الكبرياء لفظ مأخوذ من مادة ( كبر ) ، وفيه معنى التنزه والترفع عن الخضوع والانقياد ، وهذا المعنى لا يتحقق في أي مخلوق لأن الواقع يثبت غيره ، لذلك قال العلماء إن الكبرياء لا يستحقه غير الله . وجاء في بعض صيغ التسبيح : ( سبحان ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ) ، وقد قال الله عز وجل : ( وله الكبرياء في السماوات والأرض ) الجاثية / 37 ، وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه يقول ربنا عز وجل : ( الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما أدخلته النار ) ، وهذا فرعون رغم غطرسته وتعاليه وادعائه الربوبية فإنه لم يطق أن يرى لموسى كبرياء وغلبة فقال هو وقومه لموسى وهارون : ( أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين ) . فادعاء الكبرياء من المخلوق يدل دائما على الغرور والخيلاء وينفر الناس من صاحب هذا الادعاء ، ولا يهلك مدعي الكبرياء حتى يرى ذلا لم يره الأذلان عير الحي والوتد .
تجتمع عدة معان في كلمة ( المكابرة ) ؛ فقد تدل على فعل صادر من شخصين ، فنقول : كابر فلان فلانا على حقه بمعنى جحده وغالبه عليه ؛ فالفاعل الذي هو الظالم كابر أخاه على المال ، والمفعول الذي هو المظلوم كُوبِر على ماله إذا أُخذ منه ظلما وقهرا . وعلى ذلك تأتي المكابرة بمعنى إظهار المُكابِر نفسَه بأنه كبير القدر عظيم المقام ، وقديما قالوا : إذا عاتبت أخاك فاترك له موضعا للاعتذار لئلا يحمله المِراء على المكابرة . وكم هو جميل أن نَرُد نفوسنا إلى الإنصاف ونردعها عن المكابرة والخلاف ... وأما قولنا ( تكابر ) فلان فهو من ( الكِبْر ) والألف مزيدة لزيادة المعنى مثل : تكبر - بتشديد الباء - واستكبر، إذا أظهر التكبر وتعظيم نفسه وبالغ في ذلك فأظهر أنه أفضل من غيره غرورا واستعلاء فهي المكابرة أيضا . وقد يجيء لفظ ( تكابر ) بمعنى أظهر من سنوات عمره أكثر مما له وهذا يقترب من المعنى الأول لأن إظهار كِبَرِ السن يقصد منه إجبار الآخرين على إجلاله واحترامه فهو من المكابرة المذمومة ، ولم يرد لفظ ( المكابرة ) في القرآن الكريم ولا في حديث صحيح ، وإنما جاء كثيرا في الشعر وأذكر منه مثالا وهو قول الكميت :