البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات الدكتور محمود الحمزة

تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الرياضيات أساس التقدم العلمي    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

موضوع جميل وحيوي
لا يمكن الفصل بين العلم والأدب لدى العالم فالعالم الحقيقي هو الذي يكتب بحوثه بطريقة أدبية جميلة. ونورد هنا قول لأول عالمة رياضيات في روسيا (من القرن التاسع عشر) وهي صوفيا كوفاليفسكايا حيث قالت ما معناه لكي يكون الإنسان عالم رياضيات حقيقي يجب أن يكون شاعراً في نفسه. أي صاحب مخيلة ولديه قدرة على التأمل والتصور والتجريد. وهي نفسها كتبت روايات أدبية.
أما في العصر الإسلامي فالعلماء العرب والمسلمين كانوا علماء في الرياضيات والفيزياء والفلك وكانوا أدباء وشعراء وخير مثال على ذلك عمر الخيام- الفيلسوف والرياضي والفلكي والشاعر المسلم العظيم صاحب رباعيات الخيام الشهيرة.
لكن هناك نقطة مهمة وهي أن الرياضيات تنمي لدى دارسها التفكير المنطقي والدقة والتنظيم في العقل وهي واقعية وعملية أكثر من الشعر.
على كل حال الرياضيات والشعر وجهان لعملة واحدة فالإنسان المبدع يحتاج إلى موهبة ولا حدود لابداعه فكما الرياضيات مجال خصب للابداع المبني على خبرة ومعرفة كذلك الشعر يحتاج إلى موهبة.
ولا يصح أن ننطلق من تاريخنا قبل الإسلام حيث الشعر في أوج تطوره والعلم في أدنى تطوره لنسحب ذلك على الوقت الحالي.فلا يوجد تناقض بينهما ولكن إذا تطور العلم وازدهر المجتمع فحتماً سيتطور الأدب والشعرولكن العكس غير صحيح.والشعر حاجة للنفس وهوليس علم أما الرياضيات فهي علم.
وأعتقد بأن مقياس تقدم أي علم هو بمدى استخدامه للرياضيات وكذلك مقياس تقدم اي مجتمع هو بمدى استخدامه للرياضيات. وكما قال العالم الايطالي العظيم غاليليه بأن الله خلق الطبيعة ككتاب مكتوب بلغة الرياضيات ولكي نقرأه لا بد من معرفة الرياضيات ويقصد أن الطبيعة مخلوقة على أساس قوانين رياضية محكمة ودقيقة وما على الإنسان إلا اكتشافها.
 

17 - أكتوبر - 2006
لماذا لاندرس الرياضيات بدل الأدب(الشعر)
نعم يمكن للعرب أن يستعيدوا العلم بعد إزالة المعوقات أمام ذلك    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

الأخوة الكرام
أولاٌ أود أن أشكر الدكتور إسماعيل الربيعي على مقالته القيمة حول الرياضيات العربية فهي غنية وإن كان لدي بعض الملاحظات التي سوف أرسلها له بالبريد الالكتروني إن شاء الله.
وأقول بهذه المناسبة أن دليل تخلفنا هو قلة اهتمامنا بأهم العلوم وهو الرياضيات لأن مقياس تقدم أي علم -حسب رأي أحد الفلاسفة- هو بمدى استخدام الرياضيات وأضيف بأن مقياس تقدم أي شعب أو مجتمع بمدى استخدام الرياضيات. هذا من جهة.
أما من جهة أخرى فالعرب أثبتوا كما أشرت يا أخ معتصم بأنهم كانوا أهل حضارة نورت على العالم ولولاها لبدأت أوروبا نهضتها من الصفر أي أنهم احتاجوا لعدة قرون حتى يحققوا ما حققوه في عدة عقود. هذه حقائق تاريخية أقرها المستشرقون الأوربيون أنفسهم ومنهم الروسي يوشكيفيتش والأمريكي سارتون والألمان سوتر وبروكلمان وهونكة سيديو وكارا دي فو وسميث وكاجوري وغيرهم الكثير ولا مجال هنا لذكر أقوالهم حول دور العرب في تقدم الحضارة الإنسانية وخاصة الأوروبية منها(ولمن يرغب أنا على استعداد لتزويده بفقرات حول هذا الموضوع من كتابي: تاريخ الرياضيات وتطورها الفكري والفلسفي). 
ونعود للموضوع الرئيس المطروح للنقاش.
ما هي أسباب تدهور العلم العربي? وقد اقترحت موضوعاً للنقاش في مجالس العلوم بهذا العنوان. لأننا إذا أجبنا على هذا السؤال نكون قد وضعنا يدنا على الجرح وكما يقول الباحثون في الرياضيات إذا أعطينا صغنا المسألة الرياضية  صياغة صحيحة نكون قد حلينا نصف المسألة.
اعتقد أن العلة ليست في العلماء والباحثين وليست في الشعوب العربية لأن العرب كشعب أثبتوا أنهم قادرون على الابداع.
لنتذكر بيت الحكمة في بغداد لماذا أصبحت مركز اشعاع للعلم وفيها نوقشت أعظم النظريات العلمية في العالم في ذلك الزمن. يقال عن الخليفة المأمون أنه كان يعطي للمترجم زنة الكتاب المترجم من الذهب وهذا إن دل على شيء يدل على احترام العلم والعلماء. ويقال أنه مرة كان يتمشى في حديقة القصر مع ثابت بن قرة (الملقب بأبي الحسن) وقد سها الخليفة واتكئ على أبي الحسن فلما صحا فجأة قال أعذرني يا أبا الحسن فقال أبو الحسن (بما معناه) لا عليك يا أمير المؤمنين فقال المأمون (بما معناه) لا يجوز أن نتكأ على العلماء. والإسلام فعلاً شجع على طلب العلم وهذا أحد مصادر تشجيع الحضارة الإسلامية للعلم والعلماء. إذاً أين تكمن المشكلة?
بعض أسباب المشكلة برأيي هي:
1- غياب الترجمة عند العرب لأن الترجمة كانت يداية الحضارة الإسلامية. فيقال أن الاتحاد الأوروبي يصرف على الترجمة مئات الملايين من اليورو على الترجمة في السنة واسرائيل تصرف على البحث العلمي أكثر من كل الدول العربية مجتمعة بعدة مرات. وأورد مثلاً أن إيطاليا تترجم كل ما ينشر من نظريات في الرياضيات في روسيا  وهي غنية جداً بهذا العلم لأن هذا علم جاهز تستفيد منه.
2- فترة الاحتلال العثماني المتخلف حطمت العلم والمعرفة في العالم العربي ورجعتنا إلى الوراء عدة قرون.
3- طبيعة الأنظمة العربية التي يهمها البقاء في السلطة وما تحتاجه لذلك  ليس تطوير العلم وصرف مبالغ طائلة عليه بل تقوية وتثبيت وجودها في الحكم أي دعم الأجهزة والمؤسسات التي تمكنها من ذلك. هذه حقيقة مرة لا يمكن تجاهلها أو القفز فوقها.
 
