البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : اللغة العربية

 موضوع النقاش : دعوة للاقتصاد في استخدام علامات التشكيل في الخط القياسي    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )

رأي الوراق :

 سليمان 
3 - يونيو - 2006

تمتاز الكِتابة العَرَبيّة بأقصى دَرَجة من الدِقّة في ضَبط الألفاظ مما لا يمكِن أن نجِد له مَثيلا في مُعظَم لُغات العالَم المَكتوبة . ويرجِع السَبَب في ذلك إلى تَوَفُّر رَمز كِتابيّ لكلّ صَوت من أصوات الكَلام سَواء منها الصَوامِت والحَرَكات . ومع أنّ العَرَب لم يكونوا يعبأون في بِداية عَصر التَدوين بإثبات رُموز للحَرَكات القَصيرة، لاعتِمادهم على السَليقة اللغَويّة التي تهديهم إلى الوَجه الصَحيح من وُجوه ضَبط الكَلام، إلا أنّهم اضطُرّوا إلى إضافة هذه الحَرَكات بعدما فَسَدت سَلائقهم نَتيجة لاتِساع نِطاق الدَولة الإسلاميّة واشتِمالها على أُمَم لم يكن لِسانها في الأصل العَرَبيّة ، وكان أن وُضِعت رُموز لهذه الحَرَكات ابتَدأت بنَقط أبي الأسود الدؤَليّ للمُصحَف، نَقط إعراب، ثم اكتَمَلت بعلامات التَشكيل الثَمانية التي ابتَكرها الخَليل بن أحمد .

ونحن في لُغَتنا اليَوميّة، وفيما يُسَمّى بلُغة الصَحافة، لا نحتاج إلى عَلامات التَشكيل إلا في القَليل النادر. وعلى نَحو من ذلك كان العَرَب في الجاهِليّة وأوّل الإسلام في غِنى أيضا عن هذه العَلامات وعن عَدَد آخَر من الأحرُف التي ترمِز لأصوات العِلّة الطَويلة؛  بل وحتّى عن نُقَط الإعجام التي تتَمَيّر بها بَعض الحُروف من بَعض، كالباء عن الياء عن التاء عن الثاء ونَحو ذلك من الحُروف المُتَشابهة؛ مما كان يجعل الكتابة في ذلك الزَمان أقرَب شَيء إلى الإختِزال .

ولكنّنا اليَوم لسنا كالأوائل سَليقة ، كما وأن الأُلفة بأنواع أخرى من الكِتابة ليست كالأُلفة بالكِتابة الصَحَفيّة  ، ولذلك فنحن في حاجة إلى قَدر من عَلامات التَشكيل التي تزيل غُموض المَعنى في مِثل هذه الأنواع من الكِتابة العِلميّة والأدَبيّة، وفي الوَقت نَفسه لا تثقل النَصّ المَكتوب والمُزَركَش بعَدَد من هذه العَلامات .

ولتَحقيق هذا الهَدَف اقتَرَح بَعضهم فِكرة التَشكيل الجُزئيّ للكَلِمة بحيث يأمَن القارئ اللَبس في نُطقها ومن ثمّ في فَهم مَعناها، ولكنّ هذا التَشكيل الجُزئيّ لم يكن مَبنيّا على قَواعِد عامّة مَعروفة، وبَدَلا من ذلك فقد ظَلّ مَتروكا للكاتِب وَحده لكي يقَرّر بنَفسه نَوعيّة وقُدُرات الجُمهور الذي يقرأ له على فَهم مَضمون كَلامه .

وقد بَدا لي أنّ في الإمكان تَحقيق الغاية القُصوى من أمن اللَبس في نُطق الكَلِمة وفَهم مَعناها من خِلال تَشكيل جُزئيّ يعمَل عَمَل التَشكيل الكامِل وخاصّة إذا ما تَمّ الاعتِماد على فَهم خَصائِص الأصوات اللُغَويّة ومَعرِفة عَلاقتها مع بَعضها البَعض ، ومن ثمّ استِثمار هذه المَعرِفة وذلك الفَهم في تَحقيق مَبدأ الاقتِصاد في استِخدام عَلامات التَشكيل والاقتِصار منها على ما من شأنه أن يعطي وُجوها مُتَباينة من القِراءة لو تُرِك الحَرف خَلوا منه .

