* شوقي أبو خليل
نعرفها في آثارها، فالحياة:
ـ هي التي تأتي بمخلوقات في صور شتى من صور السلف، وتمنح هذه الصور القدرة على تكرار نفسها على مدى الأجيال لا حد لها.
ـ هي التي تسبب الخصب والتوالد.
ـ هي القوة المهندسة في الكائنات الحية، وهي فنانة أيضاً، فهي التي تخطط كل ورقة في كل شجرة، وتلون كل زهرة، وكل جناح فراشة ...
ـ هي المهندسة، وتجلى ذلك في تصميم القلب والعين والأذن والمفاصل والشرايين والأوردة .. إنها تجعل الجلد يلمس ويشعر، والعين تبصر وتميز، واللسان ينطق، والعقل يفكر ويدخر الذكريات والمعلومات، ويقدمها عند الحاجة ..
ـ كذلك هي كيمياء خاصة لا نجدها في الكيمياء المعدنية، لأنها تهب المذاق، وتعطي المذاق الخاص بكل فاكهة وهي التي تهب العطر للورود، مع نضارة ولون رائع ..
ـ هي التي تهب الفرح للمخلوقات، فالحمل يرتع ويقفز وهو لا يدري لماذا? وهي التي تجعل الطفل يبتسم ويفرح، ويبكي عندما يجوع، ويبتسم عندما يرى زجاجة الحليب ...
ـ هي التي تجعل الطفل على خديه حمرة، وعلى شفتيه بسمة، وفي عينيه بريقاً، أما المادة الخامدة فلا تبتسم.
ـ هي التي نعرفها في حنان الأم على طفلها الوحيد ...
الحياة نراها في قوة جذر نبتة، يفلق الصخر ويرفع أطنان الماء إلى الأوراق كل يوم، الحياة نراها مبدعة، تأتي بتصميمات وتكوينات جديدة رائعة، أما المادة فليست مبتكرة مبدعة.
إن الحياة سر الله في خلقه، تخدم مقاصده، وتسير حسب تخطيطه، فهي الدالة على الخالق والمبرهنة عليه، سبحانه ...
((وحقاً أن الله يخلق معجزاته بأساليب تخفى على الأذهان)).
قال تعالى في سورة الحج:
(يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إن الذين تدعون من دون الله لني خلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له، وأن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه: ضعف الطالب والمطلوب، ما قدروا الله حق قدره، إن الله لقوي عزيز).
وقال جل شأنه في سورة البقرة:
(إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الريا والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون).