انتشروا بوقتها على شاطىء البحر ، وكيف جاء الفرنسيون بعسكر السنغال ، وعن أيام السفر برلك ورحلتهم مع الجوع والعذاب والجراد والمرض آنذاك ، وعن جيرانها اليهود وعاداتهم ، وكيف كانت طرابلس في ذلك الحين : الأحياء ، البيوت ، الطرقات ، النهر ، السوق ، القلعة ........ تاريخاً موثقاً بالأسماء والأرقام والوقائع من ذاكرة نبيهة صاحية ، ظلت طوال حياتها تنظم وتؤطر وتسلسل تلك المعلومات وتعيدها على مسامعنا على شكل حكايا ، تاريخاً متماسكاً كانت وحدها تعرف سره ، وتعرف كيف تمسك به بقبضتها الواثقة . كيف لا وهي من كان يعرف كيف يحصي ويحفظ كل شيء : الأرقام ، التواريخ ، الأعمار ، و عدد درجات السلالم التي تطلع عليها ، أو عدد حبات الزيتون التي تأكلها في كل وجبة ، ومواقيت الفصول والأعياد والزراعة في الحساب الشرقي وبحسب هلة القمر ، وحتى لو قامت بحشو الكوسى فإنها ستضع فيه " الحبة فوق الحبة ، والرزة فوق الرزة " تحسبها بالمثقال .

 ولطالما تساءلت عن سبب إصرارها على إعادة تلك القصص التي كنا نتذمر منها ونتأفف لها أحياناً . وفهمت بأن الزمن قد تحول وتبدل كثيراً من حولها ، وأنها تحاول ان تمسك بماضيها ، ان تستعيده على طريقتها . وبالرغم من أنها كانت تروي حياتها كأمتداد لحياة من سبقها أو تلاها من الأجيال ، بدون إسراف أو بطولة ، أو حتى خيال ، سرد مجرد سرد واقعي يسجل الوقائع ويثبتها في الذاكرة ، إلا ان تلك الذاكرة كانت تغربل وتنقح وتختار لحظتها وموضوعها ، وهي بالتالي إنتقائية . فالذاكرة هي إعادة إنتاج للواقع بحسب فهمنا للذات وللآخر .

هكذا خطرت لي فكرة هذا الموضوع ، إعادة إنتاج التاريخ من خلال السيرة الذاتية . وهذا ما سأحاول الكتابة فيه ، لكن ليس لوحدي : أدعو الجميع للمشاركة في هذا الملف من منطلق إعادة كتابة تواريخنا الشخصية : عبرها ، ستتبدى لنا أشياء كثيرة كانت مطوية في غياهب النسيان ، وستفتح لنا ربما شبابيك على الحاضر لو استطعنا أن نمسك بتلابيب الماضي ونستقرأ أبعاده .

اعتبروا هذا الملف كأنه صندوق تبرعات ، وليتبرع لنا كل واحد بحكاية من طفولته أو تاريخه الحاضر ، أو حتى تاريخ عائلته . كل المطلوب هو أن تكون هذه القصة واقعية ومختصرة ، وأن يجهد قليلاً في جعلها ممتعة لدى قراءتها .

أتمنى لنا حظاً سعيداً .

 

 3  4  5  6  7 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
عقد تموز    كن أول من يقيّم
 