وأخيراً سأورد لكم كلمات العالم العربي المصري الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء وهو أحمد زويل حيث قال لخلق نهضة علمية حقيقية لا بد من:
أ- “سياسة جديدة” تستند إلى دستور ديمقراطي يستند بدوره إلى حقوق الإنسان وحرية التعبير والانتخابات الحرة.
ب - سيادة القانون، في إطار التعايش بين القيم الدينية والقوانين العلمانية.
ت - “الانضباط” والعمل الجماعي والعلم والتعليم.
ث - الإعلام الثقافي والاجتماعي والتربوي.
 
أحمد زويل لخّص كل هذه المعاني بآية قرآنية واحدة: “إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيرّوا ما بأنفسهم”.
ومن هذه الخلاصة يجب أن نبدأ: من تغيير النفس أولاً ثم تغيير السياسة. وما لم نفعل، لن يغيّر الله لا مقاديرنا السياسية القاتمة، ولا مصائرنا الوجودية الأكثر قتامة.
كيف نفعل?
عبر أمر واحد: التذكّر بان كل ذاكرتنا الجماعية العربية وحضارتنا الإسلامية نشأت وكبرت وترعرت بهدف، ولهدف، يتيم: “إتمام مكارم الأخلاق”.
ومع تحياتي وأرجو المعذرة على الإطالة
د. محمود الحمزة - موسكو
 

30 - أكتوبر - 2006
هل يمكن للعرب أن يستعيدوا العلم
حصل خير والمهم النية الصادقة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

أخي الأستاذ عبد الحي
إنني فعلاً اطلعت على الرابط الأول الذي لم يعطيني أي معلومة تؤكد رأيك في اكتشاف سر الأرقام العربية. ولكنني اليوم اطلعت على الرابط الثاني والذي هو المطلوب فوجدت فيه ما يستدعي الاهتمام.
اعتذر منك مرة أخرى واحترم جهدك في البحث واحييك على حبك للرياضيات وصدقني أنني بحياتي لم أسيء لأحد ويعز علي أنك زعلت وأنت من المغرب العربي الشقيق خاصة وأنني أبحث في تاريخ الرياضيات العربية في المغرب والأندلس.
على كل حال حصل خير والنقاش مفيد ورجع إلى طريقه الصحيحي وهذا دليل على نوايانا السليمة.
كما أشكر المشرف على الموقع لأنه يمتلك الصبر ويحاول بنجاح أن يقرب وجهات النظر للوصول إلى الحقيقة واحترام الرأي الآخر.
وحول موضوعك العلمي ي أخ عبد الحي لا أستطيع الآن أن أقيمه علمياً فهذا يحتاج لوقت.
تحياتي لكم جميعاً وإلى مزيد من الحوار الجاد والعلمي لما فيه الخير والوصول إلى الحقيقة العلمية.
د. محمود

4 - نوفمبر - 2006
دعم الباحثين العرب والأجانب في نشر بحوثهم التي تخدم التراث العلمي العربي والإسلامي
عن التراث العلمي العربي والإسلامي    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم

نقصد بالتراث العلمي العربي كل ما أبدعه العرب من أفكار ومكتشفات وطرق وخبرات في مجالات العلوم المختلفة والتي وضعت في مؤلفات وكتب ومخطوطات جزء منها محفوظ في المكتبات العربية والعالمية.ونعتقد أنه قد ضاع جزء كبير من تلك  المخطوطات العربية أثناء الحروب والكوارث . ويضاف إلى ذلك التراث كل ما نقله العرب من علوم إلى اللغة العربية من اللغات اليونانية والسريانية والعبرية والفارسية والهندية وغيرها .
إن التراث العلمي العربي في ظل الحضارة العربية الإسلامية الممتدة من القرن 8 الميلادي وحتى القرن 16 للميلاد, غني جداً لدرجة أنه كان يتحتم على الإنسان المثقف الذي يريد الإلمام بكل جوانب علوم عصره أن يتعلم اللغة العربية وقد قال المؤرخ والفيلسوف جورج سارتون في كتابه تاريخ العلم[6]: " إن علماء الإسلام والعرب عباقرة القرون الوسطى ، وتراثهم من أعظم مآثر الإنسانية .إن الحضارة العربية الإسلامية كان لا بد من قيامها . وقد قام العرب بدورهم في تقدم الفكر وتطوره بأقصى حماسة وفهم, وهم لم يكونوا مجرد ناقلين كما قال بعض المؤرخين بل إن في نقلهم روحاً وحياة . فبعد أن أطلع العرب على ما أنتجته قرائح القدماء في سائر ميادين المعرفة نقحوه وشرحوه وأضافوا إليه إضافات هامة أساسية تدل على الفهم الصحيح وقوة الابتكار" .
وعند دراستنا لهذه الحضارة المزدهرة نوضح بعض النقاط:
1-إن كلمة " مسلم " تعني كل من أعتنق الإسلام بغض النظر عن قوميته وجنسيته. أي هناك علماء مسلمون ليسوا عرباً، كما أن هناك علماء عرب وغير عرب ليسوا بمسلمين ، ساهموا جميعاً في بناء الحضارة الإسلامية .
2-إن كلمة " عرب" لا تعني المنحدرين من العرق العدناني أو القحطاني فحسب ، إنما تشتمل في هذا الكتاب على كل من نطق أو تثقف العربية . وعندما نقول العلماء العرب والمسلمين نقصد كل العلماء الذين كتبوا باللغة العربية وعاشوا في ظل الدولة العربية الإسلامية .ولو كانت هناك جوازات سفر لحملوا الجواز العربي. لذلك نسميهم علماء عرب لأن ثقافتهم عربية بغض النظر عن جنسيتهم الأصلية . انظروا إلى أمريكا فيها علماء من جنسيات مختلفة  ( عرب- ألمان - روس وغيرهم ) ولكنهم يعتبرون أمريكان لأنهم يحملون الجواز الأمريكي ولا يمثل هذا انتقاص من انتمائهم الأصلي لقومية ما بل إن الظروف هي التي أدت إلى ذلك .
إن دراسة تراثنا العلمي كعرب ومسلمين له أهمية خاصة,فهو واجب معنوي للتعرف على الدور الحضاري الريادي والعقلية المتطورة لدى أجدادنا في القرون الماضية في حين كانت أوروبا تعيش في ظلمة وجهل . وتقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها الجميل " شمس العرب تسطع على الغرب" : عندما كان في الأندلس المئات من المكتبات التي تضم ملايين الكتب والمجلدات فإن ملك فرنسا كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة .. وفي حين كانت شوارع المدن الأندلسية مضاءة بالقناديل فإن عواصم أوروبا كانت مظلمة في الليل .. وهناك أمثلة كثيرة على الرقي والحضارة السائدة في رحاب الدولة العربية الإسلامية, بينما كانت أوروبا تعيش في ظل هيمنة رجال الكنيسة والإقطاعيين الذين مارسوا الاستبداد وقمع الفكر ومحاربة العلم والعلماء . ومعروفة قصة العالم الإيطالي العظيم جاليليو الذي قتل نتيجة اضطهاده وقمعه من قبل رجال الكنيسة الذين اعتبروا أن الشمس تدور حول الأرض إلا أن جاليليو كان على حق من الناحية العلمية حين قال بعكس ذلك ولم يتراجع عن موقفه وذاق مرارة الاضطهاد والمرض حتى مات.
وقد كانت دمشق وبغداد والقاهرة ومدن الأندلس هدفاً للكثير من الباحثين الأوروبيين الذين أرادوا النيل من المعارف العلمية الواسعة المتوفرة في المكتبات والمدارس العربية .
إن الاطلاع على تراثنا العلمي وخاصة في الرياضيات يدفعنا للاعتزاز والفخر بتاريخنا وبدور الحضارة العربية الإسلامية العلمي والتقدمي في تطور العلم والمسيرة الإنسانية الطويلة.  ويشكل ذلك برأينا دافعاً لأجيالنا الصاعدة لكي تدرس وتواصل البحث والابتكار وأن يعرف شبابنا بأن شعبنا جدير بحمل رسالة الحضارة والتقدم كما حملها أجدادنا قبل عدة قرون.ويقول المثل الشعبي : من ليس لـه ماض ليس لـه مستقبل " ومن المفيد في هذا الإطار الاستشهاد بآراء بعض المستشرقين الأوروبيين حول أهمية العلوم العربية وتأثيرها على الحضارة الأوروبية .
قال بريفو في كتابه " تكوين الإنسانية " عن دور العرب العلمي :
"العلم هو أجل خدمة أسدتها الحضارة العربية إلى العلم الحديث .فالإغريق عظموا أو عمموا ووضعوا النظريات ولكن روح البحث وتجميع المعرفة اليقينية وطرائق العلم الدقيقة والملاحظة الدائبة كانت غريبة عن المزاج الإغريقي وإنما كان العرب هم أصحاب الفضل في تعريف أوروبا بهذا كله وبكلمة واحدة أقول إن العلم الأوروبي مدين بوجوده للعرب ".
لقد قام العرب بدورهم في خدمة الحضارة والمساهمة في تقدم العلوم ، وهناك الكثيرين الذين يجهلون هذه الخدمات التي قدمها العرب للعلم والحضارة . أما موقف المستشرقين (أي العلماء الأجانب المهتمين بحضارة المشرق) إزاء العلوم العربية فينقسم إلى عدة اتجاهات:
