قرأت كتابا للدكتور محمد السلمي من جامعة أم القرى عنوانه: المدخل إلى علم التاريخ ، وكأنه كتبه جوابا على سؤالك0 فالعلماء لم يتركوا جانبا إلا وساقوا أقلامهم لتعبيده وكشف المبهم منه0 شكرا لك علىالسؤال

شدني الموضوع ، ولي رأي مخالف بهذا الجانب0 فإذا كان الأدباء وأهل العلم منغمسين في تقاعسهم ومفرطين في واجبهمعن نشر كتب الثرات لطلبة العلم ، فلا بأس أن نشكر التجار الذين سعوا لتجارتهم مقابل نشرهم مالم يستطع الأدباء نشره0 وما لايدرك كله لايترك جله فلماذا لانمنحهم جرعة (نقدية) لتجارتهم مقابل تقديمهم لنا بعض الكتب بطباعة فاخرة وحلة جديدة ،ومسألة أن نجد كتاب جيد بسعر عال ، خير من عدم وجود الكتاب بالجملة? أليست هذه المعادلة منطقية ومعقولة? فلنقل كلمة الحق ونفسر الأشياء على وجهها الصحيح ،فهل نطلب من الناشرين بيع كتبهم بأبخس الأثمان في الوقت الذي زادت به أسعار الورق والأحبار والأيدي العاملة! وشكرا لكم

هناك أمر مهم في هذا الجانب يجب أن يراعى حين طرح مثل هذه الأسئلة ، وهو أن العرب كانوا يعدون الكتابة من جملة الصناعات ، وهم يأنفون منها ، لذا نجدهم أكثروا من الشعر وحصروا فيه أدبهم وتاريخهم ، لذا قالوا (الشعر ديوان العرب) أي مستودع عطائهم ، وكانت هذه النظرية راسخة في مسلكهم وسلوكهم ، وعندما انفتحوا علىالعالم الخارجي بدأوا بالتدوين وأخذت هذه النظرة للكتابة بالانحسار مع بداية القرن الثالث الهجري ،لذا نجدهم اقتحموا سائر الفنون ببراعة واقتدار ، حتى نجدهم إذا طرقوا فنا أجادوه ولم يتركوا لغيرهم مجالا للمنافسة ، والشواهد على ذلك أكبر من أن يشار إليها0 والله الموفق0 أبو ســارة

في رأيي القاصر أن هذا الأمر محسوم ، ولايحتاج أن نكد فيه أذهاننا بأكثر من اللازم0 فقد ذكر ابن سلام في طبقات الشعراء وغيره من أهل التأريخ بأن أول من تكلم بالعربية هو إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام ، وهذا أمر جدير بالانتباه0 ويضاف إلى هذا تقسيم العرب إلى عرب عاربة وعرب مستعربة ، وكل هذا يفيد بأن اللغة العربية مستحدثة وليست أول لغة للإنسان0 وعلى العموم اللغة هي أداة تخاطب ليس إلا0 ودعوى أن آدم كان لسانه عربي ، فهذا أمر يحتاج إلى مصدر يثبت هذه الدعوى ، ولكن الواقع يقول أن التدوين لم يبدأ إلا في أوائل القرن الثالث الهجري ، كما أن القرآن لم يشر إلى هذا الأمر فيما أعلم0 وما دام الأمر كذلك ،فالأسلم أن يكون الجواب على هذا السؤال من باب الاستئناس وليس على سبيل الجزم كما يدعي البعض0 وهنا أمر جدير بالذكر وهو أن اللغة العربية تعد أعرق اللغات على مستوى العالم ، بل أن لها من الخصائص ما لايوجد في غيرها من لغات العالم قاطبة ، واتساع علومها وتنوع فنونها يحكي هذه الحقيقة لمن أنكر ، وستضل كذلك ابد الآبدين دون ريب0 والسلام0

أخي فهد ليس هناك شك أن القراءة والمطالعة عنصر مهم ، ولكن ماالفائدة من كثرة القراءة والمطالعة لمن يجهل تراكيب الكلام وقواعد النحو والصرف وفنون اللغة الأخرى0 الكلام في اللغة مقسم إلى أقسام ، والجمل لها تراكيب خاصة ،ولعلك تجد في موقع "شبكة الفصيح " بغيتك0 لك خالص الود

السلام أختي الفاضلة، أعجبتني سلامة كتابتك اللغوية واستعمال الهمزات والنقطة بمواضعها الصحيحة،وفقك الله وزادك علما0 أما السؤال ، فجوابه في رأيي المتواضع : فهم اللغة العربية وفنونها مهم لكل مدعِ للثقافة ، لأن علم اللغة مقترن بالفهم والكتابة والكلام والاستدلال ،وليت شعري ما الثقافة إذا خلت من هذه اللوازم! ومن كان بعيدا عن فهم اللغة ، فهو عن الثقافة أبعد! هذا إذا سلمنا أن معنى الثقافة هو : أخذ شيء من كل شيء0

أوافق الأستاذ الدكتور شريف الأنصاري على ماتفضل به ،وأصحاب الأموال مطالبون بدعم كل مايمت للعلم بصلة ، فالمال يميل والذهب يذهب ولا يبق إلا مانُذر للعلم .

أما مقولة : (تراث العرب العلمي ) فالأصوب أن تبدل إلى ( تراث المسلمين العلمي)  لأن أغلب العطاءات العلمية هي من نتاج المسلمين غير العرب إلا أنها رسمت بلسان العرب ، وحري بنا ألا نتعصب ونمقت حق من له حق ،ولا أن نبالغ وننسب لأنفسنا ماليس لنا ، لنسم الأشياء بمسمياتها دون مبالغة.

نفعنا الله وإياكم بما آتنا من العلم.