البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الفلسفة و علم النفس

 موضوع النقاش : هل الذكاء واحد أو متعدد?    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 وحيد 
4 - فبراير - 2006

      ساد ويسود اعتقاد عام أن الذكاء الإنساني واحد...وهو اعتقاد رسخته مجموعة من النظريات والمقاربات السيكولوجية التي اختزلت القدرات والإمكانات الإنسانية في الذكاء اللغوي أو المنطقي الرياضي؛ بحيث أصبحنا نصف ذكيا ذلك الشخص الذي يتوفر على إمكانات لغوية في التعبير والتركيب والصوت والتداول؛ أو ذلك الشخص الذي يستنتج ويستنبط ويستعمل الاستدلال المنطقي المجرد أو البراهين الرياضية المعقدة....لكن في السنوات الأخيرة ظهرت نظرية جديدة أحدثت قطيعة جذرية مع المقاربة الأحادية للذكاء، سميت بنظرية الذكاءات المتعددة. صاحب النظرية هو عالم النفس الأمريكي هاوارد جاردنر HOWARD GARDNER في كتابه المنشور سنة 1983 "أطر العقل"، والذي طرح فيه سبعة ذكاءات: الذكاء اللغوي؛ المنطقي الرياضي؛ الفضائي البصري؛ الجسمي الحركي؛ الموسيقي؛ التفاعلي؛ الذاتي. وفي ستة 1996 أضاف جاردنر ذكاءين جديدين هما: الذكاء الطبيعي والذكاء الوجودي. ومما يعطي لهذه النظرية قوتها العلمية أنها تتأسس على معايير دقيقة ومتنوعة في وصف وتمييز هذه الذكاءات. وبعد أن أسس جاردنر هذه النظرية علميا استقبلها رجال وخبراء التربية  ووجدوا فيها نموذجا بيداغوجيا جديدا يمكن اعتماده في التخطيط التربوي ووضع الأهداف وبناء الدروس والتقويم وتدبير الصف المدرسي وتنمية الابتكار...إلخ. إنها نظرية بقدر ما تأخذ الفوارق الفردية بعين الاعتبار في الممارسة التربوية تتأسس على مفهوم للمدرسة هي المدرسة العادلة التي لا تراعي تعدد قدرات ومهارات وكفايات المتعلمين.

أنا باحث مغربي حاصل على درجة الدكتوراه. وكان موضوع أطروحتي حول التطبيقات التربوية لنظرية الذكاءات المتعددة. وهدفي من طرح هذا الموضوع تحسيس المواطن العربي ـ سواء كان أبا أو أما أو مربيا معلما أو مسؤولا في قطاع من قطاعات التربية والتكوين أو طالبا ... ـ بأهمية هذه النظرية الجديدة التي تؤكد على أن كل إنسان يزخر في ذاته بإمكانات وقدرات هائلة ما زلنا لم نكتشف إلى القسط القليل منها. فداخل الإنسان كنز مكنون. وعلى الآباء والمربين أن يسعوا إلأى اكتشاف واستخراج أبعاض من هذا الكنز لدى أطفالنا العرب من أجل مواجهة التحديات والإكراهات التي تحيط بنا والتي تتطلب منا تنمية كل قدراتنا الإبداعية. ما هو دور علماء النفس العرب إزاء هذا الرهان على الرأسمال البشري العربي?

الفقيهي

     

  

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الذكاء العام والخاص    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

عرّف بينيه (1905 ) الذكاء بأنه القدرة على الفهم والحكم الصحيح وتوجيه السلوك لبلوغ الأغراض ، ولم يذهب تيرمان ( 1920) بعيداً من ذلك حين عرّف الذكاء بأنه القدرة على التفكير التجريدي ، كما عرفه البعض بالقدرة على حل المشكلات ، ويمكن القول إن تعريفات الذكاء في هذه المرحلة تمحورت حول الفهم ، وبعدها دخلت مرحلة جديدة إثر دراسات ثيرستون العاملية ( 1938) والتي استبعدت فكرة الذكاء كقدرة عقلية واحدة ، وأشارت إلى وجود قدرات عقلية متعددة منها : القدرة المكانية ، القدرة العددية ، والاستقرائية والادراكية ... وغيرها ، ومنذ ذلك الحين والجدل قائم بين علماء النفس في حقيقة الذكاءأهو واحد أم متعدد ? وفي حال تعدده ، فما هي القدرات ( ثيرستون ) أو ( العوامل ) أو الأشكال ( كاتل ) التي يتكون منها ?إن إجابة نهائية على هذه الأسئلة المعقدة ليست بالطبع منظورة في المدى القريب ، وأياً كانت الإجابة فإن الذكاء في العموم يشمل التفكير ، وحل المشكلات ، والتعلم ، والتكيف ،وقد تحدث بعض علماء النفس وخصوصاً ( الروس ) حول الذكاء العام والذكاء الخاص ، واعتبر هؤلاء أن هناك ذكاء عاما  لدى كافة البشر في حين يتميز البعض منهم بذكاء خاص هو ما أطلق عليه القدرات الخاصة ، وقد صممت الاختبارات والروائز (2) على هذا الأساس فأصبح هناك مقياس للذكاء العام ، ومقاييس للقدرات الخاصة، وأحياناً تقاس كل قدرة بشكل منفصل، وأحياناً تقاس القدرات الخاصة مجتمعة، وهذا ما يعرف ببطارية الاختبارات، والتي تضم مجموعة من المقاييس لعدد من القدرات ، وتذكر جهود ( جيلفورد ) في هذا المجال.

أحب أن ألفت نظر الأستاذ وحيد إلى أن التراث العربي غني بدراساته حول هذا الموضوع والتفوق العقلي عموماً ، وأحيله هنا إلى مؤلفات ابن الجوزي وخصوصاً كتابيه ( الأذكياء ) و( أخبار الحمقى والمغفلين ) ، ويتبين من خلالهما أن له نظرية خاصة في الذكاء ، وإن لم تعرض لديه بشكل واضح جدلية الذكاء : واحد أم متعدد? ولكن يمكن التوصل إلى بدايات هذا الاتجاه لديه وذلك من خلال ذكره للمهارات التي تستخدمها كل مجموعة مهنية لحل المشكلات التي تواجهها ، وفي تصنيفه للسلوكات الذكية على أساس المناشط = حسب تعبير ابن الجوزي ويريد القدرات= العقلية ، وهنا يتضح أنه اقترب كثيراً من الرأي القائل بأن الذكاء هو قدرات متعددة، ويقارن بعض المهتمين بدراسة التراث بين قياسات ابن الجوزي للذكاء وطرق تقديره وبين الاختبارات المعاصرة ( بينيه ، وكسلر ) ويحددون العديد من نقاط الالتقاء ، وبالطبع هناك الكثير من الآراء حول موضوع الذكاء في عدد من كتب التراث قد يكون من المفيد قراءتها والاستئناس بما ورد فيها.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) العاملية: نظرية تنظر إلى الذكاء باعتباره مجموعة من العوامل والمحددات

(2) الروائز: المقاييس النفسية والعقلية.

*خولة
4 - فبراير - 2006
الذكاء بين العلم والتاريخ    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 

أشكر الأستاذة الفاضلة خولة على تعقيبها العلمي الرصين؛ وأنوه بموقفها حول مرجعيات الذكاء في تراثنا العربي الإسلامي.

أود ـ أستاذتي ـ أن ألفت الانتباه إلى أنه رغم كل المقاربات السيكولوجية التي درست وفسرت الذكاء؛ كان دائما هناك تردد مزدوج. يتعلق الأول بتردد علماء النفس على تسمية ووصف "القدرات" و"العوامل" بنعت "ذكاءات". لقد حسم جاردنر هذا النقاش ووصف القدرات الموسيقية والجسمية الحركية والفضائية البصرية بالذكاءات. أي أنه اعترف بها ومنحها شرعيتها مثلما هو الأمر في الذكاء اللغوي. الأمر الثاني أن الباحثين ـ ثورستون؛ كاتل؛ جيلفورد وغيرهم ـ ظلوا وفيين لاختبارات الذكاء الكلاسيكية التي تقوم عادة على الورقة والقلم؛ وهي الاختبارات التي تجد نموذجها الأصلي الأول في مقياس بينيه.

