البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : البنت التي تبلبلت    قيّم
التقييم :
( من قبل 12 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
6 - مارس - 2006

شاعرنا الكبير ، الأستاذ زهير:

ما قرأته في مداخلتك الأخيرة أفرحني، لجهة أنني شعرت بأن غلاظتي قد أثمرت ، هي عكرت ماء اليقين، الذي لا بد من تعكيره من وقت لآخر لكي نزداد يقيناً . وجاء دفاعك على أحلى ما يكون ، بل ليكون مناسبة نتعرف من خلالها على الوجه الآخر للباحث زهير ظاظا ، ونلامس وجوده الإنساني ، وما زادنا هذا إلا تقديراً .

وجودك اليوم في المكان الصحيح يعني الكثير للكثيرين منا الذين تزخر بهم أمتنا ولم يجدوا مكانهم بعد .

نتشوق لمعرفة المزيد والمزيد ، لكني ارتأيت بأن نترك ساحة الفلسفة لكي لا ينقطع حبل النقاش فيها ، ونفتح ملفاً آخراً ، وهذا متروك لتقديرك وما تظنه مناسباً   

 

 كنت قد كتبت رواية صغيرة الحجم ، تحكي قصة بنت مراهقة في زمن الحرب الأهلية اللبنانية . أراها في صميم موضوعنا الفلسفي الذي نتناقش فيه ، لأنها ترمز إلى صراع الإنسان مع أهوائه وانشطاره بين رغبتين . وهي تبرز أيضاً مقاومة الموروث الثقافي ، عندما يكون عميقاً ومتأصلاً ، مع الفكر المكتسب بمظهره الحضاري " التحرري " وما يخفيه من طموحات .   

الرواية اخترت لها عنوان " البنت التي تبلبلت ... " . الحدث ، الذي هو قصة حب فاشلة ، المغرق في عاديته ، اتخذته ذريعة للتوغل إلى الداخلي ، والحميم ، لفهم ما كان يعتمل من نوازع و تغيرات في نفس تلك البنت وعالمها المحيط  من : عائلة ووطن وأصدقاء . هذه البنت كانت تتنازعها رغبتان ، الأولى: الحفاظ على نقائها الفطري، وهو ما نقلته إليها تربيتها وما تشعره في ذاتها  السحيقة . والثانية: رغبتها في الحياة والتكيف مع زمنها ومحيطها وما كانت تدعيه من أفكار عصرية وما يستلزم كل ذلك من تنازلات لا بد منها 

الحكاية تبدأ هكذا :

 

 "البنت تحدث نفسها "

أتذكرين ? تلك البنت التي كنت أعرفها ! ... كانت رقيقة ، نقية ، دمثة الأخلاق ومنذورة لأن تكون أماً مثالية !... هكذا عرفتك ! فما الذي جرى لك ، لكي تتبدلي ? ما الذي حدث لك ، لكي تتبلبلي كالريح ... ? أهو الزمان من أشقاك وغير ألوانك ? وما الذي فعلتِه أنت بنفسك ، لكي أراك ، كأنك القطيع الشاردة : مشتتة ، مبعثرة ، ومنزوعة الروح  ............. ?
 
ستقولين : " ربما هي الحرب التي داهمتني باكراً ، أعدمتني ماء الحياة  ... أربعة عشر عاماً ،  هي عمر الورود ، إعصار الطفولة اللجوجة ، ودفق الشباب الذي لا يطيق الانتظار ... لم   أرها ، ضيعتها بالانتظار ...
 كان العمرجميلاً ، والوقت كان ودوداً : الوطن كان فيروز ، والحب كان فيروز ... . الأهل والأصدقاء ? كانوا بسطاء ، لا يعدون الأيام . حتى حدثت الزلزلة .... ! " .
 
لكني أنا رأيتها لما أقبلت ! هدية الزمان إليك ، لما أقبلت ، كما المهرجان ! كزهوة البستان أشرقت ، فرحت لها بذاك الزمان . ألا تذكرينها كما أذكرها أنا ? أم أنك تتناسين ?
أتذكرين ? جدتك ، لما كانت تغرس شتولها بقرب باب الحديقة ? تضع بذور الحبق =الريحان= في باطن الأرض ، ثم تهيل عليها التراب بكفيها وهي تتمتم :
" بحق الخضرأبو العباس ، تعيش زريعتي وما تيبس ..."
ترددها ثلاث مرات ، تزرعها عند بزوغ هلال القمر ، وتسقيها من بعد الغروب ،  ... كنت تضحكين في سرك وتقولين : " جدتي ، تعيش في الأساطير ! الماضي حكايات ، والحاضر ، دعاء وصلوات .... " . أتذكرين كيف كانت  شتولها بهجة للروح ? مساكب الفل والنرجس ، وأحواض البنفسج والمنتور ، كانت بهجة للروح !.... كانت تشبه أعوامك الأربعة عشرة . أفلا تذكرين ?
 
