 | تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع |  | ملاحظات كن أول من يقيّم
بخصوص المقطعين المكتوبين المنسوبين إلى "ابن الهيثم", هما من كتاب "المناظر". محاكم التفتيش ظاهرة غربية. ليست بنا حاجة إلى شهادة الغرب, سواء كانت منصفة أو مجحفة. كتبنا وكتبهم في متناول أيدينا, وتاريخنا وتاريخهم أمامنا, ونمتلك القدرة على التقييم والمقارنة. أرجو بشدة ألا يزعل أحد مني بسبب أي كلمة قلتها مازحا في أي ملف. | 21 - مارس - 2007 | قوانين نيوتن ... ليست قوانين نيوتن |  | ابن تيمية فيلسوف عصر النهضة (41) كن أول من يقيّم
كنا بصدد "حصر" ماهية عصر النهضة في نقض منطق أرسطو, استبعدنا إمكانية الإشارة إلى عصر النهضة من حيث هو أفكار بعينا, وذلك لتعددها وتنافرها وعدم قابيلتها للتكامل, استبعدنا أيضا محاولة الانتقال بتعريف عصر النهضة من "الفكر" نفسه إلى "طبيعة الفكر", أي القول بأن عصر النهضة ليس هو أفكار بعينها بل هو "نوع" من التفكير, هو عصر الفكر المجرد عن الأغراض الدينية. لكن "كانط" له وجهة نظر في هذا الموضوع, وهي وجهة نظر تهدد فكرة انحصار عصر النهضة في نقض أرسطو, ومن الضروري أن نتعرض لها. "عصر النهضة" هو عصر الحرية, وبمقدار حريته يكون مقدار نهضويته, أيا كان مضمون الأفكار, بل إن تحديد مضمون الفكر النهضوي نفسه هو عمل يهدد مبدأ الحرية. هكذا صاغ "كانط" مفهومه لعصر النهضة في مقالة له بعنوان: "ما هو عصر الأنوار" فقال: "إن تلك الأنوار لا تشترط إلا الحرية. وعلى الأصح إنها لا تتطلب إلا أقل الحريات إيذاء, وأعني تلك التي تتعلق بالاستخدام العمومي للعقل في جميع الميادين. والحال أننا نسمع الناس يصيحون من كل جانت : "لا تعملوا الفكر" فالضابط يقول: "لا تعملوا الفكر وإنما أدوا الثمن" , والقس يقول:" لا تعملوا الفكر, وإنما آمنوا", هناك إذا في كل الميادين حد من الحرية" الحقيقة أننا حملنا مفهوم الحرية أكثر مما يحتمل, هناك عدة ملاحظات حول الحرية النسبية التي تمتع بها عصر النهضة, الأولى: أن مفهوم الحرية مفهوم سلبي, لا يعبر عن موقف معين, الوجود هو موضوع الفكر, ولو اعتبرنا عصر النهضة ظاهرة في الوجود, فلن يكفينا, بل ولن يصح أن نطرح الحرية كعلة لوجود عصر النهضة, لأن علة الوجود وجود, الحرية هي عدم التقيد, إنها إمكانية للفعل وليست هي الفعل نفسه, إمكانية للوجود وليست وجودا, بمعنى أن شخصا ما, لو سألني: "إلى أين أنت ذاهب?" فقلت له: " أنا ذاهب إلى المكان الذي أختاره", لما كانت تلك إجابة ولو كانت العبارة صحيحة في ذاتها, سيكرر السؤال: "وما هو المكان الذي اخترته?" , سأقول له:" إنه المكان الذي لم يفرضه علي أحد لأنني حر" , بالتأكيد سيتركني هذا الرجل وقد شك في قواي العقلية, نحن نؤمن بالحرية لأبعد حد, لكن نحن نعلم أيضا, أنها ليست قيمة في ذاتها, إنها تماما كالأوراق النقدية, تصلح لاستبدالها بأي سلعة, لكنها في ذاتها, ودون أن تستبدل, ليست شيئا يذكر, إنها ورق, إنها كل شيء, باعتبارها إمكانيات للوجود, وليست شيئا لو اعتبرناها وجودا. ولكن ما الذي حول الحرية, من إمكانية للوجود والفعل, إلى غاية في ذاتها? الظاهرة واحدة لكن الأسباب تختلف عند الغرب وعندنا, اعتبار الحرية قيمة في ذاتها عند الغرب, كان موقف انفعالي, غير متزن, ولا يصلح للتأسيس عليه كنموذج, عندما أخرُج من السجن.. أسير لمسافة طويلة, بلا هدف, أتعمد أن لا أضع أمامي أهداف, إنني أؤكد لنفسي أنني حر طليق, إنه موقف "انفعالي" كما ذكرت, ولن تستقيم حياتي العملية لو استمر الأمر على هذا النحو, أن أظل أؤكد لنفسي أنني حر, بمجرد أن ينتهي الموقف الانفعالي ذلك, لا بد أن أبدأ في "استغلال الحرية كإمكانية لموقف معين" اتخذه, وأبدأ في تحديد أهداف, الغرب كان يعاني من حالة انفعالية جعلت موضوع الحرية عنده قيمة في ذاته, كان لتوه بدأ يتحرر من سلطة الكنيسة, وبدأت محاكم التفتيش تتحول إلى موضوع مسائلة, وبدأت المواجهة بين العقل والمسيحية (وليس بين العقل والدين) , ومن الطبيعي أن يكون الموقف "الانفعالي" موضوعه الحرية. أما الاكتفاء بقصة الحرية في بلادنا فله سبب آخر, هو ببساطة: العجز عن تجاوز هذا المفهوم, والإفلاس عن موقف محدد تكون تلك الحرية إمكانية له بدلا من أن تظل غاية لذاتها. تسأل: ما هو تصوركم عن الوجود? تجد الإجابة: كل شخص له الحرية في التصور. تقول: نعم يا سيدي حاشا لله أن أناقش حريتك, لكن ما هو الموقف الذي اتخذته بعد أن أيقنت أنك حر? تجد الإجابة: موقفي هو أن أؤمن بحرية الإبداع. تقول: دمت للإبداع زخرا, فإلى أين وصل إبداعك? تجد الإجابة: إبداعي هو أن أتحرر من الطوطم والطابو. تقول له: "ملعون أبو الطوطم على أبو الطابو. ولكن بعد أن تحررت منهما وكفاك الله شرهما, كيف آل مصيرك? من أنت? ما هي رسالتك? (منه لله فرويد هو إللي علمهم حكاية الطوطم والطابو, ومن ساعتها وهم يعضون عليها بالأيدي والأسنان, الغريب إن فرويد نفسه لم يتحرر من الطوطم اليهودي, ففي كتاباته المتعلقة بالشعب اليهودي, دائما ما يكرر أن اليهود أرقى الشعوب من الناحية النفسية!! لقدرتهم المدهشة على التسامي) وهكذا.. فالحرية لو كانت هدفا لا طائل وراءه لكانت حائلة بين الإنسان وبين "الموقف" الذي كان به إنسانا. | 21 - مارس - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | ابن تيمية فيلسوف عصر النهضة (42) كن أول من يقيّم