وطني المباع على iiالرصيف تـحـيـة  الشيخ iiالضعيفْ
وتــجـلـةً iiمـمـلـوءةً مـمـا  يـنزّ على الوجيف
ســكـرانـةً iiمـطـرودةً مـن مـحفل الدين iiالحنيف
ثـمـنُ الـحـقـود iiيعيقها لـتـبـاع في ثمن iiالرغيف
لـم  يـكـتـشـف iiإيمانها لـلآن  زنـديـقٌ iiنـظيف
لـمّـا أعـدتُ iiخـمـارها فـي  وجهها سقط iiالنصيف
ومـنـابـر الـوعـاظ iiوا قـفـة بـمـنزلة iiالضيوف
مـثـل  الـهـواء قـلوبها مثل  المصاحف في iiالرفوف
والـمـسـتـقـل iiكـمثلها والـفـيـلسوف  iiالفيلسوف
والـحـل رابـعـة iiالـنها ر  يـلـوح كالجبل iiالمنيف
تـقـضـي الكرامة أن iiأبر رأهـا  على مرأى iiالسيوف
مـن  كـل مـن يـتمسحو ن بـهـا ومن كل iiالطيوف
وطـنـي أقـلـني من وقو فـي طال يا وطني iiالوقوف
لـمـا  رأيـتـك في iiالهوا ن خرجتُ من كل iiالصفوف
حـدثـان  لا iiأنـسـاهـما ما عشت في عصر الكسوف
قـصـف المنازل في iiالظلا م  ومـشـهـد الرد iiالعنيف
فـي  رقـبـة الصحفية iiال شـقـراء تـذبح iiكالخروف
وفـضـيـلـة  iiمـصلوبة فـي  ثـوب عاهرة iiعيوف
ومـن  الـخريف إلى iiالشتا ء  مـن الشتاء إلى الخريف
هـذي  تـدق عـلى iiالطبو ل  وتـلك تضرب iiبالدفوف
عـبـد الـحـفيظ أما iiرأي ت بـقـاربي عبد iiالرؤوف
والـمـوج  مـوج هـديره بـودادك الـحـلو iiالظريف
ومـن  الـخرير إلى iiالهدي ر  مـن الهديل إلى iiالحفيف
وحـمـيـد فـي iiتـطوانه ومـحـلـهـا ليث iiالغريف
وجـراح  يـحـيـى iiكعبة بالله  أوشـك أن iiتـطـوف
ويـريـد  يـخرج من iiحما سـتـها ويبحث عن iiحليف
وحـديـث  شادي iiمـثلما رَكِـبَ الكسيحُ على iiالكفيف
وعـلـيـه  أطـول لـعنة مـنـي ومـن أمي iiاللهيف
لـو  أنـه الـسـعـدي iiما بـرحـت بـدانية iiالقطوف
حـبـي وأشـعـاري iiلـه غـيـر  البهارج iiوالزيوف
هـي بـالـمئات ولو iiرمى نـظـارتـيـه  iiبـالألوف
ما رف حول منارة ال كتبيـّة  السربُ iiالألوف
كـابـن  الـفـقـيه خيالها فـي ظـله الحاني iiالوريف
أيـن الـدمـنـهـوري iiمم مـا أمـتـطـيه بلا iiرديف
وزوارقـي iiوقـصـائـدي فـي حـب ورقائي iiالهتوف
أسـتـاذتـي  iiوإمـامـتي وأمـيـرة الـجنس اللطيف
وسـريـرهـا  في iiقصرها وخـيـالها الساري iiالمطيف
مـن  كـل فـتـاح الـقلو ب وكـل هـطـال iiوكوف
أمّـلـتُ يـغـفـر iiحـبها مـاضيَّ في الشعر iiالسخيف
والـزهـر مـن iiآدابـهـا والـنـهـر من دعة وريف
أسـتـاذتـي أنـت iiالـتي أوقـفت في صدري iiالنزيف
وعـصـرت كل مدامع iiال أيـام  مـن قـلبي iiالشفيف
وحـمـلـتـني حتى iiوقف ت بـجانب الريح العصوف
أهـديـك فـي تـمـوز أم واج الـطفولة في iiالمصيف
وربـى  طـرابـلس iiالغني يـة بـالـتـليد iiوبالطريف
مـن كـحـلـها في iiأعيني حـنـاء  نقشك في iiالكفوف
مـا حـاكـت الشفة iiالصَبا وتـنـفس  الوجه iiالعطوف
ودخـول سـلـوى iiمـنبرا قـد  كان يبحث عن iiعريف
حـسـن  الـدخـول iiثقافة ودمـاثـة  الـظل iiالخفيف
طـلـعـتْ بـأيـام iiالصبا وطلعتُ  في أقسى iiالظروف
وورودهــا  فـي iiبـاقـة بـاسـم الـجماعة iiواللفيف
وشـبـيـبـة  iiفـارقـتها تـحـت السنابك iiوالوظيف
وضـياء  (موتوريiiالمشع عَ بـزهـرة الكرز الرهيف
مـنـحـوتـة فوق iiالغصو ن وفي الجبال وفي iiالكهوف
بـأعـز مـا كـشف iiالودا د  وقـمـة الـحب iiالعفيف
ولـو اسـتـبـحت iiعيونها طـوّفـنَ فـي حور وهيف
ومـلأت  ذوق iiفـراتـهـا شـوق الألـيف إلى iiالأليف
طـبـعـتْ على غزو القلو ب كـما طبعتِ من iiالرفيف
تـمـوز عـقـد ضياء iiيل مـَعُ  في الأساور iiوالشنوف
لـبـسـتـه راقـصـة به ونظرت  من خلف السجوف
سـتـقـول  فـيـه iiبرأيها وأقـول خـانـتها الحروف
يـا زهـرة الـكـرز اعتقا دي  لا تـجـور ولا iiتحيف
فـي  حـق أجـمـل iiبردة لـبست  من الأدب iiالشريف

*زهير
1 - يوليو - 2006
تموز كان دائماً هو البداية    كن أول من يقيّم
 

 

كيف لا تخونني الحروف ? ومن يستطيع أية إضافة على هذا ?

لا أدري كيف كان شعور كريستوف كولمبوس عندما اكتشف العالم الجديد ! يجب أن يكون كمثل شعوري الآن ولن أعرف كيف أصفه .

جئت إليكم أبحث عن عزاء لوحدتي وانتظاري ولم يكن بحسباني أن أكتشف مغارة الكنز ، فهل أنا علي بابا ?

عقد تموز سأحمله فوق صدري بأسماء كل الشموس التي فيه ، وسألمع كمثله في وحشة العدم والخوف من المجهول .

زهير اليوم قد أطلق من جعبته نبلة الساموراي المسكونة بالدهشة ، وأسكرنا بعطر الساكورا ........ فهل من مزيد ?

 

*ضياء
1 - يوليو - 2006
درس محمد أركون    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
  قرأت اليوم موضوع الأستاذة الكريمة صبيحة بعنوان : لماذا يبتعد مثقفونا عن العربية ? والذي تحدثت خلاله عن تدني المستوى العلمي وعدم الرغبة في التحصيل وأن أغلب الطلاب يسعون للحصول على الشهادة فقط وليس إلى تحصيل العلوم إلى جانب مواضيع أخرى ساقتها في عرضها الوافي للمشكلة من كل جوانبها . أتمنى أن تتاح لي الفرصة لاحقاً للمشاركة في موضوعها الهام ، لكن الكلمات التي ذكرتها منها كانت قد استوقفتني بشكل خاص ، وأثارت في ذاكرتي هذه الحكاية :
 
  حدث هذا في العام 1986 عندما حصلت على دبلوم الدراسات المعمقة من السوربون الأولى ، وصرت أبحث عن أستاذ مشرف للتسجيل للدكتوراه ، لأن أستاذي السابق كان قد أحيل إلى التقاعد .

