الكآبة والتفاؤل كن أول من يقيّم
رأي (sabiha) في التفاؤل موجود في شعره كقصيدة :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها وأندثر
إذا ما طمحت لغاية ركبت المنى ونسيت الحذر
ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
تشعر أن قائل الأبيات لديه قوة وعزيمة وايمان وطموح وقدرة على استنهاض الشباب ضد المحتل الفرنسي, وقد أثرت هذه الابيات في كثير من الشباب, وله قصيدة أخرى :
سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمة الشماء
أرنو إلى الشمس المضيئة هازئا بالسحب والأمطار والأنواء
لا أرمق الظل الكئيب ولا أرى ما في قرار الهوة السوداء
وأقول للقدر الذي لا ينثني عن حرب آمالي بكل بلاء
فاهدم فؤادي ما استطعت فأنه سيكون مثل الصخرة الصماء
النور في قلبي وبين جوانحي فعلام أخشى السير في الظلماء
تشعر هنا بشخصية قوية تقف صامدة امام الداء والأعداء,فتشعر انه في صراع بين استسلام للكآبة كما ذكرها الأخ سليم وبين الصبر والقناعة والتفاؤل, فلديه كآبة ولكنه ليس مستسلم لها هو في صراع معها وتتغلب عليه كثيرا عندما تزددا عليه المصائب فيبدأ السؤال لماذا:
مالي تعذبني الحياة كأني خلق غريب
وتهد من قلبي الجميل فهل لقلبي من ذنوب
وإذا سألت:لم الوجود وكله هم مذيب
قالت نواميس السماء قضت ومالك من هروب
ما للمياه نقية حولي وينبوعي مشوب?
ما للصباح يعود للدنيا وصبحي لا يؤوب?
مالي شقيت وكل ما في الكون أخاذ عجيب
مهما تضاحكت الحياة فإنني أبدا كئيب
أصغي لاوجاع الكآبة والكآبة لا تجيب
ويستغرب لماذا أنا وغيري لم يعرف الآه :
بين النوائب بون للناس فيه مزايا
البعض لم يدر إلا البلى ينادي البلايا
والبعض ما ذاق منها سوى حقير الرزايا
وعندما يصل إلى مرحلة اليأس ينادي الموت ولا يخافه ويتحداه كأنه شخص أمامه وهذه مرحلة صعبة فكثير من الناس لا يحب الكلام عن الموت ولكن الشاعر ينادي الموت :
يا موت قد مزقت صدري وقصمت بالأرزاء ظهري
ماذا تود وأنت قد سودت بالأحزان فكري?
وتركتني في الكائنات أئن منفردا بإصري
وع ذلك فلديه أبيات جميلة في الحب تخفف عليه آلامه :
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام كاللحن كالصباح الجديد
كالسماء الضحوك كالليلة القمراء كالورد كابتسام الوليد
أما الجانب الفلسفي لديه مرتبط باالموت وما بعد الموت لشعوره بدنؤ الأجل, فيطرح أسئلة ولا يعني طرحها أنه يؤمن بها : أبيات من حديث المقبرة :
أتفنى ابتسامات تلك الجفون? ويخبو توهج تلك الخدود
وتذوي وريدات تلك الشفاه? وتهوي إلى الترب تلك النهود
وينهد ذاك القوام الرشيق وينحل صدر بديع وجيد?
أتطوى سماوات هذا الوجود ويذهب هذا الفضاء البعيد?
أيسطو على الكل ليل الفناء ليلهو بها الموت خلف الوجود?
كبير على النفس هذا العفاء وصعب على القلب هذا الهمود
رد روح الفيلسوف:
تبرمت بالعيش خوف الفناء ولو دمت حيا سئمت الخلود
وعشت على الأرض مثل الجبال جليلا رهيبا غريبا وحيد
والخلاصة برأي أن ابو القاسم عاش حياة صعبة فجعلته أحيانا كئيب وأحيانا متفائل ورغم ذلك لم يستسلم لها , لم يتخلى عن قضايا وطنه وكان محبا لوطنه وقدم لنا قصائد رائعة وشعر حقيقي ليس شعر للبلاط أو لأمير. |