1-هناك من تجنى على الحضارة العربية واعتبر أنها لم تقدم شيئاً يذكر للبشرية, وهذا إجحاف وظلم .إن أصحاب هذا الاتجاه مغرضون,فلديهم دوافع معادية للعرب و الإسلام ومتأثرين بالدعاية الصهيونية وعمدوا للانتقاص من قيمة العلوم العربية والإسلام, ولا نعتقد أنهم حقاً جاهلون بحضارتنا مع ملاحظة التقصير الكبير من قبل العرب في نشر ثقافتهم وتعريف الآخرين بتراثهم العلمي الغني . وتوجد كتب في تاريخ العلوم لمؤلفين أوروبيين لا تذكر أحياناً أو تشير بتواضع شديد إلى العلوم العربية .
2- الاتجاه الثاني يخدم الحقيقة لأنها حقيقة, ودافع عن الحق لأنه حق, أي ظهر علماء غربيون أنصفوا العرب لأن التاريخ يقضي بذلك ومن أبرزهم :جورج سارتون الذي قال :  " إن بعض المؤرخين يجربون أن يستخفوا بتقدمة الشرق للعمران ويصرحون بأن العرب والمسلمين نقلوا العلوم القديمة ولم يضيفوا إليها شيئاً ما . إن هذا الرأي خاطئ . وإنه لعمل عظيم جداً أن ينقل إلينا العرب كنوز الحكمة اليونانية ويحافظوا عليها ولولا ذلك لتأخر سير المدنية بضعة قرون .." .
ويعتقد سارتون بأن العرب كانوا أعظم معلمين في العالم وأنهم زادوا على العلوم التي أخذوها وأنهم لم يكتفوا بذلك بل أوصلوها درجة جديرة بالاعتبار من حيث النمو والارتقاء.
وقال نيكلسون : ".. وما المكتشفات اليوم لتحسب شيئاً مذكوراً إزاء ما نحن مدينون به للرواد العرب الذين كانوا مشعلاً وضاءً في القرون الوسطى المظلمة ولا سيما في أوروبا".  وقال دي فو "... إن الميراث الذي تركه اليونان لم يحسن الرومان القيام به . أما العرب فقد أتقنوه وعملوا على تحسينه وإنمائه حتى سلموه إلى العصور الحديثة ..".
ويذهب العالم الفرنسي سيديو إلى أن العرب هم في واقع الأمر أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة .
وقال برتراند رسل في كتابه " حكمة الغرب ":  ".. لم يكن واضحاً لفرسان المسيحية ( الحملة الصليبية ) في البداية أنهم إنما كانوا يواجهون في العالم الإسلامي ثقافة أسمى من ثقافتهم بما لا يقاس ".
ويقول كارل ميننجر عن نهضة العرب : " كانت بغداد وقرطبة ، الخلافتان العربيتان المشرقية والمغربية ، موضعين طرفيين لنظام عملاق يمتد إلى عدة قارات .. ومن بينهما .. تدفق التيار الحضاري .. عبر كيبل(سلك) فائق الموصلية بلغة عربية واحدة ...كان اتجاه التيار من الشرق إلى الغرب ..فالشرق – إذا تابعنا بأسلوب المجاز – هو المرسل والغرب هو المستقبل ".
ويقول جون ماكليش في كتابه " العدد ":  "ومع أن العرب كانوا أشداء جداً في الحرب, ، فإن أسلوب حياتهم في السلم كان متسامحاً ومتحضراً . وقد أضافوا إلى الفنون والعلوم خاصة ، عناصر مهمة أنقذت النشاط الفكري من عبث اليونان ومن تعصب الرومان ، هذا وإن هذه السمة ما انفكت آثارها مائلة في الدراسة العلمية إلى يومنا هذا ".
كما يضيف ماكليش :  " أقام العرب في كل مكان من مملكتهم الواسعة مكتبات عامة ومراصد ومراكز للبحث .. وجهد العلميون العرب في تسجيل كل قدر من المعرفة وصلت إليه البشرية ، وفي تطويره إلى آفاق أوسع . وقد نفذوا برامج ضخمة لنشر أعمالهم العلمية والرياضياتية ولترجمة أعمال من السريانية والفارسية والصينية واليونانية ولغات أخرى ، كما استثمروا ، أكثر من أي باحثين آخرين في أي حضارة قبلهم، معيار الممارسة والتجربة في البحث عن الحقيقة العلمية ، ربما يكون قد فاتهم التخيل المفرط الذي كان لدى اليونان ، لكنهم عوضوا عن ذلك بالشمولية وبالاستشراف العملي ".
لولا جهود العرب لبدأت النهضة الأوروبية في القرن الرابع عشر للميلاد من النقطة التي بدأ العرب منها نهضتهم العلمية في القرن الثامن للميلاد .
وهناك البعض من مفكري وعلماء وفلاسفة الغرب من يعرض التطور الحضاري, والعلمي منه خاصة, من الفترة اليونانية ويتكلم عن العبقرية اليونانية أو المعجزة اليونانية ، ويقفز إلى العبقرية أو المعجزة الأوروبية الغربية كاستمرار للحضارة اليونانية دون ذكر للحضارة العربية وهذا تجني وتحامل وعدم أمانة للتاريخ وعدم احترام للحقيقة التاريخية .
من الممكن أن يجهل البعض جوانب وصفحات من تاريخ العلم ولكن مع اكتشافها يجب أن نتوخى الدقة والأمانة العلمية وهذه مهمة العلماء العرب قبل غيرهم ..
ويجب أن ننسب الاكتشافات العلمية ، التي تعرف الآن بأسماء علماء غربيين ، إلى أصحابها الأصليين العرب الذين عرفوها قبل الأوروبيين بعدة قرون ( الأمثلة فيما بعد ) . يقول وايد مان :
" ... إن العرب اخذوا بعض النظريات عن اليونان وفهموها جيداً وطبقوها على حالات كثيرة ومختلفة ثم أنشئوا من ذلك نظريات جديدة وبحوثاً مبتكرة فهم بذلك أسدوا إلى العلم خدمات لا تقل عن الخدمات التي أتت من مجهودات نيوتن وفارادي وغيرهم ..".
نحن بأمس الحاجة لاستمداد الماضي ,واستلهامه عزماً وقوة لا مباهاة وفخرا ً , لمعرفة الحاضر والانطلاق نحو المستقبل بأمل وثقة .
 
