تعقيبات كن أول من يقيّم
بسم الله الرحمن الرحيم تحية طيبة وبعد سعدت حقيقة بهذا الاهتمام من الأستاذ زين الدين بترجمتي لكتاب صدر منذ عشرين عاما في فرنسا من المستعرب دانييل رايق المُتوفَّى منذ سنة بالضبط (فبرابر 2007). والواقع أن الملاحظات كلَّها وجيهة وفي محلِّها إلاَّ أنَّها مع ذلك تستوجب ردودا وتعقيبات، سأحاول سوق بعضها في هذه العجالة، لكنَّني قد أعود إليها بشيء من التفصيل لاحقا. * الكتاب صدر بالفرنسية في طبعته الأولى سنة 1988، ولست أدري إن كان قد طُبع ثانية أم لا. امَّا عن ترجمته إلى العربية فقد تمَّت مباشرة بعد صدوره. فقد كنت في زيارة لباريس ربيع سنة 1989 والتقيت المؤلِّف (بصفته مشرِفا على أطروحتي للحلقة الثالثة، التي تحوَّلت إلى ماجستير فيما بعد، والتي منها كتابي تحليل الخطاب الأدبي الصَّادر في طبعته الأولى في الجزائر سنة 2000) في المدرسة العليا للأساتذة التي كان يُدرِّس بها، حينئذ وكان قبل ذلك أستاذا بجامعة السوربون الجديدة (باريس III) فأهداني نسخة من الكتاب، قرأته فأثارتني كثرة المعلومات الواردة فيه وأثارني تميُّزُه عن باقي الكتب التي كنَّا نقرأها عن الاستشراق لعوامل عِدَّة أوردتها في مقدِّمة الترجمة منها: - كنت منذ شبابي الأول (في الإعدادية ثم الثانوية) مولعا بقراءة ومطالعة الكتب والدراسات والروايات التي تتناول القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من التاريخ العربي، (اي قرن النهضة والقرن السابق له)، وكذا كلُّ ما يمتُّ لتلك الفترة بصِلة في كلِّ المجالات، ولا تخفى علاقة الكتاب الواضحة بهذه الفترة. -الكتاب مؤلَّف من مُستعرِب (أي من مستشرق) ومن ثمَّة فهو قراءة وصفية نقدية تحليلية للاستشراق من الداخل وتعريف به، - وهو مُوجَّه لجمهور غربي (فرنسي) اساسا. أما عن الترجمة فقد اقترحتها بداية على هيئة عربية خليجية، وافقت على نشرها بداية (سنة 1990)، ثم اعتذرت بعد ذلك مُبرِّرة رفضها بـ"لأنَّ الكتاب يتضمَّن أشياء حسَّاسة لا يجوز نشرُها" (هذه الجملة مأخوذة حرفيا من رسالة الاعتذار).. اعتقدت حينها ومازلت أعتقد أن هذه "الأشياء الحسَّاسة التي بُنِي عليها الرَّفض" إشارة غير مباشرة إلى مضمون الفصل الأول من الكتاب الذي يتضمَّن آراء لا نرضى عنها، أو بالأصحِّ لا يرضى عنها المحافِظون منَّا مع أنَّ كثيرا من بني جِلدتنا يزايدون على المستشرقين ويقولون فينا وفي لغتنا وماضينا وحضارتنا بكل مكوناتها ما لم يقُله مالك في الخمر، ويحظون الآن بالدَّعم كُلِّه من حكوماتنا هنا وهناك ومن وراء ذلك بدعم الغرب وعلى رأسه أمريكا بدعالوى ليس هنا نحلُّ التفصيل فيها...ثمَّ حدثت التطورات التي نعرفُها في الوطن العربي صائفة تلك السَّنة (1990) أدَّت إلى حرب الخليج الأولى وما أعقبها.. وضعت المخطوطة جانبا حتى واتتني فرصة الالتقاء في تونس سنة 1994 على هامش مؤتمر أقامته جامعة تونس الأولى بمستعرب فرنسي آخر ربط اتصالا بيني وبين الصديق الأستاذ بسام الجابي (من دمشق بسوريا) أحد أصحاب دار "الجفان والجابي" الذي قرأ مخطوطة الترجمة فأعجبته وقرَّر نشرَها.. فاستغرق الإعداد للنشر زمنا.. أمَّا سرُّ اختلاف سنة الطَّبع فيما بين المتن والغلاف الخارجي فيعودُ إلى أنَّ الصدور كان مبرمجا لسنة 1997 غير أنَّ ظروفا أخَّرته إلى سنة 2000. أقصر تعقيبي هنا على ملاحظتين أو ثلاث على أن أعقِّب على باقي الملاحضات لاحقا إن شاء الله. 1- بخصوص ترجمة لفظة Société لم أستعمل كلمة جمعية، لأن الفرق واضح في الفرنسية بين كلمتي Société وAssociation وأعتقد أنَّه ليس من حقِّنا أن ننوب عنهم في استعمالاتهم فنضع كلمة مكان أخرى. الأمر نفسُه يصدُق على جريدة ومجلَّة Journal وRevue، فما الذي كان يمنعهم من استعمال لفظتي Association وRevue إلاَّ أنهم عمدوا إلى الفروق الدلالية بين الكلمتين في أداء المعاني التي أرادوها؟ أمَّا "سوى" فهي أداة استثناء يكون ما بعدها مجرورا في كلِّ حالاته. والسلام ...يتبع... |