| تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع | | مشاهدات من أميركا (1) ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
مشاهدات من أميركا 1. التنوع ... والعجب !! عندما وصلت أميركا لأول مرة , لفت نظري التنوع البشري الكبير الذي تستطيع رؤيته في كل الولايات تقريباً: ترى المكسيكي والهندي والباكستاني والتركي والعربي والإيراني والكوري والياباني والروسي والأفريقي والأوروبي الشرقي والغربي ولكنك ... لا ترى الأميركي الأصلي!! 2. ثقافة ..وحضارة : نظراً لكثرة التنوع البشري .. فالمرء يفترض حكماً, كثرة وتنوع الثقافات. كما يتوقع تلاقح وتمازج لهذه الثقافات, وتوليد حالة جديدة وخاصة بهذا المجتمع لوحده. ولكن ... تلاحظ أن الثقافة الأوروبية الغربية هي فقط الطاغية! عجباً !! 3. ثقافة وحضارة أيضاً: إذا كانت المطاعم والمقاهي ومحلات بيع السمانة من الممكن اعتبارها وجهاً حضارياً وثقافياً, فنحن متفوقون وبامتياز في هذا المجال. أتكلم عن العرب طبعاً. 4. تفوّق: في الولايات المتحدة كل شيء كبير وضخم وعملاق. فأنت تجد هنا أكبر مدينة ملاهي وأعلى بناية وأضخم مجمّع تجاري.. أفخم السيارات, أوسع الطرقات, أكبر المطاعم.. وأول شعور يراودك هو عدم الحميمية وضألة الحجم.. لا أدري إن كان هذا محض صدفة !! | 5 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | أين السيرك ؟ ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
1. أين السيرك؟! عندما ذهبت لحضور أحد عروض السيرك الأميركي, كنت أسأل نفسي ماذا سيميزه عن باقي العروض التي حضرتها سابقاً في أوروبا ؟ كانت القاعة التي سيقام فيها العرض من الضخامة بمكان بحيث أن المنصة في الوسط كانت تبدو صغيرة وبعيدة. وعندما أبديت قلقي من ذلك, طمأنني الجميع إلى أن هناك شاشتان عملاقتان ستنقلان العرض!! وابتدأت القاعة تغص بوفود القادمين الذين كانوا يدخلون ويخرجون بصورة دائمة حتى بعد أن ابتدأ الاستعراض, والهدف هو شراء الطعام الذي ما إن يبتلعوه حتى يعودوا من جديد للخروج لشراء المشروبات الغازية أو البوظة أو غزل البنات إلى ما هناك من أطايب أخرى !! العرض من حيث النوع كان عادياً. الشيء الوحيد الذي يميزه عن باقي العروض هو اعتماد منظميه على فن الإبهار: إبهار في الإضاءة وتوزيعها, إبهار في ضخامة الأوركسترا المرافقة, الإبهار في تقنية الصوت, الإبهار في الكم الكبير من الحيوانات المشتركة بالاستعراضات المختلفة ...كل هذا الجهد لكي يتمكنوا من جعل هؤلاء الشرهين يرفعون رؤوسهم عن طبق الطعام ليلهوا قليلاً ومن ثم يستأنفون نشاطهم من جديد !! ألا يحق لنا أن نسأل أنفسنا عندها : أين هو السيرك ؟ 2. إعلام : قبل أن آتي إلى أميركا, كنت أقول في نفسي : لا بد لدولة بهذه العظمة أن تمتلك إعلاماً مميزاً . لكنني فوجئت بالمستوى الإعلامي بشكل عام ( إذا استثنينا بعض الصحف والمحطات المتميزة والقليلة نسبة لضخامة البلد ). فهو هابط وسطحي والأنكى من ذلك موجه بطريقة خطيرة تحوله مع الزمن إلى نوع من عملية غسل الدماغ المستمرة وخصوصاً التلفزيون الذي أصبح إدماناً لأكثرية الشعب ومن مختلف الأعمار . ومن يشاهد التلفزيون الأميركي , ويقرأ الجرائد الأميركية يعرف فوراً لماذا يفكر الشعب الأميركي بهذه الطريقة . وحدثونك عن الحرية !! 3. أسلوب حياة : في وأميركا يبنون المنازل من خشب . ويصبّون الطرقات بالباطون!! عجباً . بلاد تتعرض للكثير من الزوابع والعواصف والأعاصير, فتصبح معها هذه المنازل هدفاً سهلاً للتدمير وفي أضعف الإيمان الإصابة بأضرار بالغة . هناك خاصية أخرى تتميز بها أميركا عن باقي الدول الأخرى. إن المنازل السكنية فيها كلها متشابهة وكأنها مستنسخة . ويكفي شركات البناء نموذجاً أو نموذجين معماريين فقط فتبني على طرازهما آلاف المنازل وتبيعها بأسعار خيالية ( إذا حسبنا السرعة في الوقت وسهولة التنفيذ ورخص المواد المستعملة). وفي النهاية تعطيك شعوراً بالرتابة والتكرار وعدم الأمان. أظن أن البيوت على أشكال أصحابها تصنع .
