حول كتاب " في الشعر الجاهلي " . ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
سيدى الفاضل /ياسين 000عُذراً لهذه الثرثرة المملة، وأهلاً ومرحباً0000 ككلنا بشرُ ،وماتراه سيئاً يراه الآخرُ حسناً،وصدق الإمامٌ الشافعى (رأىّ صوابُ يحتملُ الخطأ ،ورأىُ غيرى خطاُ يحتملُ الصواب )0 لن أُدافع عن طه حُسين ، ويبدو أن عدوى الدفاع تتملكنى ، فمهنة المحاماة والدفاع فى الأقضية ،صار هاجسأً لامفرمنه ولا مندوحة عنه ، أنا مثله أُخطأ وأُصيب ،فمن منا يمتلك الحقيقة ?????? ومهما قيل عن طه حُسين ، فهو واقعُ وتاريخُ واجتهادُ ، يجب التعامل معه على هذا الأساس ،فالكمالُ لله وحده ، والله لايحب الجهر بالسوء من القول ،والأمرُ الإلهىُ بالدعوة إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ،مبدأُ الأخذُ به ،واجبُ وفرضُ، لايجوز الخروج عليه مهما كانت الأسباب والدواعى . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ما دمت محاميا فإن من حقك الأدبي علينا أن نخاطبك بالأستاذ، سيدي الأستاذ عبد الرؤوف النويهي ، كنت أتوقع منك أن تتهمني بأني أسأت فهم النصوص التي أوردها طه حسين في كتابه المذكور، والتي استشهدتُ أنا ببعضها ضده قبل أن أطلع على كلام النيابة الذي ذكرته حضرتك ، والذي جاء بما قلته أنا في تعقيبي ، إلا أنك قلت إن ما أراه أنا سيئا يمكن ان يراه الآخرون حسنا ، واعتمدت ما روي عن الإمام الشافعي في الخطأ والصواب من الرأي ، غير أن ما تقوله حضرتك هو، فيما أرى ، بعيد عما قصدته أنا . المسألة يا سيدي ليست في بحث نظرية تحتمل الخطأ وتحتمل الصواب ، ولا هو رأي من الآراء في فهم نص غير قطعي الدلالة يختلف الناس في فهم المقصود منه . ولو أن طه حسين استمر طوال حياته ينقد الشعر الجاهلي ، وهل هو منحول كله أو بعضه ، أو يقرأ التاريخ العربي والإسلامي كما يفكر فيه هو ، ولو خالف في فهمه له كل من على الأرض ومن فيها لما حق لي أو لغيري إلقاء التهم عليه جزافا ، كما يقولون ، إلا أن الأمر غير ذلك تماما . الأمرالمقصود هو : إن طه حسين تعرض للقرءان الكريم لا في فهم نصوصه بل في ذكرعدم أهليته للقطع بوجود ابراهيم وإسماعيل ، ناهيك عن النصوص الأخرى التي تعرض لها . ولو كنت أنت محاميا عنه في المحكمة حينذاك ، فما عساك فاعل لصالحه أكثر من أن تتهم الذين تقدموا بالدعوى وتتهم وكيل النيابة معهم بأنهم إما أساؤوا فهم نصوص القرءان ، أو إنهم أساؤوا فهم كلام طه حسين ، أو إنهم أساؤوا فهم الإثنين ، واختر أي واحدة من هذه الثلاثة ؛ فإن اخترت الأولى فإنهم سيردون عليك بأن إبراهيم قد ذكرباسمه في القرءان عشرات المرات ، والمصدق بالقرءان تكفيه مرة واحدة ، وإن اخترت الثانية فدعها ، إن أردت ، لطه حسين نفسه عندما تنشر رده على من اتهمه ، أما إن اخترت الثالثة فإنك ستكون خصما ، في الجدال ، لاثنين ؛ أولهما نصوص القرءان نفسها ، وبما أنك من المؤمنين بما جاء فيه فلا مندوحة لك عن تأويل النصوص التي هي عند غيرك واضحة بينة لا تحتاج إلى تاويل بل لا تحتاج حتى إلى تفسير، أقول