فلعوص الحيران( 2) كن أول من يقيّم
فلعوص واللصوص
بينما فلعوص مع زوجته سعيد بلغ الحاكم أن لصوصا أشرارا أقوياء سرقوا خزينة الحاكم .. فتغير لون الحاكم وامتعض ، فسأله الوزير عن الأمر .. قال : خزائن الأموال قد سرقت .. فأصبحت خزينتي خاوية فارغة .. فقال الوزير: ما لنا إلاّ فلعوص ليؤدب اللصوص .
ذهب الحاكم إلى نسيبه البطل ناداه وأعلمه بالخبر ، ، أجابه فلعوص : ما عليك سيدي فاعتبر الأمر عندي ،، رجع الحاكم مرتاح البال ، ودخل فلعوص على زوجته مهموما عابس الوجه حزينا .. قالت له :ما الأمريا بطلي ؟.
قال : عند ابيك الجيوش والعدّة والسلاح ولا يقدر على عصابة اللصوص!!!،، ويطلب مني أن أقتلهم وأرجع بالفلوس.. والدك عنده الجيش الجرار وأنا لاأستطيع قتل حمار !!!!
العود الرطيب :ما الكلام الذي اسمعه؟!! اللصوص كلهم تسعون ، وأنت قتلت مئة وأسرت مئة في جولة واحدة !!
فلعوص: أنا لا استطيع أن أقتل ربع إنسان وسموني الناس بفلعوص الجبان ، الله يخرّب بيتك يا سمعان ..قالها فلعوص لأنه يعلم إن لم يقتله اللصوص قتله الحاكم صابر...
العود الرطيب : أخبرني بالحقيقة يا فلعوص..
أخبرها فلعوص بالحكاية من أولها .... وحكاية سمعان الخبير ، وصار يتمتم بأنه سيء التدبير حقير .
الحيرة خالطت العود الرطيب ، ماذا يقول عنها الناس والجواري والخدم إذا عرفوا الخبر..
العود الرطيب: اذهب هذه الليلة واخرج من الدولة .. وأنا سأخبر والدي أنك ذهبت لزيارة الأهل في يومين ثم تعود ، وبعدها أدبرّ نفسي.. إذا تباطأت سيقتلك والدي شرّ قتلة..
نزل فلعوص من القصر متخفيا مجروح الفؤاد كئيبا حزينا ،ذاق من السعادة حلاوة لم تطل ، ركب سيارته الحمراء تحت جنح الظلام وانطلق .. طال به المسير وهو يلعن ويشتم سمعان الخبير ،،ورجع إلى نغمته القديمة :فلعوص الحيران اليوم أنت أحقر جبان ،،فلعوص بالوحل والقذارة لازم يغوص ..
أصابه النصب وأرهقه التعب ، فوجد بيتا كبيرا مهدما ليس له سطح وبجانبه شجرة وارفة الظلال عظيمة قديمة،، اخفى سيارته القديمة وراء جدران البيت ،وصعد فوق الشجرة ليستريح..وبعد فترة غير طويلة وصل مجموعة من الرجال وقصدوا داخل المنزل ليستريحوا ..خاف فلعوص منهم وارتعد وقال في نفسه إنهم من قطاع الطرق ‘إن شاهدوني قتلوني واخذوا سيارتي ..فأخذ يتوارى خلف الأغصان ..
دار حديث بين الرجال فقال نحن فزنا بخزينة الحاكم .. فرد عليه آخر بصوت أجشّ خشن وكأنه رئيس لهم : إن لم يتعقبنا نسيب الحاكم فلعوص ،، فلعوص أعلى الشجرة يسمع الحديث .. فلعوص كاتم نَفَسه حتى لا يحسّ به أحد .. وعرف أنهم اللصوص ......... قام أحد لرجال والتف حول البيت ليقضي حاجة وإلاّ أنه يصرخ ويقول : وقعنا في يد فلعوص يا رجال هذه سيارته الحمراء أنا أعرفها ..
قام الرجال مذعورين يلتفتون ميمنة وميسرة .. سمع فلغوص الصراخ وشاهد الرجال وهم في ذعر وخوف شديد ..
تماسك فلعوص وجمّع قواه وبرّم شواربه بقوة ، ثم قفز من أعلى الشجرة ممسكا بمسدس صوت فارغ وانتصب واقفا بينهم ‘وقال بصوت قوي : أنا فلعوص الجبار أستطيع القتال والنزال ليل نهار، ثم برّم شنباته ،أنا أنتظركم من أول الليل لا سبيل لكم ولا مهرب ، أنا في العهد وفيّ إن أطعتموني حفظت لكم حياتكم وإن تمرد أحد منكم قتلته أمام أعينكم ، هيّا حمّلوا الأموال واربطو بعضكم بالحبال ، وامشو أمام سيارتي ، إن نظر أحدكم خلفه قتلته .. سار الجميع مربوطين أمام سيارته متجهين صوب قصر الحاكم ، وقد أهكهم وأعياهم المسير فصاروا يترنحون .. وفلعوص في سيارته يترنم ويقول: أنا لاأعرف نفسي إن كنت فلعوص الجبان ،أم أنا شجاع ،لا أدري، حقيقة أنا حيران .. فلعوص بالخير راجع يغوص ..
دخلوا المدينة واقتربوا من القصر .. أطل الحاكم من شرفة القصر، ورأى اللصوص الحمر .. وقال : نسيبي البطل أرجع لنا الجواهر والدرر .. عندما اقترب فلعوص من القصر نادى : سيدي ماذا أعمل بهم .. فأشار الحاكم له بأن يقتلهم .. فقال فلعوص : إن عادوها قتلتهم لا يفلتون من قبضتي... يا سيدى .
نظر فلعوص إليهم وقال : فكوا أنفسكم واهربوا ومن تأخر منكم قتلته ... فك اللصوص أنفسهم وصاروا يتسابقون حتى ابتعدوا عن أعين الجميع ..
صعد فلعوص الى زوجته (العود الرطيب ) فأسرعت وقالت : زوجي أرجو عن أعيني لاتغيب .. علمت الأن أنك كنت تمازحني بحديثك السابق ، غير معقول أن البطل الذي قهر من اللصوص الشداد وكان عددهم تسعين ، يقول عن نفسه جبان ، هذا تواضع الأبطال و الفرسان . لا تقل لي سمعان !!!!
فقال لها : والله لا تغتري ، حقيقة أنا فلعوص الحيران أعرف نفسي بأني جبان .. لكن زوجته لم تصدقه ، وصارت تتباها به بين أقرانها ..
رجع الهناء إلى فلعوص ،وسعادته لو وزعت لملأت كل النفوس ..
مكانته سامية عند الحاكم ، أكله الخراف والغزلان والعصافير ، ولبسه الخز والحرير، وعطره المسك والعنبر مخزّن في أجمل وأبهى القوارير |