| 5 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | عن الحرية وأشياء أخرى كن أول من يقيّم
شكراً لك ضياء ، وأرجو أن لا تندمي يوماً على دعوتك لي بل عليك منذ اليوم وصاعداً بأن تتحمليني : عن الحرّية وأشياء أخرى أود أن أناقش وإياكم مسألةالحرية التي كثر الحديث عنها منذ فترة . لأن المسألة معقدة جداً وتحتاج إلى دراسة وفهم عميقين . نسمع كلاماً كثيراً عن الحرية : حرية القيام بما نحب القيام به , حرية الدين , حرية التفكير , حرية التعبير , حرية النشر إلخ... وقد كتب الكثير عن هذا , ولكنني أعتقد أنه يمكننا أن نقترب من المفهوم بسهولة ومباشرة , لربما سيجلب لنا هذا الحلّ الحقيقي لهذه المسألة الإشكالية . ماذا يعني أن نكون أحراراً ؟ هل الحرية هي بفعل أشياء تناسبنا شخصياً ؟! كالذهاب حيث نحب مثلاً ؟ أو التفكير بما نرغب ؟ هذا ما نفعله على كل حال , وهذا ما يسمى استقلالية وأن تكون مستقلاً لا يعني أنك حرّ. فالكثير من الناس في هذا العالم هم مستقلون , لكن القليل منهم هم أحرار . الحرية تتطلب مستوىً معينا ًمن الوعي ومن الذكاء وسأبين كيف أنك لكي تكون حراً يجب أن تكون واعياً وحصيفاً . فهذا أول ما يحصل لك عندما تبدأ بالفهم الكامل لمحيطك الإجتماعي والديني والعائلي والمؤثرات التقليدية التي تطبق عليك من كل الجوانب وبشكل دائم . ولكي تفهم التأثيرات المختلفة كتأثير الأهل , السلطة , المجتمع , الثقافة التي تنتمي إليها , الأيديولوجيات بمختلف أشكالها , الآلهة , المؤسسات, التقاليد التي تمارسها بدون تفكير , يجب عليك أولاً استيعابها عميقاً لكي يسهل عليك التحرر منها فيما بعد وأنت محتاج لأجل هذا إلى استبصار داخلي عميق جداً . إضافة لمستوى من الذكاء والإدراك . على العموم _ وبدون زعل_ أنت تستسلم لكل هذا بكل بساطة لأنك خائف !! مماذا تخاف؟؟ تخاف من ألا تحصل على مكانة أو منصب مهم في الحياة . تخاف مما سيقوله عنك الأخرون . تخاف من عدم اتباع التقاليد , تخاف من أن لا تقوم بالشيء الصحيح المطلوب منك . الحالة الذهنية هذه التي تجعلك مكبلاً دوماً وتعوق تقدّمك نحو الحرية . صدّقني إن الحرية هي حالة ذهنية تتجلى أولاً بعدم الخوف من شعورنا بأننا متروكون لوحدنا وبالتالي لسنا محميين كفاية. وقد يسأل سائل هنا:أليس معظمنا يتمنى أن يكون آمناً ؟ ألسنا جميعاً كذلك نرغب بمن يقول لنا, كم نحن رائعون , وكم نحن محبوبون , وكم نتمتع بالجمال , أو كم نحن أذكياء ؛ وكذلك ألا يرغب معظمنا بأن يضيف لقباً مهماً إلى اسمه . ألا يعطينا كل هذا شعوراً ذاتياً بالإطمئنان والأهمية ؟ من منا لا يرغب بأن يكون شهيراً ؟؟ أو على الأقل أن يكون "شيئاً ما" ؟؟ والجواب بسيط أنه في اللحظة نفسها التي نفكر فيها بكل هذا مجتمعاً أو بواحد منها فأننا لا نعدّ أحراراً على الإطلاق . فعلى هذه الأرض يسيطر نوعان من عوامل الاستقطاب : العالم المادي الذي يسيطر فيه مبدأ السلطة بكل مقوماتها , والقوة والمواقع السياسية , والعالم الروحاني المسيطر عليه من قبل الأيديولوجيات الدينية " الملهمة " للقداسة والنبل والمشروعية الالهية ... وفي المراوحة بين هذين العالمين المهيمنين وفي اللحظة التي نفكر فيها بأن نكون "شيئاً ما" فإننا لا نعود أحراراً أبداً . إن الشخص الذي يعي تفاهة كل هذا والذي لا تتفاعل بداخله مشاعر الرغبة والأهواء المتعلقة بكل ما سلف هو الإنسان الحر بحد ذاته . وإذا تمكن من أن يفهم ببساطة كل هذا فسيرى أنه أمر رائع الجمال والعمق , وإنه على الدوام كان موجهاً من الأهل إو من الأساتذة أو من المجتمع : يجب عليك أن تفعل كذا , أن تتخلى عن كذا , أن تنهي هذا , أن تكون ناجحاً مثل أحد القادة أو بعض القديسين حتى ... إنهم يشجعون فكرة الحصول على مركز مهم , إحراز الألقاب , المكانة , المعرفة ... بالمحصلة أن تكون مقلداً لا كما أنت على حقيقتك أو ذاتك . وطالما اتّبعنا خطى أحدهم أو اتّبعنا تقليداً ما من ضمن متطلبات أن تكون " شيئاً ما " فأننا لسنا أحراراً وفقط عندما نبدأ بفهم ووعي الواقع فإننا نكون قد بدأنا بالدخول في مجال التحرر . وللثقافة والتعلم دورٌ مساعدٌ ومنذ الطفولة على أن يكون الإنسان هو نفسه وليس أحداً آخر . ولا يفكر أحد منا صعوبة هذا الأمر . كن دائماً وحاول دائماً أن تفهم نفسك . لا يهم أن كنا قبيحي المنظر أو من ذوي الجمال , إن كنا حاسدين أو محسودين , حاول أن تفهم نفسك , حاول أن تكون نفسك , على طبيعتك ولا تفكر أبداً بأنك غير ذي أهمية لأنك لا تملك كذا أو كذا فهذا أمر حيوي ويجب العمل على تغييره وهذا إذا ما حصل فسيحولك لشيء رائع ونبيل حقاً . حتى إذا استطعت النظر بصدق إلى ما أنت عليه حالياً وفهمت نفسك فإن هذا لوحده يعدّ تغييراً فعلياً . الحرية ترتبط إذاً بفهم من أنت عند كل مرحلة من المراحل التحولية التي تمر بها . وليس بالمحاولات الحثيثة للتحول إلى شيء آخر مختلف , ليس بفعل كل ما يجب علينا أن نفعله وليس أخيراً باتباع سلطة الأهل والتقاليد وكبار القادة من دينيين ومدنيين . تربوياً نحن لسنا معدّين لهذا الأمر ؛ على العكس إن إعدادنا التربوي يشجعنا على الدوام أن نكون "شيئاً ما" , وهو دائماً "شيئاً آخر" مخالف لنا ولتطلعاتنا الحقيقية . عليك أن تفهم أنك لست الكائن الذي يذهب يومياً إلى المدرسة , والكائن الذي يلعب , والكائن الذي يعمل والكائن الخائف . ولكي تفهم ذلك عليك أن تعمل على فهم نفسك الحقيقية نفسك المختبئة والغير واضحة والغير ظاهرة للعيان . عليك أن تفهم أنك كائن "مكوَّن " ليس فقط من الأفكار