"الحرب استدامت حروباً " ، تقولين ، " هدمتنا الحرب ! أعادتنا إلى مهدنا الأول ، العراء ! " .
  صحيح ، عزيزتي ، الحرب استطالت ، وعبثاً بحثنا لها عن أسباب ، لكي نحتويها ، لكي نعقلها  . قالوا بأنها كانت حرباً طائفية . قلنا : بأننا انتفضنا  ضد مشروع الانعزالية والصهيونية ....... أبي أقنعنا وقتذاك  بأنها كانت أيضاً (حرب الرأسمالية ضد الطبقات  الكادحة)  وأنها حرب تحرير وثورة اجتماعية ! كان يردد : بأنها تحالف البورجوازية مع الفاشية ، والامبريالية العالمية ضد مصالح الشعوب الفقيرة ، من أندونيسيا ، إلى كوبا وفيتنام ، حتى الجزائر والصحراء الغربية ............  وكان يحفظ اسم لوركا وإلليندي إلى جانب المتنبي وأبي العلاء المعري ويتحدث عنهم بشيء من القدسية ........ هو كان أممياً ، ويحلم بالعدل الاجتماعي والمساواة بين البشر ..........
" يا الله ! كم أحبه أبي ! أمير طفولتي ، وملهم سنواتي الأربعة عشرة . سيبقى لغزاً أبي : كان عروبياً ، لكنه كان لا يكف عن انتقاد عبد الناصر الذي" نكل بالشيوعيين " ، على حد قوله،   "مع أنهم بنوا له السد العالي " ، ........... لكنه بكاه بحرقة شديدة يوم مات !
 
أتذكرين !
يوم استفقت بالصدفة ، ذات صباح ماطر، لتري ذلك المشهد الخيالي : كان الجبل يبكي ! يخفي وجهه بيده ويشهق بقوة ! يستمع إلى المذيع في الراديو الذي كان يبكي بدوره ، ويشهق هو أيضاً .... باليد الأخرى ، كان يحمل سيكارة تكاد تحرق أصابعه ....... اليد التي كان يلبس فيها ساعته الفاخرة التي طالما أثارت إعجابك ! أتذكرين ?
" لن أفهمه أبداً أبي ! لن أفهمه " .
عشرة أعوام مرت بعدها ......... رأيتِه مرة أخرى يتنقل، كالحجل ، بين ركام بيتكم الذي هدمته الحرب . يبحث عن بعض الصور ينتشلها من بين الأنقاض :
" أوف ، أوف ، ولَكْ معَوَّدْ على الفجعات قلبي ... " ، كان يغني !
" يبدو أنها طقوس يا أبي ! طقوس اخترعناها ونعيد تمثيلها في كل مرة لنستعيد بها الفاجعة . طقوس ، نهدي فيها القرابين إلى آلهة الموت والدمار ! "
..............................................................................
 
لن تذكري رائدة الفضاء السوفياتية . لكن أمك سوف تذكرها لك بنشوة لو سألتِها عن الرفيقة ذات العيون الزرقاء الباردة التي صعدت إلى سطح القمر .
" آه يا جدتي ، لو تعلمين ، بأنهم في بلاد الرفيقة ذات العيون الزرقاء، قد أنبتوا القطن ملوناً في سفوح " التوندرا "على اسم " لينين العظيم " ، وأن تقريرها عن زيارتها للقمر يفيد بأنه كومة أحجار لا تنفع ولا تضر ."

يومها ، كان أبوك قد اصطحب أمك معه لاستقبال الزائرة الاستثنائية . كل الرفاق كانوا قد اصطحبوا زوجاتهم ......... يومها ، قال أبوك لأمك ، باستحياء شديد ، وبعد تردد طويل :
" بإمكانك أن تنزعي الغطاء عن رأسك لو أردت " .
لم يكررها مرتين . ورغم أن أمك لا تعرف شيئاً عن الاضطهاد الطبقي ، ورغم أنها لم تعد تذكر شيئاً مما قالته الرفيقة عن دور المرأة في حركة التحرر العالمي ، إلا أنها انتزعته إلى غير رجعة ، همها كان ، أن تشبه " أسمهان " و " ليلى مراد " بتسريحتها الجديدة .

