تاريخ مصر كما يحكيه الاقباط ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
تاريخ مصر كما يحكيه الأقباط سرا عمرو على بركات أطلت الفتنة، وإستيقظت الطائفية، لعن الله من أيقظها وطاف بها، إن كان مسلم أهبل طعن مسيحى داخل كنيسته، فان هناك مسيحى عاقل حمل سيفا و وقف خارج الكنيسة، فأصبحت المشكلة أكثر تعقيدا من ذى قبل، فمن يستطيع أن يعيد العقل إلى المسلم ويخرجه من الكنيسة? وينزع السيف من المسيحى ويدخله الكنيسة? إن كان المسيحيون يسمعون الخطاب الاسلامى على منابر المسلمين، حيث خطب الجمعة، ودروس العشاء التى يتم الجهر بها، فان المسلمين لا يسمعون خطب الأحد، ومواعظ المسيحيين داخل كنائسهم، وعليه فنحن أمام خطاب فى اتجاه واحد،وتلك النوعية من الاتصال و التى تفتقد إلى التغذية العكسية، لإحداث التعادلية، وفى ظل الظروف المتاحة، ينتج عنها العنف، وتتحرك بها الفتن، إن البحث عن جذور الفتنة نراه قابعا هذه المرة داخل الخطاب المسيحى، المسيحى ، ويبدأ من كيف يقرأ المسيحيون تاريخ مصرعبر تراث مؤرخيهم? المصريون الأصليون هم الأقباط و ليس المسلمون? عام 1867م جاءت إلى مصر الآنسة" أ.ل.بتشر" الإنجليزية لتكتب تاريخ الأمة القبطية، فأقامت مدة عشرين سنة بمصر ، طافت جائلة فى أكثر القرى والكفور، تجمع حكايات الأقباط من أفواه المصريين البسطاء، وتتحرى الأزمنة الصحيحة، حتى أتمت كتابها " تاريخ الأمة القبطية" داخل كنيسة القاهرة سنة 1897م،حيث تفتتحه بالمقدمة التى تذكر فيها" ولقد أسفر بحث الباحثين المدققين على أن أعقاب المصريين الأصليين الباقين إلى الآن هم الأقباط المسيحيين لا المسلمين" لا شك أن هذا الكتاب يعد بلا نكران هو عمدة التاريخ القبطى لدى رجال الدين المسيحى، فمن أول صفحاته يثير الشقاق بين أبناء أمة واحدة ويستحضر صورة غائبة لا قيمة لها، ولا تسفر نتائج البحث حولها عن أى إضافة علمية، أو تقرير حقيقة تاريخية، سوى عرض المرجعية المسيحية فى الشعور بالقهر والاضطهاد، فالمسيحيون يعيشون إلى جوار المسلمين وقد نزعوا عنهم صفة المواطنة الأصيلة!! فهم يرون أن المصرى المسلم، على أعقاب المستعمرين لمصر. وترى الآنسة "بتشر" أن تاريخ الأمة القبطية يبدأ منذ دخول الديانة المسيحية هذه البلاد، وانه تاريخ ممتزج من أوله لآخرة، بأقوام كثيرة مختلفة أغارت على البلاد وملكتها من رومان، و أروام، و عرب، و أكراد، وشراكسة، وأتراك وغيرهم، وهم الذين أذلوا المصريون، وجعلوا بلادهم مستباحة لهم. من هو الذى أذل المصريين? تلك القائمة من المستعمرين التى ذكرتها الآنسة"بتشر" أم تقصد الأقباط الذين سمحوا لكل هؤلاء المستعمرين بأن يذلوا مصر و يستبيحوها? جذور الفتنة الطائفية سنة 30 (ق.