لا زلنا مع "كانط", أو ضد "كانط" في طرحه للحرية كماهية لعصر النهضة, ذكرنا أن الحرية مفهوم عدمي سلبي, إنها عدم التقيد, أو اللا-قيد, نحن لا ننكرها بل نصفها, ووصفنا لها كمفهوم عدمي سلبي هو مقدمة لحكمنا عليها بأنها لا تحمل قيمة في ذاتها, بل تستمد قيمتها من شيء آخر هو طبيعة "القيد" الذي أكسبها وجودها بخلوها منه, هل هو قيد طبيعي أم غير طبيعي?, هل هو ضروري أم غير ضروري?, هل هو إنساني أم غير إنساني?. إذا فالحديث عن الحرية مطلقا هو خلط بين الحقائق الوجودية والحقائق العدمية التي ليس لها وجود في ذاتها, هذا الخلط أوقع الكثير في متناقضات ليس لها حل طالما ظلوا يتحدثون عن الحرية "في ذاتها" أي الحرية "مطلقا" دون أن يحددوا أي قيد يرمون إلى التخلص منه, مثلا: الإباحية هي حرية إزاء ضمير المجتمع, لكنها, وفي الوقت ذاته, عبودية للرغبات وعجز عن القدرة عن كبحها أو الكف عن الاستغراق فيها, دعنا من الإباحية لأنها تحمل معاني سلبية متفق عليها.. لنتحدث عن المواقف الرزينة التي يتبناها الإنسان الواعي, هل من حقه يمارس حريته في تبنيها "كمواقف" بهدف تفعيل حريته, حتى لو كن ذلك على حساب "حرية" المجتمع في الحفاظ على ثباته, ولو كان ذلك على حساب حرية أفراده? تلك متناقضات جاءت نتيجة التعامل مع الحرية كمعنى مجرد له قيمة في ذاته, فلو كان للحرية قيمة في ذاتها لاستحال رفع التناقض بين الرغبة والضمير, أو بين الفرد والمجتمع, إذ أن كل طرف من هاتين الثنائيتين له حرية خاصة به. "كانط" حاول في مقالته المذكورة رفع التناقض بين الفرد والمجتمع, وجهة نظره هي تمزيق للحرية بين الفكر والواقع, فحرية الفكر حق للمواطن أما الواقع فهو حرية للدولة. يقول في المقالة: "بيد أن كثيرا من الشؤون التي تساهم في مصلحة الأمة تخضع لميكانزمات ضرورية يتصرف عن طرقها بعض أفراد الأمة بنوع من السلبية والانفعال كي توجهها الحكومة, بفضل إجماع مصطنع نحو غايات عمومية, أو على الأقل تحول بينها وبين القضاء على تلك الغايات, ففي مثل هاته الأمور لا يسمح للإنسان بأن يعمل فكرة, ولا يكون عليه إلا أن يطيع وينفذ. ولكن قطعة الآلة تلك (كانط لا يتهكم بكلمة قطعة الآلة, إنه يعني ما يقول, أي يرى أن الإنسان قطعة آلية من حيث هو في مجتمع, وسيتضح ذلك بعد قليل) هي في نفس الوقت, وبما هي كائن عارف, يتوجه إلى الجمهور بالكتابة, معتمدا في ذلك على فهمه الخاص, هي أيضا عضو في الأمة, بل ومن المجتمع المدني العام , فبإمكانها إذن أن تعمل الفكر دون أن يمس تلك الشؤون التي تساهم (أي قطعة الآلة) فيها كعضو منفعل(أي خاضع).فمن الخطير جدا مثلا أن يعمل أحد الضباط, الذي يكون قد تلقى أمرا من رئيسه, فكره في ذلك الأمر لمعرفة مدى أهميته ومنفعته, فلا يكون عليه إلا تنفيذ الأمر وطاعته. ولكن إذا أردنا أن نكون عادلين فلا ينبغي أن نمنعه من حيث هو كائن عارف, أن يبدي ملاحظاته حول الأخطاء التي تبدو له في أمور الحرب,... وبالمثل, فإن القس موكول إليه تعليم المقبلين على التنصير وفق تعاليم الكنيسة التي يخدمها, لكنه قَبِل هذه المهمة تحت هذه الشروط, ولكن من حيث هو كائن عارف , فإنه يتمتع بكامل الحرية. وأكثر من ذلك , فإن عليه أن يبلغ الجمهور كل أفكاره, بعد أن ينقحها ويمحصها, وذلك فيما يتعلق بأخطاء تلك التعاليم. إذا فهذه هي نتيجة النظر إلى الحرية كمفهوم له وجود إيجابي وجودي, أي إلى الحرية في ذاتها, "كانط" يضطر إلى تمزيق الإنسان, بين ما يعتقده وبين ما يعيشه, على القسيس (حسب كانط) أن يعلم الناس ما يراه باطلا, لأنه قبل منذ البداية شرط خدمة الكنيسة كما هي, لكن عليه أن يتوجه إلى الجمهور بعد ذلك بما يراه حقا, (ربما في الفترة المسائية بعد انتهاء خدمته للكنيسة), ويقول لهم: "أنا من حيث أنا خادم للكنيسة أقول لكم كذا, لكن أنا من حيث أنا كائن عارف, أقول لكم كذا", أي حرية تلك التي تمنع الإنسان من الثورة على أي شيء طالما هو غير مقتنع به بدعوى الحفاظ على النظام, أي حرية تلك التي تشطر الإنسان بين فكره وفعله, بين معتقداته وواقعه, أليست الحرية أصلا هي حرية إزاء الواقع, فما قيمتها لو كانت حرية بحيث لا مساس بالواقع, هل الإنسان كائن عارف فقط? أم كائن حي له إرادة? لماذا تستأثر المعرفة والتعبير عنها بالحرية وتحرم منها الإرادة والفعل, وما موقع الثورة على الاستبداد عند "كانط" لو كانت هي نظرته للحرية, الحقيقة أن الذي اضطره إلى ذلك هو نفس الخطأ الذي يقع فيه "عشاق الحرية" , وهو أنهم يعتبرونا "شيئا وجوديا له كيان مستقل, فيجب تقسيمه بين أصحاب الحق فيه, أي بين الفرد والمجتمع, ولو علموا أن الحرية ليست إلا معنى سلبي لا يمنح هوية, ولا يمكن تقسيمة, وليست أمرا وجوديا, إنما هي تفتقر في وجودها إلى سلب نقيضها الذي هو العبودية, لما خرج علينا "كانط" بهذه الترهات. الخلاصة: أن الحرية لا تمنح عصر النهضة, ولا أي عصر, هوية, لأن الهوية وجود, والحرية عدم, والعدم لا يمنح الوجود. | 22 - مارس - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | ابن تيمية فيلسوف عصر النهضة (43) كن أول من يقيّم
ولكن.. ما الذي نرمي إليه من قولنا إن الحرية مفهوم سلبي عدمي لا يمنح هوية ولا يترتب عليه حقوق وليس له وجود في ذاته, في الوقت الذي لا نتنكر لذلك المفهوم, بل ترانا نؤكد على أن الإنسان حر, لأنه مسؤول أمام الله? الذي نرمي إليه هو صياغة مدخل سليم للحرية, الخلل ليس في الحرية بل في الدخول المباشر إليها, الحرية لا تصلح كموضوع مباشر, سأضرب لذلك مثالا: التمثال الشمعي, يصنعه صانعه بكشط الشمع بطريقة معينة من جسم شمعي كبير, حتى تتبين بالتدريج ملامح التمثال, أي الشمع الذي لم يكشطه المثَّال وتركه على حاله, لنفترض أن الموضوع الإيجابي هو الشمع المكشوط, والموضوع السلبي هو الشمع غير المكشوط والذي هو التمثال المراد صنعه, السؤال الآن: إلى أي الموضوعات توجهت إرادة المثاَّل وفعله ومهارته, إلى الموضوع الإيجابي, الذي هو الشمع المحذوف, لأن العدم لا يصلح كموضوع للحذف. هذا ما نقصده, أن على الإنسان أن لا يتحدث عن الحرية, بل عليه أن يحدد نقيضها, أي يلح ويرتكز ويهتم بموضوع العبودية لا الحرية, إذ الحرية ليست لها موضوع كما ذكرنا, وحين يلح ويرتكز ويهتم الإنسان بموضوع العبودية, تتكشف له تلقائيا كل الأشياء التي هو متحرر منها, وذلك ليس بوصف ذاتي لها, بل بوصفها: "ليست هي موضوع العبودية". لكن.. ألا يمكن أن نعتبر النتيجة العملية واحدة ونكف عن الثرثرة? لا.. للأسف.. النتيجة العملية ليست واحدة على الإطلاق, بل إن البدء بالحرية مباشرة هو عين الثرثرة, عصر النهضة بدأ بالحرية, أو هكذا ادعى لنفسه, في حين أنه في الواقع لم يكن ينادي بالحرية, بل يرفض العبودية التي موضوعها: الكنيسة وأرسطو والإقطاع, الفرق بين الصياغتين واضح, لو تحدثنا عن واقع عصر النهضة كـ"حرية" لكان الموضوع إنساني عام, أما لو تحدثنا عن الواقع المعين الذي تعبر عنه الصيغة الثانية, أي رفض عصر النهضة لموضوعات معينة (الكنيسة وأرسطو والإقطاع) لكنا أما قضية لا يحق لها أن تدعي أنها إنسانية عامة, إذ أن (الكنيسة وأرسطو والإقطاع) أمور خاصة بأهل دين معين وبحضارة معينة. سنفاجأ, حسب الصياغة الثانية, أن عصر النهضة هو شأن داخلي أوروبي لا ينبغي أن تكون لنا به أي علاقة, فلم نكن نعاني نحن إقطاعا, ولسنا نحيا في أقبية الكنائس, أما أرسطو فنحن لم نكن ننتظر عصر النهضة حتى نرفضه. الدخول إلى موضوع الحرية مباشرة دون التوجه إليها عن طريق سلب العبودية, بعد تحديد موضوعها (أي أنني أعين الله كموضوع للعبودية, وبالتالي أسلب العبودية عن كل ما سواه, فأحصل على الحرية), الحديث عن الحرية, دون أي تحديد لموضوع العبودية, كما أنه يحول الخاص الحضاري إلى عام إنساني, فالحرية في ذاتها لا يترتب عليها أي حقوق, إذ أن الحق إنما هو علاقة بموضوع معين, ومن ثم فالعبودية هي من تمنح الحقوق وليس الحرية, عبارة : إن من حقي أن أكون حرا, هي لغو لفظي لا معنى له, لأن الحرية ليست حقا, الحق هو علاقة بين طرفين, الحرية نفي للعلاقة أصلا, فكيف تكون الحرية حقا? العبودية هي التي يترتب عليها الحق, إذ أن العبودية هي حق الله على العباد, إذا .. فسلب العبودية عن كل ما سوى الله, هو واجب على الإنسان, وليس مجرد رغبة جميلة يتغنى بها, ولو تجالهنا هذا المدخل للحرية, أي الحرية بدلالة تحديد موضوع العبودية, لكنا أما مأزق فكري ضخم, إسمه مأزق "العبودية المختارة ", هل هي مشروعة لأنها مختارة? أم غير مشروعة لأنها عبودية? أما لو توصلنا إلى استنتاج الحرية بطريق العبودية, فسنجد أن قضية "العبودية المختارة" محسومة, إذ أن التحرر من الطغيان واجب على الإنسان مكلفا به وليس حقا له إن شاء أخذه وإن شاء تركه. أي أن الحرية ليست اختيار, بل هي تكليف بمقتضى العبودية. بمعنى أن العبودية لله هي التي تحتم علينا التحرر من كل ما سوى الله. وإذا كانت العبودية لله هي المدخل المنطقي للحرية, وإذا كان عصر النهضة قد ولج إلى الحرية مباشرة بدافع "انفعالي" أدت إلى تخبطه في ذلك المفهوم, فإننا نستبعد الحرية كما نادى بها عصر النهضة, نستبعد تلك الحرية كماهية قادرة على تعيين ماهية عصر النهضة. ليس هذا فقط, بل إن هذا الاستبعاد لا بد أن يفرض علينا مقارنة "عصر النهضة" بـ"عصر الصحابة" في إطار هذا المفهوم, فعصر الصحابة هو العصر الأكثر حرية في تاريخ الإنسان, لأنه العصر الأكثر ارتكازا على مفهوم العبودية لله, نبي الله محمد يخبرنا أن: "خير القرون قرني, ثم الذي يليه, ثم الذي يليه", و(ربعيّ ابن عامر) يقول لـ(رستم) قائد الفرس: "إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة". وهذا هو السبب في أن مقولة "الحرية" لا تتردد كثيرا على ألسنة الإسلاميين, إذ يعتبرونها تحصيل حاصل يتكشف تلقائيا كنتيجة لحسم موضوع العبودية. فهم أقل الناس حديثا عن الحرية, وهم أيضا أكثر الناس شعورا بالحرية. أما "الأحرار دائما وأبدا", فهم معرضون لخطر أن تمارس معهم الملائكة "حرية إلقائهم في الجحيم" يوم القيامة. | 23 - مارس - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | من وحي حديث دار أمس بيني وبين صديق كن أول من يقيّم