  كان أسم الأستاذ محمد أركون من ضمن الأسماء التي وضعتها على لائحتي وسعيت لمقابلتها  للحصول على القبول بموضوعي والإشراف عليه . كل الطلاب الذين أعرفهم ولهم خبرة في الموضوع كانوا قد حذروني من عدم جدوى تلك المقابلة . وبما أنه ليس من عادتي الإصغاء لنصائح الآخرين ، فلقد تقدمت إلى تلك المقابلة بقلب من حديد . 

  أنتظرت دوري ، مع الكثيرين غيري ، أمام باب المكتب في السوربون الرابعة ، حيث كان يدرس أركون ، حتى حل مساء ذلك النهار ، وتعب الجميع ، ورأيت بيومها الطلبة يخرجون تباعاً من عنده مطأطئي الرؤوس لينصرفوا على استعجال ، ودون إخبارنا عن نتائج الموضوع الذي أتوا من أجله .

  كنت في آخر الدور ( وهذا يحصل معي كثيراُ أن أكون في الآخر ، بل غالباُ ما أكون في الآخر ، دون أن أدري لهذا تفسيراً معيناً ، لكنه ليس موضوعنا اليوم ) . المهم ، أن السكرتير الذي اتخذ من ركن تحت الدرج مكتباً له ، هو عبارة عن طاولة صغيرة لا يمكن لك أن ترى منها شيئاً ، لما يتراكم فوقها وتحتها ومن حولها من أكوام هائلة من الكتب والملفات ، يحشر نفسه بينها ، تتخيله كأنه ولد هناك ثم كبر جسمه وامتلأ ، لأنك لن تجد تفسيراً آخر غير هذا لكيفية تمكنه من الدخول فيما بينها ، ولا لدرجة الشبه الكبيرة التي تجمعه بها . المهم أنه ، المسكين ، كان قد ضاق نفسه يومها ، وتأخر به الوقت ، فودع آخر من خرجوا من المهزومين ، ثم نظر إلى آخر الجمع المتبقي ، فلم ير في الميدان ( الميدان هنا هو الرواق الذي كنا نتواجد فيه ) ، غيري وغير طالب آخر ، فخطرت له فكرة  بمنتهى الإنتهازية ، وهي أن يدخلنا سوياً ليتمكن هو من الإنصراف في الحال .

  تقدم ذلك الشاب قبلي ليسبقني ، وبقيت أنا خلفه على بعد خطوات قليلة أنتظر بقرب الباب .... اقترب هو من أركون الذي كانت تبدو عليه سيماء الضيق والضجر ، والذي كان يتشاغل بأوراق على مكتبه ، المثقل هو الآخر بكتب وملفات لا يعلم حجمها  ووزنها إلا الله وحده ، ومصباح نور خافت يضيء به ما أمامه فقط من أوراق ، ويترك كل ما عداه لمصيره المظلم .

  انحنى ذلك الشاب ( لأنه كان طويل القامة ) فوق المكتب ، ليسر لأركون ببضعة كلمات ، أظنه قالها باللهجة البربرية لقبائل الجزائر ، لأنني لم أفهم منها شيئاً ( مع أنني كنت مصغية بانتباه ) ، قالها وهو يقدم له بحثه الذي نال عليه شهادة الدراسات المعمقة من السوربون الأولى ، هو أيضاً .....

  تناول أركون منه الكتاب ، وتصفحه على عجالة  ، ثم نظر إليه نظرة قاتلة ، فهمت للتو بأنه لن يشفى منها قبل وقت طويل ، و قال له :

  ـ من أعطاك هذه الشهادة ? .... السوربون الأولى ? لم اكن أعلم بأنهم يوزعون الهدايا المجانية هناك ! هذه هدية وليست شهادة ، هذا عمل لا يستحق أية شهادات ، خذه وافعل به ما شئت لكنه بنظري لا يستحق أية شهادة ، هذا ضحك على الذقون .....( هذه الترجمة للمقطع الأخير من الجملة تصرفت بها من عندي للضرورة الجمالية ، ولأنكم تعلمون بأنه لا يوجد للفرنسيين ذقون يضحكون عليها ) .

  كان يتكلم بغضب وانفعال ويزأر بوجهه كالأسد الجامح ، ولا أدري كيف ، ولا بأية أعجوبة ،  استطاع هذا الشاب المسكين بأن يظل واقفاً على رجليه أمامه ، حتى استعاد أوراقه ، ولا كيف جمع أطرافه الطويلة ولفها من حوله ، قبل أن يتوجه بها إلى الباب لينصرف ، متعثراُ بخطواته ، ومن دون وداع .

