إن عصر الصورة و إن كان يبدو متين التوثيق ، شديد التدقيق ، مصرا على الإبداع و الاستمرار ، فإن منجزاته مرتبطة بأمور قد لا تستمر ، متعلقة بالتكنولوجيا و مصادر الطاقة ، و إبداع الإلكترون ، و أنت ترى كم هي هذه هشة أمام الأزمات و الحروب و الانهيارات الكبرى و نفاذ مصادر الطاقة و توقف إبداع الإنسان ...، عندذاك يبقى القلم مؤرخا ، و الكلمة المكتوبة شاهدة على تاريخ بني الإنسان ، و من هنا تأتي قيمة المؤرخ و ضرورة وجوده و استمراره.

إن ما أشرت إليه من أن أغلب كتب العرب تعرفنا عليها من خلال مستشرقين ليس صحيحا ، فالقلة من الكتب هي التي حققها المستشرقون هذا من جهة و من جهة أخرى إن وجود نسخ مخطوطات الكتب التراثية في الغرب لا يعني أنها غير موجودة في الخزانات العربية لأن الكتب قديما كانت تنسخ في نسخ كثيرة و توزع على أغلب خزانات العالم الإسلامي ، و ما وجد عند الغرب لم يستول عليه إلا في المراحل الأخيرة كسقوط صقلية و غرناطة أو في الفترة الاستعمارية حيث نهب و اشترى الكثير من هذه المخطوطات .

و تبقى أغلب الكتب الركائز في تراثنا الإسلامي ككتب الحديث منقولة بنسخ كثيرة ، و عن طريق الرواية بالسند الصحيح .

و حتى و إن سعى بعض المستشرقين النيل من القيمة التوثيقية لكتب التراث العربي تصدى لهم العلماء الأجلاء و تتبعوهم بالنقد العلمي .