 
ملاحظة: هذه مقتطفات من كتابي: "موجز في تاريخ الرياضيات وتطورها الفكري والفلسفي. 2002.
 

21 - فبراير - 2007
شهادات غربية حول الحضارة الإسلامية
أحييك يا أخ زياد على هذا الموضوع الحيوي    كن أول من يقيّم

اعتقد أن من واجب كل متخصص علمي عربي أن يولي اهنماماً  وجهداً لدراسة تاريخ اختصاصه  وخاصة في فترة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية. وأتحدث هنا عن تجربتي  العلمية المتواضعة فيما يتعلق بالمخطوطات ودراستها وترجمتها..
أنا دكتور بالرياضيات البحتة وعملت 20 سنة في الجامعات العربية مدرساً لمقررات التحليل والمعادلات وغيرها. ولكنني  اهتميت بالمصطلحات الرياضية وتعريبها . وأعددت عدة قواميس روسي- عربي   وانجليزي - عربي  وانجليزي - روسي - عربي. هذا من جهة. أما من جهة أخرى بدأت أدرس تاريخ الرياضيات وفلسفتها ودرست هذا المقرر في الجامعة وكتبت كتاباً في تاريخ الرياضيات وفلسفتها وهو موجود عند الزملاء في معهد التراث في حلب. وبعدها بدأت أبحث في تاريخ الرياضيات  العربية في القرون الوسطى من خلال المخطوطات وبشكل خاص أترجمها إلى اللغة الروسية لأن العلناء الروس يحتاجون لباحث عربي ومتخصص بالرياضيات وقد ترجمت مخطوطات عدة منها: مخطوطة تلخيص أعمال الحساب لابن البناء وكشف الأسرار للقلصادي وكتبنا عشرات الأبحاث حول هذا الموضوع. بالاضافة إلى أبحاث حول دراسة المخطوطات الرياضية العربية في روسيا من قبل المستعربين الروس. خاصة أن المكتبات  في المدن الروسية مثل سانت بطرسبورغ وقازان وموسكو وداغستان وغيرها تحتوي مئات الآلاف من المخطوطات العلمية العربية التي تنتظر من يدرسها ويحققها وينشرها.
اعتقد أن دراسة المخطوطات العلمية العربية ستوضح جوانب غامضة من تاريخ العلم العربي وأسباب تدهوره التي يهتم بها المستشرقون أكثر من العرب أنفسهم.
وأنت محق في توقفك عند الدور الريادي لمعهد التراث العلمي العربي وغيره في مجال إحياء الاتراث العلمي العربي.
وأضيف هنا معهد تاريخ العلوم والتقانة التابع لأكاديمية العلوم الروسية في موسكو  حيث أعمل كبير باحثين علميين وفرعه في سانت بطرسبورغ الذين قدما أبحاثاً ضخمة وعميقة في دراسة المخطوطات العلمية العربية. وطبعاً هنا يركزون على المحتوى العلمي ولا يتوقفون كثيراً عند التحقيق لأن هذه مشكلة لغوية بالدرجة الأولى وهي من مهمة الباحثين العرب.
أذكر لكم حادثة جرت معي.
تعرفت صدفة على المستعربة الكبيرة المتخصصة في تاريخ الرياضيات العربية وهي غالينا ماتفييفسكايا التي كتبت  مئات الدراسات وترجمت عشرات المخطوطات العربية إلى الروسية. باختصار فقد عملت بحب وعشق للمخطوطات العربية على مدى 30 عاماً وكانت تعمل في طشقند لكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينات اضطرت أن تقيم وتعمل في مدينة روسية وانقطعت عن العمل في التراث العلمي العربي. وعندما التقيت بها ودعوتها مراراً لإلقاء محاضرات في موسكو وقمنا أخيراً بتكريمها في حفل كبير. قالت لي عبارة مؤثرة. إنها المرة الأولى التي أشهد فيها اهتمام من العرب ببحوثي وبعملي ومساهماتي المتواضعة في دراسة التراث العلمي العربي.
وأتمنى أن يهتم القائمون على العلم والبحث العلمي والتراث العلمي العربي بهذه المواضيع ويشجعون الباحثين العرب والأجانب.
وللحديث صلة.
وشكراً
د. محمود الحمزة - موسكو

