البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات محمد الغزالي

تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الجديد الذي قدمه الزمخشري    كن أول من يقيّم

الجديد الذي قدمه الزمخشري في تفسيره:
 
فتح الزمخشري لنا أعماق دراسة جديدة في البلاغة القرآنية التطبيقية، انتظمت على ما ابتكره عبد القاهر الجرجاني، وما أضافه هو من نكت بلاغية، ومعان اعجازية، اعتمدت المناخ الفني فعاد تفسيره المسمى "الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل" كنزاً من المعارف لا تنتهي فرائده، وقد تجلى فيه ما أضافه من دلالات جمالية في نظم المعاني، وما بحثه من المعاني الثانوية في تقديم العبارة وعائدية الضمائر، والتركيب اللغوي، وتعلق العبارة بعضها ببعض من وجهة نظر بلاغية تعتمد على عنايته بالكناية والاستعارة والتشبيه والمجاز والتمثيل والتقديم والتأخير، عناية فائقة فهو يفصل القول في الفروق المميزة بينها، ويشير من خلالها إلى المعاني الثابتة، وهو كثير التنقل بالألفاظ القرآنية من الحقيقة إلى المجاز، ونكاد نقول: إنّ خير تفسير في العربية تحدث في بلاغة القرآن، واعجازه وسر نظمه وروعة ادائه هو تفسير الزمخشري ، إذ كان تفسيره الأول والأخير في عالم التفاسير".
 
 وقد أخضع تفسيره هذا للوجهة الكلامية عند المعتزلة ودافع عنها، وأضاف إليها الدلالات النفسية التي تستنبط كمعنى آخر للآية، أو كوجه ثان لها، فكأنه يبحث عن معنى المعنى الذي قرره عبد القاهر الجرجاني في دلائل الاعجاز.
 
 وللزمخشري إشارات دقيقة في التنكير والتعريف، والفصل والوصل، والمجاز اللغوي والمجاز العقلي وفي التمثيل والتشبيه. وامتاز الزمخشري على عبد القاهر. إن عبد القاهر قد وجه عنايته بنظريته إلى المعاني ومدى علاقتها بالنظم، ولم يعر أهمية لبديع القرآن، بينما اهتم بذلك الزمخشري وجعله أساساً يندرج تحت مفهوم البيان باعتبار البديع أشكالاً وقوالب وصوراً، تفنن بها القرآن وأبرزها على نحو فني تتميز به أساليب القول.

وبعد هذا، فلا نغالي إذا قلنا: إنّ الزمخشري من أوائل العلماء البلاغيين الذي كرسوا الجهد في الكشاف لاستجلاء الاعجاز من خلال الاستعمال البياني في التفسير، وله لقطات أجاد بها في كثير من المواضع.
 
ومع هذا لم يسلم هذا الكتاب القيم من الطعن، فقد حمل عليه قاضي الاسكندرية: أحمد بن محمد بن منصور المنير، وناقشه بكثير من آرائه بكتاب اسمه: "الانتصاف".

وقد سار على نهج الزمخشري في استجلاء الصور البيانية للقرآن الكريم جمع من المعاصرين، وتفوق عليه بعضهم بتحقيق أجزاء من الصورة الفنية للقرآن التي ترسم المواقف، وتصور المشاهد، وتشخص العقليات، حتى عاد ما كتب حديثاً، منهجاً جديداً في إضافته يمثله كل من:

1_ الاستاذ أمين الخولي في: محاضرات في الامثال القرآنية ألقاها على طلبة الدراسات العليا في كلية الاداب جامعة القاهرة/ مخطوط.
2_ الدكتورة عائشة عبد الرحمن "بنت الشاطىء" في:
أـ التفسير البياني للقرآن الكريم.
ب_ الاعجاز البياني للقرآن الكريم.
3_ محمد حسين علي الصغير في:
الصورة الفنية في المثل القرآني/ دراسة نقدية وبلاغية.
 