وعَلامات التَشكيل التي سنعمَل على تَقليل استِخدامها إلى حَدّه الأدني هي الفَتحة والكَسرة والضَمّة والسُكون والشَدّة والمَدّة وعَلامة الصِلة والهَمزة . وهنا يجِب التَنبيه إلى أنّ الشَدّة والهَمزة لا يمكن الاستِغناء عنهما في النِظام الكِتابيّ؛ لأنّهما تدُلان على حُروف بأعيانها، وليستا عَلامات تَلحَق بحُروف دون حُروف . فالفِعل الثُلاثيّ ( كَسَر) يصبِح رُباعيّا إذا وُضِعت الشَدّة على السين هكذا : ( كَسّر ) بينما يبقى ثُلاثيا سَواء كانت الكاف مُشَكَّلة بالفَتح أو بالسُكون . غَير أنّنا يجِب أن نتَنَبَّه  إلى أنّ تلك الشَدّة التي يثبِتونها على الحَرف التالي للام التَعريف حين يكون من الحُروف الشَمسيّة يُعتَبَر من قَبيل الخَطأ لأنّ فيه زِيادة حَرف غير لازِم ، ويُغني عنها أن نلتَفِت إلى مُراعاة ظاهِرة الإدغام . وأما بالنِسبة  للهَمزة، وهي رأس العَين التي تدُلّ على الحَرف الذي لم يكن له في بَعض المَواضِع من الكَلِمة رَمز مُعَيّن يخُصّه وَحده، فإنّ بَقاءها ضَروري للتَفرِقة بَينها وبَين ألِف المَدّ أو ألِف الوَصل .

ويمكن أن نضيف إلى هذين الرَمزَين رَمز المَدّة ، وهو ما يدُلّ على حَرف بعينه هو ألِف المَدّ الذي يرِد بعد الهَمزة حين يكون مَوقِعها أصلا في أوّل الكَلِمة ، وهو مَثَله مَثَل الشَدّة وُضِع بَديلا من تَكرار  كِتابة الحَرف الذي يأنَفه نِظام الكِتابة في العَرَبيّة . هذا ، وقد صار للمَدّة مع الألِف قبلها رَمز مَنفَصِل على لَوحة المَفاتيح مما يجعَلُنا نخرِجه من طائفة عَلامات التَشكيل .

وأمّا السُكون فما من عَلامة من عَلامات التَشكيل أجدَر بأن تُحذَف أو تُقصى عن هذا النِظام منه . ذلك أن الحَرف إذا ظَهَرت عليه عَلامة من عَلامات الحَرَكة كالفَتحة والضَمّة والكَسرة صار مُتَحَرِّكا ، فإن خَلا من أيّ من هذه العَلامات خَلا من الحَرَكة بكُلّ أشكالها وعاد ساكِنا ، ولذلك لم يعُد بحاجة إلى رَمز السُكون .

ثم إنّ إثبات عَلامة السُكون التي كانت توضَع على أحرُف المَدّ التي تُدعى في المَفهوم الصَوتيّ الحَديث بالحَرَكات الطَويلة هو من باب التَناقُض الذي يعتَرِف بطَبيعة الحَركة في هذه الأصوات وفي الوقت ذاته يُصِرّ على دَمغها بعَلامة السُكون .

وأمّا عَلامة الصِلة التي توضَع على الألِف المَتبوعة بلام التعريف وفي أوّل الكَلِمات التي تبدأ بصامِتَين نَحو استَعلَم واستِعلام وانطَلق وانطِلاقة وغَيرها ، فلا موجِب لإثباتها . وكذلك هي لا تلتَبِس بألِف المَدّ التي لا تقَع في أوّل الكَلِمة، ولا بالألِف الفارِقة التي تظهَر بعد بَعض الأفعال، وكلّ هذه الألِفات تخلو من أية عَلامة .  ولا شَكّ أنّ من طَوَّروا لَوحة المَفاتيح قد انتَبَهوا إلى هذه الخَصيصة في ألِف الوَصل حيث لم يُعيروا العَلامة التي وَضَعها الخَليل أيّ اهتِمام، وبالتالي فلم يجعَلوا لها مَكانا على هذه اللوحة .