الإنسان هو فعله, والنتيجة المترتبة على ذلك هي: أن الإنسان الذي يخلق أفعاله بحيث تناسب شيئا آخر غيره, هو لا شيء, إذ فعله كان لغيره لا له, وهو غير صادق, لأن الناس تتوقع أن يكون كل فعل هو تعبير عن فاعله لا غير, وهذا الإنسان الذي يخلق أفعاله لتناسب غيره إذاً يخدع الناس, ونستطيع القول أن هذا الشخص "لاشيء" من حيث لم يعبر عن نفسه, فنفسه غير موجودة, وهو "غير صادق" من حيث عبر عن نفسه بفعل غيره, مع أنه ليس غيره, فكل إنسان ليس له مثيل. لكن مقولة أن "كل إنسان ليس له مثيل" لا تحل مشكلة الصدق, بل تجعلها مشكلات, فإذا كان "كل إنسان ليس له مثيل", وإذا كان المجتمع يرفض هذه اللامماثلة ويحتم على أفراده نوعا من "القولبة", بحيث يحمل كل منهم "متلازمة" من الصفات التي يجب ألا تختلط بـ"متلازمة" أخرى, أيكون المجتمع حين ذاك ضد إنسانية الإنسان التي تأبى إلا اللامماثلة.. فيكون الإنسان مخيرا بين الصدق مع نفسه من حيث هو كائن فرد, وبين الصدق مع نفسه من حيث هو كائن في المجتمع? الشخص الصالح الذي يخطئ.. هل هو صادق لأنه عبر عن نفسه في صلاحه وفي خطئه, أم هو غير صادق لأنه جمع بين "متلازمتين" فرق بينهما المجتمع, أعتقد أن الشخص الذي يعيش في "متلازمة أخلاقية" فرضها المجتمع, لا يحيد عنها, هو غير صادق مع نفسه, طالما أنه لا يحيد عنها نزولا على رغبة المجتمع لا رغبته هو. لكن لو قلنا ذلك, لكانت نظرتنا إلى الصدق هي نظرة تحمل قدرا من استبعاد فضيلة "التماثل مع المجتمع", فهل الفضيلة تستبعد الفضيلة? وهل الصدق ضد الأخلاق? الحقيقة أن الذي وضعنا في هذا المأزق هو أننا نتحدث دائما عن المجتمع وكأنه دائما هو سفير الأخلاق, والأمر على خلاف ذلك لو تدبرنا الأمر. إن المجتمع ليسعى لحفظ الأخلاق أحيانا, ولكنه يعبث بها أحيانا كثيرة أخرى, فالأخلاق ليست "متلازمات جامدة", إذ أن الإنسان هو إرادات مستقلة متعارضة, وما وضْعها في شكل "متلازمات جامدة" إلا تحكما من المجتمع على أفراده, وتسلطا منه عليهم. لا.. بل إن المجتمع ليقف أحيانا ضد الأخلاق بصراحة, فالزانية التي تود لو تكون شريفة, واللص الذي يود لو يكون عفيفا, كل منهما يحول المجتمع بينهما وبين الأخلاق, إنه لا يغفر لهما خطأهما الأول, ويحيطهما باليأس الذي لا مخرج منه إلا بمزيد من الخطيئة. إن المجتمع لا يغفر ذنوب أفراده, فكيف يكون "التماثل معه" هو عنوان الفضيلة? إن المجتمع يحافظ على اللص لصا, وعلى الزانية زانية حتى يمارس عليهما غروره وتسلطه, فكيف يكون هو ملتقى الفضائل? إن اللص والزانية الذين هم كذلك لأن المجتمع فرض عليهم ذلك, ليسوا بأقل نفاقا من الشريف والعفيفة الذين هم كذلك لأن المجتمع فرض عليهما ذلك, كلاهما لا يعبر في فعله عن إرادته بل إرادة غيره, وكلاهما غير صادق. مشكلة صدق الإنسان مع نفسه, تحسم فقط عندما يكون الفرد مسؤولا أمام الله لا أمام المجتمع. إن هذا الشعور ليجعله صادقا مع نفسه في حالة اكتسابه الفضيلة أو في حالة ارتكابه الرذيلة, كلاهما على حد سواء. إن هذا الشعور ليجعله صادقا مع نفسه, لأنه عندما يتعامل مع الله فهو يتعامل مع الإله الذي توجه إليه بمحض حريته وكامل إرادته, لا مع المجتمع الذي قد ولد فيه قسرا. إن هذا الشعور ليجعله صادقا مع نفسه لأن الله أعلم بعبده من المجتمع بأفراده, فالمجتمع يحبس أفراده في متلازمات أخلاقية أو غير أخلاقية لا محيد عنها, لكن الله غفر للبغي التي أطعمت هرة. إن فضيلة الصدق لفضيلة ممتعة, فبها يرى الإنسان نفسه, وأي متعة تفوق رؤية الإنسان نفسه كما هي, المجتمع فقط هو من يذهب بجمال الصدق وروعته, حين يجعله عبئا ثقيلا على الفرد, لا يتخفف منه إلا بتملق المجتمع بالفضيلة... أو بالرذيلة. إنني صادق مع نفسي حينما أصلى, وصادق مع نفسي حينما أقترف ذنبا.. من أراد أن يفعل الخير فليفعله ولو كان المجتمع يأبى ذلك, ومن كان قد اكتسب, يوما ما, خطيئة, فليرفع رأسه أما المجتمع قائلا: "أيها المجتمع القاسي.. الأعمى.. المغرور, إنني أخطأت لكن ليس في حقك أنت, بل في حق الله الذي يغفر ذنبي دائما, وليس لك أن تحاسبني, " | 29 - مارس - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | ابن تيمية فيلسوف عصر النهضة. (44) كن أول من يقيّم
رأي الوراق :     
الحديث عن الحرية كان في إطار حصر قيمة عصر النهضة في الخروج على منطق أرسطو, تمهيدا للقول بأن قيمة هذا العصر ليست إلا نتاجا فكريا بسيطا للحضارة الإسلامية, ذكرنا أن الحرية كما عرفها الغرب ليست حرية, بل هي محض انفعال غير موجه, وذكرنا أيضا أن الحرية تفقد معناها وقيمتها لو اتجهنا إليها مباشرة دون استنباطها من سلب العبودية, بمعنى أنني حر من كل ما أنا لست عبدا له, وبهذا فقط نستطيع توليد مفهوم "الحق" من مفهوم "الحرية", فيجب تحديد موضوع العبودية أولا.
