طريق التجديد كن أول من يقيّم
قرأت ما قدمه الأخ العزيز ،ومع إعادتي للقراءة مرات إلا أنني لم لم أقف على نقد حقيقي يوجه لشعر الحديث ، أما ما الدعاه من ترك للبناء المعهود للقصيدة العربية ، ودعواه بأن القصيدة الحديثة فقدت شيئا كبيرا بتخليها عن ممارستها فهو قلب للحقائق ، ورأي تجاوزته الركبان ، فلا يشك من عنده جزء بسيط من ذائقة أدبية مرهفة ما أضافته القصيدة الحديثة من تطور بكسرها حاجز البيت العمودي ، حيث أصبح هناك مساحة أوسع وأرحب لتفجر طاقات إحساسية كان نظام التفعيلة يقف حجر عثرة أمامها ، إذا ياعزيزي فأول تجديد أغفلت نظرك عنه هو ذلك المجال الرحب الذي وفرته التفعيلة للمبدع دون تقيد بوزن أو قافية . هذا من جهه أما قولك بأن القصيدة أصبحت لا تزيد عن الخمسة أبيات ، إن زُفت وغرد على عرشها فلست أبيات أقول هذا خلط للحقائق من عدة جهات :
فأولها أن القصيدة لايحكم عليها بالجودة والرداءة لعدد أبياتها ، وإنما ليصالها المعنى المراد، وقديماقال أباؤنا البلاغة الإيجاز ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر وفي اعتقادي أنها لم تسمى قصيدة إلا لما يقصد من إيصالها لمعنى معين .
أما الأمر الثاني أن كلام الأخ عار من الصحة فهناك من القصائد الحديثة ما يتجاوز العدد الذي حدده الأخ بمراحل ، ولا أدري كيف أصدر أخونا هذا الحكم .
وأخر ما أود أن أختم به هو أن تعدد المواضيع في القصيدة العمودية ، من وقوف على الأطلال ، وبكاء الديار ، وغير ذلك ، كان من بين العيوب التي وجهت الى هذه القصيدة تحت مسمى وحدة الموضوع ، فوجدنا الشعراء بعد ذلك يحاولون التخلص من هذا العيب .
وفي الختام أنا لم أكتب هذه الأسطر البسيطة لأنال من أحد وينما لأوجه السالك إلى إتخاذ طريق أكثر جدية ومنفعة ، فهناك مواضيع في القصيدة الحديثة تستوجب الوقوف أكثر من تناول التجديد فيها ، وإن تم تناول التجديد فهناك قضايا أكثر نفعا مما طرح ولكم فائق أحتراماتي . |