التي تجول بذهنك أنت ولكن من الأفكار التي حشرت في رأسك من قبل أشخاص آخرين, من الكتب كذلك التي تقرأها , من الجرائد , من السياسيين , من القادة الدينيين والمدنيين .. وإنه يجب عليك أن تبدأ بفهم واستيعاب كل هذا فقط وفقط عندما لا تريد أن تصبح " أياً كان " . وهذا بحدّ ذاته يعتبر ثورة على الأعراف والتقاليد . فعندما لا نقلّد ولا نتّبع . فنكون حكماً في حالة ثورة ونحاول أن نكون حينها " شيئاً ما " ولكن آخر مختلف عما أرادونا أن نكونه ونكون خرجنا من حالة الاستعباد اللاواعي إلى الثورة الحقيقية المؤدية للحرية . وتدعيم وإنماء هذه الأنا الجديدة يتمّ بواسطة الثقافة الواعية والاستبصار العميق . الأهل , المعلمون , الرغبات والأهواء الشخصية ... كلها تريد منا أن نكون شيئاً والهدف أن نكون آمنين وسعداء . وهذا ما لا يحصل ولن يحصل إذا لم نتحلّى بالوعي والإرادة لكسر هذه التأثيرات التي تسحقنا وتستعبدنا للأبد. أعتقد أن الأمل بعالم جديد آمن وسعيد وحقيقي سيأتي فقط عن طريق هؤلاء الذين ابتدأوا بالتمييز بين المزيّف والجاد وبالتالي الثورة ضدّ التزييف ليس فقط كلامياً بل فعلياً . وهذا يحتم على كل منا التفتيش عن الثقافة الحقيقية . لأنه فقط عندما ننمو في جوٍ من الحرية يمكننا أن نخلق عالماً جديداً ليس مبنياً على العادات والتقاليد والأيديولوجيات . ومعرفة أنه ليس هناك من حرية كلما استمررنا بمحاولاتنا العقيمة لكي نكون " شيئاً ما " أو اتباع " مثلٍ أعلى ما " أو " أحدٍ ما " . في الختام إذا لم يستطع هذا العالم المحيط بنا وكما هو حالياً أن يمنحنا الأمان والسعادة فلماذا نستمرّ في اتباع أنماطه بطريقة آلية ونجترّ وننتج ومن ثم نجترّ نفس المشاكل . ومن ثم نبكي على الماضي القاتم والمستقبل الضائع . هل نحن عبيد من ذهب نُقولَب ونصب حسب الطلب ؟! . | 6 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | مرحباً بكما كن أول من يقيّم
الأستاذ عبد الحفيظ زميل مهنة ، وهي مهنة نبيلة لكنها تقصر العمر : شكراً لك بطاقتك اللطيفة وأنت كما يقول المثل " إن اللبيب من الإشارة يفهم " . الأستاذ هشام : أنت لا بد تعرف عني أكثر مما تتوقع لأن ضياء كنا نسميها بالصحافية . شكراً لك ترحيبك بي . | 7 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | وهم كن أول من يقيّم
وهم ديمقراطية النظام الأميركي هي خدعة أم حقيقة؟؟ إن المراقب للسياسة الداخلية وللسياسة الخارجية للنظام الأميركي يستطيع أن يتبين وبدون مجال للشك بأنها أبعد ما تكون عن الديمقراطية وأبعد بكثير عن إعطاء الحرية إن لشعوبها أو للشعوب الأخرى التي استعمرتها أو التي "ستستعمرها " وأنا أتكلم هنا عن النوع الجديد من الاستعمار الذي تروج له تحت اسم العولمة . فتاريخ أميركا يشهد بأنها دولة قامت على قمع الآخرين وعلى سلب الآخرين حريتهم وكرامتهم ابتداءً من الهنود الحمر وانتهاءٍ بالعراق ويمكن لبنان وما بينهما . وهي لا زالت منذ تلك الأزمان تخدع وتبهر المجتمعات الأخرى بطريقة تمثيلية ومسرحية بجودة الإنتاج الهوليودي أو أكثر . وهنا من الجدير الملاحظة بأننا أحياناً نخال أنفسنا عند مراقبة السياسة الأميركية وكأننا نشاهد فيلماً سينمائياً مرتكزاً على قصة حقيقية !!! فهناك الكثير من النقاط المشتركة بين انتاجها السينمائي وإنتاجها السياسي : § الإثنان يرتكزان على فكرة السوبرمان, أن في الحقيقة أو في الخيال . § الإثنان يركزان على فكرة الطيب والشرير وانتصار الأول دائماً أو غالباً في النهاية , أو على فكرة الصالح الطالح . § الإثنان يركزان على الإبهار في العرض مستندين على الإمكانيات المادية الضخمة والتقنيات الهائلة المتقدمة . § الإثنان يركزان على الحركة السريعة والخفيفة وعلى التسلسل السريع للأحداث . § الإثنان يركزان على الشعور بالدونية الذي يخلقانه لدى الطرف الآخر المستلب تجاههما. § الإثنان يركزان على الشعور بالتفوق المتأتي عن امتلاك المال والسلطة بكل أشكالها . § الإثنان يركزان على خلق عالم وهمي ومتخيل لا يمت للواقع بصلة ويمتلك الكثير من الجاذبية . § الإثنان يركزان على تحويل المتلقي إلى مجرد مقلد لما ينتجانه ومستهلك لأفكارهما بطريقة سطحية وخالية من المضمون . § الإثنان يركزان على مساعدة الضعفاء والفقراء والمستضعفين !!! . § الإثنان يركزان على فكرة إضفاء السعادة والهناء على الناس في النهاية فإذا ما أحسنوا التصرف فيسحصلون على الثواب المناسب . § الإثنان يركزان على مصير من يخالف هذه القواعد,فإنه سيتعرض عندئذ لغضب هذا الطيب عليه وبالتالي ينال العقاب الذي يستحق . كل هذا نراه في الأفلام ونسمعه من الساسة الأميركان وعند التطبيق الفعلي نرى ونسمع العكس تماماً وكما تحول إنتاجهم السينمائي إلى مهزلة مولفة على الكومبيوتر كذلك تحولت سياستهم إلى سياسات غير مدروسة ورعناء ومولفة من قبل بعض الصناع الفشلة وغداً ناظره لقريب . | 7 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | هامات أميركية كن أول من يقيّم