 2  3  4  5  6 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
إلى الصوت الصارخ في البرية    كن أول من يقيّم
 
خـلـقـنا  للصراع iiوللنزاع فكل  الشكر يا يحيى iiرفاعي
ولـسـنا  جائرين وإن iiظُلمنا فـأنـت  الفيلسوف بلا iiنزاع
ولـست بمنكر لك طول iiسبق ومـا أوتيت من سحر iiاليراع
ولـكن  لست أدري ما iiدهاها أخـيـرا عـن مواكبة iiاليفاع
وما لك صرت تبعث لي كلاما أغـص بـنشره من غير داع
ومـا لـمـشاركاتك iiحاملات عـنـاويـنا  كأنياب الأفاعي
كـأنـك فـي خـرائبه أرميا ويـوحنا  يبارك في iiالمراعي
ومـا لك أن أرد على النويهي وأشـركـه قليلا في iiصداعي
أتـانـا عـمَّـه عبقا iiوكفّاً وجـئـت لنا بسيدنا iiالرفاعي
*زهير
25 - مارس - 2006
تذكار صديقتي كودي    كن أول من يقيّم
 

لستُ أنسى ما عشتُ مأساةََ كودي لـعـنـة  الله كـلها في iiالوجود
كـل  حـفـلٍ تسير فيه iiاختيالا مـلـكـاتُ الجمال تذكارُ iiكودي
هـي  فـي روحها بأعلى iiشذاها وهي  من حسنها بأقصى iiالخمود
زمـنٌ غـاشـمٌ ووجـهٌ iiدمـيمٌ وشـقـاءٌ مـغـمّـسٌ iiبالجحود
مِـنْ لـيـالٍ مـن التعاسة حمر لـلـيـالٍ  مـن المواخير iiسود
مَـنْ يعش في جوار كودي نهاراً حـرمـتـه الـحياة طعمَ الرقود
صـدقـونـي فـإنـني كل iiيوم فـي ركوعي أدعو لها iiوسجودي
هـكـذا تـولـد البنات iiوترمى فـي بـلادٍ تـئـن تحت iiالقيود
وبـنـاتٌ جـداولٌ مـن iiنـعيمٍ وبـنـاتٌ  تـشوى على iiالسفود
تـبـحـث  الأمُّ مـنذ أول iiيومٍ عـن نـحوس في فرقها iiوسعود
كـيف عاشت كودي حرامٌ iiعلينا نـكءُ  آلام عـيـشـها iiالمنكود
لا تـهـيـنوا دموعها iiواتركوها لـصـبـاهـا  المحطم iiالمهدود
ولـدت مـومـسـاً وكان iiأبوها كـل  يـومٍ يـبـيـعها iiليهودي
لـو  تـرون احـتراقها iiوأساها حـيـن تـرنـو إلى تلفت iiخود
حـيـن ترنو إلى جمال iiالصبايا حـولـهـن الرجال مثل iiالقرود
أتـظـنـون لا تـرى iiمـقلتاها عـسل  الحسن في ورود iiالخدود
وافـتـرار الثغور زُهراً iiوحُمراً ومـرايـا  الـنحور فوق iiالنهود
فـسـلوها  أي الصباحين iiأحلى بـسـمةُ  الغيدِ أم صباحُ iiالورود
ولـمـاذا  هـم يـنظرون iiإليها بـازدراءٍ  ورفـعـةٍ iiوصـدود
أكـبَـرُ الـلـؤمِ أن تـهين iiفتاةً لِـفُـتـاتٍ مـن أعـظمٍ iiوجلود
عـجب  الناس من جلوسي iiإليها بـيـن  حور المها ونخل iiالقدود
آهِ  مـن بـؤسها وجرح iiصباها فـي  حـيـاة تـعيش أم iiأخدود
لـسـتُ  أقوى على كتابة iiشيءٍ مـن عـذابـات عهرها المجلود
لـسـتُ أنسى الإسلامَ إذ iiعرّفتْه بـخـيـالٍ  مـن فكرها iiممدود
هـو  مـثـل الظلال نأوي iiإليه بـعـد عـمـرٍ نعيشه في iiكنود
كـان سـيفُ القرقيز يلمع شمساً وعـلـى نـصـله نشيد iiالخلود
لـيـس  هذا الحديد يبكي iiوحيداً لـبـقـايـا فـرنـدِه في iiعمود
لا  تـقـل أيـهـا النديمُ iiسَكِرْنا واسقني  اليوم عن جميع iiجدودي
وعـلـى  خـد كـأسنا iiعبراتٌ هـاتـهـا  هاتها لمسح iiخدودي