للتأكيد على هذه الفكرة, طرحنا "كانط" كنموذج للتخبط الناشئ عن التوجه "الانفعالي" المباشر نحو الحرية, دون أي حسم لمفهوم العبودية وموضوعها, تمثل هذا التخبط في تمزيق الحرية بين المواطن والدولة, مما نشأ عنه تخبط في وجهة النظر المتعلقة بحق الدولة وحق المواطن, فللأول حرية القول والرأي, حيث المواطن "كائن عارف", وللثاني حرية الفعل والواقع, من حيث هو "قطعة آلية" على حد تعبيره.
ذكرنا في التعليق على هذا أن الحرية ليست لها قيمة طالما كانت مشروطة بعدم المساس بالواقع, إذ أن الحرية أصلا موضوعها الواقع, لكن هنا لنا تعليق آخر. هذا التعليق يتحدث عن سخرية الواقع من الأفكار غير المعبرة عنه, ومن ثم, من الأفكار الباطلة, هل "واقع" كانط كان معبرا عن فكرته?.. لا.
المفروض أن "كانط" قد اقتصر فيما يخص المواطن على حرية القول, لقد مارس تلك الحرية بنشره كتاب "الدين في حدود العقل وحده", وذلك في عام (1793) فصدر قرار من مجلس الوزراء مخاطبا "كانط" فيما نصه:
"نحن نرجو لك الحسنى, لأنك لا بد تدرك كم أنت مسؤول أمام واجبك بوصفك معلما للشباب, وأمام واجباتنا وأغراضنا الوطنية المعروفة جيدا. ونرجو من سيادتك الشريفة أن تتحلى بالمسؤولية الواعية, ونأمل منكم, تجنبا لعدم رضانا العالي, ألا ترتكب أمرا من الأمور, بل تستخدم مكانتك ومواهبك ووفقا لما يمليه واجبك , في تحقيق نوايانا الوطنية, وإلا فإن استمرارك في هذا الطريق سيؤدي بنا حتما إلى اتخاذ إجراءات غير مرضية لك" (من كتاب "كانط" لعبد الرحمن بدوي)
وكان رد "كانط" صاحب "حرية القول" في مقدمة كتابه "النزاع بين الكليات الجامعية":
"إن إنكار واستنكار ما يقتنع به المرء أمر مهين دنيء لكن السكوت في حالة كهذه هو واجب المحكومين, وحتى لو كان كل ما يقوله الإنسان صحيحا فليس من الواجب أن يصرح بكل الحقيقة علانية" (المرجع نفسه)
عبد الرحمن بدوي يبرر له فعلته تلك بشكل يدعو للاستنكار, فيقول:
"حقا, إن هذا الموقف لن يدخله في زمرة شهداء حرية الفكر, ولكنه أيضا لا يشينه, لأنه لم يتراجع عن رأيه, ولم ينافق السلطة, ولم ينقلب على ما اعتقد أنه الحق. كل ما هنالك هو أنه آثر الصمت, وانسحب من ميدان البحث الحر في الأمور المتعلقة بالدين, وكان شعاره في سلوكه هذا هو: "لا أقول إلا ما أعتقد أنه حق, ولكني لا أصرح بكل ما أعتقد أنه حق" (المرجع نفسه)
هذا التخبط من "كانط" ومن "بدوي" يعود في الأساس إلى خلل في مفهوم الحرية, هل هي حق للإنسان, أم هي حق على الإنسان, لو كانت الحرية هي حق للإنسان لساغ له التنازل عن هذا الحق, حتى دون إبداء مبررات, أما لو كانت الحرية هي حق على الإنسان, لكانت ممارستها تكليفا لا خيار له فيه, لكن "كانط" في مقالته "ما هو عصر الأنوار" يعتبر الحرية حق على الإنسان, فيقول:
"فمن الخطير مثلا أن يعمل أحد الضباط الذي تلقى أمرا من رئيسه فكره في ذلك الأمر لمعرفة مدى أهميته ومنفعته, فلا يكون عليه إلا تنفيذ الأمر وطاعته, ولكن إذا أردنا أن نكون عادلين, فلا ينبغي أن نمنعه, من حيث هو كائن عارف, أن يبدي ملاحظاته حول الأخطاء التي تبدو له في أمور الحرب, وأن يعرضها على الجمهور ليحكم عليها, وبالمثل, فإن القس موكول إليه تعليم المقبلين على التنصر وفق تعاليم الكنيسة التي يخدمها, لأنه قبل هاته المهمة تحت هاته الشروط. ولكن, من حيث هو كائن عارف, فإنه يتمتع بكامل الحرية, وأكثر من ذلك فإن عليه أن يبلغ الجمهور كل أفكاره, بعد أن ينقحها ويمحصها , وذلك فيما يتعلق بأخطاء تلك التعاليم".
الحرية ليست حقا لنا بل هي حق علينا, ولكن كونها حقا هو أمر مستحيل طالما لم نحدد من هو صاحب الحق, نحن أحرار لأننا مكلفون بالتحرر من كل ما سوى الله, لأن الله فقط له حق العبودية, وهذا ما يجعل للحرية معنى.
قارن بين موقف إمام أهل السنة "أحمد ابن حنبل" في محنته الشهيرة, وبين موقف "كانط", أحمد ابن حنبل هو الرجل الفرد الذي هزم حاكمه, دون أن يتفوه بكلمة "حرية", أما "كانط" فهو الرجل الذي خنع لحاكمه, بعد أن تغنى كثيرا بالحرية.
لكن يصعب علينا ترك مقالة "أبو الفلسفة الحديثة!" المذكورة دون أي فائدة تذكر, الحقيقة أن الفائدة هي في المقطع الأخير منها, تحديدا: في الكلمة الأخيرة, وهي للأسف فائدة لنا لا له, يقول في آخر المقالة:
"هناك أمارات كثيرة تدل على أن المجال قد خلا للبشرية الآن كي تمارس الفكر تحرية, وإن الحواجز التي كانت تحول بينها وبين ذلك , والتي كانت تعترض قيام عصر الأنوار وخروج الإنسانية عن حالة القصور التي يكون الناس أنفسهم مسؤولين عنها, إن هاته الحواجز قد أصبحت الآن تقل شيئا فشيئا. ومن وجهة النظر تلك فإن هذا القرن هو قرن الأنوار , أو أنه عصر فريدريك"
طبعا تذكرون فريدريك, إنه ذلك الإمبراطور الذي ألقى "نيتشة" باللوم على حكام الغرب, لأنهم لم يحذوا حذوه, وهو الإمبراطور الذي اضطُهد "كانط" بعد رحيله, وهو الذي قال فيه "ول ديورانت": "لو لم يكن فريدريك لما كان "كانط" ", وهو الذي قيل فيه إنه: "تلميذ العرب", وقالت فيه "زجريد هونكة" في كتابها "شمس العرب تشرق على الغرب":
"كان تقديره للفكر العربي هو أساس نظرته إلى للعالم التي رفعته عن بقية معاصريه وأسلافه, ودفعت به لحب كل ما هو عربي وتقديره".
"فريدريك" هذا رجل ظريف, وفائدته بالنسبة لنا هو أنه أحد معابر الفكر الإسلامي إلى ألمانيا, الأمر الذي جعلها متميزة إلى حد ما عن الفلسفة الفرنسية والإنجليزية وسابقة عليها. أما تحديد مسار الفكر الإسلامي إلى أوروبا بشكل عام, وهو الأمر الذي ستحل به تلك المفارقات, فهو حدث أقوى من ظهور رجل مثل "فريدريك", هذا الحدث يتضمن إمكانية, بل وضرورة, إعادة كتابة تاريخ الفلسفة بأقلام عربية.. عربية جدا. | 30 - مارس - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | على ما يبدو لي....     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
على ما يبدو لي.. أن الأخت ضياء, والأستاذ النويهي, لم يقصدا بعرضهما لكل من نيتشة و أتين دي لابويسيه, تنصيب أي منهما كواعظ حرية بيننا في بلاد العرب, بل كان مقصدهما في الإشارة إلى هذين الرجلين, هو كمقصد الأم عندما تشير إلى شخص معاق ذهنيا وتقول لابنها: "لو ما شربتش اللبن هاتكون زي ده", فهي يشير إليه لا ليكون الإبن مثله بل لكي لا يكون كذلك. ولو كان مقصد الأخت ضياء والأستاذ النويهي غير ذلك, فستنفقع مرارتي أيما انفقاع. لأن هناك عدة أسباب تجعلنا لا نرضى بأن يعظنا أشخاص غربيين بالحرية: أولا: لأننا عرب, أبناء الصحراء ذات الهواء الطلق الذي لا يعوقه عائق في هدوئه ولا في ثورته, والليل البارد الممتد بلا حدود, وأُمُّنا الصحراء لم تنجب عبيدا بل أحرارا. يتحدث البعض عن القمع وعن السجون السياسية الممتلئة, نعم إنه أمر لا مفر من إنكاره, ولا ضرورة لإنكاره أيضا إذا أردنا البرهنة على أننا أحرار, بل على العكس, إن هذا القمع وتلك السجون الممتلئة ليؤكدان أننا بالفعل أحرارا, فهل يُقمع إلا الأحرار? وهل يُسجن إلا المتمردون? لو كنا عبيدا مستكينين لكانت سجوننا خاوية, ولما كان للقمع وجود. علينا ألا ننظر إلى الشوك, لنرتفع بأعيننا قليلا لنرى الوردة. إن الرمال الساخنة التي شهدت آلام "خباب ابن الأرت" و"آل ياسر", إن هذه الرمال لتشهد بأن هؤلاء أحرار لا عبيد, وإرادتهم أقوى من إرادة معذبيهم. إن المشانق التي أعدمت "سيد قطب" و "عبد القادر عودة" و"محمد فرغلي" و"يوسف طلعت" و"إبراهيم الطيب" و"هنداوي دوير" و"محمد عبد اللطيف" و"عطا طايل", إن تلك المشانق لتشهد على أنها لم تتدلى إلا فوق أرض الأحرار. ثانيا: فبالإضافة لأننا عرب نُعلِّم الناس الحرية ولا نتعلمها منهم, فتلك الشخصيات هي شخصيات غربية, وهذا وحده سبب كاف لأن نلفظهم كرموز من حياتنا الفكرية, كيف نتحرر منهم على أيدي مفكريهم?! كيف نتخلص من الأوثان بتنصيب مزيد منها?! إنه لأمر يتعارض مع مبدأ الحرية نفسه. من ساحل العاج أو الموزنبيق ربما كنا تنغاضى عنهم وندعهم يتحدثون, أما هؤلاء.. فلا. صحيح أن "سارتر", من باب الدعاية لنفسه, رفض جائزة نوبل اعتراضا على السياسة الاستعمارية للغرب, لكنه لم يدخل في الإسلام, وأظنه كان سيعترض علينا أيضا لو غزوناهم, فنحن لا نرى استقلالنا عنهم إلا مقدمة لغزوهم, ولا نرى غزوهم لنا شيء سيء لمجرد أنه "غزو", بل لأننا لم نقم نحن به. وعلى ذلك فلا زالوا مختلفين عنا, نحن نكره الغرب كراهية لا يعكر صفوها أي مشاعر رقيقة قد نجدها عندهم. السبب الثالث: هو أنني لو تقمصت شخصية إنسان "موضوعي", وأنا لست كذلك, لقلت: إنهم لا يصلحوا كواعظي حرية في بلادنا, لأن مفهوم الحرية عندهم يختلف في أصوله عن مفهوم الحرية عندنا, ذكرت أن الحرية عندهم "انفعال غير موجه قد اكتسى, زورا, ثوب الفلسفة", أما عندنا, فهو مفهوم متماسك منطقي هادئ. ومن ثم.. فلا التقاء. غير أن هذا الفعل, أي تنصيب أشخاص غربيين في بلادنا كواعظي حرية, ليضطرني إلى أن أسهب في التمييز بين الحرية عندنا والحرية عندهم, متناولا في ذلك جثة كل من: روسو.. سارتر.. نيتشة.. وهيدجر. ثم إن هناك أمر آخر.. ينفع أم تسمي إبنها "أتين دي لابويسيه"?!! ده في حد ذاته استهتار وعدم شعور بالمسؤولية. | 1 - أبريل - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | ابن تيمية فيلسوف عصر النهضة. (45) كن أول من يقيّم
ذكرنا أن الحرية عند المسلمين مستنتجة من العبودية, تحديد موضوع العبودية يترتب عليه تكشفا تلقائيا لموضوعات الحرية باعتبارها "كل ما هو ليس موضوعا للعبودية", وذكرنا أن هذا المدخل للحرية هو الأشمل من نوعه, لأن موضوعات الحرية على هذا النحو هي العالم كله بلا أي استثناء. والعالم هو: كل ما ليس الله. روسو سار بقفاه, فبدلا من أن يستنتج الحرية من العبودية, اعتبر الحرية واقعة أولى, ثم استنتج منها العبودية, واعتبر أن أساس مشروعيتها هي كونها مستنتجة من الحرية طالما كانت في حدود هذا الاستنتاج. أي أن الحرية هي الحالة الأولى أما العبودية فهي آلية ضرورية لإمكانية ممارسة الحرية. وهذا هو استنتاج العبودية من الحرية, أما استنتاجها فهو كالآتي: " الإنسان يولد حرا, ومع ذلك فهو مكبل بالقيود, فلا بد من تبرير تلك القيود, لكن تبرير تلك القيود بالقول بأن الدولة أقوى من شعبها أمر غير ممكن وإلا لكانت كل محاولة للتغلب على الدولة بالقوة أمر مشروع, ولكان سلاح اللص يمنحه الحق في مالي, إذا فلا بد من استبعاد القوة واللجوء إلى فكرة أن هذا الوضع متفق عليه بين أفراد الشعب, ولكن إذا كان الاتفاق لا بد أن يسبقه حالة من عدم الاتفاق, كان لا بد أن نفترض أن الحالة الأولى للإنسان هي حالة الفطرة التي ينعدم فيها القانون, ولنفترض أن السبب الذي غير من تلك الحالة هو وصول كل فرد إلى حالة من العجز عن الدفاع عن نفسه, إذا.. فيتعين البحث عن قوة جديدة, ولكن كل فرد على حدة لا يستطيع خلق قوة جديدة, إذا.. فيجب توليد قوة جديدة عامة محصلة من اندماج قوى كل الأفراد وموجهة للحفاظ على ذواتهم. هذه القوة الجديدة هي المجتمع, وأداته هي الدولة. لكن إذا كانت تلك القوة العامة هي اتحاد كل القوى الفردية.. وإذا كانت القوى الفردية أصلا تستخدم ليمارس بها الفرد حريته, كان تحويل القوة الفردية إلى جزء من القوة العامة, التي هي الدولة, فيه مساسا بحرية الفرد, لأن الحرية هي تطابق الفعل مع الإرادة, والإرادة المستخدِمة للقوة العامة ليست مطابقة لإرادته الفردية, فلا بد من سلبه حريته كفرد, ثم منحها إليه مرة أخرى مشروطة بإرادة عامة وتحت حماية قوة عامة هي الدولة, وأخيرا فان كل واحد إذ يهب نفسه للجميع، لا يهب نفسه لأحد. وبذلك يكون خضوع الفرد للدولة لا يتعارض مع حريته, لأنها خضوع لإرادة هو جزء منها. وبذلك نكون قد عثرنا على وسيلة تمكننا من تمييز القيد المشروع من غير المشروع, فالأول هو ما كان متوجها إلى الصالح العام, والثاني هو ما كان متوجها إلى إرادة الحاكم الجزئية, أما موضع الشعور الديني من ذلك البناء فهو كالآتي: القوة العامة غير كافية لضبط الأفراد, والعقل غير مجدي لإقناع كل منهم بالصالح العام, إذا فيتعين على الحاكم اللجوء إلى خداع الجماهير بالشعور الديني طالما كان ذلك في الصالح العام" | 4 - أبريل - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | روسو 46 كن أول من يقيّم
هذا عن نظرية "روسو", لو افترضنا جدلا أن "الهَبَل" يمكن أن يطلق عليه نظرية, ويلاحظ ما يلي: 1. روسو يفترض حالة إنسانية لم يكن فيها سوى كثرة غير مرتبطة في شكل مجتمع, والحقيقة أنه لا مانع من مبدأ "الافتراض" طالما كان هذا الافتراض قادرا على تفسير ظاهرة ما, حتى لو لم يكن هناك أي دليل على صحته إلا كونه "مفسر", أي أننا لا نعترض على افتراض "الحالة الفطرية الأولى الخالية من القانون" لمجرد أنه فرض خيالي, لكن أن يكون هذا الافتراض مستحيل نظريا, فهذا يجعله غير صالح حتى كافتراض. الكثرة الإنسانية لم تمر عليها لحظة منذ بدأ الخليقة كانت فيها كثرة غير مجتمعة, حتى الداروينيين لم يدور بخلدهم تلك الحالة الغريبة. العبودية, وليست الحرية, هي الحالة الأولى للإنسان, وذلك بدليل حتمية مباشرة الروح للعالم من الناحية المبدئية, أما شكل العالم فهو مجال حرية الإنسان, الإنسان محتم عليه أن يعبد, لكنه حر في تعيين موضوع العبادة, وعلى ذلك فالعبودية سابقة على الحرية. قد يكون هناك تبرير.. هو أنه روسو قد اعتمد على التسلسل المنطقي لا التسلسل الواقعي, كما فعل "هيجل" في صياغته للعالم جدليا واصطدم برفض التسلسل الزمني الوجودي للظواهر لنظريته, لكن "روسو" يصر على التزامه بالتسلسل الواقعي للظواهر, فعندما اقترح "هوبز" لتبرير ظاهرة الدولة, فكرة أن الشعب من حقه أن يهب نفسه لحاكمه, اعترض عليه "روسو" بقوله إن الشعب لكي يكون من حقه منح نفسه لا بد أولا أن ينتظم كوحدة واحدة, وهذه الوحدة الواحدة تتضمن في انتظامها مبدأ المصلحة, فأي مصلحة تجعل هذه الوحدة تهب نفسها دون مقابل?. 