هامات أميركية عادت خالتي المقيمة في أميركا منذ زمن طويل إلى لبنان في صيف العام 1998. وكنا نحن أولاد أختها الوحيدة صلتها اليتيمة بهذا الوطن، وكنا أيضاً هناك . ومنذ اللحظة الأولى التي وضعت فيها رجلها على أرض لبنان أبتدأت المشاكل ... والإحتجاجات تتوالى على مرّ الدقائق ابتداءً من الفوضى في المطار .. والموظفين " يللي وجههن كشوش " ... للحمالين المزعجين .. لسائقي التاكسيات .." للّخبطة " في إيجاد الحقائب .. لعدم الإلتزام بمواعيد الإقلاع والهبوط. وهذا كله ولم نكن قد غادرنا المطار بعد . فقلت في نفسي أنّها ستكون زيارة مباركة إن شاء الله . ولم أكن أعلم أن الآتي أعظم !! وبما أننا " طرابلسية " ونقيم هناك فقد منحتنا هذه النعمة , مساحة أكبر من النّق.. الخارجي , من عجقة السير .. وعن المخالفات في السير وعن عدم وجود من ينظمه أصلاً . لا إشارات ولا شرطة ( على الأقل يحسب لها الناس حساباً ) . فكانت كل لحظة تردّد بلكنتها المميزة : " يو .. نو خالتي لو كان هيدا عم يصير عنا بأميركا , كان صار كذا وكذا .. " وأنا أطنّش ولا أردّ . فعندما يتعلّق الأمر بالإهمال المستشري عندنا , فلا مجال للردّ أبداً . هل سأقول لها إن النظام والكياسة والذوق في التصرف متوفرة لدينا ؟! هل سأقول إن النظافة العامة حول المباني وعلى الطرقات متوفرة ؟! هل سأقول لها إننا نعاني من نقص كبير في الخدمات العامة , وإن الناس وصلت إلى المريخ ونحن لا نزال نعاني من انقطاع التيار الكهربائي ! والأنكى أننا لا نعرف السبب ؟! هل أجرؤ أن أقول لها إن الفساد والرشوة والسرقة والمحسوبيات والوراثة السياسية والقبلية والعشائرية لا تزال تحكم وتتحكّم فينا إلى الآن ؟! هل أجرؤ أن أقول لها إن المذهبية والطائفية عادت إلى البروز وبقوة بعد أن كنا ابتدأنا نتجه نحو الأحزاب خلال الحرب ؟! على الأقل كنا نذكر أن هناك أحزاباً وطنية أو يسارية وأحزاباً يمينية تتقاتل !! هل أجرؤ أن أقول لها إننا .. وإننا ؟! هذه سبحة لا تنتهي ... وإن الحق ليس على المغتربين في أن يُصدموا بالواقع اللبناني , لأن الدعاية الإعلامية عن لبنان تنقل لهم صورة مختلفة عنه في الخارج فيظنون أن كل لبنان هو الكسليك أو فقرا !! وأننا " عايشين " بألف خير من الله !! هل سأجرؤ أن أقول لها : فيما بعد إن كل ما ستذكرينه عن وطنك هو" الأهل والأكل " وإن كنت أضع " الأهل " في خانة المساءلة بسبب ما ذكرناه .. لأن الأهل عالم " والعالم ضايقها خلقها وعم بتخانق على الطالعة والنازلة ". المهم .. وصلنا أخيراً إلى طرابلس وانتقلنا إلى مستوى أعلى من الإعتراضات: "يو.. نو.. خالتي هون العالم بيضيعوا وقتهن على الحكي وبالزيارات !! وما فيني صدق , إنو كل هالرجال وهالشباب بيقعدوا بالقهاوي عم يشربوا أركيلة ؟! شو العالم هون ما بتشتغل شي ؟! كيف بتعملوا مصاري لحتى تعيشوا ؟! يو..نو..خالتي المرة هون بلبنان منّا مثقفة لو كانت مثقفة ما كانت بتقبل أنها تكون درجة ثانية بالحياة وكل همها إنها تحصل على رجال وتظبط شكلها .. ومضيّعة نصف حياتها بالبهورة الفاضية .. يو..نو خالتي هون العالم عينيها فارغة وبتتطلّع كثير بوقاحة !! يو .. نو خالتي هون العالم تتدخل كتير بخصوصيات بعضها وما في شي مخبّا !! يو..نو خالتي خالتي ليش عندكن كل هالخدم الأجانب ما دام أكثر النسوان ما بتشتغل وقاعدة بالبيوت ؟! " كل هذه الأسئلة والكثير الكثير غيرها كنت أردّ عليها محاولة أن أكون مقنعة وموضوعية بأجوبتي , على أساس أننا كلبنانيين بشر نشبه الأميركيين كثيراً من الناحية الفيزيولوجية وقادرين بالتالي على الاحتجاج والشكوى إلى المسؤولين كما يفعلون هم الأميركان ولكن ... هم ظروفهم تختلف عن ظروفنا فعندهم مسؤولون .. وعندنا مسؤولون والفرق يكمن هنا وليس في عامة الشعب ولكن هيهات أن تجادل معها في هذا الموضوع . إلى أن وقعت الواقعة ودخلنا في الجد. فقد صدف أن حصل اغتيال القضاة الأربعة في قاعة المحكمة في صيدا أثناء وجودها في ضيافتنا . وجنّ جنونها لما رأته على شاشات التلفزة والتفتت إلي ساخطة وقالت: " لازم كلكن تحتجوا على اللي صار وتتصلوا بكل المسؤولين وإذا ما عملوا شي لازم تحاسبوهم وتغيروهم ". وهنا تدخلت والدتي للمرة الأولى , وهي بالمناسبة تشبه خالتي بكل شيء سوى بالعقلية فوالدتي مقتنعة بقدرها وقدراتها المحدودة كلبنانية على عكس أختها المقتنعة بأنها تستطيع ولديها القدرة على تغيير عالمها وكل العالم الآخر كأميركية وقالت والدتي بهدوء شديد : " خلص بقى أختي , تخنتيها كتير !! " وصمتت. فالتفتت إلي وقالت : " أنت مثقفة ومتعلمة وتملكين شهادات عليا هل ستسمحين أنت ومن هم مثلك ومن جيلك بهذا أن يمرّ هكذا ؟! مين رئيس الجمهورية هون؟ قومي اتصلي فيه فوراً ! " قلت : " خي زحطنا , الأمن كامشينو السوريين يا خالتي . فنوّريني يا عزيزتي ماذا أفعل ؟ " فردّت :" امسكي بالتلفون واتصلي بحافظ الأسد واطلبي منه أن يوقف هذه المهزلة فوراً !!" ضحكت من قلبي وقلت لها : بمن تريدين أن أتصل ؟ قالت : نعم وهل هذا عجيب أنا كنت في أميركا اتصلت بكلينتون وطلبت منه أن يتنحّى عن الحكم !!! فقلت لها على الفور : بهذه الحال أرجو منك وبإلحاح أن تتصلي به فوراً وأن تطلبي منه أن يتصل هو بحافظ الأسد ويطلب منه أن يقوم باللازم . وسأكون أنا والشعب اللبناني كله ممنونين لك ألى أبد الآبدين . آمين , | 7 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | مشاهدات من أميركا (3) كن أول من يقيّم
