البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات صادق السعدي -

 8  9  10  11  12 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الى الأستاذ هشام     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
   كنت أظن أن حبّ العراقيين لأهل الشام بسبب جوارهم للسيد زينب، حتى زرت الشام، هذا الحب الجارف لدمشق، هذه الوجوه الجميلة، الأزقة المتعرجة والأحياء القديمة، الجامع الشامخ العظيم، من شيد أركانه وأقام بنيانه؟ هذا التاريخ بكل عمقه وعنفوانه لمن يعود؟ للغساسنة؟ أم الرومان؟ أم الأمويين؟ كل هذا لا يهم، ليس في اهتمام أوتفكير البسطاء المحبين.
    على طاولة مستديرة، أو على دكة أو سكة من سكك دمشق القديمة، نجلس وجها لوجه، أو كتفا بجنب كتف، نشرب القهوة أو نحتسي الشاي، نتحدث بصوت مسموع وننظر بعفة الى جمال الدمشقيّات! أنا أعرف حب الشوام لجمال النساء، يموتون كما هو العراقي على أعتاب المرأة الجميلة. غزلهم رقيق عذب وصادق في عفافه. على دكة دمشقية نتبادل الكلام، وسوف نكتشف أننا لم نكن بعيدين، وأن المسافة بيننا قريبة، وأننا كنا مربوطين بذيل حمار، يجرنا الى النار! الجامع المشترك بيننا هو أن نكون أحرارا من هذه الأوزار يا أستاذ هشام.
 

17 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
الى الأستاذ محمود    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
    العقيدة الواسطية أو فتاوى المفيد! أو جهنم الحمراء! خيارات صعبة لم نضعها نحن لكي نكون مسؤولين عن وضع الحلول لها. لماذا بالضرورة هذا أو ذلك، أو التهديد بعقاب جهنم. أو على أقل تقدير زعل ومناكفة وشجار على أطمار أو أحجار!
   نحن بحاجة الى عقيدة وسطية ولا أنازع في العقيدة الواسطية في معناها ومضمونها يا أستاذ محمود ويا صديقي العزيز. حفّاظ الشعر والنثر كثر، لكنّ المبدعين منهم قلة. والتساؤل الذي طرحه الأستاذ النويهي يوما عن غياب الفيلسوف، هو نفسه مطروح في قضية المفكر الحر والسياسي الحر والضمير. لماذا لا يوجد في عالمنا العربي على ما هو ظاهر لنا على الأقل، مفكر حقيقي؟ لماذا نكتشف بعد حين أن الذي حسبناه مفكرا كبيرا كان لا يتورّع عن سرقة الأفكار من لغة أخرى غالبا، يعرف أن أغلب الناس يجهلونها أو لا يقرؤون بها!
    ليس موضوعي المتون ولا الهوامش والحواشي. وقد قيل من طلب الحواشي لم يصل الى شي مع ما فيها من علم نافع. ولو كان الطريق الى الحلّ بهذه الوسائط والطرق، ما اختلفنا وما زلنا منذ قرون. كل يغني على ليلاه، ويرقص على لحنه القديم الأثير.
    قبل ثلاثين عام، وبعدها بأعوام كنت أرى ما ترى، وأعتقد ما تعتقد، ولكن باتجاه آخر. فتنة المتون لا تقل عن فتنة المرأة وسحرها. ثم عام بعد عام كما قال المتنبي:
 
وأن مــن بـغــداد دارا لــــه            ليس مقيما في ذرى عضبه
لابــد للإنسان من ضـجعـــة           لا يُقلب المُضجع عن جنبـه
لو فكــّر العاشــق في منتهـى         حسن الذي يسبيـه لم يسبـــه
يموت راعي الضأن في جهله        موتـة جالينـوس في طبّـــــه
أحبك يا أستاذ محمود بقدر حبي لأهل مصر، وشهادة أستاذنا النويهي فيك ليست مجروحة. ولا أداريك إذا قلت كما قال المتنبي في سيف الدولة:
أحبك يا شمس الزمان وبدره       وإن لامني فيك السها والفراقد
وذاك لأن الفضل عندك باهر      وليس لأنّ العيش عنـدك بارد
فإنّ قليل الحب بالعقل صالح       وإنّ كثير الحبّ بالجهل فاسد
 

