البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : سؤال موجه إلى الأستاذ منصور مهران    كن أول من يقيّم
 زهير 
31 - ديسمبر - 2005

أستاذنا الكريم منصور مهران، تحية طيبة وبعد: أسألكم في هذه البطاقة: هل طرق سمعكم اسم (العباس الأزرق) ? فقد قرأت في كتاب البربير (الشرح الجلي) أثناء حديثه عن مكانة الإمام الشافعي في الشعر (ص 7) ما نصه (وقد وقع الإجماع أنه كان أشعر أهل عصره لما روي أن العباس الأزرق شاعر عصره جاء إليه وقال له: يا أبا عبد الله تركنا لك الاجتهاد والفقه والحديث، ونراك شاركتنا في الشعر، وقد نظمتُ أبياتا إن أنت أجزت لي مثلها لأتوبن عن قول الشعر ما بقيت. فقال له الشافعي رحمه الله: إيه، فأنشأ يقول:

مـا هـمتي إلا مقارعة iiالعدى خـلق  الزمان وهمتي لم تخلَقِ
والناس  همتهم إلى طلب iiالغنى لا يـسألون عن الحجا iiوالأولق
لـو كان بالحيل الغنى iiلوجتني بـنـجوم  أقطار السماء iiتعلقي
لكن من رزق الحجا حُرم الغنى ضـدان مـفـترقان أي iiتفرق
 ... فأجابه الشافعي بالأبيات التي أولها:
إن الذي رزق اليسار فلم يصب حـمـدا  ولا أجرا لغير iiموفق
.. إلى آخر الأبيات، وهي مذكورة بالترتيب الذي تجده بعد قليل في رواية ابن عساكر)
وأكبر الظن ابن البربير نقل هذه الرواية عن (المحاضرات) لليوسي، انظر ذلك في المحاضرات على الوراق (ص 100) إلا أن اليوسي لم يسمه (العباس) وإنما قال: (يحكى عن أبي القاسم ابن الأزرق) ونص ما حكاه:
(ويحكى عن أبي القاسم بن الأزرق الشاعر أنه قال: جئت الشافعي يوما فقلت: يا أبا عبد الله لك الفقه تفوز بفوائده، ولنا الشعر، فأردت مداخلتنا فيه، فأما أفردتنا الشعر، وإما أشركتنا في الفقه، وقد أتيت بأبيات إن أتيت بمثلها تبتُ عن الشعر، وإن عجزت تبتَ عنه، فقال: هات، فأنشدته:
مـا هـمّـتي إلاّ مقارعة iiالعدا خَـلِقَ  الزمان وهمتي لم تخلَق
والناس  أعينهم إلى سلب iiالفتى لا يـسألون عن الحِجا iiوالأوْلَقِ
لكن من رُزِق الحجا حُرِم الغنى هـذان  مـفـترقان أي iiتفرق
لو  كان بالحِيَل الغنى iiلوجدتني بـنـجوم  أقطار السماء iiتعلقي

فقال الشافعي: أنا أقول خيراً منه وأنشد مرتجلاً: (ثم ذكر الأبيات)
ثم رأيت في مختصر دمشق (الوراق: ص 2332) ثلاثة أبيات من الأبيات التي نسبها االيوسي إلى أبي القاسم بن الأزرق منسوبة إلى البرقعي القرمطي (علي بن محمد) المقتول في كناكر =من قرى دمشق= سنة 290هـ مع أن وفاة الإمام الشافعي سنة (204هـ) ورأيت القطعة نفسها في (عقلاء المجانين) منسوبة إلى (علي بن محمد السيرافي) ?
وكنت حسبت أن الأزرق تصحيف عن (ابن الأحنف) شاعر عصره، فرأيت القصة نفسها مذكورة في (حلية الأولياء) (الوراق: ص 1615) بخلاف طفيف، وكذا في (مختصر تاريخ ابن عساكر) لابن منظور (الوراق: ص 2942) ونصها في الحلية: (سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن عبيد الله البيضاوي المقري، قال: سمعت أبا عبد الله المأموني يقول: سمعت أبا حيان النيسابوري يقول: بلغني أن عباساً الأزرق دخل على الشافعي يوماً فقال: يا أبا عبد الله قد قلت أبياتاً إن أنت أجزتني بمثلها لأتوبن أن لا أقول شعراً أبداً. فقال له الشافعي ...) (كذا) لم يذكر الأبيات، وليس فيها أنه (شاعر عصره) ولا قوله للشافعي (تركنا لك الاجتهاد والفقه والحديث، ونراك شاركتنا في الشعر).
ونص القصة في (مختصر تاريخ دمشق): (قال عباس الأزرق: دخلت على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي -فذكر قصة، وقال:- فقال الشافعي: "من الكامل"

إن الـذي رزق اليسار فلم iiيصب حـمـداً ولا أجـرا لـغير موفق
فـالـجـد يدني كل شيء iiشاسع والـجـد يـفـتح كل باب iiمغلق
وإذا سـمـعت بأن مجدودأً iiحوى عـوداً فـأثـمر في يديه iiفصدق
وإذا  سـمـعت بأن محروماً iiأتى مـاء  لـيـشـربه فغاض iiفحقق
وأحـق خـلـق الله بـالهم امرؤ ذو هـمـة يـبـلى بعيش iiضيق
ومـن الدليل على القضاء iiوكونه بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
كذا ورد البيت الأخير في (المختصر) ونجد بعده في نشرة الموسوعة (الإصدار الثالث) البيت الأول. ورجعت إلى (تاريخ دمشق) لابن عساكر، (طبعة دار الفكر: ج52 ص 417) فوجدت أن ابن منظور لم يحذف سوى سند الخبر.
وأعود إلى موضوع البطاقة فأقول: أنا لا أعرف شاعرا اسمه (العباس الأزرق) ولم يطرق أصلا مثل هذا الاسم سمعي منذ أن وعيت الأدب وحتى اليوم، سوى العباس الأزرق المذكور في رجال الحديث، وهو العباس بن الفضل بن العباس بن يعقوب العبدي الأزرق: من أهل البصرة، سئل عنه يحيى بن معين فقال: كذاب خبيث. كما ذكر الخطيب في (تاريخ بغداد) (الوراق ص 2291) وفي (مجمع الزوائد) أنه (متروك) وفي نور القبس (الوراق: ص 38) خبر طريف عن العباس هذا، يفهم منه اهتمامه البالغ بأخبار الشعر. وهو قوله في ترجمة أبي زيد الأنصاري: قال عبَّاس الأزرق: كنت عند شعبة بن الحجاج ذات يوم وقد اجتمع أصحاب الحديث ليحدثهم، فنظر إلى أبي زيد النحوي في أخريات الناس فرفع رأسه ثمّ قال "من البسيط":
استعجمت دار نعم iiلاتكلمنا والدارُ لو كلمتنا ذات أخبار

أدن، يا أبا زيد، ادنه، فما زالا يتناشدان الشعر، فقال بعض أصحاب الحديث: يا أبا بسطام، نقطع إليك ظهور الإبل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتركنا وتقبل على إنشاد الشعر? فغضب شعبة وقال: ياهذا، أنا أعلم بأمري، أنا والله في هذا أسلم مني في ذاك.
نرجو من الأستاذ منصور أن يدلي بدلوه في ترجمة العباس الأزرق الشاعر، وأن يتحفنا بما عنده عن أسباب ضياع  ترجمة هذا الشاعر. وهل لهذه القصة أثر في توبته عن الشعر. كما ألزم بذلك نفسه في حال أجابه الشافعي على أبياته.

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا يوجد تعليقات جدبدة