الحقيقة موضوع مهم جدا كن أول من يقيّم
السلام عليكم ورحمة الله
أشكرك أخي جبران على مداخلتك القيمة هذه
في بداية قلت بأن كل شيء قابل للإبصار والمشاهدة فهو حقيقة لكنني أرى أنه ليس دائما كل مايكون قابل للمشاهدة فهو حقيقة أعطيك مثالا على سبيل التوضيح ،إذا رسمنا خطين متوازيين وأخضعناهما للمشاهدة والإبصار فإننا نتوصل بهذه الطريق إلى أن هذين المستقيمين المتوازيين كلما طالا يبدوان وكأنهما يقتربان وفي أبعد نقطة نظر نلاحظ أنهما يلتقيان وكما هو معروف المستقيمين المتوازيين لا يتقاطعان. لقد أتيت بهذا المثال لأأكد لك أن كل مانستنتجه عن طريق الإبصار والمشاهدة حقيقة، وهذا مثال بسيط والأمثلة متعددة ومتنوعة
وأعطيك مثالا آخر .عندما ترى شخصا وسيما جميل المحيى باهي الطلعة ... فإنك تحكم عليه بأنه إنسان طيب وخير ...إلى مادون ذلك من الصفات الإيجابية التي قد تطلقها عليه غالبا ، ويكون هذا الحكم بالنسبة إليك حقيقة. لكن إذا عاشرنا هذا الشخص قد نجده من أخبث خلق الله وبالتالي تكون الحقيقة التي توصلت إليها غير مطابقة للواقع والعطس صحيح . قد تطلق على شخص قبيح المظر بأنه شرير في حين تجده من أطيب خلق الله...
أما بخصوص الفرق بين النظرية العلمية والحقيقة العلمية فالفرق وضح وجلي، فكل حقيقة علمية لابد وأن تكون قد سبقتها نظرية. إذ لا يمكننا أن نتوصل إلى حقيقة ونسميها حقيقة علمية من دون أن تكون قد سبقت بنظرية. كل الحقائق العلمية تسبقها نظريات علمية. وارتباطا بموضوعنا الأساس وكما سبقت وأن أشرت في الإشكال الذي طرحته حول الحقيقة وما هو حقيقي . فالعديد من الحقائق العلمية التي كانت رائجة منذ عصور أصبحت عندنا اليوم مخالفة للحقيقة عندنا اليوم مع العلم بأن تلك الحقائق العلمية هي أيضا كانت مبنية على نظريات علمية. ومن بين هذه النظريات
النظرية التي تقضي بأن الأرض ليس بكروية الشكل وبأن للعالم نهاية ... وكانت هذه النظرية مطابقة للحقيقة بالنسبة لهم أي أنها كانت حقيقة علمية ولم تكن نظرية أخرى تـفندها ... هذا بخصوص إرتباط الحقيقة بزمان معين .
أم عندما قلت أن الحقيقة مرتبة بمكان معين فقد كنت أقصد أن الحقيقة التي عندنا نحن في المغرب ليست هي الحقيقة في فرنسا أو الجزائر أو اسبانيا ... فكل دولة تروج لحقيقة معينة قد تتصادم مع حقائق أخرى بالنسبة لمجتمعات أخرى تختلف في تركيبتها الدينية والعرقية والثقافية...عن تركيبة المجتمعات الأخرى، كما أن هناك من يعطي الحقيقة مدلولا آخر فالمجتمعات البرغماتية على سبيل المثال فالحقيقة عندها ترتبط بالفائدة ... الحقيقي هو المفيد ... مخالفتا بذلك الأخلاق والدين ...
وكمثال آخر في بعض المجتمعات الخليجية، من العار على الرجل أن يعري رأسه دون أن يضع عمامة أو شماغا على رأسه وهذه هي الحقيقة في حين في المجتمعات الغربية لا يؤاخدون المرئ على ذلك فهم لديهم عادات مختلفة وتقاليد أخرى...
الحقيقة إذن ترتبط بالمكان فكل مكان لذيه حقائقه الخاصة تختلف عن الحقائق الأخرى... وأرجو ألا تؤاخدوني على ذكر المجتمعات الخليجية .فأنا لاأقصد سوى الإيضاح ...
الحقيقة عند الإسرائيلي ليست هي الحقيقة عند الفلسطيني والمسلم . فكل منهما يدعي أن هو المحق وكل لديه دلائله الدينية والتاريخية... إذن الحقيقة لديها طابع نسبي غير القار وسيظل الإنسان دائما يبحث عن الحقيقة. وكلما اطمئن بأنه وصل إلى الحقيقة يكتشف أنه أمسك بسراب .
فعلينا أن نكون ديكارتيين مسلمين نشك في كل شيء لكننا مسلمين لا نشك في صحة عقيدتنا فهي منزهة عن الشك والحمد لله. فبواسطة عدم الاطمئنان إلى ماتوصلنا إليه بأنه حقيقة من الناحية العلمية كلما تقدمنا إلى الأمام واكتشفنا حقائق أخرى وبالتالي نكون قادرين على أن نسبق العالم ونعود أسياده من جديد
فسبب تأخرنا اليوم هو نتيجة للغرور الذي أصابنا بعدما أن عاينا انتصاراتنا وتفوقاتنا في مختلف المجالات. واعتقدنا أن ماتوصلنا إليه لا يمكن أن يطور ويتجاوز ، وبالغنا في الاحتفاء بتراثنا ، فقد نجحنا في تخليع ما توصنا إليه دون أن نطوره .واطمئنا إلى مستقبل أمتنا.
حتى فوجئنا بالاستعمار فذهلنا وتسائلنا حول سبب تقدمهم وتخلفنا وأسيل الحبر الغزير حول هذه القضية بدون جدوى بعدما وقعت الواقعة...الحقيقة موضوع شائك ومتعدد الأطراف كلما أردت الالمام به من ناحية فاتتك الناحية الأخرى...
هكذا عليناأن نعتبر الحقيقة حتى لانتعصب لآرائنا ونقصي الآخر وتنشب بين المسلم وأخيه المسلم صراعات لا طائل منها سوى إرضاء الهوى والشيطان، ونتورط في التكفير وتحليل الدم...
الحقيقة موضوع مهم علينا ان نعطيه حقه حتى نتمكن من حل مشاكلنا ... هذا والله أعلم
أخوكم علاء أبرون من المغرب مع احترامي وتحياتي لكل الإخوة والسلام عليكم ورحمة الله
|