17 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
مجالس العزاء 1    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
   لا أعرف أنّ أمة من أمم الأرض قديما أو حديثا بكت على قادتها أو رجالاتها التاريخيين أو أئمتهم كبكاء الشيعة، ولا أقاموا مواكب العزاء تعبيرا عن الحزن والجزع عليهم كما هو الحال عند الشيعة. حتى بات الإنطباع السائد عنهم أنهم لا يحسنون شيئا كما يحسنون الندب واللطم وشق الرؤوس! وهي عندهم من الواجبات الدينية المقدسة، يتقربون فيها الى الله تعالى ويرجون ثوابه تعالى ويعتقدون أن النبي الكريم ينظر الى فعلهم ويبارك مواساتهم له في حفيده الشهيد. و قد كان أئمة أهل البيت- كما يعتقد الشيعة- يوصون شيعتهم بضرورة إحياء ذكرهم: أحيوا ذكرنا، رحم الله امرءا أحيا ذكرنا.
    وإذا كان الشيعة يفهمون من معنى الذكر الاقتداء بسيرتهم العطرة، فإنهم يرون أنّ إحياء ذكرهم يعني أيضا التذكير بمصائب أهل البيت وما لحقهم من الظلم والأذى والقتل. ما منّا إلا مقتول أو مسموم، كما تقول الرواية المنقولة عنهم.
    وشبهة التصفية الجسدية بواسطة السم قديمة، فقد ذكروا أن رسول الله نفسه مات مـتأثرا بالسم من فعل يهودية. ويتمادى خيال بعض الشيعة- وهم قلة- في اتهام أم المؤمنين عائشة بمساعدة حفصة بنت عمرفي تدبير ذلك الفعل! مستدلين بما حدث بعد ذلك من وصول أبي بكر للحكم تمهيدا لعمرالذي قدّمه في السقيفة، ليقدمه بعد ذلك برغبة شخصية تضامنية خليفة للمسليمن من بعده. وأعراض المرض التي ظهرت على أبي بكر قبل وأثناء وفاته كانت شبيهة بتلك الأعراض التي ظهرت على النبي وكانت سببا في وفاته. القصة نفس القصة، والمتهم واحد: اليهود!
  هل فعلها عمر؟! لم لا؟! هذا ماسمعته في إحدى المجالس الخاصة قبل ثلاثين سنة تقريبا، ولا أذكر إن كنت قد قرأت مثل هذا الاتهام في كتاب.
   وإذا كان أبو لؤلؤة قد طعن عمر بخنجر غيرمسموم، فإن شبهة تواطؤ بعض رجالات قريش المتضررين من سياسة عمر، بسبب العزل والمصادرة المالية ونية الخليفة إعادة النظر في سياسة توزيع العطاء، لم تكن غائبة عن ذهنية المؤرخ المنشغلة بفكرة التآمر والانقلاب على السلطة.
   وقد كانت هذه الشكوك تحوك أيضا في صدرالفاروق قبل غيره وهو على فراش الموت، فقد قال لابن عباس كما تقول الرواية: هل حدث هذا برضى من قريش!
    والسيف الذي قتل به علي بن أبي طالب كان مسموما. وكذلك ولده الحسن سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس كما يرى الشيعة بتحريض من معاوية. وبعض مؤرخي السنة يقبلها بصيغة التمريض!
 

