شكرا وعذرا كن أول من يقيّم
شكرا على هذه الثقة يا أستاذ حسين، وعذرا على التقصير في جوابك فأنا مشغول للغاية، ولكن لابد هنا من كلمة موجزة، فأنت تعلم أن ابن خلدون أقدر من تناول هذه المسألة بالبحث والدراسة في الفصلين (51) و(52) من المقدمة (نشرة الوراق: ص 362 ـ 365) وأحسب أنه هو الذي ابتكر مصطلح (الملكة اللسانية) ولا أريد هنا أن أطول عليك بذكر ما قاله وهو منشور على الوراق، ولكن أزيدك هنا فائدة بما ألف حول نظرية ابن خلدون في بحثه هذا، فمن ذلك:
الملكة اللسانية في مقدمة ابن خلدون (ميشال زكريا: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت 1986)
والملكة اللسانية في نظر ابن خلدون (محمد عيد: عالم الكتب، القاهرة 1979م)
والملكة اللغوية في الفكر اللغوي العربي (السيد الشرقاوي: مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة 2001).
أما السليقة لغة فقد ذكرها سيبويه في الكتاب وعدها في الأنساب النادرة، قال: وقالوا سليقيٌّ للرجل يكون من أهل السّليقة.
وتطرق لها ابن جني في الخصائص، في باب تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني، قال: (ومنها السليقة وهي من قولهم: فلان يقرأ بالسليقية أي بالطبيعة. وتلخيص ذلك أنها كالنحيتة. وذلك أن السليق ما تحات من صغار الشحر؛ قال:
تسمع منها في السليق الأشهب |
|
مـعـمعة مثل الأباء iiالملهب |
وذلك أنه إذا تحات لان وزالت شدته. والحت كالنحت، وهما في غاية القرب. ومنه قول الله سبحانه سلقوكم بألسنة حداد أي نالوا منكم. وهذا هو نفس المعنى في الشيء المنحوت المحتوت؛ ألا تراهم يقولون: فلان كريم النجار والنجر؛ أي الأصل. والنجر، والنحت، والحت، والضرب، والدق، والنحز، والطبع، والخلق، والغرز، والسلق، وكله التمرين على الشيء، وتلييين القوى ليصحب وينجذب. فأعجب للطف صنع الباري سبحانه في أن طبع الناس على هذا، وأمكنهم من ترتيبه وتنزيله، وهداهم للتواضع عليه وتقريره). |