سلام عليكم يا أهل التقى ، ثم هذا عتبي عليك يا أبا تميم ؛ أهكذا تبدأ إخوانك بهذه التحية ? كانت المودة توجب عليك الترفق بقراء رسالتك فتعاملهم بالحسنى ؛ ذلك أن البدء بالتحية التي أرسلتها عرفناه من رسائل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى غير المسلمين ، فالمأمول منك لاحقا أن تبدأنا ب( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) واعذرني إذ رجوت منك الترفق وأنت أهله إن شاء الله . أما الكتاب الذي تنشده عن أرض اليمامة فلا أعلم كتابا أشمل من كتاب ( تاريخ اليمامة ) تأليف المؤرخ السعودي الأستاذ عبد الله بن خميس عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، فاقرأه تجد فيه بغيتك وبالله التوفيق .
هذا جوابي وقد أخجلتم تواضعنا( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
في البدء لك مني الشكر العميم والتقدير لكلمتك التي هي أقرب إلى التفضل والمجاملة ، وإن كان الشكر الأول أجده واجبا علينا لموقع الوراق الذي تلتقي فيه نخبة من ذوي الفضل والعلم ممن أثروا مواهبي بروح البحث والتنقيب عن نوادر المعارف وجلائل المسائل . أما عن الدرجة العلمية فلم تزد عن الماجستير في اللغويات ( النحو والصرف والعروض ) ، وأما عن التخصص فقد وسعت دائرته حتى شمل كل تراث أمتي ، حبا للغتي وعشقا للكتاب حيثما كان . وإذا كان من نصيحة ففي كلمة واحدة هي ( اقرأ ) التي نزل بها الروح الأمين في أول الوحي ليعلم رسول رب العالمين هو وأمته أن طريق العلم بدأ بوحي وأن فهم العلم يكون بالقراءة ثم يكون الإلهام والتوفيق من الله ، فاحرصي يا رعاك الله على القراءة في كل فن وعلم واجعلي زادك الأول من تقوى الله وفي هذا المقام فلنقرأ قول ربنا عز وجل : ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) وأسأل الله لي ولك يا أستاذتنا الجليلة أن يلهمنا الرشد والعلم والبيان .
تجتمع عدة معان في كلمة ( المكابرة ) ؛ فقد تدل على فعل صادر من شخصين ، فنقول : كابر فلان فلانا على حقه بمعنى جحده وغالبه عليه ؛ فالفاعل الذي هو الظالم كابر أخاه على المال ، والمفعول الذي هو المظلوم كُوبِر على ماله إذا أُخذ منه ظلما وقهرا . وعلى ذلك تأتي المكابرة بمعنى إظهار المُكابِر نفسَه بأنه كبير القدر عظيم المقام ، وقديما قالوا : إذا عاتبت أخاك فاترك له موضعا للاعتذار لئلا يحمله المِراء على المكابرة . وكم هو جميل أن نَرُد نفوسنا إلى الإنصاف ونردعها عن المكابرة والخلاف ... وأما قولنا ( تكابر ) فلان فهو من ( الكِبْر ) والألف مزيدة لزيادة المعنى مثل : تكبر - بتشديد الباء - واستكبر، إذا أظهر التكبر وتعظيم نفسه وبالغ في ذلك فأظهر أنه أفضل من غيره غرورا واستعلاء فهي المكابرة أيضا . وقد يجيء لفظ ( تكابر ) بمعنى أظهر من سنوات عمره أكثر مما له وهذا يقترب من المعنى الأول لأن إظهار كِبَرِ السن يقصد منه إجبار الآخرين على إجلاله واحترامه فهو من المكابرة المذمومة ، ولم يرد لفظ ( المكابرة ) في القرآن الكريم ولا في حديث صحيح ، وإنما جاء كثيرا في الشعر وأذكر منه مثالا وهو قول الكميت :
الأصل في هذا القول أن الفرس إذا انطلق أثار الغبار خلفه أو حوله ، فإذا اشتد عدوه وخف وطؤه سبق الخيل وتقدمها ، وظهر غباره كأنه سياج يلفه ، فترى الخيل وقد تأخرت عنه لا تدرك ذلك الغبارفتدخل فيه فضلا عن عجزها عن إدراك الفرس السابق . وقول النابغة الذبياني :
أعلمت يوم عكاظَ إذ iiجاريتني
تحت العجاج فما شققت غُباري
معناه : ما دنوتَ مني ولا لَحِقْتَ حد غباري فتتعلق به ، وانظر إلى جو المعركة وهو مشبع بالعجاج الذي يسمح ببعض الرؤية بينما يحجب الغبار ما وراءه على نحو ما ؛ فكأنه يقول : إن العجاج يعم المكان ويختلف ذلك عن غبار فرسي حيث يعجزك عن الخوض فيه . والأصل في هذا القول هو ما قاله قصير لجذيمة الأبرش ( إن العصا - اسم فرسه - لا يشق له غبار ) فصار مثلا يضرب فيمن لا يُجارَى ؛ لأن مجاريه يشركه في الغبار ، وهو كناية عن انتفاء القِرْن ، فهو فرد لا نظير له في تفرده .