بقيت الحَرَكات الثَلاث وهي الفَتحة والكَسرة والضَمّة ، والظاهِر أنّ من غير اللازِم إثبات أيّ من هذه الحَرَكات  قبل حُروف المَدّ التي تجانسها ، فإذا كانت مَتبوعة بحُروف مُغايِرة لَزَم إثباتها ليؤمَن اللَبس.

ثمّ إنّ هناك  نَوعا واحِدا من الحَرَكة يسبِق التاء المَربوطة هو الفَتحة ، فالفَتحة هنا لا لُزوم لإثباتها أيضا . وكذلك لا لُزوم لتلك الحَرَكات التي يمكِن أن تدُلّ عليها أحكام رَسم الهَمزة .

يأتي بعد ذلك إثبات الحَرَكات الإعرابيّة على أواخِر الكَلِمات وهل يجدُر إثباتها أم يُترَك أمر تَقديرها للقارئ الذي يجِب أن يكون شَدا شَيئا من النَحو يجعَله يمَيِّز ما حَقّه الرَفع في مَوضِع الرَفع وما حَقّه الخَفض في مَوضِع الخَفض وقِس على ذلك مما يمكن تَحقيقه بالقَدر الأساسيّ المَطلوب مَعرِفته من النَحو .

وأخيرا ، فإنّ ثَمّة كَلِمات يمكِن لنا أن نَتَحاشي تَشكيلها وذلك لأنّها أصبَحَت شائعة شُيوعا كَبيرا وانغَرَست طَريقة نُطقها في أعماق النَفس منذ الصِغر نَحو هذا ، وهذه ، وأولئك ، وهؤلاء .. وباختِصار كلّ الكَلِمات التي تُعد في تَقسيم الكَلام من فئة الحَرف . كما يُمكن أن نضيف إليها السَوابق  prefixes كالواو والفاء والسين واللام وغيرها .

ولا بُدّ أن القارئ الآن قد لاحَظ أنّ النَص ّ كُلّه قد شُكِّل  تَشكيلا كامِلا عَبر هذه الطَريقة المُقتَرَحة من التَشكيل الجُزئيّ القائم على القَواعِد العامّة التي بَيّنّاها وليس على مُجَرّد التَقدير الشَخصيّ .

سليمان أبو ستة

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
سلام    كن أول من يقيّم
 

أشرقت بك الأنوار أخي الكريم،

 

  ما ذكرته من ضرورة الاقتصاد في استخدام علامات التشكيل في الخط القياسي، أمر مهم جدا، وقد أتَيت فيه بما لا مزيد عليه، حيث إن الفكرة واضحة ، والانضباط بهذا القدر  له فوائد كثيرة إن أحسنا استعماله .

  ومؤسف حقا ما نراه من عدم انضباط الألسن، فكثيرة هي الكلمات التي تقرأ خطأ، ومن بين أهم الأسباب الموقِعة في هذا المنزلق، التقيد بالحروف والكلمات، دون النظر في المعاني والسياق الذي وردت فيه .

  كنت في مجلس حديث فطلب مُحدثنا من أحد الطلبة قراءة حديث، فقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألحدوا لي لحدا وانصبوا على اللَّبِن نصبا ) فقرأ اللِبن ( جمع لبنة ) بفتح الباء هكذا : ( اللبَنَ )، فقال أستاذنا نعم ننصب اللبَن على القبور، وضحك الجميع .

*سعيد
4 - يونيو - 2006
الاقتصاد في الضبط    كن أول من يقيّم
 

تحياتي للأخ سليمان :

تتدرج المناهج في التقليل من الضبط مع تدرج المتعلم صعدا إلى الصفوف والمراحل العليا ، حتى يختفي الضبط كليا . ولكننا نظل بحاجة إلى الضبط ، وذلك فيما قد يشكل من اللفظ أو يحدث فيه اللبس ، وعندها تبدو ضرورة الضبط الجزئي لبعض الألفاظ .