19 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
مجالس العزاء 2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
    هذا هو التاريخ من يرد أن يحرقه فليفعل. قررت أن أغوص الى آخر الجرح الغائر وإن كثر الصراخ وتوجّع المريض الذي يحب أن يعالج السرطان بحبة بانادول!
    شكك وادفع وانقض ما تحب وتريد، المحكمة عندها الأدلة والشهود وبالها طويل. إن أُنزل الستار، وانتهت المحاكمة التاريخية، سوف يغلق باب القضاء، ويجلس المحامون والقضاة والموظّفون ومن يعمل في إدارة شؤون المحكمة في بيوتهم متذمرين ساخطين. أرزاق تقطع، وعيال تشرّد. وقد قال يوما أحد القادة العرب لأمراء العرب الكرام: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق. لم يفهموا الرسالة جيدا، فكانت النتيجة محرقة وعاصفة صحراء وضحايا وأشلاء، ويا حوم اتبع لو جرّينه!
   باللهجة العراقية، ولا تستقيم العبارة في مكانها من قلب الحدث الكبير إلا بهذه اللهجة التي لا يعرفها سوى أبناء البيوت العتيقة والقصب البردي، أصحاب الوجوه الشاحبة، والأسمال البالية،
 ماء زعاق وجوّ قاتم وهوىً  نتنٌ  وشدة حر غير مؤتمن
أنظر الى كل أهليها كأنهم    من السقام استحقوا الدرج بالكفن.
كما قال الرصافي يصف حال مدينة البصرة وحال أهلها قبل أكثر من ثمانين سنة. هذه المدينة التي تقوم خرائب بيوت أبنائها على بحيرات من النفط!
  أبناء الجنوب الثكالى المثقلون بالحزن والأسى والفقد ودفع الضرائب عن حماقات الغير وتجار الحروب ومن يريد تصفية حسابه مع الغير على أرض غير أرضه ودماء غير دمائه الزرقاء!
 

19 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
مجالس العزاء3    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
   أعود الى مواكب العزاء، ومسيرة الحزن التاريخي الطويل، سندنا في ذلك ما قال أصحاب الشأن أنّ أول من أقام مجالس العزاء الأئمة أنفسهم. فقد ذكروا أن علي بن الحسين الذي شهد أحداث كربلاء ومصرع أبيه وأهل بيته، كان إذا أراد أن يشرب الماء يبكي، فيقول له خادمه: أما لهذا الحزن من نهاية، فيجيبه: حتى الشاة تسقى قبل ذبحها وقد قتل أبي عطشانا ورضّت الخيول صدره، وقطع رأسه وطيف به في البلدان...
   بل قالوا إنّ أول من بكى على الحسين هو جده المصطفى عليه السلام. جاءت به أمه فاطمة بعد ولادته الى النبي، فحمله بين ذراعيه وضمّه الى صدره وبكى. سألته الزهراء: ما يبكيك يا أبتاه، قال: يقتل ولدك هذا في أرض تسمى كربلاء.
    فهل تاريخ أهل البيت على الأقل فيما نقله الرواة يمكن أن يساعدنا في قبول هذه الصورة الجنائزية والبكاء الدائم؟ فعلي بن الحسين الذي شهد مأساة كربلاء، كان قد انقطع الى العبادة والعلم ولم يشترك بعد ذلك في أي نشاط أو عمل معاد للحكم. وكان أهل المدينة قد ثاروا على يزيد بن معاوية، فاعتزل علي بن الحسين الناس ولم يشترك في الثورة. بل آوي آل مروان في بيته وجمعهم مع أسرته كما هي عادة هذه الأسرة في المروءة والكرم. وكان يعرف بالسجّاد لكثرة عبادته. أما ولده محمد فقد اشتهر بالعلم حتى سمّي بالباقر لغزارة علمه.
   وأما الإمام جعفر الصادق فقد ورث عن أبيه العلم والسماحة وأدب الحوار والتواضع، وملكة الفقه في الدين حتى صار إماما للأئمة وصاحب مدرسة فقهية. والشيعة الإثنى عشرية كانوا ولا زالوا يتعبدون بالمذهب الجعفري في الفقه. وقد وصفه الإمام مالك بقوله: كنت آتي جعفر بن محمد، وكان كثير التبسم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اخضر واصفر. ولقد اختلفت إليه زمانا، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليّا، وإما صائما، وإما يقرأ القرآن. وما رأيته قط يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على الطهارة، ولا يتكلم فيما لا يعنيه. وكان من العلماء العباد الزهاد الذين يخشون الله، وما رأيته إلا يخرج الوسادة من تحته، ويجعلها تحتي...
 