  بقيت وحدي واقفة أمامه ، في ذلك المساء الحزين الماطر ، أضرب أخماساً بأسداس ، وأندب حظي العاثر الذي أتى بي إلى هنا . وصار الندم يأكلني لأنني لم أستمع إلى نصح الناصحين وأصريت على الحضور لمقابلته : أنا أيضاًُ عندي الشهادة عينها من السوربون الأولى ، وجئت لنفس الطلب ، ولا أظن بأن بحثي سيعجبه ، فكيف أخرج من هذه الورطة ? من سينقذني من لسانه اللاذع ? سيقول لي حتماً ما قاله له ، سيؤذيني بكلامه وربما أبكي من الخجل ، فكيف  أفعل ? ......... ولما صارت فكرة الهروب المفاجئ تراودني ، صرت أنظر إلى الخلف ، أعد الخطوات التي تفصل بيني وبين الباب .

 لكن نفسي أبت علي الهروب ... هي تنصب لي الفخاخ  دائماً وأنا أتبعها لا مبالية ... لكن لا ، لقد حزمت أمري ، وتذرعت بالشجاعة وعدم الاكتراث ، ثم تقدمت نحو المكتب بخطى واثقة وأنا أبتسم ، ( لكن هذه الخطى الواثقة والابتسامات الملونة المستجدية للعطف ذهبت كلها أدراج الرياح  لأن أركون لم يكن قد تنازل بالنظر إلي حتى حينها ، بل كان قد عاد إلى أوراقه التي شغلناه عنها يحدق فيها مقطباً ما بين حاجبيه ) .......

  ـ مساء الخير أستاذ أركون .... قلت وأنا أدعي المرح

  ـ نعم ? إني أسمعك ! قال متضجراً ودون أن يرفع رأسه عن أوراقه .

  ـ أنا أيضاً معي هدية ، أعطوني أياها من السوربون الأولى فماذا أفعل بها ، أرميها ??? قلت دائماً بلهجة المزاح .

  عندها فقط رفع رأسه عن أوراقه ونظر إلي ، فرسمت على وجهي ابتسامة بلهاء كانت كل ما تبقى في جعبتي من محاولات يائسة قبل الإستعداد للرحيل . ورأيته ينفجر بالضحك ، يترك قلمه أوراقه ليستلقي بمقعده إلى الخلف ويضحك .... كان يضحك كالطفل الصغير حتى تساقطت دموعه الغزيرة تحت نظارتيه ، فعاد بكرسيه إلى المكتب من جديد ، ونزعها عن عينيه ليمسحها طويلاً ثم ليمسح عينيه مرات ومرات ، وهو يقهقه لا يزال ، وظل يفعل حتى تمالك نفسه من جديد ، فأعادها إلى عينيه ، ونظر إلي نظرة مختلفة هذه المرة وقال :

  ـ إسمعي ، أنتم بمثابة أولادي ، وأنا لا أحب أن أغشكم كما يفعل الآخرون . هذه الشهادات التي يوزعونها مجاناً عليكم ليست في مصلحتكم . انظري ! هل يتعاملون بنفس الطريقة مع طلابهم ? قطعاً لا ! يتعاملون معنا على أننا عالم ثالث ويمنحوننا شهادات لا قيمة علمية لها سوى أنها ستكون أداة للتوظيف لأن من سيحملها سيعلم في جامعاتنا وليس في جامعاتهم ، بل وربما سيصبح وزيراً ومديراً عاماً بل وربما رئيساً للجمهورية وهو لا يعرف شيئاً . لماذا سيضيرهم هذا ? قولي لي ها ! لا شيء ، لا شيء . هذا سينفعهم ويضرنا نحن ، ونحن سعداء بالحصول على الشهادة بل إن هناك من يظن نفسه قد أصبح فعلاً عالماً ومفكراً لمجرد حصوله على اللقب ...... أنا أريدكم أن تتعلموا فعلاً ، أن تجتهدوا وأن تبحثوا وأن تعملوا عقولكم ، أن تستفيدوا من الفرصة المتاحة لكم هنا لتثقفوا أنفسكم ولتصبحوا بمستوى لائق فعلاً وليس فقط للحصول على الشهادات .

  كان هذا أول درس تعلمته من محمد أركون ، لأنني ورغم أنه لم يقبل الإشراف على أطروحتي ، إلا أنني ثابرت على متابعة محاضراته في السوربون الرابعة لمدة سنتين متتاليتين ، وكانت محاضراته كنزاً ثميناً جعلني أكتشف طريقة أخرى في التفكير والبحث النظري فتحت عيوني على جملة من الحقائق ما كنت لأتمكن يوماً من ملاحظتها والإنتباه إليها لولاه .

  شهادتي له اليوم بالنزاهة والرغبة الصادقة في تعليمنا مما اكتسبه من المعارف التي توصل  إليها بجهده الدؤوب ، وواجبنا نحوه هو كل الإحترام سواء إتفقنا معه أم لم نتفق .

 

   

*ضياء
1 - يوليو - 2006
الذكريات و النبيذ المُعتق تزداد جودتهما مع مرور الزمن....    كن أول من يقيّم
 
 

مساء أمس، و حول طاولة المطبخ المُطِل على حديقة بيتنا الخلفية كانت المناقشة دائرة عن مرض النسيان بين اثنتين من صديقاتي..."سيلفيا" التي ما يزال بينها و بين سن الرابعة و الخمسين أسبوعين، كانت تخبرنا عما تعانيه من  ضعف ذاكرتها مؤخرا،ً موجهة اللوم إلى المأكولات المليئة بالمواد الكيمائية التي (على حد تعبيرها) تفتك (ببطىء) بالخلايا الدماغية مما يجعلها لا تذكر ما فعلته ليلة أمس أو ماذا ستفعله غداً.... و بإنفعال و جدية، أقسمت مئة "يمين عظيم" بأنها لن تتناول بعد الآن سوى الخضار المزروعة بمساعدة المواد "العُضْوية" الطبيعية.... و بنفس الإنفعال و الجدية، مدت يدها إلى صحن الحلويات أمامها و إنتقت أكبر قطعة لتأكلها في لقمتين سريعتين... متذمرة من كثرة حلاوتها، صَبَّتْ لنفسها  فنجان من الشاي المحلى بملعقتين (لا أقل) من السكر، و شربته دفعة واحدة.