لا مفر لك عندها إلا ان تثبت لمن فهم من تلك النصوص أن إبراهيم كان موجودا حقيقة لا مراء فيها ، أقول أن تثبت له فهما آخر غير فهمه الذي فهمه ، وأنا أعتبر نفسي من هؤلاء الذين فهموا من نصوص القرءان أن إبراهيم وكل من ذكرهم القرءان من أنبياء وغير انبياء كانوا موجودين على وجه الحقيقة لا على وجه الأسطورة ، فإن تمكنت من البرهنة عكس ذلك فاهلا بك ومرحبا ، والله يحاسب المرء ، إن لم يتعمد الخطأ ، وفق نواياه . ولا تظنن أني أتهمك بشيء إنما ما أقصده هو أن الأمر ليس كما تفضلت وقلت أنك مثل طه حسين تخطيء وتصيب ، وأن لا أحد منا يمتلك الحقيقة ، لا يا سيدي . المؤمنون بالقرءان جميعهم بلا استثناء يمتلكون الحقيقة اليقينية ، وما صارت تلك الحقيقة يقينا إلا لأن القرءان أوردها ، فهي ليست من بنات أفكارهم ، ولا هي من نبوغ لديهم أو إبداع ، ولا هي أضغاث أحلام أتتهم بعد وجبة عشاء دسمة لذيذة باتوا بها مثقلين ، ولا هي ، أيضا ، من مكتشفات أثرية يمكن لأي واحد التشكيك في صدق ما تدل عليه . معذرة على الإطالة ، ولكن بقي علي أن أوضح أن طه حسين كان واقعا وتاريخا كما تفضلت لكن كتابه في نقد الشعر الجاهلي لم يكن كله اجتهادا ، ولو كان ذلك اجتهادا لقلنا عمن اجتهد من الباحثين الأجانب مثلا وقال إن محمدا بن عبد الله لم يكن رسولا ولا نبيا إنما كان رجلا ذكيا عبقريا ، لقلنا ساعتها اجتهد ذلك الباحث الأجنبي ، وتبين له ماتبين ، وما علينا إلا ان ننظر في اجتهاده أمصيب كان به أم غير مصيب، ونتخذ ، لا قدر الله ، هذا القرءان مهجورا . أما " إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظـُلم " فإن الدفاع عن العقيدة بصوت عال لم يكن ولن يكون يوما من الأيام جهرا بالسوء أبدا ، ومع اني بلغت من العمر الستين ، فإنني لا اذكر مرة واحدة تعرضت فيها لذكر أمر ستره الله فهتكته ولله الحمد ، وكتاب طه حسين لا ينطبق عليه مثل هذا القول بالطبع . أختتم كلامي بالقول : إنني لا أدعي أنني أحمل مفاتيح الجنة ، ولا أقرر مصير طه حسين ولا مصيري عند الباري جل وعلا ، وسبق لي أن قلت في تعقيبي الأول أني أرجو أن يكون طه حسين مقبولا عند الله ، وهذا ما احسبه ، خاصة واني منذ كنت فتى قرأت عنه أنه تراجع عما كان بدر منه ، هذا ، ولم يكن طه حسين بدعا من الكتاب والأدباء والباحثين فالكل معرض للخطأ والخطيئة ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له . خطر لي الآن شيء من كلام لك فهمت أنك تعني به أن العقلية التي كانت مسيطرة في العقود الأولى من القرن العشرين أيام كتب طه حسين ما كتب أن هذه العقلية كأنها لم تتغير كثيرا ، ويبدو أن ذلك تبين لك عندما وردتك بعض التعقيبات على إعادتك نشر كتابه. تعليقا على قولك هذا أقول : أرجو أن لا ترى ذلك غريبا ولا عجيبا ما بقي مؤمن بان القرءان الكريم من عند الله . وإن كان من أسباب نشرك للكتاب المذكور نابعا من حبك لأدب طه حسين ، فإنك لاريب تجد الكثير من الناس ، وأنا منهم ، يحبون أسلوبه الأدبي حتى لو لم يلقب بعميد الأدب العربي . دمت بود . |