| تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع | | شعر مليح للرواية والمذاكرة كن أول من يقيّم
هذان بيتان لأعرابي من بني حنيفة كنت قيدتهما في كراسة المحفوظات كي لا يشردا مني فلا أجدهما , أهديهما لأهل هذا المجلس,وفيهما من الطرافة والظرافة وانفساح الخيال ما يضحك السن ويذهب الغم ويجمع القلب.
قال:
مر الجراد على زرعي فقلت له الزم طريقك لا تولع بإفساد
فقال منهم خطيب فوق سنبلة إنا على سفر لابد من زاد
وهذان بيتان لم أقرأ أمتع ولا آنق في الأسماع و أشد اتصالا بالقلب وتهييجا للكامن من الإحساس منهما:
قال العتبي:
رأين الغواني الشيب لاح بعارضي فأعرضن عني بالخدود النواظر
وكن إذا أبصرنني أو سمعن بي سعين فرقعن الكوى بالمحاجر
الكوى: جمع كوة وهي الفتحات في الحيطان
المحاجر: ما حول العيون.
فانظر-حفظك الله- إلى قوله سعين فرقعن الكوى بالمحاجر ,وهو معنى بديع رائق لا أعلم أحدا سبقه إليه.لكن الشاعر إذا كان في ساعته وآتته قريحته سلس له نظام اللفظ وانثالت عليه المعاني انثيالا فذلك هو الإلهام.
| 6 - سبتمبر - 2006 | كلمات أعجبتني | | أجمل الكلام: الكلام في الجمال كن أول من يقيّم
و الكلام عن الجمال والحسن, مليح مستملح, عذب مستعذب, قريب من الروح ,خفيف على القلب, ولعمري إن الطباع تهوي إليه, و النفوس لا تشبع منه, لأنه في أصل التركيب وعين الفطرة, والكائنات تجري منه على عرق قديم.
وإنما أرسلت هذا المعنى في الكائنات دون أن أحبسه في الإنسان, لأنك تجد في أعمالها وحركاتها ما يدل على ضلعها إلى الجمال, وميلها إلى الحسن بحسب قدرها وخَلْقها وطبعها.فأنت ترى إلى الأنثى من الجياد تُقدم الفحل الخنذيذ القوي في الضراب ,على الضعيف الفاتر, وهذا مقياس الحسن عندها, والجمل يطمح إلى الناقة الشابة الفتية دون الناب المسنة وهذا ما يجبذه إليها,فهو لا ينظر منها إلى وساعة العين ,وعذوبة الصوت, وحلاوة البيان وحسن الجَدْل.
وأنت ترى في ثًلة, كًبْشان وأكثر يتناطحون في سِفاد نعجة بعينها,وفي الثلة غيرها من النعاج,وما ذلك منهم إلا دليل على أن تلك النعجة هي أكمل من أخواتها ,وأجمع لصفات الحسن التي تفرقت في غيرها, بحسب جنسها وخلقها.
ومقامات الجمال شريفة تؤنق الأسماع ,رائقة بالغة الإمتاع, لا تكاد تحيط بها العبارة , ولا تنفع فيها الاشارة, وهي شديدة التأثر, مرهفة للغاية, رقيقة الحواشي, تنحط بها أدنى آفة تصيبها, فتردها من الحسن إلى السماجة , وتنزع بها من القمة إلى الحضيض.
والجمال جزء لا يتجزء ,فلا بد فيه من التناسب والتلائم ,وتلاحم الأجزاء وتعادلها,لأن الغاية التي يجري إليها في كل أحواله هي التساوي والاعتدال,والاستواء في الخلقة والتركيب,ووضع كل شيء في محله, بمقداره ووزنه, دون تزيد ومجاوزة للحد.
ولأبي عثمان الجاحظ في مقاييس الحسن , ومقادير الجمال , وصفات الجواري الملاح , والكواعب النواهد, رسالة صغيرة الجرم ,جزلة اللفظ ,محكمة السبك ,معروفة برسالة القيان يقول في فقرة من فقرها:
وأنا مبين لك الحسن: هو التمام والاعتدال ولست أعني بالتمام تجاوز مقدار الاعتدال كالزيادة في طول القامة, وكدقة الجسم , أو عظم الجارحة من الجوارح , أو سعة العين أو الفم مما يتجاوز مثله من الناس المعتدلين في الخلق,فإن هذه الزيادة متى كانت فهي نقصان من الحسن وإن عدت زيادة في الجسم.والحدود حاصرة لأمور العالم , ومحيطة بمقاديرها الموقوفة لها,فكل شيء خرج عن الحد في خلق أو خلق- حتى في الدين والحكمة اللذين هما أفضل الأمور- فهو قبيح مذموم.
أما الاعتدال فهو وزن الشيء لا الكمية, والكون كون الأرض لا استوائها , ووزن النفوس في أشباه أقسامها.ووزن خلقة الإنسان اعتدال محاسنه وألا يفوت شيء منها شيئا, كالعين الواسعة لصاحب الأنف الصغير الأفطس, والأنف العظيم لصاحب العين الضيقة, والذقن الناقص والرأس الضخم والوجه الفخم لصاحب البدن المجدع النضو, والظهر الطويل لصاحب الفخذين القصيرين, والظهر القصير لصاحب الفخذين الطويلين, وكسعة الجبين بأكثر من مقدار أسفل الوجه."اه
فتأمل هذا الكلام فإنك ستجده قويما مليحا مقبولا.