19 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
مجالس العزاء4    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
هذه الصورة التي أجمع على صدقها الشيعة والسنة في وصف آل البيت: إيمان عميق بقضاء الله وقدره، وعزوف عن الدنيا إلا في الحدّ الأدنى من مطالبها وضروراتها، والإنقطاع للعبادة وطلب العلم وتدريسه لطالبيه من مختلف المشارب والمذاهب، تؤكد إيجابية أئمة أهل البيت عليهم السلام، وأنّ اعتزالهم الشأن السياسي نتيجة الأوضاع العصيبة والتجارب المريرة التي عرفوها، لم يمنعهم من المشاركة في أكثر من جانب من جوانب الحياة العلمية والإجتماعية والتربوية والأدبية.
   لا شكّ أنّ مقتل الحسين وآل بيته وصحبه كان خسارة عظيمة  للمسلمين لا يمكن التقليل من أثرها في نفس آل البيت من أسرة الحسين والطالبيين والهاشميين وكل من له صلة قربى بشهداء الطف. إن تلك الحادثة جعلت الجميع يدا واحدة مع اختلاف النوايا والأهداف، وجعلتهم ينقمون على الحكم الأموي، فكانت حركة التوابين ثم حركة المختار التي رفعت شعار: يالثارات الحسين. وكذلك ثورة عبد الله بن الزبير، وثورة أهل المدينة قبل ذلك لم تخل من خلفية وآثار مقتل الحسين. حتى الحركة العباسية كانت قد رفعت نفس الشعار وقاتلت به الأمويين وأسقطت دولتهم، ليتحوّل الشيعة من أصحاب حقّ في الخلافة كما كان المقرر في بداية الدعوة، الى أعداء للدولة الجديدة يجب استئصالهم.
   ويطول الحديث في الدوافع والأسباب التي جعلت الحزن والبكاء من أظهر ما يتميز به الفرد العراقي والشيعة من أبناء الجنوب على وجه الخصوص. قد يعود الأمر لطبيعة هذه البلاد وما كان يتعرض له العراق من غزو خارجي مستمرّ عبر تاريخه الطويل. وقد يكون بسبب الكوارث الطبيعية والأمراض التي كانت تفتك بالسكان، فتترك آثارا اجتماعية واقتصادية ونفسية عميقة في بنية المجتمع. وكذلك الفيضانات التي كانت تأتي في غير موسمها فتجلب معها الخراب، أو ما يحدث من تغيّر في مجرى دجلة والفرات بسبب انخفاض منسوب المياه أوفيضان عارم غالبا ما ينتج عنه هجرة السكان وخراب المدن القائمة على ضفاف النهرين. لعلها أسباب موضوعية مقبولة في تفسير ظاهرة الحزن والبكاء، حتى في أغاني أبناء جنوب العراق.
    وإذا ما علمنا أن تشيّع الكثير من القبائل العربية في جنوب العراق كان في وقت متأخرلا يمتدّ في عمقه التاريخيّ أكثر من ثلاثة قرون، يكون فصل السقيفة، ومظلومية الزهراء، واستشهاد الإمام الحسين، مجرد خطوط حادة في ذلك المشهد البعيد، خطوط أظهرت الملامح التاريخية الغائرة في موكب الرثاء والبكاء العراقي الشجي.
 

19 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
وقد أكون مخطئا    كن أول من يقيّم

 
   إذا كانت جهنم هي المكان الذي لا يموت فيها الإنسان ولا يحيا، فإننا نحيا منذ قرون في تاريخ جهنميّ لم نتجاوزه بعد، كما أنه لم يتجاوزنا. أما (أن الجدل في التاريخ عقيم ولا يعلمنا شيئا) فعلينا أولا أن نرفع عمر وعليا من المعادلة التاريخية حتى لا نصل الى نتيجة : صدام حسين وبشار الأسد!
    لماذا نستعمل كل أسلحة الجدل والأدلة المنطقية وغير المنطقية من أجل الدفاع عن موقفنا بثوب مذهبي وخلفية ورثناها عن السلف. ما يحدث في العراق وفي سوريا والبحرين ثم لبنان، والأطراف المتصارعة التي تصرّ على أن الحلّ في بغداد أو دمشق وبيروت، وربما القاهرة أوغيرها من البلاد العربية التي تشهد نزاعات وحروب داخلية، وليس الحلّ في البيت الابيض أو طهران أو الرياض. أي على طريقة: يكوى غيره وهو راتع!
   هل هذا أيضا جدل في تاريخ عقيم، أم حاضر مقيم. أين هو المنطق الذي يجعلني أترحم على هذا القائد بوصفه بطلا قوميا لا لأنه جعل من بلده الغني بثوراته، والذي كان الشيخ زايد رحم الله يتمنى أن يرى الإمارات قطعة من عاصمته، جنة على الارض، ولا لأنه فتح فلسطين التي من بيضها الثمين يأكلون كما قال نزار قباني، لا لهذا ولا لذاك، بل لأن هذا محسوب على السنة، والآخر على الشيعة.
   خطابين مختلفين متناقضين من صوت واحد، وقصائد عصماء في الذم والمدح لعملة واحدة وحزب واحدة ونهج واحد وسياسة واحدة، وضحايا قد يختلف عددهم هنا أوهناك، ملايين هنا وآلاف هناك... ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا...
   قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار. هذا صوت حاضر بيننا، أكبر منا جميعا وأقوى من كل قلم، وأبلغ من كل كلام. هذا ليس من  الماضي فنكون قد نبشناه وأخرجنا أجساد الموتى لنقيم عليها الحد. هل كان ذلك الذي أخرج الجماجم وسلاميّات الموتى من قبورهم ليقيم عليها الحدّ بسوطه، سلفا صالحا أم طالحا؟ أم السلف أيضا خيار وفقّوس! نحن في قلب العاصفة وعلى مركب واحد.
   ولو ترك القطا، لنام.
 

