الحاكمية في زمن النرجسية ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
السلام على الأخوة في الوراق و مواضيعهم الشائقة و تعليقاتهم الشفافة التي تَمُـسُّ قَعْـر الفؤاد فَتُدْميـه فَـرَحاً تارة و تُبَـلِلَـهُ حُزْنـاً تارة أخرى. مجلس الفلسفة و علم النفس هو مجلس عزيز على قلوب قبيلتي لأنه يَحُـثُّ على النقاش بين أفرادها و الفلاسفة في أوساطها كُثُر . زوجتي أطال الله عمرها ، تُطَبِّـق النظريات الفلسفية في كل عمل تقوم به حول البيت كما في مكان شغلها حيث توجد هناك كنبة تجعل المستلقي عليها يعتقد أنه يتكيء على طنفسة من ريش النعام سابحة به في فضاء الكون ، و أنا لا أبالغ في ذلك فقد وقعت ضحية لهذه الكنبة و تكلمت بما لم يكن في إرادتي أن أتكلم به .......!! إبنتي الكبرى لها شعر والدها الأجعد و فلسفة والدتها الثاقبة و كثيراً ما يدور النقاش بينهما و نحن بقية الأفراد " في القبيلة نستمع و نتداخل و نُدْلي بآرائنا "البشرية" و نتحاور . مساء الأمس لم يكن يختلف عن غيره من الأمسيات . سمعت زوجتي تسأل إبنتنا ما رأيها في المداخلات الجارية و التي تتناول موضوع الحاكمية في ذمة التاريخ الذي يُرَصِّـع به صفحات الوراق الأستاذ عبد الرؤوف النويهي ( نحن نقرأ كل مواضيعه) و في هذه المداخلة كان يتكلم عن واقعة تاريخية قد حصلت و التي سرد فيها الأساليب المتنوعة التي اُستعملت في موقعة صفين و خدعة "رفع المصاحف" التي إبتكرها من كان يحارب الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه ، و هُـزِمَ الإمام نتيجة خطة مبتكرة و ماكرة و تشققت صفوف أتباعه و البقية نعرفها جميعاً.. عندما قرأت مداخلة الأستاذ إعتبرتها نصٌّ لتاريخ ووقائع حدثت في زمن غابر . بينما رأت إبنتي في تلك المداخلة زمناً نعيشه اليوم بكل جوانبه الفاضلة و الأثيمة. رأت فيها كيف تتفاعل السياسة و تتقلب و تتلون و تستغل المواقف لكسب مصالح ذاتية وآنيَّـة ضاربة بالقيم و حرمة الدين بعرض الحائط إن كان ذلك حائط المبكى أم حائط الكاظمية الجديد .. و كما هو المفهوم السائد اليوم لكسب المعارك كان كذلك في خديعة موقعة صفين : "كـل شـيء مباح لكسب الحرب"... و بعدها ، عودة إلى الخشوع و الركوع و كله مغفور طالما أنتصرنا ... أما قصة "نرجس" و ما قد يعنيه إسمها فقد كان لزوجتي رأيها و هي التي " تراهم كل يوم سابحون" في خيال عظمتهم على الكنبة المريحة في عيادتها... عظماء الجاه و عظماء العقل و عظماء الكلمة و عظماء الفكر ... جميعهم مروا أمامها. لقد رأت في " نرجس" رفيقة لها في صغرها، و رأت "نرسيس" في معظم العظماء الذين يعيثون فى الأرض تكفيرا وتحقيرا وهدرا لأرواح مخالفيهم ودمائهم ، بدعوى أنهم الأطهار والخيَرون والذين يُضحون بأرواحهم الطاهرة فداءا للفردوس المفقود . كتابات شيقة للأستاذ الكبير عبد الرؤوف النويهي نتمنى أن لا تنضب ... شكراً لك يا أستاذ و شكراً للوراق الحاضن لأفكار تبعث الحياة في عقول قد تجف من نُضُب الثمر في الرؤوس المحنطة. |