وأود الإشارة كذلك إلى عدم وجود اتفاق بين علماء النفس في تحديد هذا المفهوم. وقد وصل الاختلاف إلى حد التناقض أحيانا. لقد كان قصدهم الارتقاء من التعدد العيني وكثرة الظواهر والمؤشرات إلى وحدة دلالة المفهوم. وعرفت محاولاتهم لتحقيق هذه الوحدة ـ خلال تاريخ بناء المفهوم ـ لحظات متوترة ومتداخلة.  في سنة 1921, طلبت (مجلة علم النفس التربوي) الأمريكية من أربعة عشر سيكولوجيا تحديد مفهوم الذكاء, فقدموا أربعة عشر تعريفا مختلفا, هذه بعض منها..

كولفان     S.S.Colvin  " الذكاء هو تعلم أو القدرة على تعلم التكيف مع الوسط"

هنون V.A.C.Hennon  "الذكاء هو استعداد للمعرفة والمعرفة المكتسبة"

بيترسون    J.Peterso ": الذكاء  آلية بيولوجية تنتقل وتتحول من خلالها الأفعال الناتجة عن  المثيرات   المعقدة إلى فعل موحد يتمثل في السلوك"

ثورستون L.L.Thurstone": الذكاء هو القدرة على كبح تكيف غريزي. وهو قدرة على إعادة تحديد تكيف         غريزي على ضوء المحاولات والأخطاء المتخيلة. وهو قدرة الإرادة على تحقيق تكيف غريزي معدَّل داخل السلوك لمصلحة الفرد باعتباره حيوانا اجتماعيا"

تيرمان  L.M.Terman    "الذكاء هو القدرة على التفكير المجرد"

ثورندايك E.L.Thorndike   "الذكاء هو القدرة على تقديم استجابات صحيحة بالنسبة للحقيقة أو الوقائع"

وودروو  H.Woodrow  " الذكاء هو  قدرة على التعلم, أي القدرة على اكتساب القدرة "

بينتنر  R.Pintner    " الذكاء هو القدرة على التكيف على نحو مناسب مع المواقف الجديدة "

ديربورن  W.F.Dearborn                 " الذكاء هو القدرة على التعلم والاستفادة من التجربة".

 

     لقد كشف الاستطلاع أنه بقدر تعدد المستجوبين من العلماء تعددت معاني الذكاء. وفي سنة 1986 نظم استطلاع آخر همَّ 24 عالم نفس, طُلب منهم فيه تعريف مفهوم الذكاء, حيث تم رصد 27 خاصية استعملت في تحديد الذكاء. لكن ما أثار الدهشة أنه ـ من بين مجموع تلك الخاصيات ـ لم تُسجل ولو خاصية واحدة وقع حولها إجماع وذُكرت من طرف الجميع. أما الخاصية الأكثر تكرارا وترددا فقد ذكرت فقط من طرف نصف مجموع المشاركين.. والملاحظ أن معظم التعاريف ربطت الذكاء ببعده الوظيفي, أي بعملية التكيف الذي يتجلى في تشكيل سلوكات مرتبطة بوضعيات معينة مستقلة نسبيا عن الشروط والمحددات البيولوجية. ولذلك فتعريف الذكاء بأنه القدرة عن التكيف مع وضعيات جديدة, أو القدرة على حل المشكلات, أو القدرة على الفهم والتعلم, هو تعريف يتأسس على اعتبار الذكاء تكيفا. تلك هي نقطة الالتقاء بين علماء النفس. لكن التكيف مفهوم عام يحتاج إلى نوع من التحديد الإجرائي الدقيق. ويبدو أنه في هذا المستوى يبدأ الاختلاف والتباين بين أطراف العائلة السيكولوجية. والمفارقة أنه بمجرد الشروع في مثل هذا التحديد الإجرائي ننتقل من التعريف الوظيفي (الذكاء تكيف) إلى التعريفات التي تركز على الإنجازات والأداءات أو السيرورات النفسية أو الشروط والترابطات البيولوجية. واعتبارا إلى شساعة مستويات الذكاء كسلوك تكيفي فإن تخصيصها سيتم بطرق عدة, وبالتالي ليس من الغرابة أن كل طرف سيركز ويعلي من شأن المظاهر التي يدرسها, وهو مؤشر قوي على عدم الاتفاق.

ـ أما فيما يخص تأسيس أو تأصيل موضوع الذكاء في تراثنا، قد لا أخالفك الرأي من المبدأ. لكني أحتاط من الذهاب أبعد والمغامرة بالقول بوجود نظريات خاصة ومتكاملة حول الذكاء. إن ابن الجوزي ـ في تعريفه للذكاء ـ ظل مرتبطا بالمرجعية الدينية التي تربط الذكاء بعملية الفهم؛ كعملية يقوم بها القلب أساسا. يقول? وحد الذكاء: جودة حدس من هذه القوة, تقع في زمان قصير غير ممهل, فيعلم الذكي معنى القول عند سماعه. وقال بعضهم: حد الذكاء: سرعة الفهم وحدته, والبلادة جموده. وقال الزجاج: الذكاء في اللغة تمام السن, ومنه الذكاء في الفهم وهو أن يكون فهما تاما,سريع القبول, وذكيت النار إذا أتممت إشعالها?.  أي أن الذكاء يخضع لمؤشر زمني هو السرعة, حيث يكون الفهم سريعا عندما يحدث في زمان قصير غير ممهل, ويكون ذكيا ذاك الذي "يعلم معنى القول عند سماعه", أو ذاك الذي يفهم الإشارة من العبارة. وإذا كانت سرعة الفهم, أو الفهم الحاصل في زمن قصير, هو المظهر أو المؤشر الأساسي للذكاء, فإن قوام هذا الفهم السريع هو  التلقي الجيد للخطاب, أي إدراك ومعرفة القول عند سماعه. وبهذا سيتحدد الذكاء بالسرعة في الفهم, أي بسرعته في تمثل معنى الخطاب بشكل دقيق وتام. إن الذكي هو المتفوق على غيره زمنيا في استيعاب المعنى, أي في القدرة على الربط بين الدال والمدلول. هاهنا نجد أنفسنا مرة أخرى بصدد تصور أحادي يختزل الذكاء في الفهم عن طريق اللغة.

مع شكري لك الأخت خولة . ولنا عودة إلى الموضوع إن شاء الله.

وحيد الفقيهي

Fakihi64@hotmail.com

*وحيد
6 - فبراير - 2006
الذكاء والفروق الفردية    كن أول من يقيّم
 

أشكر الأستاذ وحيد على المعلومات القيّمة والحديثة التي زودنا بها ، وأريد أن أعقب فقط على موضوع الذكاء كما تناوله ابن الجوزي ، والذي يوضح أن الذهن هو الوظيفة النفسية التي يمكّن الإنسان من القيام بعمليات مثل الفهم  ( الفهم جودة التهيؤ لهذه القوة ) ، أما الذكاء فهو ذلك الجزء من الذهن ، أو بكلمة أكثر تداولاً تلك البنية الذهنية التي تقوم وعلى وجه التحديد بعمليات الفهم المذكورة ( الذكاء جودة حدس من هذه القوة ..فيعلم الذكي معنى القول عند سماعه ، وبهذا حددوا الفهم فإنهم قالوا: الفهم هو العلم بمعنى القول عند سماعه ) ، فالذكاء إذن عند ابن الجوزي ، هو تلك البنية الذهنية التي تقوم بعمليات الفهم ، غير أنه يعتمد تعريفات أخرى للذكاء تساعد في شرح المقصود من فكرة الفهم في هذا السياق، إذ يوضح أن الذكاء يقدر أولاً بجودة وكمال المعنى الذي يتم فهمه، وثانياً بالسرعة التي التي يكتسب فيها ذلك الفهم ،يقول ( جودة حدس تحدث في زمان قصير غير ممهل ) ، ويقول : ( وقال بعضهم حد الذكاء سرعة الفهم وحدته .... وقال الزجاج : الذكاء في اللغة تمام الشيء .. وهو أن يكون فهماً تاماً سريع القبول ) وعلى ذلك فإن التفاوت بين الناس في الذكاء هو تفاوت أولاً في كمال الفهم ، وثانياً في سرعته .

وأقول للأخ وحيد أنه بغض النظر عن توافقي أو اختلافي مع ما أورده ابن الجوزي ،فإنه من المفيد وبل الضروري مراجعة ما جاء فيها والاستفادة منها ، هذا أولاً ، وثانياً بالنسبة لموضوع اعتماد السرعة في الفهم معياراً من معايير الذكاء ألا يرى معي الأستاذ وحيد _ وهو المتخصص في هذا المجال وأكثر علماً مني بالطبع _ أن  اختبارات الذكاء الحديثة تحدد زمناً معيناً للإجابة عن كل بند من بنودها ، كما تولى أهمية للزمن الكلي الخاص بالاختبار ،وبالتالي تكون السرعة في الاستجابة والقدرة على الفهم السريع أحد مؤشرات الذكاء الهامة .

وأعود إلى السؤال الأساسي حول دور علماء النفس العرب في تطبيق نتائج نظريات علم نفس الفروق الفردية ونظريات الذكاء في العالم العربي، فأقول : حسب وجهة نظري المتواضعة لا يوجد علماء نفس في الوطن العربي ، وإنما يوجد متخصصين ودارسين لهذا العلم ، ويمكن للذين تمكنوا منه ،وتعمقوا في فروع معينة فيه كسيكولوجيا التفوق العقلي، وعلم نفس الفروق الفردية ،والمقاييس النفسية والعقلية ،والإرشاد النفسي المدرسي والمهني .. وغيرها ، أقول يمكن لهؤلاء أن يقدموا خدمات جليلة في المجال التربوي والمهني ، وذلك عبر بناء اختبارات تناسب البيئة العربية ضمن أطر متعددة ومتنوعة لتشمل كافة مجالات التوجيه المدرسي والمهني،فيتم توجيه الأبناء نحو الدراسة التي تناسب قدراتهم وميولهم  ، وبالتالي نحو المهن التي تناسبهم، وبذلك نساهم في التوافق بين مخرجات التعليم وسوق العمل والتي تعتبر من أهم أسباب انتشار البطالة بين خريجي الجامعات في الوطن العربي ، وفي مجال آخر يمكن الاستفادة من تطبيقات علم النفس في هذا الجانب في القطاع الصناعي والمهني عموماً وذلك من خلال العمل على تقنين الطاقات والقدرات والاستغناء عن الكثير من الجهود التي تهدر في أداء مهمات لا تتطلب كل ما يبذل عليها من وقت وجهد ، وعلى كل حال لا يمكن في هذه العجالة تعداد كل مايمكن تقديمه في الحقول المختلفة وفي مجالات الحياة عامة ، ولكن أفضل ما يمكن تقديمه وما نحن نحتاجه بشكل عاجل هو في المجال التربوي وعملية إصلاح التعليم التي نسمع عنها الكثير في عالمنا العربي ولا نشهد نتائج ، ويمكن الإطلاع على التجارب العالمية في هذا الخصوص وخصوصاً التجربة الألمانية ، ولكن أرجو أن لا يظن الأستاذ وحيد أنني متشائمة إذا قلت له إن أي شيء مما نطمح إليه في هذا المجال لن يتحقق لأن العرب ينظرون إلى علم النفس وكانه تكملة عدد ،ومهن المساعدة النفسية من توجيه وإرشاد وعلاج في نظرهم هي مهن ترفيهية يعمل فيها من لا عمل لهم ويقصدها المتبطرون فقط.

*خولة
8 - فبراير - 2006
الذكاءات المتعددة    كن أول من يقيّم
 

و تطوير الكفايات.

-أهنئ أولا الأخ وحيد و الأخت خولة على مساهماتهما القيمة.

-مساهمتي أقتطفها من خاتمة كتاب -الذكاءات المتعددة وتطوير

الكفايات - للدكتورمحمد أمزيان-

*سعى هذا المؤلف الى إبراز أهمية الفروق الفردية على مستوى

القدرات العقلية ، أو الذكاءات في تطويرالكفايات المدرسية أوالمهنية

لدى المتعلمين بوجه عام . ولعل كل مرب أو متتبع لقضايا التربية

و التكوين يلاحظ باستمرار مدى الهوة السحيقة التي تفصل بين الطرائق

الحالية المتبعة والطرائق التي تنادي بها البيداغوجيا المعرفية ، التي تقوم

أساسا على المقاربة الفارقية في تدبير الاختلافات بين المتعلمين أثناء

التعلم .

إن طرائق التدريس الحالية تندرج ضمن نظام تعليمي و تربوي لا زال

يضفي طابع القدسية على المضامين الدراسية وعلى الدور البارز للمدرس

باعتباره مصدر المعرفة . وهذا يعني أن أمامنا أشواطا طويلة لقطعها قبل

الوصول إلى مرحلة الوعي بأهمية تدبير الفروق الفردية و إرساء بيداغوجيا

معرفية يكون همها هو تنمية مهارات المتعلمين و تطويركفاياتهم استنادا إلى

نقط القوة و التفوق لدى كل واحد منهم . 

*abdelhafid
9 - فبراير - 2006
الذكاء واحد وأوجهه متعددة    كن أول من يقيّم
 

 السلام عليكم ورحمة الله 

الذكاء له أوجه عديدة، إذ لا يعني أن الانسان الذكي في مجال معين أنه ذكي في كل المجالات.

يولد الانسان كصفحة بيضاء . أي أن جميع البشر يولدون بنفس المؤهلات العقلية والعضوية. لكن العنصر الأهم هو المحيط الخارجي لهذا الكائن . إذ يعمل هذا الأخير على تنمية قدرات هذا المخلوق المتميز عن الحيوان ... على سقل وتطوير قدراته وجعله يفكر بطريقة سليمة ... وبالتالي اتخاذ قرارات صائبة ، كما يساعده فهمه الصائب لمحيطه الخارجي على امتلاك خبرة كبيرة في فترة قصيرة ... وبالتالي يوصف هذا الإنسان أو ذاك بالذكاء.

لكن هذا الانسان الذي يوصف بالذكاء عندما نختبره في مجال آخر لا علاقة له بتخصصه فإن هذا الانسان سيبدو لنا غبيا لأنه ليس لديه ادنى خبرة في التعامل مع مثل هذه المعطيات الجديدة. كما ان الانسان الذي نصفه بالغباء عندما نختبره في مجال آخر ... قد نجده ذكي لأنه يهتم به ويستثمر كل قدراته العقلية في هذا المجال دون غيره.

العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس. لكن الضروف المحيطة بالشخص هي المسؤلة عن بروز هذا الذكاء والنبوغ  أعدم ظهوره. إذ يلعب العامل الاجتماعي والنفسي دورا مهما في تكوين شخصية الطفل... فمرحلة الطفولة هي أهم مرحلة في حياة الانسان...  هذا والله أعلم

    

*علاء
12 - فبراير - 2006
أصناف الذكاءات    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

أصناف الذكاءات

أشكر جميع من ساهم في إغناء هذه الموضوع الذي يحتاج بالفعل إلى مساهمات واجتهادات ومبادرات عديدة من أجل توفير شروط محفزة لتنمية مختلف مظاهر الذكاء لدى الأطفال والمتعلمين.

قلنا سابقا إن نظرية الذكاءات المتعددة شكلت نموذجا جديدا وقدم إطارا متميزا في تصور وتفعيل القدرات الذهنية الإنسانية. ومن أجل تجاوز المشاكل المنهجية التي تطرحها اختبارات الذكاء، وتجاوز النزعة الغربية المتمركزة التي تقصي تعدد السياقات الثقافية، تعرف هذه النظرية الذكاء بأنه إمكانية بيونفسية تشمل ثلاث عناصر: القدرة على حل المشكلات التي يصادفها الفرد في حياته اليومية؛ والقدرة على خلق أو ابتكار نتاج مفيد أو تقديم خدمة ذات قيمة داخل ثقافة معينة؛ ثم القدرة على اكتشاف أو خلق مشكلات ومسائل تمكن الفرد من اكتساب معارف جديدة. وهو تعريف يقر بضرورة ربط الذكاء بالسياق الثقافي، باعتبار أن طبيعة المشكلات التي يتم حلها وقيمة الخيرات التي يتم إنتاجها تختلف من ثقافة إلى أخرى؛ فهي قد تكتسي قيمة قصوى داخل مجتمع مقارنة مع مجتمع آخر له أولويات أخرى في سلم القيم. وإذا كان الأمر كذلك فإن قدرات الأفراد في حل المشاكل وإنتاج الخيرات ستكون متعددة ومتباينة، ليس فقط بين الحضارات، بل وداخل الحضارة الواحدة.

في كتابه (  Frames of mind) طرح جاردنر سبعة ذكاءات، ثم أضاف فيما بعد ذكاءين ليصبح المجموع تسعة ذكاءات:

1 ـ الذكاء اللــغـــــوي

يعتبر الذكاء اللغوي القدرة الأوسع انتشارا والأعدل توزعا لدى النوع البشري. يتجلى في مستواه البسيط في قدرة الفرد على التعرف على مختلف الحروف الأبجدية والكلمات المعزولة والجمل البسيطة، وفي القدرة على إنتاجها عبر أنشطة الكلام والكتابة. ويتجلى في مستواه المعقد في القدرة على استعمال اللغة بشكل معقد وسليم في التعبير والتواصل، وفي فهم مختلف استعمالات اللغة داخل سياقاتها المتعددة. كما يتجلى في التوفر على قاموس لغوي غني وواسع، واستعماله في الكلام والكتابة لتبليغ الأفكار والمشاعر. أما في مستوى التمكن فيتجلى في القدرة على إبداع أعمال أصيلة، واستعمال الأساليب البيانية المتعددة، والتعامل مع اللغة كلغة واصفة. تتموضع قدرات الذكاء اللغوي بالخصوص في الفصوص الصدغية والجبهية اليسرى (كمنطقة بروكا ومنطقة فرنيك).

2 ـ الـذكــاء الـمـوسـيقــــي

يتجلى الذكاء الموسيقي، في شكله البسيط، في القدرة على التعرف على مجموعة من بنيات الأصوات والأنغام والإيقاعات، والاستجابة لها والتجاوب معها وتقليدها. ويظهر، في مستواه المعقد، في قدرة الفرد على إنتاج الألحان والأغاني السائدة والأصيلة، وإدراك مختلف التأثيرات الموسيقية والإيقاعية، وربطها بالانفعالات والحالات النفسية، والتمييز بين أصناف الموسيقى. وفي مستواه الراقي، يظهر الذكاء الموسيقي في القدرة على استعمال الموسيقى للتعبير عن الأفكار والمشاعر، وتقاسم الحس الموسيقي مع الآخرين، وفهم مختلف القوالب والأشكال الموسيقية والبنيات الإيقاعية، والتمكن من فهم الرموز والمفاهيم الموسيقية. ومعروف أن منطقة القدرات الموسيقية توجد داخل الفص الصدغي الأيمن.

3       ـ الذكاء المنطقي الرياضي

يبدو الذكاء المنطقي الرياضي، في مستواه الأساسي، في قدرة الفرد على القيام بعمليات العد والتصنيف والعكس على موضوعات عينية، وكذا معرفة الأرقام وربط الرموز العددية بما يقابلها من الأشياء، واتخاذ هذه الأخيرة قاعدة للقيام بعمليات استدلالية بسيطة. ويظهر، في مستواه المعقد، في قدرة الفرد على القيام بعمليات وحسابات رياضية منظمة، وتوظيف مجموعة منها في حل المشكلات، وامتلاك تفكير مجرد يعتمد على المفاهيم، وفهم الإجراءات الرياضية والخطاطات المنطقية المختلفة. ويتجلى هذا الذكاء، في مستوى النبوغ، في القدرة على توظيف العمليات الرياضية وإيجاد المقادير المجهولة أثناء حل مسائل معقدة، وفهم واستعمال سيرورات وأنشطة فوق معرفية métacognitives، مع استعمال التفكير المنطقي والقيام في نفس الوقت بالعمليات الاستقرائية والاستنباطية.  وتتموضع قدرات هذا الذكاء في الفصوص الجدارية اليسرى واليمنى، وفي الفصوص الجبهية اليسرى.

4 ـ الـذكــاء الـفضـائــــــي

يتمثل الذكاء البصري ـ الفضائي، في أبسط مستوياته، في القدرة على التعرف على مختلف الألوان والأشكال، والاستمتاع بها والاستجابة لها، وفي إبداع رسوم وأشكال ونماذج وصور بسيطة، وفي المعالجة المادية للأشياء وتجميعها يدويا، والتحرك داخل الفضاء والتنقل من مكان إلى آخر. كما يتمثل، في مستواه المعقد، في معرفة وإنتاج الأبعاد الفضائية (المكانية)، وإعادة إنتاج الموضوعات والمشاهد من خلال الرسم والنحت والتصوير والمسرح، وقراءة مفاتيح ورموز ومساحات الخرائط، واستعمال الخيال المبدع وتشكيل الصور الذهنية، ورؤية وفهم المواضيع والمشاهد منظورا إليها من أبعادها المختلفة. أما في مستوى المهارة والتحكم، فيتجلى الذكاء البصري ـ الفضائي، في فهم كيفية إنجاز مهام معينة وفق تصميم أو شكل معين، ووضع بطائق أو خرائط محددة لتحديد مسار معين أو ترميز أماكن محددة، وإبداع أعمال فنية، وفهم الرسوم أو الصور الفضائية (المكانية) المجردة، كالرسوم الهندسية، ومعرفة وإنتاج علاقات بصرية فضائية معقدة بين الأشكال. أما مراكز هذا الذكاء فتوجد في المناطق الجدارية والقفوية من النصف الأيمن للدماغ.

5       ـ الذكـاء الجسمي ـ الـحـركـي

يتجلى الذكاء الجسمي ـ الحركي، في مستواه الأولي، في الأفعال الارتكاسية الآلية، وفي الحركات البسيطة ومختلف الأنشطة الجسدية التي تمكن من تحقيق الاستقلالية والتحكم في الوسط المادي وإنجاز أفعال مقصودة لتحقيق هدف معين. ويتجلى، في مستواه المعقد، في القدرة على التعبير المناسب بحركات الجسد ولعب الأدوار، وعرض الحركات المتناسقة والمنظمة، وممارسة التمارين والمغامرات والألعاب الجسدية. وفي مستوى التمكن، يتجلى الذكاء الجسمي ـ الحركي في القدرة على عرض حركات جسدية مبتكرة، والعرض الدرامي للمشاهد المعقدة والمعبرة عن الأفكار والقيم والمفاهيم، والإنجاز الرشيق لحركات لها هدف محدد. كما يتجلى في القدرة على معالجة الموضوعات المادية التي تتطلب حركات جسدية ويدوية دقيقة ومحكمة، وتنفيذ أنشطة إبداعية وإنجاز اختراعات مادية جديدة. والمناطق المسؤولة عن قدرات هذا الذكاء توجد في المخيخ والنويات القاعدية ومنطقة الشريط الحركي في قشرة الدماغ.

6       ـ الـذكــاء الـــــذاتـــي

يتجه الذكاء الذاتي نحو المظاهر الداخلية للشخص. يتمثل في مستواه البسيط في في القدرة على التمييز بين  مختلف المشاعر والانفعالات والميول الذاتية البسيطة، والتعبير عنها وربطها بتجاربها الخاصة، والوعي بالذات أو بوجودها منفصلة ومستقلة عن الآخرين. كما يظهر، في مستواه المعقد، في إبراز القدرة على التركيز، وتقدير الذات واعتبار أهمية فرادتها وتميزها، والسعي نحو اكتساب الكفاءات الهادفة إلى تطويرها، وتحديد وفهم مختلف المؤثرات في سلوكها وتأثيراتها في علاقتها بالآخرين. أما في مستوى التمكن فيتجلى هذا الذكاء في القدرة على التحكم في الانفعالات والمشاعر والميول الذاتية، والتعبير من خلال قواعد أو شفرات رمزية مختلفة، وتوظيف هذه الأخيرة كوسيلة لفهم وتوجيه الفرد لسلوكه الذاتي، والاهتمام بأسئلة الذات، وسبر وفحص المعتقدات والتصورات والقيم والأهداف الشخصية، والوعي باستعمال السيرورات الفكرية الخاصة في مواجهة الوضعيات الصعبة. ويوجد مثل هذا الذكاء لدى الروائي الذي يتمكن من استبطان ذاته ووصف مشاعره؛ ولدى العميل أو المعالج  الذي يتوصل إلى معرفة عميقة بحياته العاطفية؛ ولدى الشيخ الحكيم الذي يستمد العبر من تجاربه لتزويد الآخرين بها. ومعظم قدرات هذا الذكاء تتمركز في الفصوص الجبهية والفصوص الجدارية والجهاز اللمبي.

7       ـ الـذكــاء الـتفـاعـلـــي                        

يتحدد الذكاء التفاعلي في قدرة الفرد على فهم الآخرين ومعرفة العلاقات التي يتبادلها معهم والتصرف وفق هذه المعرفة. يتجلى في مستواه البسيط في قدرة الطفل على التمييز بين الأفراد الذين يحيطون به (الآباء والأقارب والأصدقاء)، والتعرف على طباعهم المختلفة، والاعتراف بهم وتقبلهم وإقامة علاقات تواصلية معهم، كما يتجلى في القدرة على محاكاة أصوات وتعبيرات الآخرين. ويتجلى في مستواه المعقد في قدرة الفرد على إقامة علاقات متميزة مع الآخرين، وفهم وتفهم وجهات نظرهم، واعتماد آليات المشاركة والتفاعل الاجتماعي، ومعرفة العوامل التي تتدخل في الانتماء الجماعي، والمشاركة في الأنشطة والعلاقات الاجتماعية العامة. أما في مستوى التمكن، فيتجلى الذكاء التفاعلي في قراءة دوافع ونوايا وانتظارات ومعتقدات الأشخاص الآخرين، وفهم طريقة تصرفهم وكيفية التعامل معهم وفق المعرفة الحاصلة حولهم. كما يتجلى في القدرة على حل صراعات وخلق توافقات داخل الجماعة وفق آليات يتم التحكم فيها. وفي هذا المستوى يمكن الذكاءُ التفاعلىُ الفردَ من التأثير الفعال في الحياة الاجتماعية. ونجده عادة لدى الزعماء السياسيين والدينيين، والآباء والمدرسين الموهوبين، والعاملين في قطاع التجارة والأطباء والمعالجين والمرشدين الاجتماعيين. وتتوزع مناطق قدرات هذا الذكاء على الفص الجبهي والفص الصدغي (خاصة في النصف الأيمن) والجهاز اللمبي.

8       ـ الـذكــاء الـطـبـيـعـي

يتحدد الذكاء الطبيعي ـ الذي أضافه جاردنر إلى قائمة الذكاءات سنة 1996 ـ في القدرة على معرفة مختلف خصائص الأنواع الحيوانية والنباتية والأشياء المعدنية، أي معرفة مظاهرها وأصواتها ونمط حياتها ونشاطها وسلوكها؛ كما يتجلى في القدرة على تصنيف وتحديد الأشكال والبنيات الموجودة داخل الطبيعة، في صورها المعدنية والنباتية والحيوانية؛ وتصور أنساقها، والسعي نحو استكشافها وفهمها؛ وكذا تحديد وتصنيف كل الأشياء والمواد المستخرجة من أشياء الطبيعة، أو التي لها علاقة بها. ويتم التعرف على الذكاء الطبيعي لدى الأشخاص الذين تستهويهم الحيوانات وسلوكاتها، ومن لهم حساسية تجاه البيئة الطبيعية والنباتات؛ كما يوجد لدى الذين تستهويهم كيفية اشتغال الجسم الإنساني؛ وكذا الماهرين في تصنيف واختيار وتجميع وجدولة المعطيات. ويوجد في شكله المتطور لدى عالم الطبيعيات الذي يعرف ويصنف النباتات والحيوانات؛ كما يوجد لدى الأشخاص الذين يهتمون بالنشاط الطبيعي من البيولوجيين والجيولوجيين وعلماء الأرصاد والفلك?إلخ.  أما بالنسبة للموضعة الدماغية فتشير أبحاث حديثة إلى أن الفص الجداري الأيسر يلعب دورا أساسيا في التمييز بين الأشياء الحية وغير الحية.

9       ـ الـذكــاء الـوجـــودي                             

هو ذكاء توصل إليه جاردنر كفرضية مازالت تحتاج إلى أدلة علمية، خاصة حول أساسه العصبي. وفي غياب هذا الشرط الذي يشكل إحدى المعايير الأساسية في تحديد الذكاء، كان جاردنر قد أعلن ـ سنة 1996 ـ أن لائحته تضم ثمانية ذكاءات ونصف (وهي إشارة خفيفة إلى عنوان فيلم المخرج الإيطالي  Federico Fellini الذي يحمل عنوان( Huit et demi . يتحدد الذكاء الوجودي في قدرة الإنسان على طرح ومحاولة الإجابة على الأسئلة الكبرى المتعلقة بالوجود الذاتي والإنساني والمعنى العميق للحياة الشخصية والعامة، من قبيل: لماذا نحيا? ولماذا نموت? لماذا نحب? ولماذا هناك شر? كما يتحدد في السعي إلى معرفة المعنى والقيمة اللتين يضفيهما كائن متعال (الله) على حياة الإنسان? وفي البحث عن الترابطات الخفية بين السبب والنتيجة، والصح والخطأ. ويعبر الذكاء الوجودي عن نفسه من خلال الرموز التي تنطوي على مفارقات وجودية، وعبر المعتقدات والممارسات الأسطورية والدينية، ومن خلال النظريات الفلسفية؛ وكذا الرياضات الروحية. وهو يتجلى في أرقى مظاهره لدى المفكر والفيلسوف.....

 

*وحيد
4 - مارس - 2006
حوار مع هاوارد غاردنر Howard Gardner..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
الذكاءات المتعددة:
من التأسيس العلمي إلى التطبيق البيداغوجي

حوار مع هاوارد غاردنر Howard Gardner
 ترجمة وتقديم: عبد الواحد أولاد الفقيهي
 
تقديم:
ثلاث سنوات تفصل بين وفاة جان بياجيه (1980) وظهور كتاب عالم النفس الأمريكي هاوارد غاردنر (1983) حول نظرية الذكاءات المتعددة[1]. إلا أن العلاقة بين الرجلين لا تتأسس فقط على أرضية التنظير للذكاء، بل تحققت قبل ذلك كحضور مباشر بينهما؛ كان ذلك في شهر أكتوبر 1975 بفرنسا خلال مناظرة علمية جمعت عالم اللسانيات نوام شومسكي وعالم النفس جان بياجيه وحضرها هاوارد غاردنر. في تقريره حول هذه المناظرة[2] ينتقد غاردنر تصور بياجيه للذكاء، بل وللعقل الإنساني عامة. ينصب هذا النقد على الجوانب الآتية:
ـ غلو في النزعة العقلانية الموحدة للعقل الإنساني.
ـ استبعاد عوامل الوسط والفوارق أو الاختلافات الفردية
ـ اعتبار التفكير الرياضي مثال ونموذج الفكر الإنساني.
ـ اعتبر الذكاء واحدا عاما يوجد بنفس الشكل لدى الجميع.
هذه الانتقادات التي طرحها غاردنر في حياة بياجيه سيطرحها أيضا بعد وفاته. فبياجيه - بحسب غاردنر- لم يركز في دراسته للنمو سوى على جانب واحد هو النمو العقلي معتبرا أن كل "الأطفال علميين" بالضرورة، وهذا معناه أن بياجيه، داخل هذا النموذج النمائي، لم يعط ما يكفي من الأهمية والاهتمام للسياقات الثقافية الأخرى غير الغربية ولم ينتبه إلى المجتمعات غير الكتابية، بل من المحتمل أن يكون هذا النموذج النمائي غير منطبق إلا على أقلية في المجتمع الغربي نفسه. أضف إلى ذلك أن بياجيه أهمل دراسة كفاءات ذهنية أخرى (غير الكفاءات العلمية: الرياضية – المنطقية) كتلك المتعلقة بالفن والمحاماة والرياضة والزعامة السياسية[3].
إن تأكيد هذه الانتقادات مرة أخرى معناه أن غاردنر يسعى إلى تفادي اختزالية نظرية بياجيه حول النمو المعرفي، بالرغم من عمقها وأهميتها، وبالتالي تجاوز تصوره حول الذكاء: "بالنسبة إلي - يقول غاردنر- توجد أدلة مقنعة على أن الإنسان يملك عدة كفاءات ذهنية مستقلة نسبيا، سوف أسميها فيما بعد، بكيفية مختصرة: الذكاءات الإنسانية"[4]. وفي سنة 1983 تحدث غاردنر عن سبعة ذكاءات: الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي الرياضي، الذكاء الجسمي الحركي، الذكاء الموسيقي، الذكاء الفضائي البصري، الذكاء التفاعلي، الذكاء الذاتي، ثم أضاف بعد ذلك ذكاءين: الذكاء الطبيعي والذكاء الوجودي. وأفق البحث ما زال مفتوحا أمام ذكاءات مرشحة أخرى.. على أساس أن كل ذكاء لا يعتبر كذلك إلا إذا توفرت فيه مجموعة من المؤشرات والمعايير البيولوجية والسيكولوجية والمنطقية، تشكل في مجموعها الأسس النظرية لنظرية الذكاءات المتعددة[5].
بعد تأسيسه العلمي للنظرية اشتغل جاردنر على مجالات إمكانية تطبيقها. ففي سنة 1984 أسس - مع فريقه العلمي- "مشروع الطيف" الذي يهدف إلى بناء مقاربة جديدة حول التقييم ووضع برنامج تعليمي يلائم السنوات المبكرة وفترة ما قبل المدرسة. ويقوم هذا المشروع على مبدأ أساسي مفاده أن كل طفل يظهر ويوظف مجموعة من الذكاءات، إن لم يكن من الممكن تحديد مدى قوتها فمن الممكن دعمها وتطويرها من خلال الأنشطة والمجالات التي يتفوق فيها الطفل وبواسطة برنامج تربوي مناسب ومتميز[6].
إذا كان "مشروع الطيف" يقدم برامج ما قبل مدرسية، فإن مشروع (Key School) يتعلق بالتعليم الأولي. وهناك مشروع PIFS (Practical Intelligence For School) الذي يقدم برامج للسلك الأول من التعليم الثانوي، ومشروع (Arts Propel) كبرنامج موجه لتلاميذ المستوى الثانوي.
علاوة على هذه المشاريع التي يشرف عليها غارندنر مع فريقه في مشروع الصفر Projet Zero التابع لجامعة هارفارد، هناك تجارب أخرى سابقة زمنيا على نظرية غاردنر ترسخ قوة هذه النظرية. من هذه التجارب طريقة معلم الموسيقى الياباني سوزوكي Shinichi Suzuki والتي ابتكرها قبل الحرب العالمية الثانية، وهي طريقة تقوم على تربية المهارات وتنمية الاستعدادات من خلال برامج وتقنيات حول التربية الموسيقية مبنية بشكل دقيق، ويشرع في تطبيقها منذ الولادة، وهدفها هو إعداد الأطفال ليصبحوا مؤدين موسيقيين في قمة العطاء.
هناك أيضا تجارب فردية استلهمت نظرية الذكاءات المتعددة في حقل الممارسة البيداغوجية (في وضع البرامج واستراتيجيات التعليم وفضاء التعلم وتسيير القسم والتقويم والدعم..)[7]. كما قامت عدة مؤسسات باستثمارات بحثية علمية حول النظرية، وساهمت عدة جمعيات في التعريف بها وإقرارها في برامجها وأنشطتها، وتم تقديمها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.. وظهرت عشرات المقالات في مجلات وجرائد وصفحات الإنترنت..
وفي المغرب، كان الفضل للدكتور أحمد أوزي في التعريف بهذه النظرية وتقديمها أمام طلبته بكلية علوم التربية- الرباط، ووضع استراتيجية لتجريبها وتطبيقها من خلال نماذج وتجارب ميدانية[8].
ولعل هذا الحوار الذي نقدمه للقارئ من شأنه أن يفتح منفذا في مسار البحث السيكولوجي والتربوي في المغرب، خاصة وأنه يقدم إشارات قوية حول الجوانب البيداغوجية لنظرية الذكاءات المتعددة وآفاق البحث فيها مستقبلا.
نص الحوار:
سؤال: أنتم مشهورون في الولايات المتحدة من خلال تأسيسكم لنظرية الذكاءات المتعددة. ما هي الوقائع التي قادتكم إلى هذه النظرية؟
غاردنر: إن العناصر الأكثر أهمية هي نتائج البحوث التي توصلت إليها مع الأطفال العاديين والموهوبين، وكذلك مع معالجين راشدين تعرضوا لتلف دماغي[9]. ونتيجة لذلك أدركت أن القوة أو الضعف في مجال عقلي معين لا يسمح بالتنبؤ بأن الشيء نفسه يحدث في مجال عقلي آخر. وخلصت حينئذ إلى أن التصور المعياري للذكاء (والذي وفقه لا يوجد سوى ذكاء واحد، هو الذكاء العام) خاطئ. وبذلك وضعت ثمانية معايير لتحديد مفهوم الذكاء، وقمت بفحص عدة ذكاءات "مرشحة" بهدف التأكد أي منها يمكن أن تنطبق عليه تلك الخاصية/المعيار. وفي سنة 1985 أبرزت سبعة ذكاءات، واليوم ارتفع عددها إلى ثمانية أو تسعة.
سؤال: لقد أسستم مشروع الطيف Projet Spectre[10] الخاص بالكشف عن المهارات التي يتميز بها طفل ما في هذا الذكاء أو ذاك. حول ماذا يتعلق هذا المشروع؟
غاردنر: إنه برنامج تربوي يقدم للأطفال الصغار (بين 3 و6 سنوات) بيئة غنية وخصبة من شأنها أن تثير عددا كبيرا من الذكاءات، بحيث يمكن لهؤلاء الأطفال استكشاف هذا الوسط الذي يعتبر بمثابة متحف لهم أكثر مما هو حجرة فصل عادي، ومن خلال ملاحظة الطريقة التي يستثمرون بها مختلف المواد والعناصر المحيطة بهم، يمكن استنباط جانبيتهم في الذكاء[11]. هناك طبعا "مهام الطيف" الأكثر شكلية والمخصصة لتحديد أصناف الذكاءات القوية والذكاءات الضعيفة لطفل ما، سواء في ارتباطها مع الذكاءات الأخرى لدى نفس الطفل، أو بمقارنتها مع ذكاءات الأطفال الآخرين. لقد تم تحويل نتائج هذا التقييم إلى "جانبية الطيف" والذي يتضمن اقتراحات عملية حول الأنشطة التي يجب مباشرتها مع الطفل حسب جاذبيته الخاصة من حيث مكامن القوة والضعف.
سؤال: أليس هناك خطر الإخلال بالتوازن حين يتعلق الأمر بتفضيل أو تشجيع مجال للذكاء يوجد مسبقا وبقوة لدى طفل ما؟
غاردنر: ليس هناك أبدا ارتباط مباشر بين نظرية علمية وبرنامج تعليمي، فكل نظرية علمية حول الذهن الإنساني تقترح العديد من التطبيقات التربوية الممكنة، والتجربة وحدها يمكن أن تدل على نوع التطبيقات التي يكون لها معنى أو تلك التي لا معنى لها. وحتى أجيب بشكل دقيق عن السؤال، لا أعتقد أنه ينبغي تركيز الاهتمام على مجال خاص من القوة لدى الطفل. في الواقع، إن مسعاي ليس على الإطلاق تحويل الأطفال إلى عباقرة في المجال الذي يتفوقون فيه، بل ينبغي فقط اكتشاف ما هي مجالات القوة والضعف لديهم. وبعد ذلك تبقى لكل واحد، انطلاقا من تقييمه الخاص، الحرية في أن يقرر ما إذا كان يفضل الاهتمام أكثر بجوانب القوة أو بجوانب الضعف للطفل، أو يفضل تجاهل النتائج. وبالمقابل ليس هناك أي مبرر للاعتقاد بأن الشخص الذي يبدو ضعيف الذكاء في لحظة ما لا يمكن أن يصبح متفوقا، بل إن ملاحظة قصور في ذكاء ما من شأنه أن يدفع هذا الشخص كي يتصرف بحماس من أجل تطوير ذلك الذكاء، فهناك العديد من الأشخاص عوضوا نواقصهم الظاهرية بالعمل الجاد، بل وأحرزوا أحيانا تفوقا في تلك المجالات. وأكثر من ذلك، يمكنني أن أقدم مثالا شخصيا: فأنا دالتوني [مصاب بعمى لوني يحول دون التمييز بين الأحمر والأخضر] ولدي رؤية مجسادية Stréoscopique ناقصة، وأحتاج إلى عدسات قوية مقومة، ومع ذلك اخترت أن أكرس أطروحتي للدكتوراه حول الفنون البصرية وقضيت وقتا طويلا في الكتابة عن العالم البصري.
