كل الأفعال تقع في النحو والصرف كن أول من يقيّم
تحيتي إلى سماء الحرمين وأرضهما ، وبعد .. فليست في العربية لفظة لا تدخل باب النحو أو الصرف ، فالنحو هو علم بأحوال أواخر الكلمات من حيث البناء والإعراب ، ولا يخرج عن هذا لفظ عربي واحد ، والصرف هو علم أبنية اللفظ العربي من حيث الاشتقاق والتصرف والجمود والإعلال والإبدال والحذف والنقل والقلب ، وما إلى ذلك ، ولا تكاد لفظة عربية تنفذ من هذا الباب .
أما قولك ( كذب عليك ) من دون ضبط ، فالمحفوظ ( كَذْبَ ذا ) بفتح الكاف وضمها أي ( كَـذُب ) أي اتصف بالكذب أو صار ذا كذب ، حيث يجوز استعمال كل فعل ثلاثي صالح للتعجب منه على وزن فعُل بضم العين ( وهذا من باب الصرف ) فنقول : ( حسُن وكذُب وفهُم وسمُع وحبُب) ثم تنقل حركة العين إلى الفاء وتسكن العين ( وهذا من الصرف أيضا ) فنقول ( حُسْنَ وكُذْبَ وفُهْمََ وسُمْعَ وحُبَّ ) وذلك للتعجب ، فقالوا ( حُسْنَ ذا أدبا ) كما في ( ساء ما يفعلون ) ، وربما فتحوا الأول لأسباب صرفية أيضا فقالوا ( حَـبَّـذا ) ويطلب التفصيل في مظانه من كتب النحو والصرف ، دليلا على أن هذه الأفعال هي من باب النحو والصرف .
وأما ( وذر ودع ) فلا أدري آلـقصد ( وَذَرَ و وَدَعَ ) في الماضي ? أم ( ذَرْ و دَعْ ) في الأمر?. فهذا الفعلان ناقصا التصرف عند الجمهور ، أي ليس منهما إلا المضارع ( يَذَرُ و يَدَعُ ) والأمر ( ذرْ و دعْ ) دون الماضي والمصدر ، أما الماضي والمصدر منهما فغير مسموع إلا شذوذا ، وقد أغنى عنهما ماضي ومصدر الفعل ( تَرَكَ ) ففي الحديث الشريف : " لينتهين قوم عن وَدْعِهِمُ الجمعات ..." أي تركهم . وقد قرئ قوله تعالى " ما ودَّعك ربك وما قلى" : ( ما وَدَعَـكَ ) بالتخفيف أي ما هجرك ، وليس وراء ذلك من شواهد على هذا ، فالفعلان ليسا خارجين عن أبواب النحو والصرف ، وإنما يقعان تحت باب الجامد والمتصرف من الأفعال ، وفي إطار ما يعرف بناقص التصرف ..
وأما ( سقط من يدي ) فالمحفوظ ( سُـقِط في يدي ) كناية عن الفجأة والبهت وخيبة الأمل ، فيرى بعض العلماء قديما وحديثا أن ثمة أفعالا في العربية لا تستخدم إلا مبنية للمجهول ، ومنها ( سقط وبُهِت و زُهِي و عُنِي واضطُر... ) وهي أفعال قد تصل إلى مئة فعل . والمستعمل منها دون العشرة ، والمحققون من العلماء على أنه لا يوجد في العربية فعل مبني للمجهول من دون أصل مبني للمعلوم ، ويستعمل كل منهما في موضعه ومعناه ، ولا صحة لما يقال بأن هذا الفعل أو ذاك لا يستخدم إلا مبنيا للمجهول . هذا والله تعالى أعلم .. فإن كان السؤال عما أجبت عنه فالحمد لله ، وإن كان السؤال عن سوى ذلك فأرجو أن أفهم السؤال جيدا بعد تغيير صيغة السؤال ، والحمد لله على ما علمنا .. داوود ..
|