سحر الرسول كن أول من يقيّم
** عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن – قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا – فقال : يا عائشة : أعلمت إن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب 0 قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقاً 0 قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاقة – أي ما يغزل من الكتان - 0 قال وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة – أي حجر في أسفل البئر - في بئر ذروان ، قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه ، فقال : هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين0 قال : فاستخرج 0 قال : فقلت : أفلا أي تنشرت ، فقال : أما والله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد منه شراً ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الطب ( 50 ) – برقم 5766 ) 0).
** وجاء كذلك : سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله 0 حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ثم قال : ( يا عائشة ، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ قال : مطبوب – أي مسحور - ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة ، وجف طلع نخلة ذكر 0 قال : وأين هو ؟ قال في بئر ذروان فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه 0 فجاء فقال : يا عائشة ، كأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين – أي كونها وحشة المنظر - ، قلت : يا رسول الله أفلا استخرجته ؟ قال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثير على الناس فيه شرا 0 فأمر بها فدفنت ) ( متفق عليه ) ، وقد روي مثل ذلك الحديث عن أم المؤمنين - رضي الله عنها - بأسانيد مختلفة 0
** الإعتراض
· مقام النبوة مقام عصمة ، والعصمة تقتضي أن يكون المعصوم معصوما عن كل ما يقدح كماله العقلي والخلقي . والسحر انتقاص في لحظته من الكمال العقلي . أما الاحتجاج بأن العصمة تجيز الجرح وكسر السن والمرض فهو مغاطة ، ونسميها نحن في المنطق أغلوطة الحد الرابع ، فما ذكر يدخل في الحياة اليومية باعتبار النبي بشر وإنسان ( يمشي ، ياكل ، يتبول ن يتغوط ، يحب ، يكره ما يستوجب الكره ، يعاف بعض الأطعمة ، يُجرح ، وقد يقتل كما حدث مع كثير من الأنبياء والرسل .. ) أما السحر فليس من الحياة اليومية وإنما هو أمر خارق لو أُصيب به النبي تُرفع عنه النبوة لعدم إمكان التقاء وحي الرحمان بهلوسة الشيطان .
· أننا بهذا الحديث ( هو من الآحاد ) نقدم للطاعنين في القرآن الكريم أهم دليل على أن القرآن منتوج السحر والشيطان . ( راجع ما يكتبه القساوسة وما يحتجون به على عظمة القرآن ، فهم يقولون أن القرآن في سحر وبيان قوي لأنه من السحر ومس الشيطان.)
· لو أن النبي سُحر بالفعل لكان حديث كل النّاس صحابة وغيرهم ، ولكان الخبر متواترا . فكيف ننقله فقط عن عائشة أم المؤمنين رض الله عنها. أو بمعنى آخر لما تُخبرنا عنه أزواجه، وقد كن يخبرن الناس بأصغر التفاصيل كالجنابة والجماع .....
· أن الحديث المروي في الصحيحين يتعارض مع تفنيد قرآني قاطع : {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا }( الفرقان 8 - 9) ، وقال جل وعلا : { نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا }( الإسراء 47 - 48) . وقوله تعالى : { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ}
· ولنفرض أن الحديث صحيح ، فهو من حيث النوع آحاد ، والآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد وعصمة النبي صلى الله عليه وسلم من تأثير السحر في عقله عقيدة من العقائد لا يؤخذ في نفيها عنه إلا باليقين ولا يجوز أن يؤخذ فيها بالظن والمظنون. وفي هذا الشأن قال قال الأستاذ محمد عبده : " ولا يخفى أن تأثير السحر في نفسه عليه السلام حتى يصل به الأمر إلى أن يظن أنه يفعل شيئاً وهو لا يفعله ليس من قبيل تأثير الأمراض في الأبدان ولا من قبيل عروض السهو والنسيان في بعض الأمور العادية بل هو ماس بالعقل آخذ بالروح وهو مما يصدق قول المشركين فيه : ( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجلا مَسْحُورًا) 0 وليس المسحور عندهم إلا من خولط في عقله وخيل له أن شيئاً يقع وهو لا يقع فيخيل إليه أنه يوحى إليه ولا يوحى إليه 0
وقد قال كثير من المقلدين الذين لا يعقلون ما هي النبوة وما يجب لها أن الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صح فيلزم الاعتقاد به وعدم التصديق به من بدع المبتدعين لأنه ضرب من إنكار السحر وقد جاء القرآن بصحة السحر 0"
· الاحتجاج بسحرة موسى غير دالة على سحر الرسول ، فموسى عليه السلام لم يُسحر بالطريقة المقدمة في الحديث، بل القرآن نفسه يشير أن السحرة استعملوا الخداع البصري ، والخداع البصري ظاهرة سحرية معروفة لا تؤثر لا على العقل ولا على البدن.
· أن عائشة رضي الله عنها أُستغل اسمها كثيرا من طرف الحاقدين على الدين والرسول ، فوضعوا على لسانها ما لم تقله أصلا. ونحن نعلم أن المنتفع من وضع الحديث هم اليهود والساسة والتجار ... وفقهاء السلطة وأنصار المذاهب المتعصبة.
· أن مدة السحر المزعوم استغرقت ستة أشهر كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، ( أحمد 23211 ) وهذا أمر غريب ، وكيف ياتي الحديث من قبل عائشة فقط .
· والأمر الأكثر غرابة ، لما لم يذكر الرواة على طول 23 سنة رجلا أو صحابي سحر في عهد النبي ؟؟؟؟؟
· أن كل علماء السيرة والسنة يقولون أن الشياطين صُفدت وقُيدت عند نزول أول آية ولم تتحرر إلا بعد وفاة الرسول ، وعليه أيها السادة كيف يسحر لبيد بن الأعصم الرسول والشيطان مصفد ، ونحن نعلم علم اليقين أن السحر الأكبر لا يمكن أن يكون إلا بحضور الشيطان الذي يبيع له الساحر نفسه؟؟؟؟؟؟
ولا أريد أن أطيل في سرد الاعتراضات ، فلقد سبقني إلى ذلك كثير ممن هم أعلم مني بالدين أمثال شيخ الدعاة محمد الغزالي ، والذي رفض الحديث. واحتج بعدم أحجية الآحاد في العقائد وإمكانية قبولها في المعاملات فقط.. |