السلام عليكم كن أول من يقيّم
ذكر أبو حيان في البصائر والذخائر قصة عن جارية من جواري بغداد جاءت إلى بقال فقالت: تقول لك مولاتي: أحب أن تطيب فمي ببصلة، فأعطاها بصلة وقال لها: قولي لمولاتك: يا قذرة، أكلتِ ... حتى تطيبي فمك ببصلة?! ويقول معللا إيراده مثل هذه النوادر :
إياك أن تعاف سماع هذا الأشياء المضروبة بالهزل، الجارية على السخف، فإنك لو أضربت عنها جملة لنقص فهمك، وتبلد طبعك، ولا يفتق العقل شيء كتصفح أمور الدنيا، ومعرفة خيرها وشرها، وعلانيتها وسرها؛ وإنما نثرت هذه الفواتح على ما اتفق، وقد كان الرأي نظم كل شيء إلى شكله، ورده إلى بابه، ولكن منع منه ما أنا مدفوع إليه من انفتات حالي، وأنبتات منتي، والتواء مقصدي، وفقد ما به يمسك الرمق، ويصان الوجه، لاعوجاج الدهر، واضطراب الحبل، وإدبار الدنيا بأهلها، وقرب الساعة إلينا؛ فاجعل الاسترسال بها ذريعة إلى جمامك، والانبساط فيها سلماً إلى جدك، فإنك متى لم تذق نفسك فرح الهزل،كربها غم الجد. وقد طبعت في أصل التركيب على الترجيح بين الأمور المتفاوتة، فلا تحمل في شيء من الأشياء عليها، فتكون في ذلك مسيئاً إليها، ولأمر ما حمد الرفق في الأمور والتأني لها .
ويقول الجاحظ _ وهو كبيرهم الذي علمهم السحر _ في الحيوان :
تناسب الألفاظ مع الأغراض ولكلِّ ضربٍ من الحديث ضَرْبٌ من اللفظ، ولكلِّ نوعٍ مِن المعاني نوعٌ من الأسماء: فالسَّخيفُ للسخيف، والخَفِيفُ للخفيف، والجَزلُ للجَزل، والإفصاحُ في مَوضع الإفصاح، والكِنايةُ في موضع الكناية، والاسترسال في موضع الاسترسال. وإذا كان مَوْضِعُ الحديثِ على أنَّهُ مُضْحِكٌ ومُلْهٍ، وداخِلٌ في باب المزَاح والطِّيب، فاستعْمَلتَ فيه الإعراب، انقَلَبَ عن جِهَتِه، وإنْ كان في لفظه سُخْف وأبْدَلْتَ السَّخافَة بالجَزالة، صارَ الحديثُ الذي وَضِع على أنْ يُسرَّ النُّفوسَ يُكْرُ بها، ويَأْخُذُ بِأَكظامها. الورع الزائف وبعض الناسِ إذا انتهى إلى ذِكرِ ... ارتَدَع وأظهر التقَزُّز، واستَعْمَلَ بابَ التَّوَرُّع، وأكثَرُ مَنْ تجده كذلك فإنَّما هو رجلٌ ليس مَعَه من العَفافِ والكَرَم، والنُّبْل والوَقار، إلاَّ بقَدْرِ هذا الشَّكل من التَّصنع، ولم يُكْشَفْ قطُّ صاحِبُ رياءٍ ونِفاقٍ، إلاَّ عن لؤمٍ مُسْتَعْمَل، ونذالةٍ متمكِّنة.. ثم ساق فصلا في تسمُّح بعض الأئمة في ذكر ألفاظ يتقزز الناس من سماعها، انظر ذلك في الوراق أيضا.
سؤال خارج الموضوع :
كيف أضيف موضوعاً جديداً ، أو أدخل على مجلس من المجالس ? |