والعرب تذم العي والحصر واللحن, والحبسة ورداءة البيان والهذر والسلاطة واللثغة والحكلة واللكنة,وتتمدح بالفصاحة والبلاغة وتمام النطق وسلامة المخرج , و إقامة الوزن, لكنهم كانوا يستحسنون اللثغاء من الغواني الولائد التي تلحن في حديثها , ويعدون ذلك في محاسنهن وملائحهن.
يقول الجاحظ في البيان والتبيين: " وربّما استَملح الرّجل ذلك-أي اللحن- منهنّ ما لم تكن الجاريةُ صاحبةَ تكلُّف، ولكن إذا كان اللحنُ على سجيّة سُكّان البلد. وكما يستملحون اللَّثغاء إذا كانت حديثةَ السن، ومَقدودةً مجدولة، فإذا أسنَّتْ واكتهلَتْ تغيَّرَ ذلك الاستملاح.." ثم قال:" وقد قال مالِك بن أسماءَ في استملاح اللَّحن من بعض نِسائه: من الخفيف
أَمُغَطّىً مِنّي على بصرى للْ |
|
حُبِّ أم أنتِ أكمَلُ النّاسِ حُسنا |
وحـديثٍ ألـذّه هـو مِـمَّـا |
|
ينعَتُ الناعِتُونَ يُوزَنُ وَزْنَـا |
منطقٌ صائبٌ وتلحـن أحـيا |
|
ناً وأحْلَى الحديثِ ما كان لَحْنَا |
فلثغة الشابة الحسناء ولحنها كان مما يستملحونه و وتستلذه أسماعهم فهو عندهم داخل في معاني الحسن والجمال, وكانوا يكرهون ذلك في الرجل ويعدوه في معايبه ومثالبه وكان الألثغ من البلغاء والأبيناء يتأتى لستر لثغته بإخراج الحرف الذي وقع به اللثغ ومن أشهرهم واصل بن عطاء وقصة مكابدته للاستراحة من هجنة ذلك معروفة,( وقد كانت لثغتي فاحشة في أيام صباي- لا يمكن تصوير هيئتها لفظا وإنما تعرف بالسماع- فكان والدي يأخذ القلم ويجعله بين لساني وفكي الأسفل ويقول لي: الفظ حرف الراء مرارا فما زال بي وما زلت أغالب ذلك وأناضله حتى اتسق لي ما أردت ونطقت الراء على هيئتها.وكان بعضهم إذا أراد أن يمازحني أمرني أن أقول باللهجة المغربية: آ جرادة في البرادة قالت فررر. لكثرة الراآت فيها) .
ولا يزال هذا الإستملاح والإستلذاذ بلثغة المرأة قائما لهذا العهد.لكن كلامنا صار كله لحنا وشارك الرجال في ذلك النساء.
والكلام في الجمال كلما زدته فكرا ازداد اتساعا , وتلك طبيعته لا يثبت على حال و لا يستقر على جنب,وما أظن الجمال استوفى كماله, وبلغ غايته,فكلما امتدت به الدنيا رأيت من آثاره على وجوه الخلائق , وصفحات الأكوان, ما لم يره السابقون, وتلك آية على قدرة الله. وحسبنا في الجمال أن الله جميل يحب الجمال.
وكما قال الجاحظ: والكلام إذا حرك تشعب , وإذا ثبت أصله كثرت فنونه, واتسعت طرقه. ولولا ملالة القارئ , ومداراة المستمع , لكان بسط القول في جميع ما يعرض أتم للدليل وأجمع للكتاب."
والله الموفق للصواب.