م) وقعت مصر فى قبضة المملكة الرومانية على يد "أوغسطس" القيصر، فتذكر الآنسة"بتشر" أن سكان مصر لذلك العهد يؤلفون على الإجمال من ثلاث طوائف: اليونان، واليهود، والمصريين، ومن هؤلاء يؤلف السواد الأعظم، وترجع الباحثة أن أسباب نجاح المستعمر الاجنبى فى غزو مصر، إلى وجود فتنة طائفية، ولكنها من نوع آخر عن الفتنة المعاصرة اليوم، فقد كان تنوع الآلهة المعبودة بين الأقاليم، فى السر والعلن، سببا لمنازعات ومنافسات شديدة، كثيرا ما أدت لاصلاء نار حرب داخلية بين إقليم وآخر وكان هذا من أقوى عوامل تشتيت الأمة وعجزها عن الاتحاد و الوقوف فى وجه أى عدو كان ولو أجنبيا، فقد كان معبود ممفيس الثور أبيس، وفى أمبوس التمساح، وفى أوكسيرينكون نوع من سمك النيل، وفى مدينة أسيوط الذئب، وفى سينوبوليس الكلب، وهلم جرا. ربما ما يعيشه المصريون اليوم من فتنة سببها ديانتين سماويتين فقط، مرجعيتهما لإله واحد يعد من قبيل قمة الوفاق الوطنى الطائفى، الذى يمكن أن يتوقع للشعب المصرى، حسب معايير الفتن فى مصر القديمة. الإسكندرية ليه? إن أول كنيسة تأسست فى مصر كانت فى الإسكندرية، وتثبت الآنسة"بتشر" الإجماع على أن مؤسسها هو القديس "مرقس الانجيلى" ويرجع أن زيارته الأولى لمصر كانت فى سنة 45م، وكان مرافقا له "بطرس الرسول"، وتروى أن أول من أعتنق الديانة المسيحية فى مصر على يد"مار مرقس" رجل اسكافى من الإسكندرية أسمه "أنيانوس"، وقد جاء فى رواية الباحثة، أن "مار مرقس" صنع آية مع "أونيانوس"، ويرجع انه شفاه من مرض عضال، كان لا يرجى شفاؤه منه، فأكرمه "انيانوس" على هذا الصنع الجميل، وأخذه إلى منزله ضيفا مدة من الزمن، ثم اعتنق الديانة المسيحية على يده، فاقتدى به فى ذلك خلق كثير، ولما رجع "مار مرقس" إلى فلسطين، قبل نهاية سنة 49م وسم "انيانوس" أسقفا على الكنيسة الجديدة ومعه أول ثلاثة قساوسة، وسبعة شمامسة،و قد بلغ عدد بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حتى ترسيم البابا"شنودة الثالث" عام 1971م 117عدد بطريرك،كما ورد بتقرير الحالة الدينية الصادر عن مركز الأهرام للدراسات وقت أن كانت استراتيجية، و تم تشيد أول كنيسة فى الإسكندرية ، بمكان يعرف باسم "بوكاليا"، واقع على شاطىء البحر، وقد ذكر "استرابو" المؤرخ أن البقعة المذكورة كانت قبلا مرعى للماشية، ومن ذلك اشتق أسم المكان.وظلت بلاد مصر ممثلة فى عين الكنائس الغربية بلفظة كنيسة الإسكندرية. بل توجد هناك العادات المصرية الفرعونية التى انتقلت للكنيسة الغربية عن طريق كنيسة الإسكندرية، مثل الحلة البيضاء"التونية"التى تلبس وقت الخدمة الكنائسية هى عبارة عن جبة الكتان البيضاء التى كان يلبسها كاهن إيزيس، جز الشعر من وسط الرأس فقد كان أيضا من العلامات المميزة لكهنة مصر القدماء، واستعمال الخاتم فى إكليل الزواج، عادة فرعونية قديمة انتقلت إلى الكنيسة المسيحية برمتها، ربما هذا يفسر أهمية الحدث الطائفى