 

*زهير
25 - مارس - 2006
لوحة    كن أول من يقيّم
 

يذكّـرنـي الظبيُ الطريد طفولة جـرى نـمرٌ خلفي بها iiوعُقابُ
وحرباً ضروساً في سبيل نسيتها أصـيب  بسهمي تارة iiوأُصابُ
ومـا كـان كـذابا إمامي iiوإنما عـلـى  عقله مما يظن iiحجابُ
أعـاب  عـلى أني وَفيتُ لحبه ولـيس  على شيء سواه iiأعابُ

*زهير
25 - مارس - 2006
مذكرات 5    كن أول من يقيّم
 

 

 

 

في حصار الواقع                       

  

  في الليل ، تجتاحني الكوابيس . في المساء ، أراقب أبي وهو ينهار في كل يوم . يعد أرقام الخسارة ويذوي بظلها . أتشاجر معه أحياناً ، أهزه ، أحاول إيقاظه ، أرسل إليه نداءات استغاثة لا يسمعها وهو بالكاد يجاوبني . هو يبتعد عنا في كل يوم مسافة ............... 

 

   في النهار ، أرى أمي ، في كل يوم ، تتحايل على الواقع لتخرج منه ما نأكله لنقتات به في نهارنا . هي أيضاً تبتعد ، تقترب منا بقدر الواجب ، ثم تبتعد . ترمي إلينا بحبوب نتلقفها بسرعة بمناقيرنا الشرهة ، ثم تعود إلى نفسها لتغلق محارتها على خوف أعمق من المحيط .............

 

   أتشاجر مع أخواتي على فستان استعارته مني إحداهن دون استئذان ، وأحياناً على مطرح على الكنبة بقرب التلفزيون ......... الجو كئيب ، الجو مقلق ، وأنا عصفور في الريح ......

 

 

*ضياء
26 - مارس - 2006
الرسالة الخامسة    كن أول من يقيّم
 

 

 

 معنى السعادة ?

 

 

 

 

   صديقتي العزيزة :

 

   تحية وسلاماً يظللان يومك الذي أتمناه لك جميلاً وهادئاً .

 

  كانت تلك العاطفة المهولة تسكنني بمكر واستبداد ، ولم أك أستطيع حيالها شيئاً . كانت حياتي تسير على وقع الانتظار المضني ، وترقب الأيام والساعات ، والشمس والمطر ، والأحوال الأمنية ، وتوقع رنين التلفون ، وتصيد الفرص واقتناصها ، حتى ولو كلفني ذلك ساعات ، بل نهارات من العناء في ترتيبها وتغليفها بالبراقع لكي تظهر كانها ، " طبيعية وبالصدفة " .............

 

  لم أك أعرف كيف أواري كل تلك العاطفة . كنت أريد منه ، على الأقل ، اعترافاً صريحاً بأن ما بيننا يتجاوز إطار الصداقة من بعيد . كنت أرغب في أن يعلن لي شوقه واشتياقه الصريح ،   ربما كان ذلك كافياً في لحظتها ، لإعادة التوازن إلى ميزان روحي الذي كان مختل الكفتين .  ورحت أنتظر ....... سنتين قضيتهما في ترقب كلمات لم تأت أبداً . لم أكن أتوقع منه أن يعلن لي " الحب الكبير " ، كنت أدرك بأن هكذا تصريح ثمنه فادح ولن يقوى عليه . لكن ، أن  يعترف ب " الخاص " في علاقتنا ، وبهذا الرابط الذي يجمعنا ويتجاوز إرادتنا إلى ما هو أقوى ......... كنت أظن أنه لا زال يكابر وبأن الأيام القادمة سوف تنصفني .......... وظللت أنتظر ، بصبر كبير . كنت أترك للأمل متسعاً بيننا دون أن أجرؤ أبداً على المواجهة أو طرح الأسئلة المحرجة . صبرت كثيراً على هذا وحيرني فيها سؤال : إذا لم يك ذلك حباً ، فكيف يكون الحب إذاً ?

 

  أذكر أنه كان يحلو له بأن يمازحني أحياناً قائلاً :

 

  ـ  " لا تحبيني ! " .