 
أبدع جداً في تأليفه، وهو القائل شعراً يمدح تفسيره :
 
إنّ التفاسير في الدنيا بلا عددٍ ** وليس فيها لعمري مثلُ ( كشافي )
إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته ** الكتب كالداء والكشاف كالشافي
 
 
خصائص التفسير ومميزاته:
 
يمتاز الكشاف بأمور منها:
1- خلوه من الحشو التطويل.
2- سلامته من القصص والإسرائيليات.
3- اعتماده في بيان المعاني على لغة العرب وأساليبهم.
4- سلوكه فيما يقصد إيضاحه طرق السؤال والجواب كثيراً، ويعنون السؤال بكلمة "فإن قلتَ" ويعنون الجواب بكلمة "قلتُ".وهذا مما زاد في تفسير الكشاف قيمة يجعل النفوس تميل إليه، والطباع راغبة في قراءته وتناوله.

وقد أشاد كثير من أصحاب التراجم بهذا المؤلف . فابن خلكان عند حديثه عن هذا الكتاب يذكر أنه " لم يصنف قبل هذا الكتاب مثله"

ويؤيده ابن شاكر الكتبي في ذلك حيث يقول عن هذا الكتاب إنه "لم يصنف قبله مثله في المعاني ، والبيان ، والإعراب".
 
وقد ترك هذا التفسير صدًى واسعاً في الساحة العلمية، واعتنى الدارسون به شرحاً واختصاراً وتلخيصاً، وطبع مراراً في الهند ومصر، ومع بعض الطبعات جزء في تفسير شواهده.
 
وهكذا نجد الأئمة الذين تكلموا على الإمام الزمخشري وعلى تفسيره من الناحية الاعتزالية قد أثنوا عليه من الناحية الأدبية والبلاغية واللغوية .
 
موقفه من المسائل الفقهية:
 
ونجد أن الزمخشري لا يتوسع في المسائل الفقهية أبداً، بل على العكس نرى أنه يتعرض لها إلى حد ما دون الميول إلى مذهبه الحنفي، فهو معتدل لا يتعصب لمذهبه الفقهي على عكس مذهبه الاعتقادي فإنه متحيز له جداً .
 
موقفه من الإسرائيليات:
 
إن الناظر في كتب التخريجات لأحاديث الكشاف، يجد أن الزمخشري مُقِلٌ من ذكر الروايات الإسرائيلية، وهو يتبع خطة للكشف عن هذه الروايات، بأن يصدر الرواية بلفظ "روي" المشعر بضعف الرواية، وبعدها عن الصحة، وإما أن يفوض علمه إلى الله تعالى وهذا في الغالب يكون عند ذكره للروايات التي لا يلزم من التصديق بها مساس الدين، وإما أن ينبه إلى ضعف الرواية وهذا في الغالب يكون عند الروايات التي لها مساس بالدين وتعلق به .
 
وهكذا ومن خلال هذا التفسير يظهر الزمخشري بمظهر المتحيز القوي لاعتزاله، وكذلك يظهر بمظهر العدو لأهل السنة والجماعة مما أثار عليه خصومه من أهل السنة والجماعة، فتعقبوه بالمناقشة والتفنيد، فرد عليه الكثيرون من أمثال ابن القيم في (أعلام الموقعين)، وابن تيمية في (مقدمته في أصول التفسير)، وأبو حيان في (البحر المحيط) وغيرهم كثير.
 
وبالجملة...نقول إن الكتاب يعتبر من أحسن الكتب التي يرجع إليها في التفسير من ناحية إعمال العقل والتدبر والنظر، والبلاغة والتي لم يسبق إليه مؤلفه.
 
حيث يقول عن فضل الله في توفيقه لتأليف هذا التفسير" وما هي الا آية من آياتها البيت المحرم وبركة أفيضت علي من بركات هذا الحرم المعظم اسأل الله ان يجعل ما تعبت فيه منه سببا ينجيني ونورا على الصراط يسعى بين يدي وبيميني ونعم المسؤول".

21 - سبتمبر - 2008
فخر خوارزم المفسر المظلوم الإمام الزمخشري 1