21 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
هذا ما نرجوه ونعمل عليه    كن أول من يقيّم

 
مرحبا بك أستاذنا المبدع شعرا ونثرا. لا أعرف كيف أحييك وليس فوق حسن كلامك حسن. بارك الله فيك وفي فلسطين وأهلها الكرام. سوف يكون لنا حديث حول بعض ما تفضلت به، يأتي في سياقه من هذا الملف إن شاء الله. 

25 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
أبو حنيفة وموسى الكاظم    كن أول من يقيّم

 
   على الضفة الشرقية من نهر دجلة تحتضن الرصافة قبر أبي حنيفة. ومع أن الأعظمية سنية المذهب، فالرصافة مصنفة على أنها ذات غالبية شيعية. وعلى الضفة الغربية من النهر نفسه يضمّ الكرخ المصنف مذهبيا لصالح السنة، ضريح الإمام موسى بن جعفر الكاظم. محاصصة قد تكون عادلة لكنها مقلوبة على رأسها، لأبي حنيفة الضفة الشرقية على كثرتها الشيعية، ولموسى الكاظم الجانب الغربي على أغلبيّته السنية. وعلى الضفتين جسر قديم حديث في رمزيته الجنائزية الحزينة.
    على هذا الجسر سقط قبل أعوام قليلة خلت، أكثر من ألف قتيل وجريح بين زوار الإمام الكاظم. وجسر قديم آخر وقف عليه أنفار من الحمّالين، ليضعوا على الأرض جنازة وهم ينادون، من يريد حضور جنازة إمام الرافضة موسى بن جعفر؟!
   جسرعلى نهر مهدد بالجفاف والإنقراض، جامع مانع يربط بين المتناقضات التي يصعب فهمها، فضلا عن إيجاد الحلول الناجعة لها. على الجسر بكاء، وعلى الجسر كان الغزل والغناء ولقاء المحبين. موضوع  تغزّل به الرافضي والناصبي معا.
   عيون المها بين الرصافة والجسر       جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
   أعدن لي الشوق القديـم ولم أكــن         سلوت ولكـن زدن جمـرا على جمــر      
دخل علي بن الجهم على المتوكّل العباسي يشكو إليه عقوق أهله: لقد سمّوني عليا يا أمير المؤمنين!
   أما الجواهري الذي نزعت هويته الوطنية لدوافع سياسية طائفية، فقد عاش في المنفى وقُبر في قلب الشام الموزع بين تاريخين يزاحم أحدهما الآخر في الهوية المذهبية بين قديم أموي، وحاضر علوي! الجواهري الذي بقي خارج السرب يغرد ويغني لبغداد والشام والقاهرة ... مات مطرودا حسيرا لأنه عاند وكابر وأراد أن يكون كما يقوده حسّه الشعري لا انتماؤه المذهبي لطرف دون طرف.
    من يحمي اللامنتمي ويقبله على هذه الشبهة الخطيرة. اللامنتمي إنسان ملعون، شاذ، مريض نفسي، قلق، لا دين له ولا عقيدة، بوهيمي وعدمي... هذه صورة اللامنتي في عيون القريب والبعيد. مطرود من المحبة في قلوب الناس، ومحروم من نعيم الفردوس يوم القيامة.
   لقد وقف الجواهري على الضفتين وتغنّى بدجلة ومائها ونخيلها، ولم يكن ينظر الى مقابر الرصافة من دفن بها، أبو حنيفة أم موسى الكاظم وهو ينشد هذا الشعر الجميل:
سلام على أرض الرصافة إنّها        مراح ذوي الشكوى وسلوى ذوي الوجد
لها الله ما أبهى ودجلة حوالها         تلـفّ كمــا التـفّ الســوار على الزنـــّـد
يعطـّـر أرجــاها النسيم كأنمـــا         تنـفـّس فيهــا الروض عن عابــق النــدّ
هواؤك أم نشر من المسك نافح        وأرضــك يا بغــداد أم جنــــة الخلـــــد
 