 

  كان يجد في ذلك ربما مناسبة لإفهامي بأنه غير قادر على التورط عاطفياً . من جهتي كنت أجد كلماته مهينة ولم يك بإمكاني أن أرد عليها .

 

  هكذا ، عزيزتي ، عذبتني طويلاً كل تلك التساؤلات التي جهلت فيها معنى الحب في قاموسه ......... حتى اقتنعت بأنني غبية وبأنني لا أفهم هذه الأشياء ........ جربت أن أتعلم ، أن أدرب نفسي على معان جديدة للحياة والسعادة ، بدون فائدة . رويداً ، رويداً فهمت أن الخروج من حلمي ذي الأبراج العالية ، والدخول إلى عالم " الرؤية الواقعية " لن يكون   مجانياً ، فهل سأقوى على دفع الثمن ?

 

  ـ " أتمناك سعيدة ، سيرة " .......... كان يردد . 

 

  كيف ? كنت أسأل نفسي وأنا لا أرى السعادة إلا معه ومن خلاله ....... كيف يتمناني سعيدة وهو يبخل علي بالأمان الذي أبحث عنه ?

 

  حتى سمعته يوماً آخر يقول لي :

 

  " لو كان الأمر بيدي ، لجعلتك سعيدة ! أنت لا زلت تجهلين معنى السعادة . لو كنت على غير ما أنت عليه لجعلتك سعيدة ، كنت تعلمت مني أشياء كثيرة ......... الجنس مهم ، بل هو  أهم ما في الحياة ......... تعالي لعندي بعد أن تتزوجي لأشرح لك ما أقول ... "

 

  كنت أستمع إليه كالبلهاء ، كيف يمكنني بأن أعود إليه بعد أن أتزوج ? كنت أشعر بالإهانة وأن شيئاً في هذا المنطق يستعصي علي فأصمت .

 

  وفي مرة أخرى ، أضاف :

 

  " هناك تفاصيل لا يعرفها كل الناس ، حتى المتزوجون من سنين ، أغلب الرجال لا يفهم جسد المرأة ، لا يمكنني أن أشرح لك ، ............ أتمنى لك أن تتزوجي واحداً يعرف كيف يسعدك " .

 

  كنت أصغي كالمشدوهة . حقيقة ، لم أكن أعي ما يقول . كأن هذا الكلام كان يأتيني من عالم آخرغيرالعالم الذي كنت أعيش فيه . السعادة ? لم أكن أحلم بأكثر من أن يضمني إلى دفء صدره لكي أشعر بالسعادة . هكذا كنت أعتقد !

 

  ستقولين : " بلهاء " ? . من أين يأتي البله ، عزيزتي ? أليس من الأفكار المتناقضة التي نراكمها فوق بعضها دون وعي منا بتناقضها ? أوليس من الأحاسيس التي لم تورق إلا في الخيال ? من أن تضعي ثقتك المطلقة بفكرة ، برغبة ، بشخص ، بأي شيء خارج عن ذاتك السحيقة ! ........... لكنني كنت بلهاء ، بدون شك ! عمياء ، ربما ? وربما كنت مجرد عاشقة ..............

 

  وفي ذات مرة قال لي باضطراب ظاهر :

 

  ـ  " أحلم بأن أراك ممددة أمامي وعارية تماماً ! " .

 

  ـ " أنا ? " ، قلت مندهشة ........  استغربت ذوقه ، ولم أفهم !

 

 أحلم بأن يطوقني بذراعيه بقوة ، بأن ينقض علي كما ينقض الأخطبوط على فريسته ، وأن ينغرس في جسمي كله فنختلط معاً ونصبح شيئاً واحداً وإلى الأبد .

 

  لكن ، من كان يتجرأ بوقتها على قول هذا ?

 

  هكذا عزيزتي ، صرت أرى ولا أرى . أفهم ولا أفهم . كل شيء كان واضحاً ومفهوماً ومع ذلك ظللت أتمرد وأعاند على الحقيقة .

رغبتي التي كانت تجذبني إليه كانت تحاول تخدير عقلي .. شيء ما في صدري كان يحبه ولا يقوى على التخلي عنه .. شيء ما في صدري كان يرفض هذا المنطق ويتمرد عليه ..............

 

  سأعود إليك صفاء ، غداً أعود إليك لأصف لك كيف وصلنا إلى ذروة هذا التناقض فانتظريني .

 

إلى اللقاء .