9 - أبريل - 2007
تحقيق المخطوطات العلمية
إذا كان ولا بد فليكن الاشتراك رمزياً وأن يعفى الطلاب    كن أول من يقيّم

المال أحد أكبر أسباب إفساد الأشياء الجميلة.
ومع ذلك لا بد من شكر القائمين على هذا الموقع لأن موقع الوراق لا يضاهيه موقع ثقافي وتراثي والله لا يحرمنا منه.
أرجو إدخال المزيد من المخطوطات العلمية العربية وخاصة الرياضية منها.
وأنا أحييكم مرة أخرى وأتمنى مزيداً من التطوير والتقدم لهذا الموقع الرائع.
وشكراً

21 - أبريل - 2007
مستكشف النصوص
من ليس له ماضي ليس حاضر ولا مستقبل    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

الأخوة الأعزاء زياد وحسن بلفقيه.
 أشكركما على عباراتكما اللطيفة بحقي. وما أنا إلا باحث متواضع مغترب في هذا العالم  منذ أكثر من 30 سنة.
المخطوطات الرياضية العربية لا تعد ومن واجبنا كما قلت سابقاً دراستها ونشرها للناس لإظهار الحقيقة عن دور العلماء العرب والمسلمين في تطور الحضارة الإنسانية. وأنا لا أؤيد من يبالغ بهذا الدور ويتشدق به بل يجب أن ننصف العلماء سواء كانوا عرباً أو غير عرب ومسلمين أو غير مسلمين.
إن العلم برأيي عالمي وهو ليس ملك لأحد. وكل الشعوب قادرة على الإبداع إذا توفرت لها الظروف المناسبة. وهذا ما حدث في التاريخ. هل تعلمون أنه حتى فترة قريبة كانوا في الغرب ينظرون إلى دور الصينيين في الحضارة العلمية بريب وتشكك ولكن الآن نتيجة دراسة المخطوطات الصينية العلمية اتضح أنهم سبقوا كثيراً من الشعوب في مجال الرياضيات مثلاً. فإليهم تعود طريقة حساب الخطأين وإليهم تعود المربعات السحرية وحل نظام معادلات وإبداعات أخرى. وكان للعلماء الروس الباحثين, وخاصة العلامة يوشكيفيتش, في تاريخ الرياضيات دور جوهري في ترجمة ودراسة تلك المخطوطات. وفقط بعدها بدأوا في أوروبا بالكتابة عن دور الصينيين في تقدم العلوم في القرون الوسطى.
ونفس الشيء يخص العلوم العربية.
ففي المؤتمر العلمي حول المخطوطات الشارحة في مكتبة الاسكندرية عام 2006 ألقى د. جورج صليبا وهو لبناني الأصل ومقيم في أمريكا (جامعة كولومبيا) ألقى بحثاً قيماً حول أحد علماء الفلك العرب وهو الخفري من القرن السادس عشر ميلادي وبين بشكل قاطع كيف أن كوبرنيكوس اعتمد على أبحاثه وحتى الصور التي استخدمها مطابقة مئة بالمئة بما فيها الحروف التي يرمز بها للنقاط في الرسومات الفلكية.
 والقصد من هذا المثال هو الإشارة إلى خطأ المقولة التي روجها بعض المستشرقين عن تدهور العلم العربي منذ القرن الثالث عشر أو الرابع عشر. لكن الحقيقة غير ذلك . فهذا عالم من أعظم العلماء في القرن السادس عشر ميلادي. والمشكلة هي في قلة دراسة المخطوطات واكتشاف ما تحتويه من عبقرية تظهر الحقيقة وتنصف أسلافنا من العلماء الموسوعيين.
أما عن ابن البناء المراكشي فقد عثرنا على مخطوطته "تلخيص أعمال الحساب " في مكتبة جامعة سانت بطرسبورغ العلمية وترجمناها إلى الروسية وعملنا دراسة موسعة حولها. وكذلك مخطوطة الحصار "كتاب الحصار في علم الغبار" وترجمناها وكذلك مخطوطة القلصادي "كشف الأسرار عن علم حروف الغبار" وترجمناها ودرسناها. وكل هذه الأبحاث نشرت في مجلة علمية تسمى "أبحاث في تاريخ الرياضيات" تصدر في موسكو.
وقد تلاحظ أخي الكريم أنني أدرس الرياضيات في المغرب العربي لأنها في روسيا كانت شبه مجهولة. والتركيز كان سابقاً على رياضيات المشرق العربي.
المهم نسعى بجهود متواضعة لتقديم بعض الأبحاث.
ومن يتعرف على ما قدمه المؤرخون الروس في دراسة العلوم العربية سينذهل من غزارة الإنتاج العلمي ولكنه مجهول للباحثين العرب والأوربيين.
وللحديث صلة
وشكراً