نعم أستاذ هشام فالشعب الأميركي ودود بغالبيته العظمى لكن الأجواء تغيرت كثيراً بعد حادثة 11 أيلول وحرب العراق وقبل هذا لم يكن الأميركي العادي يتعاطى السياسة مطلقاً ويظن بأن العراق في أفريقيا وكان من الصعب لو التقيت بأحد الجيران بالصدفة أن تسبقه بالسلام . لكن الإعلام موجه اليوم بطريقة مختلفة وهم اليوم يخافون منا . أشكر الأستاذ عبد الحفيظ على مقالة محمد عابد الجابري كما أشكر الأستاذ زهير ظاظا على قصيدة المفدي زكرياء شاعر النشيد الوطني الجزائري الذي كنا نحفظ نشيده عن ظهر قلب ، وسأتابع اليوم سرد بعض المشاهدات : إكتشاف أميركا تركت لبنان في الشهر العاشر من العام 2000 إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث يعيش أهلي هناك في ولاية تكساس الجنوبية الواقعة مباشرة على الحدود مع المكسيك وهي من أكبر ولايات أميركا الإثنين وخمسين . أهلي يقيمون في مدينة دالاس وهي ثاني المدن التكساسية بعد العاصمة أوستن . تكساس بالأساس هي منطقة صحراوية ولكن اليد الأميركية الماهرة حولتها إلى أرض خضراء عن طريق إقامة السدود الضخمة وتجميع المياه في بحيرات كبيرة يستفاد منها بالري في أيام القحط . لذلك أنت ترى دائماً وعلى امتداد الولاية مساحات شاسعة من الغابات الخضراء التي تساهم بشكل فعال في ترطيب الأجواء وحفظ التربة . والميزة الثانية في تكساس هي امتدادها طولاً وعرضاً على شكل سهل منقطع النظير . والمسافر في الطائرة يستطيع أن يلاحظ هذا بسهولة فالطائرة تحلق لزمن كبير فوق المنطقة وفوق بيوت مرصوصة بجنب بعضها البعض . وهذه البيوت كلها مؤلفة من طابق أو طابقين فقط وعلى امتداد البصر ولساعات طويلة . مما يحوّل المشهد إلى روتين رتيب فيما بعد . أميركا بلد غني ومنظم جيداً ويستطيع الإنسان العيش فيه براحة تامة . وهي بلد حديث المنشأ . عمره لا يتعدى الثلاثمئة سنة لذلك هو جديد أو حديث بكل ما تعنيه الكلمة .والأرض الأميركية الشاسعة تستوعب وبحاجة للكثير من الناس ليقيموا أو يعملوا فيها لذلك ترى حولك عدداً هائلاً متنوعاً من الأجانب يعملون ويعيشون جنباً إلى جنب في تلك القارة الشمالية . في الحقيقة أنا لم أقرر الذهاب لتكساس بالصدفة بل ذهبت إلى هناك بسبب وجود عائلتي في تلك الولاية . وعائلتي كذلك قصدتها بسبب وجود خالتي فيها وخالتي هي الأخرى كانت تعيش في ولاية إنديانا الشمالية الشديدة البرودة ثم قررت النزوح إلى تكساس لأنها كانت تحلم بأن تشتري قطعة أرض هناك ومن ثم وعندما يكتشفون فيها النفط فإنها ستصبح غنية بطريقة سهلة على الطريقة الأميركية وهذا ما لم يحدث حتى وقتنا الحالي . على كل تكساس غنية بالنفط وغنية كذلك بمصانع التكنولوجيا المتطورة والمعلوماتية لذلك جذبت إليها العديد من الناس الذين يفتشون عن عمل في هذا المجال وكان إخوتي من بينهم . فمعظمهم يعمل في مجال المعلوماتية وهم ناجحون في اختصاصاتهم . الرحلة إلى أميركا طويلة جداً ومملة فهي تستغرق حوالي 22 ساعة من الطيران وفترات الإنتظار ( الإسكال ) . وقد وصلت أول مرة إليها في تاريخ 16/10/2000 . وأول انطباع تركته لدي كان سلبياً وأنا شخصياً أعتقد بأن المدن والبلدان كما الأشخاص تترك لدينا انطباعاً أولياً بالقبول أو عدمه من المرة الأولى . سفري إلى أميركا لم يكن أول سفر لي فقد كنت قد زرت النمسا عندما كنت في الثامنة عشرة من عمري ومن ثم أقمت لمدة سنة كاملة في فرنسا وفي باريس بالذات أثناء دراستي الجامعية . ولم تترك البلدين لدي ذات الإنطباع . على العكس من ذلك أنا أحن إلى فرنسا عموماً وإلى باريس خصوصاً . أميركا بلد واسع وكبير جداً وهذا يؤثر برأيي على أشخاص مثلي قادمين من بلدان صغيرة المساحة وقليلة عدد السكان نسبياً . هذا بالإضافة لضخامة كل شيء هناك ابتداءً من المطار, إلى الشوارع, إلى الجسور, إلى المباني , إلى السيارات إلخ .. كل شيء كبير وضخم حتى البشر هناك من ذوي القامات الضخمة بمعظمهم . وأعتقد أن كل هذا لا يشعرك بالأمان ولا بالحميمية . ثاني مشكلة يعاني منها القادمون من بلدان صغيرة مثلي هي بعد المسافات أثناء التنقل . فهناك دائماً مساحات كبيرة عليك أن تقطعها عندما تريد الإنتقال من مكان إلى آخر . وهذا عائد إلى أنهم يعتمدون مبدأ السكن الأفقي وليس العمودي . وإذا ما علمت أن دالاس فيها حوالي 12 مليون نسمة . فعندها نستطيع تقدير حجم المساحة المنتشرين عليها بكل بساطة . عند وصولي لأميركا كان أهلي ( والدتي وأخي وأختي الصغرى فقط ) يسكنون في منزل مستأجر من ثلاث غرف نوم وصالون وسفرة وهو يقع في منطقة متوسطة المستوى وقديمة نسبياً . الجيران كان بعضهم لطيفاً وودوداً والآخر غير مكترث على الطريقة الغربية !! ولكن الشعب الأميركي بمجمله ودود وهذا عائد لكونه مؤلف من أقوام وأعراق وجنسيات مختلفة . وهذا ينطبق على الكل باستثناء الهنود الحمر أو السكان الأصليين الذين لا يختلطون بالوافدين الجدد أبداً . الشيء الوحيد الذي يزعج : هو الشعب المتحدر من أصول أوروبية ( أنغلو_ساكسونية ) فهو الأكثر عجرفة . وبما أنه لا يستطيع أن يحتكر ملكية الأرض لنفسه فهو يحتكر حق القيادة المتأتي عن حق الأقدمية فقط وفقط لا غير . وهم أي البيض يصنفون الأقوام الأخرى على طريقتهم الخاصة . لم أمكث في الزيارة الأولى سوى شهرين قمت أثناءها بالتعرف على خالتي وأولادها السبعة المنتشرين في دالاس وجوارها . وكذلك تسجلت في الجامعة في الدراسات العليا لعلم النفس وقمت بالإجراءات القانونية التي تسمح لي فيما بعد بالحصول على الجنسية ( من ضمان صحي وبطاقة الهوية وبطاقة الإقامة ) ومن ثم عدت إلى لبنان مصطحبة معي شقيقتي الصغرى زينة شهر ونصف بالضبط ( من كانون الثاني إلى منتصف شباط ) وكان الطقس جميلاً لحسن الحظ وتمكنا من أن نريها بعض الأماكن المحدودة متأملين بأن تتمكن من العودة ثانية في الصيف , ولكنها لم تتمكن من ذلك حتى الوقت الحاضر . | 20 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | مشاهدات من أميركا (4) كن أول من يقيّم