| 7 - سبتمبر - 2006 | الجمال ? ما هو ?? | | العفو والاعتذار كن أول من يقيّم
السيد الهمام القرم فخر مراكش الحمراء: لحسن بلفقيه المنتاكي: في المساء عند وقت رواحي بعد الكسب والعمل, نظرت نظرة في الوراق ,فقرأت كلمات جزلة متخيرة ما أشك أنها خرجت من القلب لأنها ألقيت في القلب, و لا أعرف لها تخريجا سوى الإبدال والقلب, فهي صفاتك الجميلة التي تليق بنفسك النقية و ضميرك الذي لا يمذق الود, فإن كان من أدب و قول رصين وأسلوب حسن متين فهذه حلل مفصلة على روحك, موصولة بطبائعك, أما أنا فدون ذلك بمراحل.وأجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس. ألا وإني- يعلم الله- قد كنت إليكم بالأشواق ولولا أمور اعترضتني وأحوال عاقتني ,لما أصاب حبال الوصل انقطاع و لا ضاع من الوقت ما ضاع ,لكن قدر الله. فارفع عني-حفظك الله- عتبك فإني لا أطيقه , وأنلني رجائي بالفلج بالرضا عندك, وأنت أهل لذلك.-أو لست من أهل مراكش- أما عن النكتة الرياضية فقد أرسل الله لك من صاغها أحسن صياغة بأوجز عبارة وألطف إشارة .على طريقة أهل الحساب . والله الموفق للصواب. | 8 - سبتمبر - 2006 | الجمال ? ما هو ?? | | طبقت المفصل كن أول من يقيّم
الأديب الأفضل والكاتب الأمثل منصور مهران, نفعنا الله بعلمك وأمتعنا بفهمك: أصلح الله ما بين زوجك وكتبك من الخصومة, حتى يصير ما بينها وبين كتبك كالذي بين الأم وولدها من الأمومة. ثم إني وجدتك في غالب كلامك كالجازر الحاذق يرفع مديته فيهوي بها على المفصل فيطبقه ,وعلى المحز فيفله, فكنت كالأعرابي يضع القطران موضع النقب, وكلامك بعد ذلك نزر. وقد أتيتَ على بعض ما أردتُ من مكنون المعنى وخفي الهواجس في آخر كلامك , وقبله ألمعتَ إلى معنى محكم بليغ يغني عن المفسر, فقلتَ ملقناً مُلهَماً : "وربما يكون المحك الرئيس هو جودة العلم الذي يحويه الكتاب وصحة الضبط لما فيه". وكفى | 8 - سبتمبر - 2006 | الكتب الصفراء | | إلى الفاضل جوزف كن أول من يقيّم
الأستاذ الفاضل , والعربي الشريف جوزف: سلك الله بك سبل النجابة , ونصر بك العربية , وجعل الخير بين يديك, والتوفيق من حواليك , والبهجة ملأ عينيك:
فاعلم يا أيها الفاضل الكريم ,أنه مقرر في ملتنا : لا يروح رائحة الجنة من قتل ذميا معاهدا, و لا يكون الرجل مسلما في ديننا ما لم يومن بعيسى نبيا ,ألا وإني أشهد أن النبي عليه الصلاة السلام لم يمت حتى أوصى بكم أمته خيرا, فأمر بحفظ ذماركم , وحياطة أعراضكم, وصيانة أموالكم والنصيحة لكم. وعلى هذه السنة صار الخلفاء الراشدون من بعده , وما شاء الله من خلفاء الإسلام وأمراء دولته ,على كر الدهور.
أما قولك أيها الماجد النبيل:" وأن كل ما يفرقني عنهم , هو أنهم يصلون بطريقة مختلفة. فهم مومنون بالله مثلي, ومومنون بالمسيح مثلي, ودينهم إلى الحبة مثلي". فهذا باطل معلوم البطلان و بدائه العقول تدفعه. *
هذا وأنا مورد هنا نصا أدبيا فاخرا ماتعا يناسب المقام , ويلائم ما نحن بصدده من الكلام ,أتقدم به بين يدي الكريم جوزيف, راجيا أن يلقى استحسانه ويحوز إعجابه:
كتبه الأديب الكبير أمين بك نخلة وهو مسيحي من لبنان-1901,1976- وهو الذي وضع النشيد اللبناني, يقول هذا المنصف:
هوى بمحمد
محمد نغمة,لا كلمة لفرط ما مسحت على شفاه الخلائق.
تأخذ بالسمع قبل الأخذ بالذهن,وليس على بسيط الأرض عربي لا ينتفخ لها صدره,ولا ترج جوانب نفسه.
فمن لم تأخذه بالإسلام أخذته بالعروبة,ومن لم تأخذه بالعروبة أخذته بالعربية.
ومحمد لا تستطيع طائفة في العرب أن تنفرد بالتباهي به,فهو فضلا عن كونه للخلق كلهم,حيث يتشبهون بأكرم الآدميين في حفظ النفس,وحفظ الجار,وحفظ الله,فبالأجدر أن يكون للعرب ?كلهم- حيث نتشبه فوق ذلك بأبلغنا في الفصحى,وأنهضنا في الجلى,يوم حط الكفة بعرب,وشيلانها بأعجام.
وإن لغير المسلم في أرض العرب أن لا يدين بدين ابن عبد الله,وأما أن يكون فينا عربي من لحمنا ومن دمنا,ثم يغدو,لا يمت لمحمد بعصبية,ولا إلى لغة محمد ,فهو ضيف ثقيل علينا,غريب الوجه بين بيوتنا...
وها ان أقوامنا العرب في الآفاق كلما أطلق المؤذن صوته بين السماء والأرض-عند تحرك الصبح في العتمة,أو تنقل الشمس بين مبزغها و ومغربانها-أحسوا في تلك الصيحة بأن شيئا من قوميتهم يحلق في الأجواء,ويمعن في المسير من فج إلى فج...واستشعروا كبرياء العصبية لديانة من عندهم,تدق بشائرها بلغتهم,ويكبر بها على اسم صاحبهم,ويدخل فيها من باب تاريخهم.