22 - أبريل - 2007
تحقيق المخطوطات العلمية
العلم عالمي شاركت فيه قرائح الشعوب    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

اعتقد أن الحضارة العظيمة التي نشأت وامتدت في الفترة ما بين القرنين التاسع والخامس عشر للميلاد والتي قدمت مئات العلماء الموسوعيين في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية, إنها حضارة لم تنشأ من الفراغ. بل قامت على أكتاف حضارات عظيمة لا تقل أهمية ومكانة منها مثل الحضارة اليونانية والفارسية والهندية والسورية والخوارزمية وغيرها. وهذا شيء منطقي وطبيعي. وبدأت تلك الحضارة بالترجمة وقد كان المترجمون من غير العرب وغير المسلمين في البداية. ثم تعلم العرب والمسلمون وأصبحوا ليس مترجمين فقط وإنما مكتشفون لنظريات جديد ودخلت أسمائهم التاريخ من بابه العريض.وقد كان هؤلاء العلماء من أجناس وقوميات مختلفة مثل الفرس (عمر الخيام) والأوزبيك (الخزارزمي والبيروني وابن سينا والفارابي و...)  والسوريين (قسطا بن لوقا)   والصابئيين (ثابت بن قرة الحراني) وحتى اليهود مثل السموأل المغربي (الذي أسلم فيما بعد) وابن ميمون (طبيب الخليفة - وعلى فكرة توجد جامعة يهودية في موسكو تحمل أسم ابن ميمون) وغيرهم.
ما أريد قوله هنا وهو ما كررته في محاضرات كثيرة ألقيتها في مجال تاريخ الرياضيات العربية, هو أن تسمية العلماء بالعرب والمسلمين هي تسمية ثقافية معنوية ولا تعني القومية أو الجنس أو مكان الولادة.
ولو كان هناك جوازات سفر في ظل الدولة العربية الإسلامية في القرون الوسطى لحمل هذه الجنسية كل العلماء الذين نتحدث عنهم. وهذه الحالة تشبه وضع العلماء الذين يقيمون حالياً في أمريكا وهم من جنسيات مختلفة مثل العالم أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء وهو من أصل مصري. لكنه يحمل الجنسية الأمريكية. ومنح جائزة نوبل كعالم أمريكي وليس مصري. وهذه حقيقة. رغم أن أحد لا ينكر أصل العالم وجنسيته.
الزملاء الأعزاء: اعتقد أن مشكلتنا في العالم العربي والإسلامي ليست بالتسميات بل في الاستفادة من تلك التجربة التاريخية الرائدة التي أثبتت أن العرب والمسلمين ساهموا في صنع الحضارة الإنسانية وتقدمها ولعبوا دوراً مشرفاً لا نستطيع أن نقدره الآن ولسنا جديرين على المستوى الرسمي أن نحمل رايته.
ومن المفيد أن نذكر في هذا الإطار كيف أن الأوزبيك يحتفلون بالبيروني والخوارزمي والطاجيك يابن سينا والإيرانيون بعمر الخيام على أنهم أبناء جلدتهم وليسوا عرباً بل مسلمون.
وهناك مصطلح يستخدمه المؤرخون الروس في تاريخ العلوم عند الحديث عن العلماء العرب والمسلمين بقولهم العلماء ذوي اللغة العربية (أي الذين كتبوا وتكلموا باللغة العربية) لكي يحلوا هذا الإشكال.
وهناك الكثير من المؤرخين الغربيين الذين يستخدمون عادة مصطلح الرياضيات العربية وأحياناً قليلة الرياضيات الإسلامية.
لذلك المشكلة هنا في المضمون وليست في الشكل مع أهمية التسمية.
وأنا أتفق مع الإخوة الذين قالوا أن الحضارة عربية إسلامية لأن الدولة والثقافة كانت عربية إسلامية.
وهناك مثال مفيد في هذا الإطار: اللغة اللاتينية كانت لغة العلم في أوروبا في القرون الوسطى علماً أن الحضارة لم تسمى بالحضارة اللاتينية.
ولذلك تسمية الحضارة عربية فقط فيه إجحاف لأن نسبة العلماء من أصل عربي كانت أقل  مقارنة مع الأجناس الأخرى. وتسميتها بالإسلامية فيه إجحاف بحق غير المسلمين.
وكلمة أخيرة إن قوة الثقافة العربية الإسلامية تأتي من قدرتها على استيعاب وهضم كل الثقافات التي سبقتها أو احتكت معها ثم أبدعت علوماً أصيلة. ومثال ذلك حضارة الأندلس الرائعة التي تعايش في ظلها المسلمون والمسيحيون واليهود وأبدعوا. وهذه تجربة نادرة.
لذلك الثقافة هي مزيج زهي تتفاعل وتأخذ وتعطي. أما التعصب بكل أشكاله فهو دليل التخلف والضعف.
وشكراً.