المؤخر لوقوعه فى المدينة الرمز للديانة المسيحية. الصيام سبب ضعف الأقباط ترى الآنسة"بتشر" أن الصيامات دون غيرها من موضوعات الكنيسة القبطية هى التى كثر فيها التغير عن الحالة الأصلية، وهو تغير بزيادة عدد الأصوام، ففى البدء كان على رجال الكنيسة بأسرها أن يصومون أربعين ساعة متوالية من يوم الجمعة الحزينة إلى يوم أحد القيامة، ولكن فى أواخر القرن الثانى تحول الصوم إلى أربعين يوما بدلا من ساعة، حتى بلغ التوسع أكثر من نصف السنة تقريبا، وليس هو صوم هين على المصريين، فهو ليس امتناع عن أكل اللحم، والسمك فقط، وإنما عن اللبن والبيض، والسمن، ويعيشون على البقول المطبوخة بالماء والزيت، والقبطى على حد قول الآنسة"بتشر":"لا يأكل فى المساء ما لذ من الطعام كما يفعل المسلم الذى لا يصوم من سنته سوى 28 يوما يقضى فيها نهاره على الأغلب نائما وليلة آكلا وشاربا، فكثيرا ما خارت قوى الشعب القبطى، وأضناهم الهزال، حتى لقد يعسر على الواحد منهم أن يقوم بأعماله المعتادة، وتكون من نتيجة هذه الصيامات الطويلة القاسية إضعاف عزم الأقباط، وحط قواهم، حتى لقد مضت عليهم إلى الآن قرون عديدة لم يشنوا فيها غارة واحدة دفاعا عن حريتهم واستقلالهم".إن هذا يقدم سببا مقبولا لعجز ما يزيد عن 2000 قبطى فى كنيسة بالإسكندرية عن السيطرة على فرد واحد، أهبل، هجم عليهم، فى ثلاث كنائس على التوالى، لأن الأقباط قد أنهكهم الصيام، على مر التاريخ. المستجير من الرمضاء بالنار أيقن الأقباط أنهم يصعب عليهم لوحدهم أن يطرحوا النير الرومانى الضاغط على أعناقهم منذ 451سنة وقتها ولذلك نظروا لمطلع القرن السابع نظرة القانط يبحثون عمن يرفع عنهم هذا الشر فعمدوا إلى العرب الذين بهرتهم فتوحاتهم، وهكذا يروى الأقباط تاريخ الفتح الاسلامى لمصر، وكما تحققت منه فى بحثها الآنسة"بتشر" قائلة:"ولكنهم لما استجاروا ب"عمر بن الخطاب" على إنقاذهم من ظلم الرومانيين وقعوا فى ما هو أشر وأنكى وظلموا من ذلك العهد لحد يومنا هذا (تقصد سنة 1897م ) يذوقون من العرب مر العذاب ويسامون أنواع الظلم والعسف، ويضطهدون اضطهادا لا يذكر يجنبه اضطهاد ديوكلتيانوس ونيرون، وكأن الشاعر العربى أحس باستجارة الأقباط بعمرو بن العاص فعناهم بقوله: المستجير بعمرو عند كربته * كالمستجير من الرمضاء بالنار"هكذا يروى تاريخ مصر داخل المجتمع المسيحى، فأى شعور باضطهاد يشكون منه? وأى وطنية يؤرخون لها? وهى ملاحظة الدكتور "حسين فوزى "فى كتابه سندباد مصرى، أن الأقباط قبل أن يخالطهم الدم العربى كانوا يطردون مستعمر من أجل قدوم مستعمر آخر، فالاضطهاد حالة يسعون للمحافظة على الشعور بها دائما على مر التاريخ. تاريخ شكوى الاضطهاد المسيحى ترصد الآنسة "بتشر" سنة 640 للمسيح، و 356 للشهداء، و 18 للهجرة للفتح الاسلامى لمصر، حيث كانت البلاد