روى لي واحد من الذين صرفوا طويلا في باريس- وهو مسيحي من عندنا من الجبل-درس الطب هنالك,وتملأ من لغة الجماعة ومن تاريخهم وطرائق الأخذ والعطاء عندهم,أكثر بكثير مما يعرف من أشيائنا,قال:"إنه فيما هو يسير مرة في شارع كاتر فارج على مقربة من جامع باريس,بعيد الخاطر عن هذه الأرض اللبنانية,إذا تكبيرة تنطلق من المأذنة وتتعالى على الجلبة الباريسية,فأخذ صاحبنا ببغتة حلوة ملأت فؤاده,قال:"وما تمالكت أن حولت طريقي,وغشيت باحة المسجد,حيث قضيت بعض الساعة بين هاتيك القباب والقناطر,وكأني في سربي في لبنان,أنظر إلى منازلهم,وأصغي إلى أحاديثهم,وبيني وبينهم سماوات ومفازات".
وهكذا جمع محمد إليه-بفضل العربية في رسالته,والعروبة في شرعه- هذه القلوب العربية من كل ديانة,حتى ليلقى صديقنا ذاك تحت مأذنة الجامع في دار الغربة-وهو بن المسيحية كما رأيت- ما لا يجده تحت قبة الكنيسة,فمحمد إذن للعرب قاطبة,في لغة(الكتاب) و(الحديث) ونعرة الجنس وشدة الحفيظة على كرائم العنعنات,وفي تاريخ لفتح الممالك وفتح العقول ملألأ كرأد الضحى,وأخلاق عليها سلام الله,أما المسلمون فليس لهم من زيادة علينا-حيث الإنتفاع به والأخذ عنه والتباهي بذكره-إلا الإسلام.وهي زيادة ترى المسيحيين من العرب-أردت الأقحاح منهم في النسب والأدب-يتلافون فقدانها في (محمديتهم),فهم يستزيدون أكبادهم من هوى محمد,ويستزيدون ألسنتهم وأقلامهم من النصرة لشأنه,حتى ليكاد يتعادل النصيبان.
لذلك تتماوج أرض العرب اليوم بمجد واحد العرب وحبه,وتتجاوب الأصداء فيه على رمل البيد ونبت الجبال وعلى كل شاطىء وخليج,من مطلع الشمس في الزرقة المشرقية,إلى محطتها في الضحى عند حدود الصحو...حب لابن عبد الله,سواء فيه أبيض وأسود ومقيم وراحل ومسلم ونصراني,واعتزاز بابن عبد الله,وهز أعطاف على الأمم باسمه.
ويا محمد يمينا بديني,دين بن مريم,إننا في هذا الحي من العرب نتطلع إليك من شبابيك البيعة,فعقولنا في الإنجيل وعيوننا في القرآن..."اه
نقلا عن "الحديقة" للأستاذ محب الدين الخطيب.مع اختصار يسير.
والله الموفق للصواب.
___________
علق الأستاذ طه في مشاركة لاحقة على هذه العبارة بقوله: أما إيرادي لقولك: ودينهم يدعو إلى المحبة مثلي" وتعقيبه بقولي: "فهذا باطل معلوم البطلان وبدائه العقول تدفعه" فهذا سهو مني , وإنما المقصود ما قبله فقط. | 9 - سبتمبر - 2006 | المسيحيُّون والمسلمون، معًا، من أجل اللغة العربيَّة | | أستاذنا فخر الباحثين المسلمين كن أول من يقيّم
أستاذنا الأجل, وحبر الوراق الأعظم, وملاذ الباحثين, وبيضة العارفين: زهير ظاظا أعزه الله
وبعد:
فقد أتحفتني عرائس فكرك, وبحور خواطرك ,وغزارة غريزتك, بما أنا منه أبعد من العيوق,فاستصغرت نفسي أن يقال فيها ذلك المقال , أو أرفل في تلك الخصال, وما أنا من كمال علمك ,وزخور فضلك, وبعد همتك , إلا كما قال الخطيب البغدادي: ما نحن في من مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال.
لعمر أبيك ما نسب المعالي إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرت وصوح نبتها رعي الهشيم
لكنه صفاء نيتك وخفض جناحك وكمال سجيتك.
وقد علم الناس أن قد جمعت لك القلوب من أقطارها , واتفقت على محبتك واللهج بمحاسنك على اختلاف أهوائها, وتنافر طباعها ,تلك في صلابتها والأخرى في سهولتها.فإنك أيها الشاعر الفحل نسيج وحدك ,حتى المعاني حنت إليك و اللفظ سلس لديك , رهوا سهلا, لينا , تغرف من بحر , وتنحت من صخر.
أما سائر شعرك يا سيدي فجزل سهل المخارج , متلاحم الأجزاء, متناسق الكلمات,كأنه سبك سبكا واحدا,يتصل معناه بالقلب قبل أن يصل لفظه إلى السمع. وما جلوت علي من عرائسه فهو على الرأس مني والعين, والقلب به عامر, ولعمري إنه لمن أشرف المفاخر.
وكتاب" صولة العقل" فقد كان هدية من الحكمة , لم أجد آنق منها يناسب مقامك, ويشاكل معدنك. فهي مادتك وبها تقتدح نار بدائعك الفائقة, وقصائدك الرائقة , وفرائدك الشائقة.
والله المسئول أن يعاملك بحسن نيتك, ويسبغ عليك من نعمته, ويفرغ عليك ذنوبا من رحمته, بما خدمت التراث الخدمة المتفانية, وأتقنت عملك حتى بلغت به المبالغ المتناهية. وهذا حق لا مداهنة فيه ولا ملق.
فجزاك الله خيرا.
كلام بعد الكلام:
لقد أنهيت قبل أيام تحقيق مخطوطة للفقيه أبي عبد الله محمد بن أحمد بن المسناوي الدلائي المالكي : المترجم "برسالة نصرة القبض والرد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض" ,وهي مذكورة عندكم في الوراق, في كتاب هدية العارفين للباباني ,تحت اسم"كتاب الرد على من زعم عدم مشروعية القبض في الصلاة في النفل" وهي رسالة أصولية فقهية, عظيمة النفع, جليلة القدر, تضمنت مباحث نفيسة ,وفيها يرد على فئة من متعصبة المالكية في الديار المغربية فيقول في صدرها: "وبعد فلما وقع في هذه الأعصار التي هطلت فيها سحائب الجهل على البوادي والأمصار- إنكار القبض على من فعله من المالكية في صلاة الفرض , وبولغ في التشنيع عليه حتى نسب إلى ما لا يحب أحد أن ينسب إليه, رسمنا في ذلك هذا التقييد , وذكرنا فيه من نصوص الأئمة ما ليس عليه مزيد.."اه وترجم فيه لثلاثة عشر إماما من أرباب المذاهب المتبوعين, وضمنه كلاما ماتعا في الخلاف, و التقليد, والاجتهاد, وذم التعصب, وغيرها من المسائل . فإذا أتممت تصحيحه,و توثيقه, وترجمة مولفه , والتعليق عليه, كان إن شاء الله بين يديك, هدية أخرى مني إليك , وإلى صاحبنا الوراق.
والله الموفق للصواب.
| 11 - سبتمبر - 2006 | الكتب الصفراء | | إلى الحيي الكريم جوزف كن أول من يقيّم
الأستاذ الأفضل الحيي, الحاوي لخصال الخير والبر: هذا حديث بارع, استخرجته لك من مقاليد الحكمة المحمدية وخزائن النبوة المهدية على صاحبها الصلاة والسلام : " الحياء كله خير" و " الحياء لا يأتي إلا بخير" . وهذه خصلة تدوم بها المودة, وينبل بها المرأ, فاحرص عليها وفقك الله. وبعد: فقد قرأت كلامك -حفظك الله - وفهمته , وحق لك الإستفهام , وواجب علي إزالة الإبهام , وحسن الإفهام, وأنا موجز لك ذلك في هذه الكلمات: أما إيرادي لقولك: ودينهم يدعو إلى المحبة مثلي" وتعقيبه بقولي: "فهذا باطل معلوم البطلان وبدائه العقول تدفعه" فهذا سهو مني , وإنما المقصود ما قبله فقط. أما اللوم فما أرى أنني مليم في قولي " أمين بك " و لا أرى به بأسا في هذا الوقت , وكما يقال إذا انتفت العلة انتفى الحكم. وأمين نخلة من ذوي الهيآت والمروءات, فيقال له بك , من باب التقدير والإحترام, لعلو منزلته, ورفعة قدره.والله أعلم. فإن كان فيه تكدير لخاطرك, وتعكير لمزاجك, فإني أعتذر إليك حتى ترضى. ثم لك الشكر الجزيل, والثناء الجميل, على تصحيح المعلومة وإماطة الوهم الذي لحق بها. والله الموفق للصواب. | 12 - سبتمبر - 2006 | المسيحيُّون والمسلمون، معًا، من أجل اللغة العربيَّة | | النحال الكبير كن أول من يقيّم
سيدي النحال الكبير: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ 68ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 69 سورة النحل. قرأت بحثك الجليل "عيون النحل وهندسة الدائرة", وأنت في بحثك هذا كأنك إمام خاشع في محرابه تتلو علينا من آيات الله البينات وكأننا خلفك مأمومون نستمع وننصت. وكنت قد لمحت صورة عين النحلة في جناح الصور على الوراق,لكنها استعجمت على فهمي , حتى فتحتَ المغلق, و حللتَ الإشكال, وأبدعت في وصف صنائع الله في هذه النحلة الصغيرة الحجم القليلة الجرم. وهي على صغرها في عين الإنسان لكنها كبيرة في نفسه وعقله . ونظرت إلى ما نبهت عليه من دقيق أمرها, وباهر صنيعها, ومجاهل عينها, وتدبرت بعد في مشاكلة عيينتها في الهيئة لشهدها, فجلست أفكر كالمهموم ,وأحدث نفسي بالسر والحكمة لعلي أبلغ النهمة , وجعلت أرمي بعقلي في غوامض العلل والأسباب, وأفتح أبوابا وأغلق أبوابا, لعلي أكشف بعض القناع وأهتك الحجب دون المعنى المكنون, فجاء هذا المعنى الفطير وأعوذ بالله من الرأي الدبري: لو جمعت سائر أشتات معاني العين في اللغة إذا لعلمت أنها تومئ إلى حقيقة الشيء وخياره وخلاصته , فالنحلة تسعى في صناعة عسلها وراء النوار والأزهار في البساتين و المهامه ,وعرائر الأودية, و رؤوس الجبال ,وتقطع لذلك المسافات, وتخترق الآفاق, وتقتحم الأخطار, ثم تروح محملة مثقلة,بما تطبعه كالشمع ,ثم تجتنيه أيادي الناس ليكون لهم طعاما, وشرابا, ودواء, وليس لها منه إلا النصب.