الحلم الأميركي ثم عدنا إلى دالاس مرة ثانية . وقد زرت في أثناء إقامتي هذه المرة ولاية أوكلاهوما وولاية أركنساس وولاية كاليفورنيا ونيويورك . كذلك قمت بزيارة إلى شمال الولايات المتحدة إلى ديترويت ميشيغن حيث قضيت هناك حوالي الشهرين والنصف بضيافة زميلتي نوف . وأميركا ليست مسلية أبداً لمن يمكث فيها فترة طويلة من الزمن فأينما ذهبت تجد نفس المطاعم ونفس الفنادق ونفس الملاهي ونفس المنتجعات ونفس " المولات " الاسم الذي يطلقونه على المخازن الكبرى ونفس الأسماء . فهم يعتمدون على نظام السلسلة التي تقوم بفتح فروع لها في كل المدن . والمضحك بالأمر أنهم حتى يستأجرون المحلات بنفس الترتيب في كل مكان . المهم عندما تسأل أميركياً عن ماذا يفعل في أوقات فراغه فهو لا يتردد بأن يجيبك على الفور : أكل وتسوق وهذا هو شعارهم الأول . وهذه هي الهواية التي يمارسها 90 بالمئة من الشعب الأميركي . أما الباقي فيمارسون الهوايات المكلفة الأخرى كلعب الغولف والتنس وقيادة الزوارق المائية واقتنائها أو ركوب الخيل واقتنائها كذلك وهذا ما تراه كثيراً في تكساس . وإذا أردت التفصيل أكثر حول أميركا والأميركيين فإنني أستطيع البدء بأول شعور يتكون لديك عن البلد والشعب ( لأنني أعتقد بأن طبيعة الأرض تؤثر في طبيعة البشر , وكذلك طبيعة النظام السياسي السائد ) . بلد غني بكل شيء بالموارد الطبيعية المتنوعة وكذلك بطبيعة متنوعة فهو ممتد جغرافياً على مسافة واسعة من الأرض ويمكنك أن تختار هناك بين الطبيعة الجبلية أو السهلية أو المتوسطة الإرتفاع . أو بين المناخ الحار جداً والبارد جداً أو المعتدل . أو يمكنك أن تعيش قرب البحر أو في الصحراء أو في الغابات الشاسعة والتي لا تزال بكراً في أكثر المناطق . وإذا أردنا التكلم عن السكن فهو متوفر وبسهولة في هذه البلد كذلك العمل متوفر وبكثرة وحتى المتقاعدين والطاعنين في السن يمكنهم من إيجاد عمل مريح يسليهم ويجعلهم على احتكاك مباشر بالناس إذا أرادوا ذلك . وفي أميركا تسهيلات مالية كبيرة لمن أراد ذلك وعلى كافة الأصعدة . فحتى وأنت طالب تستطيع أن تحصل على قروض ميسرة من البنوك تستردها منك عندما تبدأ بالعمل وعلى دفعات . كذلك تستطيع الحصول على قروض للعمل والإستثمارات الصغيرة والكبيرة كذلك أنت تستطيع في تلك البلاد أن تشتري من أغلى المحلات وأن تدخل إلى أغلى المطاعم وأن ترتاد أفخم الأندية . وأن تدفع ثمن كل ذلك بواسطة بطاقات الدين التي تمنحك مبالغ معينة وتستطيع أن تسددها بطريقة مريحة . باختصار شديد الحياة سهلة مسهلة جداً في أميركا . وكل من يعيش في تلك البلاد يستطيع أن يلمس هذا بسرعة وأن يتمتع بنظام الحياة . هذه إذا شاء ذلك !! أو إذا شاءت له الأقدار والظروف ذلك !! فهناك دائماً ولكن مخفية في مكان ما من ذلك النظام . ولكن ... لنظام الحياة هذا ثمناً وثمناً باهظاً أيضاً !! فهو ككل شيء سهل .. يوصل إلى الحائط المسدود . فالأميركي ( أياً تكن هويته ) لا يستطيع أن يحيا حياته على مهله فهو مضطر لأن يسابق الزمن دائماً لكي يشعر بأنه مسيطر على جزء من حياته . فعندما يدخل الشخص في نطام الإقتراض السهل هذا ( وخصوصاً في الفترة الأولى ) لا يدري إلا وهو مكبّل بكميات كبيرة من الدين الذي يجب عليه سداده : فمن قسط التعليم إلى قسط الهاتف , إلى قسط السيارة , إلى قسط المنزل , إلى قسط الأثاث , إلى قسط الطبابة والأدوية , إلى قسط الإجازات والترفيه إلى قسط بعض المصاريف النثرية المتفرقة من ماء وكهرباء وخلوي . كل هذا يجعله مكبلاً . وتصبح الحياة عملية حسابية معقدة بين ما تنتجه وما تستهلكه من أموال . والأمور تبقى صمن المعقول إذا ما كنت تعمل بشكل دائم ومنتظم ولديك دخل مقبول . ولكن !! وهنا الكارثة إذا ما طرأ أي خلل على واحد من هذه السلسلة فستنكسر على الفور وتقع تحت العجز وتبدأ هنا المشاكل التي تتوالى ساعتها مثل لعبة الدومينو. وهنا يكمن الخطر في هذا النظام فهو كالمطحنة لا يحمي الأفراد بل يجعلهم أرقاماً تتوالى وتتتابع. العروض كثيرة ولكن المنافسة كبيرة كذلك وطريقة العمل تتم على شكل حلقات في سلسلة طويلة ومتصلة وعندما تنكسر إحداها يتم استبدالها على الفور فالبديل جاهز دوماً . وفي نظام يعتمد على القدرات الفردية ويعززها فإن المنافسة التي تخلقها الوضعية السائدة تحول الجميع إلى أعداء وتشجع على التناحر والتنابذ وإبعاد الآخر . والشخصانية والفردية من مميزات معظم الشعوب الأوروبية ولكنها تبقى الأقوى في النظام الأميركي الذي مع الأسف تحاول كل الأنظمة الأخرى في العالم تقليده . ليس لأنه الأنسب إنسانياً بل على العكس لأنه الأنسب مردوداً اقتصادياً ومادياً وبما أن الحرب الكونية الحالية هي حرب إقتصادية فالكل يلهث لكي يلحق بالركب الأميركي واضعاً راحة وسعادة أفراده على جنب . وبالرغم من عمليات غسل الدماغ المستمرة التي يتعرض لها المواطن الفرد هناك فإن عمليات الغسل هذه والتي تتم بواسطة الإعلام بكل أدواته وبواسطة طريقة التربية والتعليم المعتمدة والتي تعزز سلماً للقيم لا علاقة له بالقيم أصلاً . بالرغم من كل هذا وبالرغم من نفخ الروح المعنوية لدرجة الغرور المبالغ فيه . فإن المواطن الأميركي قلق وغير مستقر . لأنه يشعر بالغريزة وبالحدس بأن وضعه غير ثابت وبأن مصيره ومصير من حوله دائماً مهدد . وهذا الأمر نفسه ينسحب على السياسة . فالأميركي يثق بساسته ( بشكل عام ) ثقة عمياء . وهو يصدق معظم ما ينقل له عبر الإعلام من أكاذيب : بكل بساطة هو لا يهتم بالتفاصيل من حوله . المهم أنه " مرتاح " يأكل ويشرب ويقتني منزلاً وسيارة إلخ .. حتى لا يتورط في أي عمل آخر . وأكثر الأميركيين