هكذا يبدو أن نظرية الذكاءات المتعددة ليست هي القائمة على الحتمية، بل، بالأحرى، أن الأفراد، الذين يلاحظون قصورا عاديا لديهم، عوض أن يقوموا بتعويض ذلك القصور، يعتبرون ذلك علامة تدفعهم إلى التنازل عن مكامن تفوقهم وإهمالها.
سؤال: أين يتحدد موقعكم داخل النقاش حول مسألة الفطري والمكتسب؟
غاردنر: على غرار معظم الباحثين في البيولوجيا أرفض التعارض بين هذين المصطلحين، وأعتبر أن كل سلوك إنساني محكوم بالعنصر الوراثي، ولكن، من جانب آخر، لا شيء يمكن أن يتحقق بدون وسط مناسب يمارس تأثيره ليس فقط منذ الولادة بل مع بداية العمل. لنأخذ الموسيقى كمثال: فأنا مقتنع بأن مورثات موزار كانت أكثر ميلا إلى الموسيقى عما هو الأمر عند معظم الأشخاص الآخرين، ولكن يمكن لبيداغوجية ماهرة أن تمكن أي كان من العزف على آلة موسيقية في مستوى عال من الإنجاز. لما بلغنا، نحن الأمريكيين، لأول مرة وجود أطفال يابانيين يعزفون بشكل رائع على الكمان، اعتقدنا أن ذلك يرجع إلى موهبة خارقة لديهم. لكن بعد ذلك اكتشفنا طريقة معلم الموسيقى الياباني شينيشي سوزوكي Shinichi Suzuki المعروفة بـ"تربية القدرات"، فأدركنا حينئذ بأن الأمر لا يتعلق بعبقرية الأطفال، بل يعود إلى الطريقة البيداغوجية، ذلك أن نجاح سوزوكي يرجع إلى كونه قام بتحديد العوامل التي تمكن من تطوير وتنمية الكفاءات الموسيقية لدى الأطفال الصغار، ومن هذه العوامل مثلا: خفة تحريك الأصابع في العزف على الكمان - أصناف المواضيع التي يمكن للأطفال التعرف عليها وإنشادها بسهولة- الميل إلى تقمص شخصيات رفاق أكبر سنا. وهكذا تيقنت بأنه يمكن التعامل مع كل الذكاءات الأخرى بنفس الطريقة التي نجح بها سوزوكي في تعامله مع مجال الموسيقى.
سؤال: ما هي بالضبط القيمة العملية لنظرية الذكاءات المتعددة في الحقل البيداغوجي.
غاردنر: ليست نظرية الذكاءات المتعددة غاية في ذاتها، بل هي أداة للمدرسين المتبصرين الذين يسعون إلى تطوير قدرات معينة لدى تلامذتهم. مثلا: إذا كنا نبتغي أن يكون الأطفال متخلقين فيما بينهم، سنحتاج إلى تنمية ذكائهم الشخصي[12]. بالإضافة إلى ذلك، طبعا، تمكن هذه النظرية من تحسين تقديم المواد الدراسية، مثلا: إذا كان على كل تلميذ أن يتلقى مادة التاريخ أو الجغرافية، فليس هناك أي مبرر كي يتعلم كل واحد هذه المواد بنفس الطريقة أو يخضع لنفس التقييم.
لقد مكن مشروع الطيف من تعيين جوانب التفوق المتميزة لدى العديد من الأطفال، وكان من الممكن أن تبقى مجهولة بدون ذلك؛ فأثناء القيام بإحدى التحريات مع فريقي في البحث صادفنا طفلا في السادسة من عمره، ينحدر من أسرة مفككة ويواجه خطرا كبيرا ناتجا عن الفشل الدراسي، وبحكم أن نتائجه لم تتغير خلال حصص التحضيري فقد قررت مدرسته إجباره على التكرار بعد شهرين من حضوره داخل فصلها. ومع ذلك فقد كان الطفل ناجحا بشكل يفوق الآخرين في فك وإعادة تركيب مواد مستعملة. بعد تصويره وهو يقوم بأنشطة عرضت سلسلة اللقطات المصورة على معلمته، وكم كان ذهول هذه الأخيرة كبيرا جراء ما رأت إلى درجة أنها لم تذق راحة النوم لمدة ثلاث ليال. منذ تلك اللحظة غيرت بشكل جذري نظرتها حول الطفل، وبدأت النتائج المدرسية لهذا الأخير تتحسن بشكل ملموس.
سؤال: ما هي ردود الأفعال التي خلفتها نظرية الذكاءات المتعددة؟
غاردنر: معظم علماء النفس، خاصة المحسوبين على القياس النفسي، عارضوا هذه النظرية. ويمكن فهم موقفهم بسهولة ما دامت نظرية الذكاءات المتعددة تهدد موارد عيشهم بل ومبرر وجودهم. لكن مقابل ذلك هناك علماء متخصصون. كالبيولوجيون مثلا، وجدوا في النظرية ما يكفي من الأهمية. علاوة على ذلك، كانت لنظرية الذكاءات المتعددة أصداء قوية داخل الوسط التعليمي الأمريكي، فأثناء العقد الأخير لم يحتل سوى عدد محدود من الأفكار التربوية نفس قيمة هذه النظرية بالولايات المتحدة. ولكن ذلك لا يعني تأييدا لها بالضرورة، فهناك الكثير من التطبيقات تبقى سطحية، كما أن جزءا من هذا التأييد كان في الواقع مجرد تقليعة.
إن نظريتي (حول الذكاءات المتعددة) تؤثر بشكل كبير في الممارسة التربوية لأنها تتفق مع الملاحظة الجماعية للمدرسين والآباء والتي تكشف عن وجود اختلافات بين الأطفال على الصعيد المعرفي. فكلنا يتوفر على عناصر تفوق وجوانب قصور متفاوتة في مختلف المجالات العقلية، لكن معظم الجهود في مجال التربية لا تعترف بوجود تلك الفروقات، وتشجع نمط التفكير القائم على اللغة والمنطق، وتلك بالضبط هي حالة التفكير الديكارتي/المنهجي العقلاني في فرنسا. وعلى النقيض من ذلك تنطلق مقاربتي من الجانبيات العقلية المختلفة، لذلك أقترح أن تأخذ التربية بعين الاعتبار هذه الفروقات لإنجاز تعليم بأعلى مستوى من الفعالية. فإذا أردنا توجيه التعليم إلى كل الأطفال، وليس فقط حصره على أولئك الذين يتوفرون على استعدادات منطقية ولغوية، ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الاكتشافات التي توصلت إليها نظرية الذكاءات المتعددة.
وأخيرا، لم يكن للباحثين في حقل التربية موقف نقدي خاص تجاه النظرية، بل إن بعضهم سعى فعلا إلى تطويرها. كان ذلك هو هدف مجموعة من طلبتي المرموقين، أمثال: Tom Hatch – Mara Krechevsky – Mindy Kornhaber – Bruce Torff  وغيرهم..
سؤال: تؤاخذون أحيانا أنكم لم تهتموا بما فيه الكفاية بصلاحية هذه النظرية، وبشكل خاص لم تحددوا مجموعة الاختبارات التي تمكن من تقييم هذا الذكاء أو ذاك.
غاردنر: إن مشروع الطيف هو مجهود لتقييم مختلف أصناف الذكاءات لدى الأطفال الصغار، ويمكن تكييفه ليتلاءم مع السنوات المبكرة. مبدئيا ليس لدي أي اعتراض لتقييم الذكاءات ما دام هذا التقييم يتم بطريقة عادلة ومنصفة، وليس بواسطة اختبار معياري من صنف اختبارات "الورقة والقلم". فإذا أردت مثلا تقييم الذكاء الفضائي لشخص ما فلا تقدم له اختبارا، بل علمه خط سير جديد ثم لاحظ بأية سرعة سيصل إلى التحكم في اتجاه السير وكيف سيقوم بتذكره.
هناك باحثون آخرون قاموا بتطوير اختبارات الذكاء، ولست من أنصار هذه الاختبارات، لكني أحكم عليها حسب حالة كل اختبار. وأعتقد أننا أمضينا وقتا طويلا في تقييم وتصنيف الأطفال، ولم نمنحهم سوى وقتا ضئيلا لمساعدتهم. لذلك، فالمبرر الوحيد، بالنسبة إلي، لتقييم الذكاءات هو مساعدة المتعلمين للتعلم بشكل جيد، وذلك بتوظيف الذكاءات الأكثر تفوقا وتقوية الذكاءات التي هي في حاجة إلى ذلك، في الوقت نفسه.
سؤال: كيف تنظرون إلى مستقبل البحث في الذكاءات المتعددة؟ ما هي المسالك التي يجب استكشافها والطرق المسدودة التي يجب تجنبها؟
غاردنر: أتمنى تطوير النظرية في اتجاهات مختلفة. لكن ما يهمني بشكل أساسي أن نفهم كيف يمكن لطفل استعمال ذكائه أو ذكاءاته بهدف التحكم الجيد في المواد الدراسية وأن يجد له مكانة داخل المجتمع وتطويرها.. علاوة على ذلك أتوخى مستقبلا اكتشاف ذكاءات أخرى وفهم الكيفية التي تشتغل بها. وأريد بطبيعة الحال أن أعرف بشكل جيد كيف يتم التعبير عن نفس الذكاء داخل مختلف الأوساط الثقافية. وأود كذلك معرفة كيف تتمكن الذكاءات المتعددة من الاشتغال بيسر وسهولة، وكيف يمكن تنميتها منفصلة عن بعضها وفي ارتباط بعضها البعض، وكذا استكشاف العلاقات الموجودة بين الذكاءات والابتكار والقيادة.
أما بالنسبة إلى الطرق المسدودة التي ينبغي تجنبها، أرى واحدة هي أهمها: لا ينبغي السعي من أجل المقارنة بين المجموعات بمصطلحات الذكاء (كالمقارنة بين الرجال والنساء أو بين المجموعات العرقية إلخ..) نظرا إلى المخاطر المترتبة على وقائع محرفة. وكمثال على ذلك، أنه في استراليا تم وضع لائحة لكل مجموعة عرقية، من خلال جزء من الأدوات المدرسية المعتمدة من طرف إحدى الولايات. وداخل كل لائحة تم تحديد الذكاءات التي تتفوق وتضعف فيها كل مجموعة بدون أي سند علمي. اعتبرت ذلك انزلاقا، وأعلنت موقفي في برنامج بالتلفزة الاسترالية. وفي اليوم التالي، مباشرة بعد تصريحي، قام الوزير الأول بإلغاء هذا "الخلط" التربوي الذي يتأسس على الوهم العلمي.
 