ولكنني لم أدرك بالضبط ماذا تقصد بـ(الخط القياسي) .. وعلى أية حال ، وبما أنك ذكرت (لوحة المفاتيح) فإنه يحق لي أن أفهم أنك تقصد أحد أنواع الخط العربي على الحاسوب .. وأنت ترى أن كثيرا من علامات الترقيم في الخط الذي اخترتَه للكتابة هنا قد اختلطت بالحرف أو النقط أو الاستطالة ، بينما تجد أن هذا الحرف الذي اخترتُه أو اختاره الوراق هو مما لا مجال فيه لاختلاط الحركة بالحرف . وهذا يعني أن على الشركات المختصة أو من لديهم العلم والقدرة أن يبحثوا عن طريقة لكل نوع من أنواع الخطوط الحاسوبية ، بحيث لا يختلط الضبط بالحرف أو استطالته للأعلى أو الأسفل أو الأمام ، أو لوازمه من النقط وغيرها ، فالحركة والتنوين تختلط بالتضعيف ، والتنوين والفتح والضم يختلط بالتاء المربوطة والهمزة العليا، والكسرة تختلط بالراء والواو والنون والسين وغيرها ، وتتابع ترقيم الحروف القصيرة كالباء والتاء والثاء والنون والياء لو تتابع بعضها في كلمة واحدة ، يؤدي إلى اختلاط كتابي كبير .. وأمور لا تحصر في هذا التعقيب ..

أما المد فهو ضروري ؛ لأنه إذا لم يكتب فقد يختلط بهمزة الوصل أو القطع ، وأما التضعيف ( الشدة) فهي وإن كانت تمثل حرفا فضرورتها كضرورة الحركة لأنها صارت تدرك بالفطنة والتجربة كالحركات ، وحتى التنوين وهو يمثل حرفا أيضا ، فضرورته كضرورة الحركة أيضا ..

أي إنني مع موافقتي على حذف ما لا ضرورة له من الضبط والشكل في الكتابات المتوسطة والعليا ، أرى أن يعامل التضعيف والتنوين معاملة العلامات ، على أن نعنى بهما أكثر قليلا من الحركات . أما المد فلا تهاون فيه البتة ، مع ضرورة برمجة ذلك حاسوبيا بشكل مناسب .. وشكرا ..

*داوود
5 - يونيو - 2006
توضيح    كن أول من يقيّم
 

نعم ، أخي سعيد ، إن تشكيل الكتابة ضروري لإقامة اللفظ ، وحماية اللسان من الزلل في نطقه، وأذكر أن أستاذا في إحدى الجامعات العربية كان كثيرا ما يتذمر من كثرة ما يسمع على ألسنة الطلاب اسم أبي نُواس يُلفظ بشدة على الواو هكذا :( نوّاس )، ولعل ذلك يجعل أخي داوود يقتنع معي بأن الشدة ضرورية في الكتابة ضرورة حروف الكلمة نفسها وأنه لا يستغنى عنها كما يستغنى عن بعض الحركات اجتزاء بقواعد تدل عليها، أما الحديث الذي أوردته فظني أنه لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قاله في مرضه الذي هلك فيه وتمامه : "كما صُنِعَ برَسولِ الله صَلّى الله عليه وسَلّم".

وأما فيما يتعلق بملاحظة أخي داوود حول أنواع الخطوط الحاسوبية فأنا أوافقه الرأي على أن بعضها لا يُظهر التشكيل على وجهه المقروء ، وبعضها ، كهذا الخط الذي استخدمه الآن ، يُخلّ بالكتابة إذا استخدمنا بعضه على أحرف معينة نحو (علاّمة) فإن الشدة فيها وقعت على ألف (لا) وليس على اللا م ، فإذا أردت أن تثبها على اللام ثم تنتقل إلى الألف بعدها فإنها تصبح هكذا : ( علّامة ) ، ولعل ذلك راجع إلى أن الحاسوب يرى في (لا) حرفا واحدا هو ألف المد كما اصطُلِح على ذلك في أبجديتنا.

لكن ما أقصده من ضرورة الاقتصاد في التشكيل لا يرتبط عندي بخط دون خط ، أو بحاسوب دون آخر ، وأما قولك "   أما المد فهو ضروري ؛ لأنه إذا لم يكتب فقد يختلط بهمزة الوصل أو القطع " فهو أيضا رأيي الذي عبرت عنه بقولي : "وقد صار للمَدّة مع الألِف قبلها رَمز مَنفَصِل على لَوحة المَفاتيح مما يجعَلُنا نخرِجه من طائفة عَلامات التَشكيل" .

سليمان أبو ستة
*سليمان
6 - يونيو - 2006
الاقتصاد في الحركات    كن أول من يقيّم
 

تحياتي للأخ الكبير سليمان وبعد ..

لا أماري في ضرورة الضبط بكل علاماته ، ولا بد من أن نعد المد والتضعيف والتنوين من علامات الضبط أيضا ، وإن كانت تعبر عن حروف كاملة ، بينما تعبر العلامات الأخرى عن أنصاف مدودها .. فمن اعتاد الضمة فلنقلل له من ضبطها ، ومن اعتاد التنوين فنقلل له من ضبطه ، ومن اعتاد الفتحة فلنقلل له من كتابتها ومن اعتاد التضعيف أو الشدة فنقلل له كتابتها ، وهكذا .. فعندما تصبح هذه العلامات بدهية ، كما هي الحال في المؤلفات عالية المستوى ، فيحسن إهمال الضبط كله إلا فيما يشكل ، فكل ما كان عدم ضبطه مشكلا وجب ضبطه ، سواء أكان ذلك بالعلامات كالضمة والفتحة أو بالمد والتضعيف ..

فقولنا : استقبل زيد صاحبه فنعم المستقبل والمستقبل ، لا بد فيهما من ضبط الباء ، وعلى وجه الخصوص إذا تابعنا القول : ولكن المستقبل كان أكرم من المستقبل مثلا .. (وقولنا قرأت كتابا) لا داعي فيه لتنوين النصب ؛ لأن ألف التنوين تشي به ، وقولنا ( مد فلان يده) لا تحتاج إلى التضعيف لكثرة تكرار الكلمة وبدهيتها .. وقولنا (أعرِف الشيءَ ) أو (أعرِّف الشيء ) تحتاج إلى التضعيف ، وإن كان المعنى العام سيدل صاحب الخبرة ولو لم يضعّـف .. هذا ما قصدته بقولي إن ضرورة التضعيف والتنوين كضرورة العلامات ، فأنا لم أقصد إهمالها جملة ، وإنما أدخلتها حيز الاقتصاد ..

أما المد فلا يمكن التخلي عنه في كتابتنا الإملائية الحديثة ، من غير أن نتطرق إلى رسم المصحف الكريم فهو رسم خاص به لا ندخله فيما نحن فيه ..

إن الاقتصاد بالعلامات في إملائنا الحديث يجب ـ فيما أرى ـ أن يمتد إلى التنوين والتضعيف ، لأن الحاجة إليهما كالحاجة إلى العلامات والحركات تماما ، على أن يكون الاقتصاد مناسبا لسوية القراء الذين يستهدفهم النص .. ويظل مقدار الاقتصاد خاضعا لتقدير الكاتب لسوية قرائه ، فمن لا يعرف موضع التضعيف لا يعرف مواضع الفتح  الضم والكسر أيضا .

ولما كان من المستحيل أن يحيط أحد بما يمكن أن يشكل على الناس جميعا ، فعلى الكاتب أن يتحرى ما يغلب على ظنه أنه سيشكل ، فيضبطه ويدع الباقي . فإن أشكل على بعضهم شيء مما لم يضبط ، فلتكن لهم أسوة حسنة بمن لم تكن لغتهم معجمة ولا منقوطة ..مع أطيب التحية ..

*داوود
10 - يونيو - 2006
الاقتصاد في علامات الضبط    كن أول من يقيّم
 

السلام عليكم ورحمة الله . فكرة الاقتصاد في استعمال علامات الضبط في الكتابة اليدوية والطباعة بالوسائل المختلفة فكرة أقرب إلى أن تكون بدهية ؛ فالكاتب ـ كالمتكلم ـ يميل إلى بذل الجهد الأقل من ناحية ، وإلى التخفف مما لا يضر تركه من ناحية أخرى . والفكرة في الواقع سبق أن قدمها منذ أكثر من خمس وعشرين سنة الأستاذ المصري الدكتور محمود خليل عساكرـ رحمه الله ـ وكان من المتخصصين في الدراسات اللغوية العربية والسامية ، ونشرها في دراسة علمية في مجلة جامعة أم القرى ، ولا أدري أعلم بها الأخ سليمان أم لا . كما اقترح طريقة لاستعمال الحروف الهجائية في ترقيم صفحات مقدمات الكتب المطبوعة بما للحروف من قيم عددية معروفة في حساب الجمّل ,هي طريقة ساميّة قديمة ، وطبقها في مقدمة تحقيقه لكتاب أخبار أبي تمام للصولي .