فى ضيق من الحكومة الرومانية الحديثة التى استردت البلاد من الفرس، وان مخطط"هرقل" الحاكم الرومانى الذى استعاد مصر من الفرس، لم يجد أمامه سوى الدين ليرفع ما حل بين المصرين من اختلاف مذهبى، ولكن ولاة الأقاليم الأقباط كانوا يخافون اليوم الذى فيه تعود سلطة هذه الحكومة، وتتملك فى رقابهم لأسباب شخصية وسياسية معا فسعوا إلى تقليص ظلها وتقويض أركانها بكل الوسائل والنفوذ. وحدثت فتنة طائفية داخل الدين المسيحى، لم يكن هناك مسلمون وقتها فى مصر حتى تاريخه، حول طبيعة السيد المسيح، ومشيئته، بين الإمبراطور الرومانى"هرقل"، و البطريرك المصرى "بنيامين" وتعرض "بنيامين" للاضطهاد،وتم نفيه، حتى أعادة "عمرو بن العاص" من منفاه فى العام الثانى عشر للنفى. وكأن طبيعة السيد المسيح والاختلاف اللاهوتى حولها، هى التى قدمت أول مبررات للمسيحين للجأر بالاضطهاد، منذ العصر الرومانى، حتى الآن. المقوقس الخائن يعرف المسلم المقوقس" بصرف النظر عن الاختلاف حول اسمه، وحقيقة شخصه، فهو الحاكم المصرى الذى أرسل لنبينا محمد(ص) بهدية ردا على خطابه(ص) له، اما الآنسة"بتشر" فترى أن "المقوقس" هو أكثر ولاة مصر خيانة، وأشنعهم ذنبا، وأقبحهم عذرا، ولؤما، وهو الرجل الذى يعرفه معظم المصريين لشهرته بالدناءة، والنذالة، الخائن الذى سلم مصر ل"عمرو بن العاص" فاغتصبوها، واستعملوها، ونقلوها للخلف، وظل هذا الوغد الزنيم المسمى بالأفخم، وترجمتها باليونانية"مقوقس"، وحقيقة اسمه "جرجس".وحتى قبل الإسلام كانت "بتشر"تفصل داخل المجتمع المصرى بين الحكام المعينين من قبل الحكومة الرومانية، وبين أعضاء الكنيسة المصرية الوطنية التى تسمى الآن الكنيسة القبطية،إذا فالمقوقس على حد قول "بتشر" مواطن مصرى ولكنه رومانى المعتقد والوظيفة، وفى جميع الأحوال فهو خائن للإمبراطور الرومانى، خائن لبلاده المصرية،خائن لأمته القبطية، خائن لنفسه الدنيئة، إن الأقباط يعيشون حالة ارث تاريخى مردها لأكثر من خمسة عشر قرنا من الشعور بأنهم أصحاب بلد محتل، عاجزون عن مقاومة مستعمره، وأن جميع حكامه خونة، فهم أتباع المستعمر، حتى لو كانوا مصريين، هذا الإرث مادته ثابتة، مفرداته متغيرة، بتغير اسم المستعمر، ثم نأتى اليوم فنلقى باللوم على المسلمين لأنهم مسئولون عن إزالة، ورفع هذا الشعور عن قلوب الأقباط!! ولا شك ان التيارات الإسلامية عندما ترى أن الأقباط يؤرخون للفتح الاسلامى لمصر انه تم بالخيانة، فإنهم سوف يراجعون مادتهم التاريخية فى وصف فتح مصر، ويفضلون انه يكون قد تم بالسيف عن الخيانة، ولكن الأقباط اليوم يحملون السيف الغائب عنهم فى وجه أقباط أيضا وليسوا مستعمرين، إن مصر تحتاج إلى إعادة صياغة تاريخها الذى يرويه المسلم والمسيحى على السواء، عندئذ لا نشكو فتن طائفية مصدرها مؤرخين، وليس الواقع. عمرو على بركات
|