تكملة4 كن أول من يقيّم
ـ ص /153 في سياق سند الشاذلية قال المؤلف:" رويت عن السخاوي، عن القباب، عن ابن عبد الكافي، عن ابن عطاء الله، عن أبي العباس المرسي، عن الشاذلي ، عن ابن حرزهم محمد بن علي ، عن أبي محمد صالح، عن أبي مدين عن أبي يعزى عن أبي الحسن علي المغربي ابن حرازم عن ابن العربي عن الغزالي عن إمام الحرمين أبي المعالي عن أبي طالب المكي، عن الجنيد بالسند المتقدم "
ـ ويثير استغرابي هنا أن المحقق عرف السخاوي بـ :" أبو بكر بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي المصري (تـ893هـ) أخو الحافظ شمس الدين صاحب الضوء اللامع له شرح " الإعراب عن قواعد الإعراب " لابن هشام . كشف الظنون 5/237
وأتساءل ثانية ما هو الضابط الذي اعتمده المحقق في الترجمة للأعلام ، هل يكفي فقط أن يشترك معه في اسم الشهرة ، فإذا ورد في النص السخاوي فكل من يسمى بـ" السخاوي " يمكن أن نترجم له، ويصلح أن نعرف به، أم لابد من قرينة تعين أن فلانا هو المراد دون سواه.
ولك أن تعجب هنا لماذا ترك السخاوي المؤرخ المشهور المعروف بتصانيفه، وذهب يعرف بأخيه أبي بكر.
مع أن الكتاني في فهرس الفهارس 1/455 قال: يروي عن الحافظ السخاوي والديمي ...إلخ. ونحوه في الجذوة عند ابن القاضي 1/129
ـ قوله :" القباب " هكذا، ولعل الصواب: القبابي، عبد الرحمن بن عمر القبابي شيخ السخاوي.
ـ وعرف " أبي محمد صالح" فقال: " أبو محمد صالح بن الفقيه الحاج المعطى التادلي الفاسي ، الفقيه العلامة الإمام العارف بالتاريخ والمنطق والأصول . كان ميالا للمذاكرة والتصوف والمحاضرة . شجرة النور:431
وقد أبعد النجعة ، وسرح في صحراء الوهم بعيدا ، وخلط في هذا التعليق خلطا شديدا !!
فإن صالح بن المعطي التادلي الوزير المتوفى سنة (1307هـ) ، كما في ترجمته من إتحاف المطالع 1/306
وهو متأخر من شيوخ أحمد ابن الخياط الزوكاري المتوفى سنة (1343هـ)، وترجمه في فهرسته الكبرى ص/4 11، والصغرى ص/167
ومن شيوخ أبي عيسى المهدي الوزاني المتوفى سنة (1342هـ) قال الكتاني في الفهرس 2/1113 " وهو أغرب مشايخه، وأوسعهم رواية ".
إذن هل يجوز لمن كان بهذه الصفة ـ عاش إلى بداية القرن الرابع عشر ـ أن يروي عن أبي مدين المتوفى سنة 594هـ ?
والحقيقة أن المراد في السند شخص آخر لم يهتد إليه، ولا طاف خياله حوله، هو أبو محمد صالح دفين مدينة آسفي بالمغرب ، وفيه صنف حفيده أحمد بن إبراهيم ـ توفي في صدر المائة الثامنة ـ كتاب المنهاج الواضح في تحقيق كرامات أبي محمد صالح ، وهو مطبوع .
وقد ترجم الكانوني في جواهر الكمال 1/7 لنجله أبي العباس أحمد بن الولي أبي محمد صالح وقال: توفي سنة (660هـ) فيكون والده توفي قبل هذا التاريخ.
كما أشار الكانوني إلى أن شرف الدين البوصيري ـ المتوفى سنة 696هـ ـ له قصيدة يذكر فيها أبا محمد صالح وأولاده، ويمدحهم لما التقى بولده أبي العباس المذكور.
ـ ثم قول المؤلف :" عن إمام الحرمين أبي المعالي عن أبي طالب المكي" غير صحيح بل عن والده أبي محمد عن أبي طالب.
ـ وقوله أيضا:" عن أبي طالب المكي، عن الجنيد بالسند" منقطع بل مكي عن الجريري (312هـ) عن الجنيد البغدادي (297هـ) كما قدمه المؤلف في ص/156
ـ ص /154 في ذكر سند آخر للشاذلية ـ مسلسل بالأقطاب زعموا ـ :" وهي الشيخ عبد الرحمن المدني المتقدم ، عن القطب تاج الدين الفقير ـ بالتصغير فيهما ـ ...عن القطب فخر الدين عن القطب نور الدين أبي الحسن علي عن القطب تاج الدين عن القطب شمس الدين عن القطب زين الدين القزويني عن القطب أبي إسحاق إبراهيم البصري عن القطب أحمد المرواني عن القطب سعيد عن القطب فتح السعود عن القطب سعيد الغزواني عن القطب جابر عن أول الأقطاب الحسن بن علي بن أبي طالب ".