25 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
أبو حنيفة وموسى الكاظم 2    كن أول من يقيّم

 
      لابد ونحن نتحدث عن جذور الصراع، أن نتوقف عن عند شخصية الإمام أبي حنيفة وعلاقته بالشيعة عموما، وبأئمة أهل البيت خصوصا، والموقف التاريخي الملغوم بين سنة وشيعة العراق بسبب ذلك الخلاف المتصوّر بين أئمة آل البيت وبين الإمام أبي حنيفة.
   لفكّ هذا الخلاف، لابد من إعادة النظر في سيرة إمام أهل السنة في العراق، لمعرفة مدى تطابق الصورة التاريخة النمطية في الذهنية الشيعية، مع الصورة الواقعية التي نقلها إلينا أغلب الرواة عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي.
    كان زوطي من أهل كابل. أسره المسلمون ثم أعتق. وكان مقرّبا كما تقول الروايات من علي؛ وقد أهداه أمير المؤمنين فالوذجا في عيد النوروز أو النيروز. ولم ينقطع حبل الوصال والحب بعد وفاة زوطي، فقد ظلّ  ثابت والد أبي حنيفة على صلة طيبة بعلي، وقد دعا له أبو الحسن عليه السلام بدعوى مباركة كانت ثمرتها النعمان، إمام أهل الرأي في العراق.
    كيف يمكن التوفيق بين هذه المفاراقات أوفهمها أن تحتضن الأعظمية وأهلها الذين لايطيقون العرق الفارسي ولو كان من سابع ظهر، ضريح رجل كان جده من مجوس فارس! ونرى الشيعة يطوفون بقداسة وخشوع بالغ حول قبر إمام عربي حجازي والمشهور عنهم في الذهنية المخالفة حبهم للمجوس وانتماؤهم لهم عنصرا وهوية! كيف يدخل اسماعيل الصفوي المتهم أنه  كان يظهر الإسلام ويبطن المجوسية، قبر أبي حنيفة، ويعمر قبر إمام حجازي!
   إنها متناقضات تحتاج الى تفكيك وإعادة تركيب للصورة بوضع كل جزء منها في موضعها الصحيح. وسوف تكون الصورة أكثر غموضا وإن كانت لا تخلو من طرافة عندما نقول: قد يكون اسماعيل الصفوي بالفعل من سلالة الإمام علي وبذلك تكون الصورة واضحة والفعل مبرر. ويرى البعض أن أبا حنيفة كان رجلا من بابل لا من كابل. مجرد تصحيف في اللفظ! أما الإجابة الجاهزة التي حفظناها جميعا: إنه الإنتماء الى الأسلام الذي يقول كلكم من آدم، وآدم من تراب. لكن أي إسلام؟ إسلام الشيعة أم إسلام السنة؟
   نحن بحاجة الى قراءة أخرى بعقلية مختلفة لا تشوبها خلفيات مسبقة ورواسب استقرت في لاشعور كل منّا بحكم التربية والتعليم وغياب ثقافة الحوار والمخالطة التي تهدم الكثير من تلك الرواسب، وتؤسس لعلاقة جديدة
 

25 - مايو - 2012
جذور الصراع الطائفي في العراق
 8  9  10  11  12