 

"منى" التي تصغرها بخمسة أعوام...نظرت إليها و الغمزة الشقية تتراقص في عينيها...و أجابتها : لا تقلقي عزيزتي، بإستطاعتك الإعتماد علي، سأطرق باب بيتك بعد أسبوعين مع قالب الكاتو و أربعين شمعة و أذكرك ...

 

بعد فتور الضحكات المرحة تنهدت "سيلفيا" و بصوت يسكنه الحنين، و شوق العودة إلى زمن كانت تأفف فيه من أيام كانت تمر كدهر بين العيد و العيد لميلادها، بدأت تستعيد ذكريات كانت مجرد أحداث صغيرة و متفرقة هنا و هناك آنذاك.

عبر نافذة المطبخ المطل على حديقتنا الخلفية، بدأت جوقة من العصافير بالتغريد الجماعي الذي هو جزءا من الطقوس التي تمارسها كل مساء قبل الإستقرار في أعشاشها الدافئة، مودعة الشمس المنحسرة أمام جحافل الليل، إستعداداً لإستقبال صباحاً جديداً يُعيد الشمس إلى عرشها.....

 

ما أن رقدت الطيور حتى عاد صوت سيلفيا المليء بالمشاعر المتضاربة ما بين الشوق و التمني يملأ آذاننا الفضولية. كانت تتكلم عنه... و بضحكة طرية و دافئة أعلمتنا بأن ألقابه كانت كثيرة و متنوعة و لكن اللقب المفضل لدى نساء الحارة التي كانت تسكن بها، كان أدونيس و رشدي أباظة...معاً.

 

""""كان يأتي لزيارتنا معظم أيام الأسبوع... على شرفة منزلنا حيث كانت والدتي تجلس كل صباح في أيام الصيف مع ركوة قهوة صغيرة (كفاية لثلاثة فناجين) و سيجارتين قبل البدء بالأعمال المنزلية و الطبيخ، كنت أجلس معها و بيدي فنجان من الشاي أو من السحلب، لأن القهوة و السجائر هي "للكبار فقط". كانت (رحمها الله) تدخن سيكارة واحدة مع فنجان واحد من القهوة بمتعة واضحة و هي تراقب أهالي الحارة ماضون في أعمالهم. أحيانا،ً كانت تتبادل الكلام مع جارتنا المتربعة على كنبتها في شرفة البناية المقابلة و الحديث كان دائماً عن الطعام: ماذا ستطبخين اليوم?? لحمة الكبة التي أشتريتها من "يونس" اللحام منذ يومين لم تكن طازجة و "سيسمع مني بكل تأكيد".. و متى سنبدأ بسلق القمح و تقطير ماء الزهر و إلى آخره من أولويات كانت تُشْغل رأس ربات البيوت الفخورات بمهارتهن في البيت و في السوق. كل ذلك و أنا في حالة طرش متعمدة، أراقب الطريق منتظرة زيارته. 

 

كنت به.. فخورة و معجبة. طويل القامة، رياضي الساعدين، أسمر الوجه كسنبلة القمح في أواخر أيلول، وبركتين من العسل الحادق تركتهما نحلة أضلت طريقها إلى قرص العسل تحت جبهة ملكية، كم أحببت عينيه. لم يكن يتمتع بأنف مستقيم و أعتقد أن ذلك كان مقصوداً من خالقه، فصفة الجمال لم تكن صفة يرغبها و بأنفه المعقوف قليلاً كنت أرى شموخ نسر على قمة جبل حاضن فراخه برقة الحب.

 

كانت زيارته تتواكب دائماً مع زيارات متعددة من معظم نساء حارتنا. واحدة منهن كانت تأتي دائماً و بيدها طبق من الحلويات أو المعجنات الشهية، فهي مشهورة بجودة الطهي و تنويعه في شارعنا...أذكر بسمتها و بهجتها عندما يتقبل منها (في حالات نادرة) قطعة من الفطائر، و لم أكن أفهم تأفف والدتي مما كانت تسميه: "قلة الحياء في نساء هذا الجيل"، و كانت تُظهر إمتعاضها بوضوح يقابله تجاهل متعمد من "نساء هذا الجيل". أما هو فقد كان دائماً جاداً و دائماً مستفسراً و متسائلاً عن إحتياجاتنا و دائماً كريماً تماماً كالنسر الشامخ مع فراخه.

كان دائماً عميقاً في أحاديثه معنا (نحن الأولاد) مع الحفاظ على روح الدعابة التي كان يتحلى بها. لم نكن نخشاه وإنما خشينا خيبته بنا.