*ضياء
26 - مارس - 2006
لغز (2)    كن أول من يقيّم
 

تحرّشتُ بعضَ العارفين فقال لي بـعيني أرى أنا نذوب كما iiذابوا
فقلت  له: لم أفهم اللغز، قال iiلي سؤالك عن بعض الأمور iiجوابُ
سـتـفـهم لما يصبح الفهم سنة لـكـل زمـان دولـة وكـتاب

*زهير
26 - مارس - 2006
مذكرات 6    كن أول من يقيّم
 

 

 

 المساواة في الجحيم !

 

 

  اليوم ، رأيت أميري .......... بالأمس ، رأيت البديل !

  ربما لهذا السبب رأسي تؤلمني وأشعر بكل هذا التوتر ?

 

  أبحث عن مخرج بأي ثمن لكنني لا شك مخطئة وإلا لما شعرت بهذا الضيق كله ......... أحتاج لمن يأخذني بيدي ويبعدني عنه فلا أعود أراه أو أفكر فيه لكنني لم أنجح بالتعلق بمن اخترته بديلاً .

 

  أميري يعاملني بود ظاهر لكنني لا أريد منه هذا !

 

  يريد أن يفهمني بأنه يحبني لكنه لا يستطيع أكثر من هذا ?

 

  كأنه يقول : " تعالي لنأخذ من هذه العلاقة ما نستطيعه وأما الباقي فهو خارج عن إرادتنا ........... "

 

  لو صدقته أكون مجنونة . لو صدقته أكون مغفلة !

 

  يطلب ويلح علي بأن ألاقيه إلى بيروت !

 

  تباً له ولبيروته تلك التي يحبها ويحدثني عنها كأنها معشوقته ، فأنا لن ألاقيه لا إلى بيروت ولا إلى أي مكان آخر وليذهب إلى الجحيم .............

 

  والله ، كنت ذهبت معه إلى الجحيم لو أراد ، أما بيروت فلا !

 

  في الجحيم ، سوف نتساوى هناك . أما بيروت فستكون له ، جنته هو ، سأكون له بكليتي وبكل الحب الذي يكتنفني تجاهه وسيكون لي بعضاً  منه ، لساعات ، نذراً من الوقت لن يزيدني إلا جوعاً وظمأً ......... سأكون له مجرد خدينة !

 

  اليوم ألغيت موعداً مع أصدقاء الجامعة لأنه طلب مني بأن ألاقيه إلى المركز . ألح علي بأن آتي وقلت له : " سأرى " .

 

  لما وصلت إلى هناك ورآني ، طار من السعادة . كان مسروراً لاستجابتي . تحدثت مع الجميع ما عداه . أغظته ، تجاهلته ، وفعلت كل ما بوسعي لاستثارة غيرته .

 

  بعد وقت ، ودعتهم ، ثم انسحبت دون أن أسأله عما كان يريد مني .

 

  لا أعلم لما فعلت هذا !

 

  توقعت أن يتصل بي في المساء ، لكنه لم يفعل .

 

  تمنيت أن يتصل بي في المساء ، لكنه لم يفعل .

 

  أكيد فكر كثيراً بأن يتصل ، لكنه عاد وتراجع .

 

  دائماً يتراجع عندما يفكر .

 

  ثم يتصل ذات مرة ، هكذا ، دون تفكير .

 

  دائماً يعيدني بتردده إلى الدوامة ذاتها .

 

  كم أتمنى في هذه اللحظة بأن أشتمه ، وأن أقول له كل رأيي فيه !

 

  كم أتمنى في هذه اللحظة لو أقتله ، ثم أبكي عليه العمر كله فلا أشبع !

 

  لا أطيق نفسي ! لا أطيق هذا العبث !

  إلى متى سوف نبقى على هذا الحال يا ربي ?

 

 " يا أيها الناس الذين أحبهم

صبراً على الغضب

ضعوا بين العيون الشمس

والفولاذ في العصب " .......

 

لا أذكر من هو قائل هذه الأبيات ، ربما هو علي القيسي أو عمران القيسي . سأقوم لألعب الورق مع إخوتي فهم ينادونني .

 

 

*ضياء
28 - مارس - 2006
الرسالة السادسة    كن أول من يقيّم
 

 

 

أبحث عن دلفين ينقذني

 

 

  عزيزتي صفاء :

 

 

  الطقس هنا ، عاد إلى برودته المعتادة ، ولذلك تجدينني قد تسلحت بالرداء السميك ، والجوارب الصوفية ، أبحث من خلالها عن الدفء المهاجر ........ قهوتي بردت بسرعة ، سأقوم لتسخينها ثم أعود إليك في الحال .