آمل أن يكون فيما ذكرت إفادة لمجالس الوراق . والسلام . د.محمد جبر   11/6/2006

 

دمحمدجبر
11 - يونيو - 2006
هل غادر الشعراء من متردم    كن أول من يقيّم
 

أشار الأخ الدكتور محمد جبر في مداخلته السابقة إلى أن أحد علماء اللغة العربية من المتخصصين في الدراسات اللغوية العربية والسامية وهو الدكتور خليل محمود عساكر ـ رحمه الله ـ قد سبق وتقدم بفكرة الاقتصاد في استعمال علامات الضبط ، وفي رأيي أن هذه الفكرة يمكن أن تكون قديمة قدم فكرة ابتداع رموز الضبط التي اكتملت عند الخليل . وإذن فليست القضية قضية سبق يسجل لهذا أو لذاك . ثم إن الدكتور جبر نفسه قال إن هذه الفكرة أقرب إلى أن تكون بدهية .

ومع ذلك قد رجعت ـ معتمدا على المعلومات غير الكاملة التي قدمها لنا الدكتور جبر ـ إلى الأعداد القديمة من مجلة جامعة أم القرى ( معهد اللغة العربية ) لأجد في العدد الأول منها وهو الصادر عام 1402 هـ / 1982 م كلمة للدكتور عساكر حول بحث له بعنوان " الكتابة العربية بين نموها الرأسي ونمو أفقي مقترح" كان تقدم به إلى الندوة العالمية الأولى لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والتي عقدت في جامعة الملك سعود بالرياض عام 1398 هـ ، ثم نشر هذا البحث في مجلة الفيصل بالعدد 38 الصادر في شهرشعبان عام 1400 هـ .

وقد نجح الدكتور عساكر في الحصول على توصية من الندوة بالتزام ضبط المطبوعات بالشكل وعلامات الترقيم مع حذف علامة السكون وكذلك علامات الحركة المتبوعة بحركات المد .

أما القدر من التوفير الذي يتحقق بتطبيق طريقة الدكتور عساكر فيبلغ 37 بالمائة على رأيه ، ومعنى ذلك أن الطريقة التي أشرت إليها تحقق وفرا أعظم من ذلك بكثير إذا ما شئنا المقارنة بين الطريقتين ، وإذن ..فليتنا نحصل على توصية من إحدى جهات القرار والتأثير في اعتماد هذه الطريقة المكتملة ، وليكن ذلك من أحد المجامع اللغوية مثلا . أما أنا فقد أفدت من الطريقة التي شرحتها في توفير كثير من الجهد المبذول في ضبط كتب التراث التي حققتها ومنها كتاب العروض للزجاج وكتاب القوافي للجوهري ، ولما بدا لي جدواها عرضت لها في مجالس الوراق ليفيد منها الباحثون ، ويبدو أنها لقيت صدى طيبا .

هذا وقد صدر لدكتور مصطفى حركات عام 1998م كتاب بعنوان " الكتابة والقراءة وقضايا الخط العربي " عرض فيه لكثير من الأفكار التي تحقق وفرا لا بأس به في حركات التشكيل ، وقد وجدتني التقي معه في كثير من تلك الأفكار ولعلي لا أنكر أني استقيت معظم طريقتي في الضبط منه .

لكن تسلسل البحث والمعرفة لا ينقطع ، ولا بد أن هناك كثيرا من الأفكار التي طرحت حول هذا الموضوع ، فلعلنا نحظى بمن يدلنا عليها كما دلنا الدكتور جبر مشكورا على بحث الدكتور خليل محمود عساكر ، وقديما قال عنترة :

هَل غادَر الشُعَراء من مُتَرَدَّمِ ====== أم هَل عَرَفت الدار بعد تَوَهُّمِ

*سليمان
3 - يوليو - 2006