 
 

[1] - ظهر الكتاب في نسخته الأمريكية الأصلية سنة 1983 بعنوان: Frames of mind : the theorie of multiple intelligence. وترجم إلى الفرنسية سنة 1997 تحت عنوان: Les formes de l'intelligence.
[2] - انظر نص التقرير في: هاوارد غاردنر، "طبيعة الفكر واللغة، مواجهة بين شومسكي وبياجيه"، ترجمة أحمد أوزي، مجلة علوم التربية، عدد 14، فبراير 1998، ص103-109.
[3]  - Howard Gardner, Les formes de l’intelligence, Odile Jacob, Paris, 1997, p31.
[4] - المرجع نفسه، ص18.
[5] - لمزيد من التفصيل، انظر المرجع السابق، ص70- 74.
[6] - لمزيد من الاطلاع انظر:
H. Gardner, D, H. Feldman, M. Krechevsky (General Editors), Project Spectrum : Early Learning Activities, Teachers college, New York, 1998, p2-3.
[7] - من الكتب التطبيقية التي قدمت تجارب تعليمية بتطبيق نظرية الذكاءات المتعددة، نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
Thomas Armstrong, les intelligences multiples dans votre classe, traduit de l’américain par : Jean Blaquière, Chenelière, Montréal, 1999.
Bruce Campbell, les intelligences multiples : Guide pratique, traduit par : Danièle Bellchumeur, Chenelière, Montréal, 1999.
[8] - أحمد أوزي، التعليم والتعلم بمقاربة الذكاءات المتعددة، منشورات مجلة علوم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، 1999، الدار البيضاء.
[9] - نشير إلى أن هاوارد غاردنر، المزداد سنة 1943 أستاذ علوم التربية وعلم النفس بجامعة هارفارد وأستاذ علم الأعصاب في كلية الطب ببوسطن حيث اشتغل على أشخاص تعرضوا لحوادث وأمراض أصابت مناطق معينة من دماغهم.
[10] - داخل نص التقديم ومتن الحوار ترجمنا (Projet Spectre) بـ(مشروع الطيف). ونميل إلى اختيار هذه العبارة لأن كلمة "طيف" تدل على الصورة التي تحدث عند مرور الضوء الأبيض عبر موشور، ثم تفككه إلى سبعة ألوان مضيئة: (الأحمر – الأخضر – الأزرق – الأصفر – البرتقالي – البنفسجي – النيلي). وهذه الألوان السبعة تماثل كميا الذكاءات السبعة التي أبرزها غاردنر سنة 1983، وعلى ضوئها أسس مشروع الطيف سنة 1984، كما يوجد تماثل كيفي يتمثل في الاستقلال النسبي بين مجموع الذكاءات/الألوان.
[11] - على غرار بعض الباحثين في الحقل التربوي اخترنا لفظ (جانبية) كترجمة للفظ الفرنسي (Profil) انظر مثلا: المكي المروني، البيداغوجية المعاصرة وقضايا التعليم النظامي، منشورات كلية الآداب، الرباط، شركة الهلال العربية للطباعة والنشر، الرباط، 1993، ص151-152.
[12] - داخل الذكاء الشخصي يميز غاردنر بين: الذكاء التفاعلي (القدرة على فهم الآخر)، والذكاء الذاتي (القدرة على فهم الذات). انظر: الفصل التاسع من: Les formes de l'intelligence
 
******************************************
عن مجلة فكر و نقد .
*abdelhafid
12 - يناير - 2008
هل الذكاء واحد أو متعدد?    كن أول من يقيّم
 
السلام عليكم
...الذكاء:ذَكا يَذْكُو ذَكاءً، وذكُوَ فهو ذكِيٌّ,أي سريع الفطنة,والذكاء يأتي من التفكير ...والتفكير هو عبارة عن إصدار حكم على واقع ...ولا يتأتي هذا إلا بوجود عناصر التفكير وهي:العقل,الواقع,المعلومات التي تفسر الواقع....وربط هذه المعلومات بذلك الواقع...وقد أثبتت الدراسات والواقع أن 90% من الناس أذكياء و10% إما بلهاء أو عباقرة.
وذلك أن معظم الناس يملكون العقول ,وفي حال توفر المعلومات عن الواقع المدروس يتم التفكير والحكم على هذا الواقع...وأما الشرط الرابع وهو ربط المعلومات بالواقع فهو الذي يحدد نسبة ذكاء المرء.
*سليم
12 - يونيو - 2008