لا يتدخلون في ما يحيط بهم من باب أنهم لا يتدخلون في شؤون الآخرين . وكأن كل واحد منهم يعيش في جزيرته الخاصة منعزلاً ووحيداً . لذلك أنت تجدهم مربكين ومحتارين عند أول مشكلة تصادفهم وينهارون بأسرع مما تتخيل لأنهم غير معدين تربوياً وقيمياً لمواجهة الصعاب . وإذا واجهوها فهم يواجهونها منفردين . فيسهل عندها انكسارهم وتحولهم مرضى نفسيين ( وهذا يفسر أسباب كثرة المعالجين النفسيين في تلك البلاد ) . وهناك مشكلة كبيرة في ذلك المجتمع تبرز للعيان فوراً وهي التمييز العنصري الواضح والجلي في كل مرافق الحياة . وبالرغم من النفي المتكرر للك وبالرغم من القوانين التي تمنع التمييز وتعاقب عليه وخصوصاً تجاه السود والملونين . إلا أن كل هؤلاء لا يزالون يعانون الأمرّين في ذلك البلد . بالإضافة إلى أنهم متهمون بكل الجرائم : الصغير منها والكبير . لذلك يعمد البيض منهم إلى مغادرة أي منطقة يسكن فيها الملونون حتى لا يضطروا للإختلاط بهم . وهذا ما يؤدي لنشوء الكانتونات . فهناك مناطق خاصة بالسود , ومناطق خاصة بالمكسيك , ومناطق خاصة بالصفر ( أي الصين والفيتنام واليابان إلخ .. ) . كذلك يظهر التمييز جلياً في توزيع الأعمال . فالقيادة هي دائماً للبيض ( في غالب الأحيان ) والجامعات المهمة التي تخرج القادة هي حكر على طبقة معينة من الشعب (أوكسفورد , هارفرد , يال إلخ ..) ولا يمكن لعامة الشعب من ارتيادها بسبب أقساطها الباهظة. والولايات المتحدة تستورد مئات آلاف العمال من كافة أنحاء العالم ( الثالث والعاشر منه حتى ) الذين يعملون بأجور زهيدة تبدأ من ثلاثة دولارات بالساعة وتصل في أقصاها إلى ثمانية دولارات بالساعة مما يضطرهم للعمل ليل نهار لكي يتمكنوا من جمع قوتهم . بينما لا يقبل الأميركي أن يقوم بهذه المهام حتى لو بقي عاطلاً عن العمل . ويبقى الجميع يحيا ويعيش على أساس أنه واحد من مجموعة ضخمة وكبيرة وفخورة ببلدها من ضمن وهم كبير اسمه : الحلم الأميركي . | 20 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | قراءة في السياسة الأميركية (5) كن أول من يقيّم
قراءة في السياسة الأميركية كلما أقرأ أو أسمع أو أشاهد ما يجري حالياً في العالم بأجمعه من مشاكل سياسية وأقتصادية وعسكرية يتبادر إلى ذهني وعلى الفور السؤال البديهي : ما هو دور الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها فيما يجري ؟؟ ولا أمتلك إلا أن أعجب لهذا التحول الرهيب الذي طرأ على هذا النظام الذي يمتلك القوة الكافية للسيطرة على العالم , ولا أقصد السيطرة العسكرية فقط بل السيطرة السياسية عبر خطوط وشبكات منظمة تعمل بشكل حثيث على استيعاب كل المستجدات الحديثة مدعومة بأكثر التقنيات تقدماً وكماً لا يستهان به من العلماء والمختصين والبحّاثة في كافة المجالات بالإضافة لثروات مادية وطبيعية كبيرة . أعجب كيف تحول نظام كهذا كان من المفترض به أن يكون رمزاً للعالم الرأسمالي الحرّ إلى نظام يعتمد شيئاً فشيئاً على العقائد والأيديولوجيات الدينية وفي نفس الوقت يحارب الأيديولوجيات الأخرى سياسية كانت أم دينية , فيحرّم على غيره ما يحلله لنفسه . والأنكى من هذا إنه يحاول فرض وجهة نظره على باقي العالم بالقوة . لا أحد ينكر هنا تدخّل المصالح الاستراتيجية عبر محاولات السيطرة الحثيثة على الثروات المادية وإبقائها في متناول اليد ولكننا لا نستطيع أن ننكر أيضاً أنه يجري توظيف كمّ كبير من الجهد والمال والدبلوماسية للدفاع عن هذه الأيديولوجيا المتبناة حديثاً والتي إبتدأت تهدد هذا التوجه المؤدلج بامتياز . فالإستمرار بسياسة الكيل بمكيالين والفهم الخاطئ للأمور وبناء سياسة الدولة المقبلة على أساسها سيجعل من أميركا تدفع ثمناً غالياً لذلك , وهي ابتدأت فعلاً بالتورط في مشاكل كثيرة لا حصر لها على صعيد العالم كله وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط الكبير وأسيا . إن التصنيفات الأيديولوجية التي تطلق من قبل الساسة الأميركيين على كل من يقف بوجههم كمعسكر الخير والشر والمنظمات الإرهابية والأنظمة التي تدعم الإرهاب . كل هذا ورّط وسيورّط الإدارة الأميركية إذا لم تحتكم من جديد إلى العقل وحسن الرؤية في المزيد من المشاكل التي ستنعكس سلباً على أدائها الداخلي كما الخارجي . والشعب الأميركي الذي لا زال حتى الآن يراقب بحذر ما يجري على الساحتين الداخلية والخارجية لا بد وبالرغم من كل حملات التضليل التي تمرر على مسامعه من أن يعي الحقيقة التي لا تصل مسامعه حالياً , وأن يرفض كل ما يروّج في العالم باسمه عبر من فوّضهم القيادة عنه . أنت تستطيع أن تمنع عن الناس معرفة الأسباب الحقيقية للمشاكل ولكنك لا تستطيع أن تحجب عنهم النتائج أو حتى تزويرها لفترة طويلة . إن المصالح الأميركية إبتدأت تتضرر من ما يجري والخسائر البشرية والمادية كبيرة جداً وقصة التخويف من خطر خارجي محتمل أصبحت واضحة ومفضوحة وأصبح الخوف من أن نفقد أبناءنا وأعمالنا وكل الامتيازات التي جاهد الجميع لأجل الحصول عليها أكبر من الخوف الأول أو التخويف إن صح التعبير . فلا أعتقد أن الدول والحكومات من الممكن أن تستمر في خداع شعوبها لفترة طويلة وخصوصاً إذا كانت هذه الشعوب تمتلك سبل المعرفة بالإضافة إلى بعد الرؤية عند بعض أبنائها الذين لم تطمس أعينهم الأكاذيب والأضاليل فيقومون بحملات توعية حول حقيقة ما يجري لأن العقل والمنطق السليم يقولان بأن ما من أحد يريد أن يضحّي بنفسه وبأمانه وبمستقبله ( فكل هذه مكتسبات قد حصل عليها ) في سبيل