فكأني بها في تعبها في توليد العسل واستخلاصه من مظانه, واجتلابه من عروقه, وتخليصه من الشوائب, ثم تركيب محله, ثم صبه في أوعيته , قد صيرته عينا في معناه ,فألهمها الباري فصورته عينا على مثال عينها في مبناه. فلو سألت نحلة كم لك من عين لقالت: ثلاث أعين ,اثنان في رأسي و ثالثة في شهدي. والله الموفق للصواب. | 12 - سبتمبر - 2006 | دراسة في هندسة الدائرة | | جواب الرافعي لطه حسين كن أول من يقيّم
جاء في وحي القلم للأستاذ الأجل مصطفى صادق الرافعي: " ويقول الدكتور طه إن هناك قوما ينصرون المذهب الجديد وليس لهم من اللغات الأجنبية وآدابها حظ, وحظهم من اللغة العربية وآدابها موفور, ثم طلب رأيى في هؤلاء و ما أصل مذهبهم الجديد, فأقول : إني أعرف بعضهم , وأعرف أن أدمغتهم لا يشبهها شيئ إلا جلود بعض الكتب التي ليس فيها إلا متن وشرح وحاشية: جلد ملفوف على ورق, وورق ينطوي على قواعد محفوظة, وهم أفقر الناس إلى الرأي, وهذه علة حبهم للأساليب الجديدة القائمة على الترجمة ونقل الآراء من الغرب إلى الشرق, وبالمعنى الصريح المكشوف: من الأدمغة المملوءة إلى الأدمغة الفارغة, وفيهم بعض الأذكياء, ولكن ذكاءهم في حواسهم, فإن لم يكن هذا فليقولوا هم لماذا? ولو أنك سألت العنكبوت : ما هي الظبية الحوراء العيناء التي تطمعين فيها وتنصبين لها كل هذه الأشراك والحبائل? لقالت لك: مهلا حتى تقع فتراها فإذا وقعت رأيتها ثمة ورأيتها ذبابة. ولكن ماذا يقول الدكتور في الأستاذ الإمام الكبير الشيخ محمد عبده? أكان يدعو إلى مذهب جديد في اللغة والأدب ويفتتن بالروايات الغرامية وبأسلوب" إميل زولا" في روايته المعروفة وبمثل رواية ( ألا جرسون). إن كان الناس عند الدكتور من بعض الحجج فإن الشيخ وحده بأمة كاملة ممن يعنيهم. وأختم هذه الكلمة بالشكر للأستاذ طه حسين والثناء عليه, ثم إني مسترسل في عملي, وهذا عذري إليه." انتهى. | 13 - سبتمبر - 2006 | كلمات أعجبتني | | الخلاصة في تاريخ مالطة (2) كن أول من يقيّم
لغة أهل مالطة: اعتمدت في هذا الفصل على ما جاء في كتاب " الواسطة في معرفة أحوال مالطة" للشيخ أبي العباس الشدياق(رحمه الله) فقد صرف أربع عشر سنة في هذه الجزيرة,فخبر حالها, وتطوف بأرجائها,وخالط سكانها, وأتقن لغة أهلها,وكذلك أفدت من نفائس تعليقات الأمير شكيب أرسلان على كلام أبي العباس وما نقله عن الانسكلوبيدية الاسلامية من كتابه تاريخ غزوات العرب. ورد في الانسكلوبيدية أنه :قد اختلف العلماء في أصل اللهجة المالطية,فزعم بعضهم أنها من أصل فينيقي,وذهب آخرون إلى أنها لهجة عربية,وهذا رأي الجمهور.فاللغة المالطية عربية تشابه في كثير من الألفاظ لهجات العرب الشرقيين,وفي كثير منها العرب المغاربة,وتكثر في لغة مالطة الامالة,كما يكثر أيضاً قلب الألف ياء, فيقولون "يينا" بدلا من أنا, ويقلبون القاف همزة,ويستعملون أحياناً نون الجمع المتكلم قبل المفرد, فيقولون مثلا: انا نقول له بدلا من نحن نقول له. وهذا نسق أهل المغرب. وتختلف اللهجات في نفس مالطة,بين المدينة والقرى,وبين مالطة وغوزو, ولا توجد الخاء والغاء في مدينة مالطة المسمات "فاليت"وإنما توجد في جزيرة غوزو. ولم يتم البحث حتى الآن عن اللهجات المالطية؛ حتى يعرف ما هو راجع منها إلى العربية الشرقية وما هو راجع إلى العربية الغربية.وقد أثرت الثقافة اللاتينية الايطالية في اللغة المالطية,ودخلت ألفاظ كثيرة منها في لغة مالطة. وجزم الأمير شكيب أرسلان وأحمد فارس بأن لغة مالطة عربية لا شبهة فيها.