مصادر علم النفس في التراث ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
تعقيباً على ما سبق حول علم النفس في التراث العربي الإسلامي نضيف أن التوجه نحو دراسة علم النفس في التراث له أكثر من وجهة ، إذ يوجد علم النفس في التراث على شكل معارف متفرقة تحتاج لجهود كبيرة لجمعها في سفر واحد، وهذه الجهود طبعاً فوق طاقة المبادرات الفردية ، فهي بحاجة إلى عمل مؤسساتي منظم ، ولكن أين ينبغي البحث حول المعارف السيكولوجية في التراث الإسلامي?
مما لاشك فيه بأنه هناك مصادر بنيت وتبنى عليها محاولات الإحاطة بعلم النفس في التراث الإسلامي، وتحليل مفرداته، وتبين منظوماته المعرفية وتتبع التطورات التي طرأت على مناهجه الأساسية وأهم هذه المصادر:
أولاً: المصنفات التراثية التي وفرت كل مساحتها، أو جزءاً مقدراً منها للقضايا النفسية، وتحوي هذه المصنفات إضافة إلى الموضوعات النفسية والمناهج البحثية، مادة تؤرخ للمفاهيم الأساسية: كيف تكونت وكيف تطورت? فيمكن أن نرى في هذا السياق كيف اقتبس ابن سينا من الرازي بعض مكونات نظريته الإدراكية، وكيف تأثر بهما من بعدهما الإمام الغزالي.
ثانياً- كتب التراجم وطبقات الأعلام التراثية، وبعض هذه الكتب غنية بمادتها السيكولوجية، مثل طبقات الأطباء (ابن أبي أصيبعة وابن جلجل) وبعضها يتسع ليشمل تراجم جميع أعلام الفكر، وتوفر هذه المؤلفات قاعدة متينة تمكننا من متابعة تطورات المفاهيم.
ثالثاً- كتب الأدب والمصنفات الأدبية مثل: كتاب الأغاني، الإمتاع والمؤانسة، والعقد الفريد، وتحتوي هذه المصنفات على تفاصيل هامة كانت قد أهملت أو اختزلت في المؤلفات النفسية بسبب أخلاق المهنة والمنهج العلمي الاختزالي.
رابعاً:- المؤلفات الغربية التي أرخت للعلوم عامة، والعلوم العربية خاصة مثل (سارتون، سيديد وديورانت وغيرهم)، وهؤلاء جميعاً أشاروا بالتلميح حيناً ، والتصريح حيناً آخر ، إلى أن الفترة الإسلامية كانت على الأقل معبراً نفذت من خلاله العلوم الإنسانية إلى عصر النهضة.
خامساً:- المؤلفات الفلسفية ، والتي تضم آراء الفلاسفة في النفس، إضافة إلى بعض النظريات الهامة، والتصورات والتي تشكل أساساً نظرياً لشرح التصور الإسلامي للإنسان وحياته النفسية.
سادساً:- الاستناد إلى أبحاث ومداولات المؤتمرات التراثية وخاصة تلك التي تهتم بالتراث الإسلامي.
إن المصادر السابقة ، وغيرها من مشروعات إحياء التراث، إضافة للمبادرات الفردية الجادة تشكل أساساً لتجميع وتوثيق ،وإعادة قراءة ما يخص علم النفس في التراث الإسلامي كخطوة أولى على طريق تأصيله في العالم العربي.
|