 

والدتي... جالسة في شرفة منزلنا مع ركوة قهوة تكفي لثلاثة فناجين و سيجارتين... كانت دائماً بإنتظاره.. عندما ترى قامته تملأ رأس الحارة حتى يضمحل كل من فيها، كنت أرى الفخر و الإعتزاز يتربعان في عينيها...و تسارع إلى "سكب" فنجان القهوة الذي ما أن ينتهي من شربه حتى تسارع بإملائه ثانية و تقدمه إليه مع السيجارة "المنتظرة"... و يتقبلها منها لأنه كان يعلم أن ذلك يفرحها... لقد جاء شقيقها لزيارتها... و نساء الحارة??? إلى جهنم، كانت تقول، لا يستأهلن حتى قلامة ظفره..."""

 

 

و توقفت سيلفيا عن الكلام. في عينيها، رأينا عمق ما كان يجيش في صدرها. زمن بريء و رابط من الماضي يتفاعل مع الحاضر و يؤثر على مستقبل لا تزال أيامه في رحلة التكوين.

 

رَحَلَتْ والدة "سيلفيا" إلى جوار خالقها و هي تُعَرف عن نفسها: إسمي عزيزة العلي، شقيقة سليم.

 

لقد كانت فخورة.... و ما تزال........................

salwa
4 - يوليو - 2006
ضرب زيد عمـرا..    كن أول من يقيّم
 

وهكذا اختار زين الدين زيدان أن ينهي مشواره الرياضي !!

ليبرهن على أنه عربي 100/100 .

*زكرياء -ابني- برر له فعلته لأن ذلك الايطالي ماتراتزي سب

الإسلام و المسلمين - حسب موقع كووورة -

*ترى ما رأي : فــداء ، يــوسف  ، جــواد ???

-وإليكم هذه الصــور :


 

*abdelhafid
10 - يوليو - 2006
هذا هو زيدان ، كل زيدان    كن أول من يقيّم
 

 

عندما وجه زيدان هذه اللطمة للاعب الإيطالي ، وكنا جميعاً نشاهد المباراة ، نظرت إلى جواد ، ونظر إلى وانفجرنا بالضحك ....... كانت لطمته قوية ، عبر فيها عن شعورنا بالضيق .

جواد رياضي ويلعب الباسكت بول وهو هادىء بطبعه وليس إنفعالياً ، ولقد قال : هذا غباء ، لكنه كذلك !

لا أعلم إذا كان ذلك الإيطالي الأرعن قد سب الإسلام ، أو أم زيدان ، أو صلعته ، المهم أنه تجاوز الخطوط الحمراء التي يتحملها ، فقام بردة فعله . هي ردة فعل عنيفة وغير مدروسة طبعاً ، وكانت نتائجها خطيرة على بقية المباراة ، لكن المباراة كانت هي زيدان وأسلوبه في اللعب ، وزيدان هو هذا وهي ليست المرة الأولى التي نراه فيها على هذه الصورة . زيدان الذي يربح بمهارته التقنية ، ولكن أيضاً بذهنية القائد الذي يشبه الأب ، يفكر على مستوى كل اللعبة ، يدير وينظم ويوزع الطابة ولا يستأثر بها ، وبذهنية الرجل المتفوق ، الذي جعلته تهكمات الصحافة الإسبانية يفيق من سباته ، ويتجاوز خلافاته مع دومينيك ، ويتجاوز وضعه الصحي ( لأن زيدان يشكو من مرض وراثي ) ويعود ليثبت للجميع بأنه سيد اللعبة وأنهم لا يستطيعون بأن يربحوا المونديال ـ أو يخسروها ـ من دونه .

زكريا يحبه لدرجة أنه يبحث له عن تبريرات وهذا هو المهم . نحن لا نستطيع تجزئة الشخصية الواحدة وهذه الشخصية التي أمامنا قد وجدت توازنها بأن وضعت لنفسها خطوطها الحمراء التي لا تسمح لأحد بتجاوزهاعلى هذا المستوى ، يعني بأن العقل يتوقف عندها وما تلاه فهو الغريزة وردة الفعل . وعلى هذا المستوى يكون الفرق بين إنسان وآخر ولاعب وآخر .

   لا أرى ما يخجل في الموضوع يا عبد الحفيظ المثالي ، وزيدان هو من فرسان الطاولة المستديرة ، شاء من شاء ، وأبى من أبى .

 

*ضياء
10 - يوليو - 2006
لحظة حرية    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 

 

  الصيف عاد ، وآذن الوقت بالرحيل ......... العطلة الصيفية دقت على أبوابنا وأمرتنا بأن نتجهز : نفضت سجادتي الوحيدة ، ووضعت بداخلها ألواحاً من الصابون المعطر ، هي آخر طريقة وجدتها لحمايتها من العت والحشرات الضارة دون اللجوء إلى النفتالين برائحته المزعجة ، ثم طويتها ، وركنتها إلى جنب ، حتى أيلول القادم .

  ستكون هذه أخر مشاركاتي ، إذاً ، قبل أيلول المقبل .

  حتى ذلك الحين ، كونوا بخير ، سأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، وأتمنى للجميع صيفاً سعيداً .