ويعلل الأمير ثبوت العربية في مالطة برغم انقراضها من صقلية وسردانية والأندلس وجنوبي فرنسة وجميع البلدان التي احتلها العرب من أوربة, لكون أصل لغة تلك الجزائر والبلدان لاتينيا,فلما تقلص ظل العرب عنها رجعت إليها لغتها الأصلية وانقرض العربي منها بالكلية. فأما مالطة فلغتها الأصلية لم تكن لاتينية بل كانت الفينيقية, وهي أخت العربية,فلما جاءتهم العربية بعد فتح الإسلام لمالطة كانت كأنها نزلت في وطنها, وثبتت فيها ثبوتا لم يزلزه خروج المسلمين من مالطة كما ذهبت العربية من البلدان الأخرى التي أهلها الأصليون لاتينيون ولغاتها الأصلية لاتينية. خصائص اللغة المالطية: نقلنا آنفا ما ذكرته الانسكلوبيدية من اختصاص الكلام المالطي بالامالة والقلب في بعض الحروف, وهذا مزيد بيان لخصائص هذه اللغة: يخبرنا أحمد فارس أن في لغتهم امالة كثيرة, فهم يقولون للتفاح تفيح, وللرمان رمين, وللبطيخ بتيح بالحاء المهملة(قلت هي عندنا في المغرب بتيخ بالخاء المعجمة),وللخيار حيار بالحاء المهملة أيضاً, وللاجاص لنجاص وللدلاع دليع, وللخبز حبس,وللخوخ حوح بالحائين المهملتين, ويقولون بس بمعنى حسب,ولكن يبدلون سينها زايا ويكسرون أولها. أما القلب فيقول أحمد فارس في إدخال أهل مالطة لفظة" تا" بين المضاف والمضاف إليه فيقولون مثلا (الرجل تالبيت) بعد أن رجح أنها منحوتة من متاع, قال: فإن أهل المغرب يدخلونها كثيرا في الاضافة ويبتدئون بالميم ساكنة على عادتهم من الابتداء بالساكن وتقصير اللفظ.ومما يؤيد هذا التوجيه أن المالطيين لا ينطقون بالعين إذا وقعت في آخر الكلمة فيقولون مثلا تلا وقلا في طلع وقلع. قال: وقلب العين ألفا أو همزة هو من أساليب العرب,كما في تفصى وتفصع,وأقنى وأقنع,والشمى والشمع,وتكأكأ وتكعكع,وزقاء الديك وزعاقه,وزأزأ وزعزع,وبدأ وبدع,والخباء والخباع وغيرها,حتى إنهم قلبوها متوسطة كما في تأرض وتعرض ودأم الحائط ودعمه.اه قال الأمير معلقا على هذا الكلام:إن الهمزة والعين من مخرج واحد فلا عجب أن تأتي ألفاظ بالهمزة وبالعين ومعناها واحد. ثم ذكر أحمد فارس أنهم يبدلون الهاء حاء وقال : وابدال الهاء حاء لغة من لغات العرب,قالوا المليه والمليح,والمده والمدح,وتاه وتاح, إلى آخره.انتهى قلت: ويجوز أن يكون هذا الابدال لكنة في لسانهم وهو أشبه بهم,واللكنة هي إدخال بعض حروف العجم في بعض حروف العرب, وعدوا منها إبدال الهاء حاء, والعين همزة.وقد كانت في لسان عبيد الله بن زياد وصهيب الرومي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.فمما يذكرونه من الأخبار مما يجمع هذه وتلك ما أورده الجاحظ في البيان والتبيين من خبر فيل مولى زياد قال: أهدي إلى فيل مولى زياد حمار وحش, فقال لزياد: أهدوا لنا همار وهش, قال: أي شيء تقول ويلك? قال: أهدوا إلينا أيرا-يريد عيرا- قال زياد الثاني شر من الأول.والله أعلم أما أهل غورش كما يقول أحمد فارس فينطقون بالأحرف الحلقية على حقها إلا أنهم يكسرون ما قبل الواو الساكن فيقولون,مكسِور ومفتِوح, ويضمون ما قبل الألف نحو قُاعد وهلم جرا,ويقولون منكِم وعليكِم بكسر الكاف,وهي لغة ربيعة وقوم من كلب كما في المزهر ويسمى الوكم. وذكر من تعبيراتهم في كلامهم أنهم يعبرون عن الدخول في الفعل بلفظة((سائر)) قال وهي نظير قول أهل الشام ومصر ((رايح)) فإذا قال المالطي: أنا ساير نسافر فهي كقول الشامي أو المصري: أنا رايح أسافر.انتهى قلت: وعندنا في البلاد المغربية ساير بنفس المعنى وبعض المغاربة يستعمل غادي بدلا من ساير,فيقول : غادي نسافر, من الغدو وهو السير أول النهار, وعند إخواننا المشارقة رايح من الرواح وهو نقيض الغدو أي السير بالعشي. قال الأمير: يظهر أن ساير هذه كانت مستعملة في المغرب وقد نحتوها فبقي منها سين مفتوحة, فيقولون عن شخص مثلا هو في حال الأكل سيأكل. وأحيانا يقلبونها تاء فيقولون تيأكل, ويقولون في المغرب في مثل هذه الحالة كيأكل.