2 - مايو - 2007
هل الحضارة ... إسلامية أم عربية أم ماذا ?
لا علم بلا تعليم صحيح    كن أول من يقيّم

أهمية العلم معروفة.
 ولكن للأسف في عالمنا العربي يتعاملون مع هذه الظاهرة بشكل سطحي وأحياناً للإعلام والدعاية. علماً أن الاهتمام الحقيقي بالعلم ضعيف إذا ما قارناه بواقع الحال في الدول الأخرى وأقربها إسرائيل التي تصرف على البحث العلمي أكثر من كل الدول العربية مجتمعة!!!!!!!
لكن عندما نتكلم عن التعليم فوضعه في تدهور وهذه مشكلة قد تكون موجودة في معظم دول العالم. علماً أن التعليم هو أساس تقدم المجتمعات وتفوقها. ويقال عندما انتصرت فرنسا على ألمانيا (على ما اعتقد) قالوا أن المعلم الفرنسي هو الذي انتصر.وكذلك عندما أرسل السوفييت أول رائد فضاء وهو يوري غاغارين في أواسط القرن الماضي وسبقوا الأمريكان جلس الأمريكان يفكرون عن سبب تفوق الاتحاد السوفييتي في مجال غزو الفضاء. فكان جواب العلماء الأمريكيين بأن الاتحاد السوفييتي يتفوق على أمريكا بنظامه التعليمي بدءاً من رياض الأطفال وحتى المراحل الجامعية. لذلك اتخذت أمريكا قرارها بتعديل نظام التعليم الأمريكي والاستفادة من السوفييت.
العبرة من هذه السطور هي أن التعليم حجر الأساس في اي تقدم علمي واجتماعي واقتصادي و....
وباعتباري تربوي واستاذ جامعي وحتى درست في المراحل الثانوية قبل ذلك ألاحظ ما يلي:
1- التعليم في سورية مثلاً كان في الخمسينات أفضل منه حالياً فمن ينهي الصف الخامس (يحصل على السرتفيكا) كان يصبح مدرساً قديراً حيث يلم باللغة العربية والحساب افضل من طلاب الجامعة حالياً
2- انتشار الدروس الخاصة على حساب التدريس في المدارس من الظواهر السلبية جداً. فلا مانع من الاستعانة بمدرس مصلاً في الموسيقى أو الرسم أو التخصصات التي قد لا تتوفر الإمكانية في المدرسة لتعلمها جيداً. ولكن يلاحظ تقصير المدرسين وتقاعسهم عن أداء واجبهم في الصف لأنهم يجبرون الطلاب على الدروس المدفوعة الثمن.
3- ما ورد أعلاه عن تحول التعليم إلى تجارة عائد إلى ضعف مرتبات المدرسين في بعض الدول العربية وإلى تقاعس الطلاب في الدراسة في الصف مع زملائه في دول أخرى مثل الخليج حيث تتوفر الامكانيات المادية لاستبدال التعليم النظامي بدروس خاصة.
4- انتشار الانترنت والألعاب والكمبيوترات التي تلهي الطلاب وذلك عند استخدامها بشكل خاطىء.
5- أصبحت الشهادات الجامعية وللأسف لا تكفل حياة كريمة ولائقة لحاملها لذلك بدأ الأطفال يتساءلون أحياناً عن جدوى الدراسة والذهاب للمدرسة إذا كان آباؤهم وهم يحملون أعلى الشهادات لا يعملون في مجالهم المناسب ولا يتقاضون مرتبات تليق بتلك الجهود الطويلة التي بذلوها في التعلم على مدى عشرات السنين!!!! 
عداك عن تغير التعامل مع المعلمين من قبل الطلاب. فطلاب اليوم لا يحترمون معلميهم مثل أقرانهم قبل عدة عقود!! ما هو السر يا ترى اعتقد أن ذلك مرتبط بما قلته أعلاه. وقد نسوا اليوم قول الشاعر:
قم للمعلم ووفه التبجيلا   كاد المعلم ان يكون رسولا
أو المثل : من علمني حرفاً صرت له عبداً
إذا لم يحترم المعلم فلن يكون هناك تعليم ناجح وإن لم يكن الطالب قد تلقى تربية صحيحة في بيته من قبل أبويه وعائلته فلن تستطيع المدرسة من تربيته. فلا بد من تكاتف جهود المدرسة والأسرة والمجتمع في رفع سمعة المدرسة وإعطاء أهمية للتعليم ونيل الشهادة العلمية.
د. محمود الحمزة 
 
 

4 - ديسمبر - 2008
العِلم والتعليم