 

  لم أكن حتى ذلك الحين ، كما أخبرتك ، قد تجرأت أبداً بالسؤال عن أحواله الشخصية . كان يضرب حصاراً حول الموضوع يجعلني أتهيب على الخوض فيه ، لذلك ، ظلت ظروف علاقته بخطيبته ضبابية خصوصاً وأنها كانت قد اختفت عن الأنظار منذ مدة طويلة .

 

  هذا الغموض المتعمد منه ، كما أظن ، سمح لخيالي بالمراهنة على بعض الأوهام المتفائلة جداً من نوع : ربما يكونا قد انفصلا ، أو ربما يكونا على خلاف أو برود ولكن الموضوع لم يحسم بعد  .... وإلا ، فلماذا تقرب مني في هذه الفترة ? ..... كنت أبحث عن بصيص أمل أخدع به نفسي ، مع أنني في قرارتي كنت مقتنعة بأن ذلك مستحيل وبأن علاقتهما أقوى من الخلافات العادية لأنها ملزمة أخلاقياً ، في العرف العام صارت أقوى من الزواج منذ أصبحت علنية . رغم هذا ، ظللت أحلم بأعجوبة ، بدلفين ما ينقذني مما أنا فيه من غرق .......... صرت أتمنى بأن تكون مثلاً قد انسحبت من حياته . افتراضات حمقاء كهذه كنت أحيكها في سري ، ثم أبحث لها عن دلائل وقرائن من نوع بأنه : لم يكن ليتجرأ على التحرش بي لو لم يكن حل من ارتباطه الآخر . أو : لا بد أنهما على خلاف حتى تبتعد عنه كل تلك المدة ............... كنت أبحث عن خشبة خلاص أتعلق بها لأصون كرامتي الجريحة ، وهذه التخريفات المصطنعة كانت نوعاً من المكابرة على واقع كنت أشعر به مهيناً دون أن أتمكن من مواجهته . لكن التناقض كان واقعاً بين ما تبقى عندي من تقدير لنفسي  ، وما أرغب به بجنون . التناقض كان صارخاً ولا يمكن الهروب منه إلا بهذا البله المصطنع ............

 

  أن ينظر إلي على أنني فتاة سهلة ?

 

  أن يفكر بأنني من الممكن أن أرضى بعلاقة جانبية ?

 

  أن يظن بأنني من الممكن أن أتقاسمه مع امرأة أخرى وأن يتقاسمني مع رجل آخر ?

 

  هذا تخريف لا بد !

 

  مستحيل بأن يفكر هكذا ، مستحيل بأن يراني على هذه الصورة ، مستحيل !

 

  كل الماضي الذي أتيت منه كان نقياً ، وكل ما أشعر به وأتمناه هو حب  صاف ومطلق لا تشوبه الشوائب . ثم ، لماذا سوف أرضى أنا بهذا الدور الهامشي الذليل ? وهل الحب بنظره هو هذا ? هل السعادة هي هذه ?  لو كنت أبحث عن أي علاقة ، أفلن يكون في مقدوري بأن أجد متطوعاً آخر بديلاً عنه ? لا ، لا يمكن أن يكون تفكيره بهذه السطحية أبداً !

  

  مدة مديدة تجاذبتني فيها كل تلك الأفكار . رحت أقاومها وأحاول بأن أصرعها كمن يصارع طواحين الهواء . كنت خلالها " دون كي شوت " الحب بدون منازع . طويلاً ، طويلاً ، ولوحدي ........... التجأت إلى الأوهام تحميني من ملامة عقلي الذي لم يستطع كبح جماح رغبتي  ،ولم يستطع تقديم البديل .

 

  حتى ذلك اليوم الشهيد !

 

  حتى ذلك اليوم الفاصل ، ظللت أتأرجح بين النار والنار ، ودون أن أنجح في اجتثاث بذور الأمل الكاذب . ظللت أحلم بأنه سوف يكون لي ، ربما ، يوماً ما ، بكليته ، بكل مافيه من مكر ونعومة، وكل ما في سريرته الخبيثة نحوي من طمع . ببسمته الساحرة وبذاءة لسانه عندما تعتريه حمى الشتائم القليلة الحياء ........... بلسانه المراوغ ، وكل الشبق المطل من عينيه لما ينسى بأنني أراه . أن أحتويه بجوارحي كلها وأنا كما أنا ، بقوتي ، وعنفواني ، وعزة نفسي ، التي لا ترتضيه إلا كاملاً ........... كنت أظن بأنني قادرة على أن أطير به ، لنطوف البلدان والشطآن ، لأباهي به العالم ، وأحميه من الجوع ، والبرد ، والمرض ، والتعب ، وإصابة العين الغادرة ، التي لم يكن يؤمن بها .

 

  حتى ذلك اليوم الشهيد !

 

  ما حدث في ذلك اليوم ، هو ما سوف أحكيه لك في رسالتي القادمة .

 

  حتى ذلك ، كوني بخير ، وإلى اللقاء .

 

 

*ضياء
28 - مارس - 2006
لغز 3    كن أول من يقيّم
 

قال الحكيم وقد أثرت iiشجونه وُلـد الخليُّ بكل حبك iiجاحدا
كذب الزمان عليك منذ iiعرفتَه وصدقتُ في الأيام يوما واحدا

*زهير
28 - مارس - 2006
آلام شاكيرا    كن أول من يقيّم
 


مـمـا يخفف من جرحي ومن iiسقمي إذا  نـظـرتُ قـليلاً في يدي iiوفمي
الـشـاهـدان بـأنـي كـنتُ iiليلتَها مـنها  ومن شعبها المحزون في iiحرم
وشّـيـتُ  بـردةَ شـاكـيرا لتلبسها

لآخـر  الدهر وشيَ السحر من iiكلمي

 

لا يحسب الناس شاكيرا التي اشتهرت وأصـبـحـت بـينهم ناراً على علم
فـربـمـا  كان من لم يعرفوا iiصنماً لـمـن يـظـنـون فيها فتنة iiالصنم
سـيـعـلـم الـزمـن الغدار أن بنا مـن  الـكـرامـة ما فيه من iiالوخم
وقـبـل أن تـعـرفينا كنت iiضائعةً

وكـان حـظـك فـيـه غيرَ iiمبتسم

 

رأيـتـهـا وهـي في كبرى iiوقائعها بـالـرمـح تقعصُ فسلاً ساقط iiالهمم
فـي ظـهر أدهمَ لم تُوطئ يديه iiثرىً مـمـا  تـشـد بـه من عروة اللُّجُم
مـد الـوضـيـع إلـيـها كفه iiعبثاً مـن  غـيـر أذن ولا علمٍ ولا iiحُرَم
فـهـزَّ كـل مـآسـيـهـا iiوذكّرها جـدودهـا  من ملوك الشرق iiوالعجم
أيـام  كـانـت تـخر الراسيات iiلهم وكـان أجـداده فـي جـمـلة iiالخدم
ولـسـتُ أنـسـى لشاكيرا iiبطولتها شـفـت وربِّـك مـخنوقاً من iiالشمم
تـقـول  والـدمع مسفوح على iiفمها قـد عـفـت رائحة الغربان iiوالرخم
مـن  فـي عـبوديتي هذي iiيقاسمني ذل الـتـقـلـب مـن وغدٍ إلى iiقزم
لـم أدْرِ بـيـنـهما في القهر iiجاريةً

أمشي على الجمر أم أسعى على iiقدمي

 

يـا  نـظـرةً مـثل كأس السم iiقاتلةً مـاذا  دعـاك إلـى إهـراقها iiبدمي
صـبّت  دموع الأسى فيه ولو iiقسمت كـانـت تـفـرق آلامـاً على iiالأمم
كـم سـافـل لا يرى في قهرها iiألماً يـحـاور الـناس في الأخلاق iiوالقيم
وكـم خـسـيـس مهين القدر مبتذلٍ يـقتات  من جلدها المسلوخ في الظلم
تـراه فـي رفـعة في الناس محترماً وفـي  عـنـاق الصبايا غير iiمحترم
لا تـحـسـبـي أن حطي منه iiنافعه

سـوَّاه  لـلـغـدر مـن سوّاك iiللألم

عـلّـقـتُ صورتَها في طول iiقامتها لـعـل يـنـفـخ فـيها بارئ iiالنسم
أجـسُّ كـل صـباحٍ هل جرى iiدمها مـلـوّحـاً  لـسـواد الـعين iiبالقلم
ظـنّ  البليدُ يرى في البيت iiصورتها فـقـلـت يـا ضيعة الآداب iiوالحكم


 

*زهير
28 - مارس - 2006
 2  3  4  5  6