وأظن الكاف هنا منحوتة من((كائن)) وذلك كما ينحت أهل الشام لفظة ((عمال)) فبدلا من أن يقول هو عمال يأكل تجده يقول ((عمياكل)) وفي بعض جهات من شمالي لبنان يقلبون الميم نونا فيقولون (( عنياكل)). المجاز في لغة مالطة: قال أحمد فارس: إنه لا ينكر أن كثيرا من الكلام العربي الذي بقي في مالطة مستعمل بطريقة المجاز, إما بذكر اللازم وإرادة الملزوم, وإما بتخصيص العام وتعميم الخاص, كقولهم مثلا (وحلت) للوقوع في الأمر الصعب(قلت:وكذلك استعمالها عند أهل المغرب ويلفظونها بتسكين الواو وفتح الحاء المهملة),وأصله الوقوع في الوحل خاصة,ونحو(الطلاب) للمتكفف وهو اسم فاعل للمبالغة من الطلب-( قلت: وهو عند المغاربة أيضاً بمعنى). ونحو(مغلوب) للنحيف وهو اسم مفعول من غلب وهو لازم له غالبا,وفتيت أي قليل وهو من فتت الشيء إذا كسرته وصغرت جرمه.انتهى ما بقي عند أهل مالطة من الفصيح: قال أحمد فارس: ومما بقي عندهم من فصيح العربية قولهم دار نادية , وحقها دار ندية, ولكنها أفصح من قول أهل مصر والشام دار ناطية.ويقولون للدابة قابلة,ويقولون للرهان مخاطرة, وللعلية غرفة.ويقولون عن لي بمعنى بدا لي, وتجالدوا وهو أفصح من تعاركوا, وزفن أي رقص,وبوقال وهي أفصح من قول أهل الشام شربة أو نعارة.ومن فصيح كلامهم يماري أي لا يقنع بالحق,ويشرق بالماء,ويستقصي,وفرصاد للتوت,وسفود,وأهل الشام يقولون سيخ وشيش.ويقولون تقزز أي تباعد من الأدناس,وعسلوج للقضيب,وجلوز للبندق الذي يؤكل. قال: ولكن هذه الألفاظ كلها مستعملة في الغرب وبهذا يترجح أن أصل المالطيين من المغاربة.ولكنه في محل آخر قال:إنه لا شك في كون اللغة المالطية عربية ولكني لست أدري أصل هذا الفرع أشامي هو أم مغربي, فإن فيها عبارات من كلتا الجهتين والغالب عليها الثانية, غير أن الألفاظ الدينية من الأولى فيقولون مثلا القداس والقديس والأسقف مما لا يفهمه أهل المغرب.انتهى قال الأمير :إن في المالطية ألفاظا واصطلاحات شامية, وقد ورد هذا الرأي في الانسكلوبيدية الافرنسية, ولكن الألفاظ المغربية هي بدون شك أكثر.اه ثم قال أحمد فارس: إن بقاء العربية في مالطة ولو محرفة مع عدم تقييدها في الكتب دليل على مالها من القوة والتمكن عند من تصل إليهم من الأجيال,ألا ترى أن مالطة قد تعاقبت عليها دول متعددة ودوا لو يحملون أهلها على التكلم بلغاتهم فلم يتهيأ لهم وبقوا محافظين على ما عندهم خلفا بعد خلف,وهؤلاء الانكليز يزعمون أن لغتهم ستكون أعم اللغات وما تهيأ لهم أن يعمموها عند المالطيين.ويقال أن الذي تحصل عند أهل مالطة من العربية مما هو مأنوس الاستعمال وغير مأنوسه يبلغ عشرة آلاف كلمة.انتهى الكتابة والحروف: جاء في الانسكلوبيدية: لم يكن للمالطيين حروف يكتبون بها إلى أن قام في القرن الثامن رجل يقال له(( آجيوس سلدانيس)) فاعتنى بالبحث عن لغة بلده.ومن ذلك الوقت أخذوا يكتبون لغتهم, واستعملوا الحروف العربية.ثم نهضة عصبة من المالطيين اسمها(( عقدة تالكتيبة تالملطي)) أي عصبة الكتاب المالطية ونشرت كتاباً في نحو اللغة المالطية سمته(( تعريف الكتبة المالطية)) وذلك في سنة 1924 وجاء في مقدمة هذا الكتاب ذكر أنواع الكتابة المالطية.ثم إن هذه العصبة نشرت مجلة اسمها المالطي في سنة 1925,وكان غرضها الأصلي إحياء اللغة المالطية العربية أوما تعبر عنه بالمالطي الصافي. ومنذ سنة 1850 أخذت مسألة اللغة المالطية شكلا أساسيا.وذلك أن الانكليز أحبوا أن يعززوا اللغة المالطية العربية,لعدم رغبتهم في نشر اللغة الايطالية التي هي لغة الطبقة المثقفة ولغة رجال الكنيسة في مالطة.ثم ذكر أحمد فارس: أن أهل مالطة رغما من كون لغتهم فرعا عن العربية فليس منهم من يحسن قراءتها والتكلم بها, وأن هناك دار كتب موقوفة فيها ثلاثة وثلاثون ألف سفر, وليس فيها من الكتب العربية ما تحته طائل. تابع.. | 15 - سبتمبر - 2006 | الخلاصة في تاريخ مالطة |
|