 

لحظة حرية 

  سأحكي اليوم سيرة آخر معركة حضرتها في طرابلس العام 1983 ، وذلك قبل أن نغادر جميعنا لبنان ، تباعاً  ، في العام الذي تلاه . كانت المعركة هذه المرة بين أبو عمار والسوريين ، ولقد ذهب ضحيتها عشرات القتلى ، ودمرت فيها أجزاء من هذه المدينة العريقة ، لكن هذا كله تحصيل حاصل لا يقتضي ربما التنويه ........ إلا أنني تذكرته ، وتذكرت ذلك الشعور المحبط بالقسوة ، واليأس من رحمة الإنسان ، وأنا أقرأ كلمات الأستاذ زهير التي هزت وجداني في قصيدته : عقد تموز ، وبشكل خاص عندما قال :

حـدثـان  لا iiأنـسـاهـما ما عشت في عصر الكسوف
قـصـف المنازل في iiالظلا م  ومـشـهـد الرد iiالعنيف
فـي  رقـبـة الصحفية iiال شـقـراء تـذبح iiكالخروف
وفـضـيـلـة  iiمـصلوبة فـي  ثـوب عاهرة iiعيوف

  تلك الذكرى ، التي سأروي بعضاً من تفاصيلها ، هي شهادة التاريخ على ما عشناه ونعيشه في واقعنا من عبث يومي . لأن هذه الواقعة ، حدثت بعد عام واحد فقط من الإجتياح الإسرائيلي لبيروت ، والذي كان بنتيجته ترحيل المقاومة الفلسطينية عن لبنان .....  حملوهم بيومها على مراكب في البحر ، كما نحمل عندنا في طرابلس صناديق البرتقال على السفن المهاجرة ، إلى تونس ، الخضراء هي أيضاً ، كمثل ربوعنا . وقع هذه المأساة كان جرحاً في قلوبنا وفي  وجداننا ، عشناه ولا نزال كطقوس ملحمة كبرى أرجو أن أنجح بالتعبير عنها يوماً .

  لكن عرفات ، كان قد عاد إلى طرابلس ، بإيعاز من الخميني هذه المرة ، لمحاربة " المارقين "  ، أي السوريين وتحت شعار طائفي ???   لو سعيتم إلى تفسير هذه الشعارات فلن تفلحوا أبداً ، صدقوني ، لأنها " ضحك على الذقون " ، ولأنها مجرد شعارات للإستهلاك الوقتي ، وهي الشجرة التي تخفي وراءها غابة المصالح وشبق السلطة والنفوذ الذي لا يعرف من العقائد إلا منطقه الخاص ، وهو منطق القوة الغاشمة ....... كانت طموحات الخميني بتلك الفترة ، أكبر من الدور السوري في لبنان ، وكان يريد تجاوز حاجته إليهم . الباقي هو للتعمية وإثارة الأحقاد .

  كان القصف قد اشتد على المدينة لدرجة لا تطاق ، حتى غادرها اكثر أهلها إلى المناطق المجاورة ، عكار ، الضنية ، الكورة ، وسوريا ..... جميع أهلي كانوا قد غادروا ، وبقي أخي الكبير بهدف حماية البيت من السرقة ، فقررت البقاء معه لأنني لم أكن أطيق هذا الترحال القسري ، ولقد اضطر بأن يذعن لعنادي مجبراً .

  وفي هذا اليوم الذي أردت الحديث عنه بالذات ، كان القصف قد تركز على شارعنا بشكل مخيف في منطقة الزاهرية ، وذلك لعلمهم بوجود عرفات فيه . فعرفات كان قد عاود إحتلال مركز       " قوات الصاعقة " التابعة للسوريين ، واحتمى في منزل صغير ، في زقاق بين البيوت ، في شارع لطيفة ، وأصبح خلال إقامته في جيرة الأهالي ، يفتي ويحكم في قضايا الزواج والطلاق والخلافات الزوجية والعائلية . وحاكت مخيلة الناس البسطاء في حينا أساطيرها حول عرفات الداعية في هذه المرة ، وحكايا تقواه وورعه ، وكيف يصوم ويفطر على سبع تمرات ، ومنهم من قال تسع حبات من الزيتون ...... والله أعلم .

  لم يعد البقاء في البيت ممكناً ، وتيرة القصف كانت قد اشتدت لدرجة أننا بتنا نشعر بأن البناية برمتها كانت تهتز وتتداعى . كنا في الطابق الرابع ، وكان قد أصبح من الخطورة بمكان البقاء في الطوابق العالية . اضطررنا للنزول إلى الملجأ ، وكانت تلك المرة الأولى بعد عشر سنوات من الحرب الضروس أن نضطر للنزول إليه . 

  كان ملجأ بنايتنا قد تحول ، ومنذ زمن طويل ، في القسم الأكبر منه ، إلى برادات للسمك واللحوم المجلدة . وكان هدير المحركات اللازمة لتشغيل هذه البرادات ، ومن ثم هدير مولدات الكهرباء اللازمة لتشغيل هذه المحركات ، بما أن الكهرباء كانت مقطوعة ، تصم الآذان ........ ملجأ كئيب بأنوار خافتة وهدير محركات ، وروائح سمك وعفونة تختلط برائحة نفاذة ، قاتلة ، عرفت فيما بعد بانها رائحة السم الذي يضعونه لقتل الجرذان .