أهداف وهمية وخيالية ستكلفه الكثير على المدى الطويل وأهمها وأولها ضياع مكتسباته ولا تقدم له بالمقابل سوى حلماً بالسيطرة والتفوق من أناس ذوي رؤية سياسية ضيقة وعقيمة يبحثون عن مصالحهم الهاصة ويريدون تنفيذ رؤياهم الخاصة . أخيراً وليس آخراً يجب على هؤلاء أن يتذكروا أن من غيّر وجه العالم والتاريخ نحو الأفضل كانوا بالنسبة لمجتمعاتهم التي عاشوا فيها هم الأضعف والأكثر فقراً ولكن الأكثر عزيمة وإرادة . كذلك ( وإذا اعتمدنا على الأيديولوجيا والعقائد التي يتبناها القادة الأميركيون ) لا زالت أفكارهم وشخصياتهم هي المحرّك الأول لمعظم أمم وشعوب هذه الأرض , فحذار ...... من اللعب بالنار فهي ستأكل الجميع في النهاية . | 20 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة | | قراءة في السياسة الأميركية (6) كن أول من يقيّم
صراع قديم حديث في الصراع الذي يدور حالياً في العالم, جرى تصنيف للقوى المتقاتلة تحت عنوانين عريضين : صراع الحضارات وصراع الخير والشر. طبعاً ليكون هناك صراع بين الخير والشر, يجب أن يكون هناك أخيار وأشرار !! والمفارقة تكمن في أن هذا المفهوم الأيديولوجي المأخوذ من المثولوجيات القديمة والذي تمّ إدخاله كمفهوم في الأديان التي تحمل اسم أديان الكتاب وخصوصاٍ الرئيسية منها : اليهودية والمسيحية والإسلام , هو مستند على ما نقل وذكر في الأساطير المعروفة لمعظم شعوب العالم القديم , وكنا اعتقدنا بأننا تخطيناه مع التقدم العلمي الكبير ونشوء مفاهيم جديدة في علم نفس الإنسان .ولكنه عاد يطفو على السطح من جديد وعلى ألسنة كبار الساسة في العالم الذي نطلق عليه لقب متمدن وحضاري, بعد أن كنا نسمعه يتردد كثيراً على ألسنة السياسيين في العالم الثالث والذي "يطلق" عليه لقب متخلّف. وبعد أحداث وخضّات تعرّض لها هذا "العالم المتمدن" تطورت هذه التسمية وتحولت إلى لقب جديد: الإرهاب . والإرهاب يتبعه حكماً الإرهابيون و... مكافحي الإرهاب والإرهابيين , وهؤلاء هم أبطال العصر الحديث بامتياز وبلا منازع. تلك فئة ضالة وشريرة , وتلك فئة شريفة وخيّرة ومؤمنة , تتلقى تبعات أخطاء الفئة الأولى بصبر وأناة , يدفعها لذلك إيمانها القوي بالحق والخير والعدالة , وتكليف إلهي طبعاً ( للمناسبة هذه التصنيفات متّبعة من الفئتين مع الأخذ بالاعتبار موازين القوى ) . وهذه الأوصاف والنعوت التي أصبحت تتردد دائماً ونسمعها باستمرار في كل وسائل الإعلام والفنون ( حتى السينمائية منها ) المسيطر عليها من هذه الفئة أو تلك , كما أصبحت عبارات مثل عبارة الشيطان الأكبر , والشر المطلق تصدر من كلا الجانبين لتصف العدو اللدود والمتواجد دائماً في الجانب الآخر !! وغني عن القول إنه توجد فئة ثالثة بين الفئتين متأرجحة بين الشياطين والملائكة ودفع ثمن هذا غالياً . فالصراع قوي و"من ليس معنا فهو ضدنا" وعليها أن تختار عاجلاً أم آجلاً!!! والمفارقة التي تكمن في هذه المسألة , أننا وبكل بساطة نستطيع تبديل المواقع فيصبح الإرهابي بطلاً والعكس صحيح . وتبقى اللعبة على حالها ويبقى الصراع قائماً. وكلما زادت حدة الضغط والتعبئة من طرف زادت حكماً ردة الطرف الآخر. وقد أدى هذا لاستقطاب كبير في العالم كله وأصبح الوقوف على الحياد مستحيلاً أو على الأقل صعباً. ومن سيخالف سيدفع ثمناً باهظاً من الطرفين. ويحق لنا هنا كمراقبين لما يجري أن نتساءل ؟ لماذا اخذ هذا الصراع هذه الدرجة من الحدة ؟ ولماذا عاد وأخذ شكلاً دينياً وعقائدياً من جديد؟ وهل هي الصدفة وحدها التي جعلته ينحصر بالإسلام والمسلمين من جهة وبالمسيحية-اليهودية من جهة أخرى؟ كذلك يحق لنا أن نسأل: كيف استطاعت عقائد وأفكار عمرها آلاف السنين أن تلتف من وراء ظهر كل هذا التقدم العلمي والتكنولوجي(بل ومستخدمة أياه في عملية الصراع هذه ) لإعادة إحياء أيديولوجيات قديمة كنا قد بدأنا لفترة من الزمن نطلق عليها أساطير الشعوب الفديمة , وخطابات ذات بنية أسطورية ؟ وكيف يمكن لنا ونحن أبناء هذا العصر أن نفهم ونتفهم أن تتهم شعوب بأكملها بالجهل والتخلف لمجرد انتمائها الديني والعقائدي في نظام هو يتّبع في نفس الوقت عقيدة ليست بعيدة بحوهرها عن العقيدة الأخرى المتّهمة. كذلك أن يتم الحكم على هذا كله من خلال ممارسات بعض المعتنقين والتي هي تتفاوت حكماً تبعاً لمعطيات كثيرة ابتداءً من الموقع الجغرافي مروراً بالوضع الاقتصادي والثقافي والاجتماعي .. ويتم تصنيف البشر على هذا الأساس ويتساوى الجميع بدون استثناء!! ويحق لنا التساؤل هنا كيف استطاع البشر أن يصلوا بالصراع إلى هذه النقطة الخطيرة والتي أدت لإشعال حروب صغيرة ومتفرقة ( كما يحصل حالياً في مناطق الشرق الأوسط وآسيا ) ومن الممكن أن تهدد بإشعال حرب كونية ثالثة لاتبقي ولا تذر. كل ذلك لإرواء الغرائز التملكية والتوسعية وإلغاء الآخر . هذا الصراع القديم-الحديث والذي عمره من عمر أول بشري على سطح الأرض. وللمضي في هذا أعطى لهذا الصراع صبغة دينية لتضفي عليه المشروعية اللازمة ولإيهام الآخرين ممن انقادوا للعبته بأنه يمثل الحق ويحمي العدالة والقيم الإنسانية بتكليف إلهي صرف. ما هي الأسباب والدوافع النفسية التي حدت بالإنسان المتحضر للوصول بالصراع إلى هذا المستوى من الخطر ؟ وإذا قمنا بدراسة معمقة لحضارتنا الراهنة , هل ستكون النتيجة لصالح النوع ككل أم لصالح جزء من غرائزه ؟ وما كان الهدف من بناء هذه الحضارة المتقدمة إذا لم تؤمن لنا الحد الأدنى من الأمان والاستقرار ؟ | 21 - فبراير - 2008 | مشاهدات في زمن العولمة |
|