و لم يراجع المحقق أي كتاب للتأكد من هذا السند، وهل وقع فيه انقطاع أو سقط ?
وقد ذكره هكذا الأيوبي في المناهل السلسلة ص/359 ـ 360 (طريقة الشاذلية)
والكوهن في طبقات الشاذلية ص/238 وكلاهما أورداه بنصه .
ـ وقد ترجم المحقق لفخر الدين بــ" الفخر الرازي المتوفى سنة (606هـ)
وهو محل نظر وتأمل؛ فإن تقي الدين الفُقير ـ المذكور في السند هو ـ النهروندي الواسطي العراقي المتوفى ببلدته نهروند سنة 594هـ كما في طبقات الشاذلية ص/74
فيكون أخذ عن الفخر الرازي وتوفي قبله بـ12سنة ?
ـ ثم ترجم لتاج الدين بـــ " علي بن محمد بن أحمد ، أبو الحسن تاج الدين ، عالم بفقه الشافعية، أصله من قزوين ، له نظم ونثر وأدب، وشرح المقامات الحريرية والمحيط بفتاوى أقطار البسيط الأعلام 4/155"
وهذا كلام ظاهره سليم، لولا أنه ينقصه شيء مهم ، وهو أن أنه لم يذكر تاريخ وفاته؛ فهل وفاته غير مؤرخة في المصادر، أو موجودة ولكنها لم تعجب المحقق فلم يذكرها ??
ورجعت إلى ترجمة هذا الرجل نفسه في الأعلام 5/6 وفي معجم المؤلفين 2/494فإذا هي مؤرخة بسنة (745هـ)، وذكر أيضا من كتبه: شرح مصابيح السنة للبغوي .
ولعل عرفت الآن لماذا لم يذكر تاريخ الوفاة ؛ لأنه لو ذكرها لزمه أن الفخر الرازي الذي توفي سنة (606هـ) يروي بالواسطة عن رجل تأخر عنه بقرن ونصف قرن تقريبا!!
وهو مستحيل، وفوق ذلك فإن ليس ليس اسمه عليا ، بل سماه في طبقات الشاذلية :" تاج الدين محمد ".
- ثم ترجم لشمس الدين الذي يليه بــ:" محمد بن إبراهيم خليل التتائي، شمس الدين (تـ942هـ)، فقيه مالكي تولى قضاء المالكية بمصر، له شروح على مختصر خليل المطول والمختصر . التقاط الدرر: 91
هكذا قال، ولست أعلق بشيء ، ولكن المعروف أن الأسانيد تبدأ من المؤلف عن شيخه عن فلان ?إلى النبي ﷺ، وكلما كان الراوي أقرب إلى النبي ﷺ كانت وفاته أقدم وعصره أسبق من الراوي عنه، والعكس كلما بعد الراوي في السند من النبي ﷺ وكثرت الوسائط بينه وبين النبي ﷺ كان زمنه أقرب إلينا، وإلى عصورنا، وأبعد من عصر النبوة والصحابة
والمحقق الفاضل، الأسانيد عنده على العكس كلما قربت إلى النبي ﷺ ، كان زمنها أبعد من عصر النبوة ، وأقرب إلينا!!
وخذ هذا السند مثالا:
فقد بدأ من عبد الرحمن الزيات المدني ـ من القرن الخامس أو السادس ـ متجها إلى الحسن بن علي ، حتى وصل إلى الفقير المتوفي سنة 594هـ ثم ينقلب راجعا فيترجم لتاج الدين المتوفى سنة (745هـ) ثم يترجم للشمس التتائي المتوفى في القرن العاشر سنة 942هـ ?
وأرى أنه في مثل هذا السند أن يعتني المحقق بمقابلته على مراجع أخرى من فهارس وأثبات، وكتب الشاذلية نفسها ليأمن من وقوع تحريف أو سقط في السند.
وإذا أراد أن يترجم لرجال السند يبحث جيدا، ويتحرى كثيرا ، ويتأمل في تلميذ الرجل وشيخه، وطبقته، ولقبه حتى يترجم له على وجه الصحة...وإلا فليمِرَّه كما جاء من تكييف ولا تعطيل ، ولا تحريف..
وبالكلام على هذا السند أكون قد وصلت إلى نهاية الفهرسة المطبوعة، وهو القدر الموجود منها فإن المؤلف لم يكملها رحمه الله ، وأبديت بعض ما ظهر لي فيه من الخلل، وألقيت حملا ثقيلا كان على كاهلي،
راجيا أن أكون قد أديت شيئا من الحق الذي علينا لأهل العلم الموتى، وقمت بشيء من واجب النصح للأحياء ، معتذرا عما قد يطغى به القلم ، ويزل به القدم، طالبا من كل من وقف فيه على غلط أو زلل أن ينبه عليه مشكورا، أو يتفضل فيدلني عليه مأجورا.
والحمد الذي بنعمته تتم الصالحات. |