  هناك ، رأيت جمعاً من الناس لا أعرفهم . بمجملهم ، كانوا من عائلات المقاتلين الفلسطينيين الذين رافقوا عرفات في مغامرته تلك ......... نساء وأولاد يتصايحون ليسمعوا بعضهم البعض ،  ويعجون بالمكان . لم أشأ النظر إلى وجوههم في ذلك اليوم ، لم يكن عندي طاقة لأن أرى أو أتعاطف مع أي مخلوق . كان الضيق الذي يعتريني أكبر من الحزن ، واكبر من العطف ، واكبرمن الشفقة ، وأكبر من العقل حتى ، بل كان ذلك الضيق من النوع الذي يدفع بالإنسان للقيام بتصرفات جنونية .

  نظرت إلى أخي الذي كان بقربي ، يستند بمؤخرته إلى جرة غاز فارغة ، يتلفت حوله وبيده رزمة من المفاتيح هي كل ما نملك ، يعبث بها وينقلها من يد لأخرى بعصبية ظاهرة . كان بجلسته ، يستطيل بجذعه إلى الأمام بوضعية من يتأهب للقيام ، و يستدير برأسه من حوله بوضعية من يبحث عن مخرج . ولما التقت عينانا في ذلك الجحر المظلم ، رأيته ينهض بدون كلام ، وأنا أتبعه بصمت ، لا مبالية بكل ما كان يجري من حولنا في ذلك المكان القذر والمزدحم بالخوف والبؤس .....

  في مدخل البناية ، كان " خليل الوزير " أبو إياد ، الذي اغتاله الموساد في العام التالي في تونس ، يدلي بتصريح لصحافيين أجانب يحملون على اكتافهم كاميرات ضخمة ، ويتحلقون من حوله وهو واقف بباب سيارة مرسيدس ، من حولها مرافقيه . كان ما يقوله هو آخر ما يهمنا في هذه اللحظة المصيرية التي كنا نسعى فيها للخروج من هذا الجحيم .

  لا أدري بأية أعجوبة استطاع أخي إخراج السيارة الرينو 5 الصغيرة من الكاراج وذلك عائد بدون شك لصغر حجمها . إنطلقنا بها باتجاه مستشفى البيسار ، ثم مبنى البلدية ، ثم ساحة التل . لم نر في طريقنا غير الصحافيين المتلطين في مداخل البنايات ، ببشرتهم التي لونتها شمسنا السخية ، وشعورهم الشقراء ، وكاميراتهم الهائلة ، وعيونهم النهمة التي ترصد أدنى حركة في الشارع .

 لم يكن في الشارع غير تلك السيارة المجنونة التي كنا بداخلها ، نقايض الموت بالحرية . وعندما وصلنا إلى مفرق البحصاص ، بعد أن قطعنا الأوتوستراد العريض المكشوف تماماً للقنص ، والتففنا بحركات بلهلوانية من حول الثقوب التي كانت القذائف قد أحدثتها في أسفلت الشارع ، والتي كانت لا تزال تتساقط من حولنا كالعناقيد الناضجة . عندها فقط ، ولبرهة وجيزة ، اجتاحني إحساس عارم بالخلاص . لحظة الحرية هذه ، المشبوبة بالتوتر ، كانت إحساساً فريداً عشته في حياتي أذكره بارتياح ، رغم كل ما خالطه من الحماقة .

وطـنـي أقـلـني من وقو

 

فـي طال يا وطني iiالوقوف

لـمـا  رأيـتـك في iiالهوا

 

ن خرجتُ من كل iiالصفوف

  هذه الكلمات الخالدة أيضاً ، لن انساها ما حييت .

  إلى اللقاء .

 

 

*ضياء
11 - يوليو - 2006
أجازة سعيدة 000يا أم آريان    كن أول من يقيّم
 

  السيدة الفاضلة /أم آريان

    لى عندك طلب ،قبل أن تأخذى أجازة الصيف وتتركينا يتامى جوعى عطشى ،

  هذا الطلب المصيرى 0أشوف السجادة الخالدة خلود الأهرام وأبو الهول ،

  إنها أصبحت إحدى معجزات الدنيا 0

 نفسى أشوفها قبل ما أموت وإلا سأخسر الكثير الكثير 0

ممكن أتنازل وأتواضع وأ شوف صورتها على الأقل فى الوقت الحالى 0

لأن السفر مكلف جدا جدا جدا ،وأنت _أختى العزيزة _تعلمين كما قلت مرارا وتكرارا

أن الإفلاس شعارنا الخالد خلود الأهرام وأبو الهول وسجادة أم آريان 0

  أجازة سعيدة وسلامى الحار إلى زوج أختى وأبنائى أبناء أختى (آريان وجواد وفرح )0

 

*عبدالرؤوف النويهى
11 - يوليو - 2006
سجادة ضياء    كن أول من يقيّم
 

عبد الرؤوف سألتَ في سجادةٍ هي في القصور أميرةُ iiالسجادِ
سـتـباع  يوما بالمزاد iiكأنها ثـوبُ  الرشيد يباع في iiبغدادِ

*زهير
11 - يوليو - 2006
سجادة جواد    كن أول من يقيّم
 

لأمـيـرة السجاد عند أميرتي عـهـد الـفرند بذمة iiالأغماد
كبساط  شعري مترعٌ iiبعبيرها كـانـا  من الدنيا على iiميعاد
لا شـك فـي إيماننا iiبخلودها الـشك كل الشك في iiالإلحاد
أوصـي جواد بحفظها iiمطوية عـن  أعـين العذال والحساد
هي كل مهر حنان، في إيوانها إيوانُ كسرى يوم عرس iiجواد

*زهير
11 - يوليو - 2006
 3  4  5  6  7