2. الحق لم ينشأ (في الوعي) من المصلحة, بل من الشعور الأخلاقي, والشعور الأخلاقي غير متوقف على ظاهرة المجتمع, لأن الشعور الأخلاقي ينبع من شعور الإنسان بالتناهي, وهذا الأخير يصلح للإنسان كفرد ليس في جماعة. إذا فالاقتصار في صياغة مبدأ الحق على ذلك التكافل النفعي بين الفرد والمجتمع هو تشويه لهذا المبدأ. 3. البرهنة على شرعية المجتمع والدولة كأمر واقع هو مصادرة على حرية الفرد تجاههما, لأن الحرية غير مشروطة بأمر واقع. وهو ما فعله أيضا "كانط" حيث رسم شكلا للحرية بحيث "لا مساس بالواقع". "روسو يبدأ من حتمية ظاهرة المجتمع والدولة, ولم يفعل سوى أن اقترح كيفية لجعل هاتين الظاهرتين لا تتعارض مع الحرية, وهي مصادرة على حرية الفرد تجاه وجودهما أصلا. 4. هناك خلط واضح بين الإرادة والقوة عند روسو, فصحيح أن قوة الدولة ليست إلا مجموع قوى شعبها, لكن إرادتها ليست بالتبعية هي مجموع إرادات شعبها, بدليل قدرتها على خداع شعبها باسم الدين, في الوقت الذي لا يوجد أي فرد من أفراد الشعب يرضى بأن يخدعه أحد. إذا فإرادة الخداع ليست نابعة من الشعب نفسه, ويترتب على ذلك أن الخلط بين الشعب كمصدر لقوة الدولة وكمصدر لإراتها أمر غير مقبول, وإذا كانت إرادة الدولة مختلفة عن إرادة شعبها, فلا يجوز القول بأن الفرد حين يخضع للدولة فإنه يخضع لنفسه بشكل غير مباشر. 5. اختلاف إرادة الدولة عن إرادة الشعب يثير قضية أخرى, ما هو مدى إلزامية هذا التعاقد المفترض بالنسبة للدولة, إذا كان افتراض هذا التعاقد هو موضع رضى بالنسبة لأفراد الشعب لأنه يمنحهم أساس قبول الدولة بشكل أخلاقي, فما الدافع لجعل الدولة تعترف بقبول تلك الفرضية والوضع لصالحها على أي حال سواء تم تبريره أم لا? علما بأن اتفاق الإرادات المتعاقدة هو أحد شروط سريان الإتفاق.? الحديث عن التمييز بين القوة والإرادة له بعد آخر, إذا كانت إرادة الدولة ليست هي إرادة شعبها, رغم أن قوتها هي قوة شعبها, وإذا كان منشأ الدولة هو التعاقد, وإذا كان التعاقد يلزمه اتفاق عدة إرادات, فهل تعيي الدولة نفسها كخادم للصالح العام, كيف تكون جزءا من اتفاق لا تعي نفسها كملزمة به. | 4 - أبريل - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | روسو كن أول من يقيّم
6)لو قيل ردا على الاعتراض الخامس, أن الدولة ملزمة بالتصادق على العقد طالما اتفق عليه الجميع, فلم لا يقال أن الشعب ملزم بالخضوع طالما اتفق على ذلك "جنرالات الجيش", إذا كانت كلمة "الجميع" تحمل قدرا من التهديد للدولة, فكلمة "الجيش" كذلك. (7)إذا كانت النظرية مؤسسة على قدرة الدولة على خداع شعبها بأكمله باسم الدين, فكيف يكون هناك ما يضمن خداع الدولة لشعبها في مصلحتهم العامة? (8) إذا كان مثقفوا الشعب على دراية بأن المفاهيم الدينية غير ذات قيمة إلا بالنسبة لعامة الشعب, فما الذي يرغمهم على احترام الدولة والانخداع لها?, علما بأن العقل الذي يميز المثقفين عن غيرهم لا يؤدي إلى الشعور بالواجب, بل مجاله تفسير الظواهر, أي ما هو كائن, والواجب مجاله: ما ينبغي أن يكون. (9) إذا كان الحق هو علاقة بين طرفين: المجتمع من ناحية, وأفراده من ناحية أخرى, فمن أين ينشأ الحق بين المجتمع والدولة, وهما معنيان متغايران? (10) إذا كان الصالح العام, في حدود الشعب وحاكمه, هو من يفرض للدولة حقا في عدم مساس أفرادها بها, ويفرض للأفراد حقا في رعاية الدولة لمصالحهم, فمن أين ينشأ حق الدولة ككل, حكومة وشعبا, بالنظر إليها من الخارج, في الوجود? (11) إذا كان الخداع مشروعا للصالح العام, ألا يمكن تسويغه لكل فرد على حدة ويكون هذا التعاقد نفسه خدعة كان يخدع بها هذا الفرد الجميع وهو خداع مشروع لأنه لصالحه, وهو غير معترف أساسا بشرعية الصالح العام. (12) الدولة قوة.. و"روسو" يريد جعل تلك القوة أخلاقية بحيث يمكن قبولها, فكيف يجعل قوام الدولة هو أمر غير أخلاقي هو الخداع باسم الدين? (13) هل يترتب على العقد المفترض تخيلا أي آثار قانونية واضحة. (14) النظرية تفترض أن الشعب غبي بطبيعته, بدليل أنها تقترح الخداع كأساس لا بد منه, فهل العلم مفسدا للمجتمع لأنه يهدم أساس علاقته بالدولة القائمة على الخداع? أم أن على الدولة تعليم رعاياها لأنها ملزمة بدعم كل خير للشعب. (15) إذا كان الخداع بالدين أمر حتمي, فالإلتزام الديني أمر مشروع, ماذا لو كان دينا ما يرى عدم مشروعية هذه الدولة? (16) ما هو موضع نظرية الدولة عند "روسو" في نظرية الوجود.? هل الوجود قائم على الخداع أيضا فتكون الدولة متسقة معه? أم أن الوجود قائم على الحقيقة المطلقة فتكون الدولة شاذة عنه? هناك خطأ فني: عند إرسال رسالة طويلة تظهر رسالة تفيد هذا المعنى معها كلمة (ok) .. وعند الضغط على (ok) المفروض أن يتم التراجع ولا يتم إرسال شيء.. وما يحدث هو إرسال عنوان الرسالة خاليا من الرسالة.. أرجو المتابعة. | 4 - أبريل - 2007 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |
|