هو أبو علي الحسن بن مسعود بن محمد بن علي بن يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن علي بن عمرو بن يحيى بن يوسف ، ويوسف هذا هو أصل القبيلة ، و( اليوسي ) نسبة إليه وأصلها ( اليوسفي ) فخففت وصارت ( اليوسي ) ، وقبيلته إحدى قبائل البربر الصنهاجية السوسية التي كانت تقطن شرقي جبال أطلس وجبل العياشي . والحسن اليوسي يعد فلتة ازدهارية على حين غفوة من هذا العصر المظلم ، وهذه مؤلفاته تشهد له بعلو كعبه وتمكنه ؛ أذكر منها ما رأته عيناي وقرأته : 1- زهر الأكم في الأمثال والحكم ، صدر في ثلاثة أجزاء عن دار الثقافة بالدار البيضاء سنة 1981 م .2- رسائل أبي علي اليوسي ، صدر في جزءين عن دار الثقافة بالدار البيضاء سنة 1981 م . 3- المحاضرات ، صدر عن دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر بالرباط سنة 1976 م . وله ديوان شعر حققه الأستاذ عبد الحميد محمد المنيف - هكذا ورد في ص 42 من الجزء الأول من رسائله بتحقيق فاطمة خليل القبلي - ولم أطلع عليه . وأسلوب الرجل رصين جيد ومتحرر من قيود الصنعة التي شاعت في تلك الفترة وخاصة عند كتاب المشرق .
البارودي بين المحافظة والتجديد( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
البارودي شاعر بالموهبة ، فلم يدرس شيئا من علوم العربية ليكتب أو ينظم ، وإنما تلقى بالقراءة والشغف أشعار كبار الشعراء في العصور المختلفة ، فصار شاعرا مطبوعا يطلق عنان الشعر في كل أفق معبرا عما يجيش في نفسه ، وصار الشعر مرآة حياته صور فيه كل ما حدث له من جليل الحوادث وصغائرها حتى الأماني كان لها نصيب من شعره ؛ وكل ذلك على نمط الأقدمين فليس له سابقة تجديد أو منظومة تنقله إلى صفوف المُحْدَثين المتمردين ، وإنما كان له الأسلوب الجزل الذي لم يعهده الناس لدى شعراء جيله ، كما كان له باع في تصوير الحياة بعين فاحصة قديرة وسلاسة كلمته وواقعية الحدث ، وكل ذلك في دائرة الموزون المتعارف عليه من شعر العرب ؛ فكان تجديده بإعادة الشعر إلى قوته وليس بإدخال ما تقذفه ثقافات الآخرين فيه ، ولعل عدم تعلمه فنون العربية أوقعه في بعض الزلات اللغوية أو في ضعف النسيج الشعري وليس ذلك تنقصا فقد سقط في مثلها كثير من الشعراء السابقين . ولقد عهد فيه الشعراء أصالة حببتهم إلى الاقتداء به وترسم خطاه في نهضة الشعر فبرز حافظ إبراهيم وأحمد شوقي إلى الساحة امتدادا للبارودي المُحافظ غير أنهما جددا في موضوعاتهما . ولا يحسن بقارئ شعر البارودي أن يتهمه بالسرقات الشعرية إذا وجد عنده ما كان عند السابقين لأن البارودي كان يحاكي أصحاب القوة ليكون مثلهم ذا ملكة قوية ضمن ركاب ملكاتهم وليبعث أمة من سباتها بعد خمول طويل ، ومع ذلك فالقدماء كان يسرق بعضهم من بعض الصور والمعاني وحسبك أن تقرأ لكعب بن زهير :
ما أرانا نقول إلا iiرجيعا
ومعادا من قولنا مكرورا
لتعلم مدى التواصل بين حلقات سلسلة الشعر مذ نشأ إلى يومنا هذا . ترك البارودي كتابا من تجميعه أشبه بمجموعات الشعر التي نعتز بها ، اسمه : ( مختارات البارودي ) وهو دليل بارز على عنوان مدرسته الشعرية الجديدة بجدة إحياء القديم والقديمة بالأصالة والثبات : فهي الجديدة القديمة لا تتمرد على الموروث الشعري الخالد ولا تتلقى ما ينبذها عن عمود الشعر كما نظم عليه العرب ؛ ذلك تجديد البارودي كما أراه ، وبالله التوفيق .
تناول الأستاذ سيف - مشكورا - تاريخ مفهوم ( التجديد ) ومراحل تناول هذا المفهوم ، وهذا شيء جميل والحاجة إليه ضرورية بحيث ندرك أساس العمل بمبدأ التجديد وكيف نتعامل معه ، وهذا ما دفعني بادئ ذي بدء إلى التوجيه بقراءة كتب رجلين من أعلام الفكر الإسلامي في زماننا هذا ، وفي كتاباتهما استعراض لمحاولات علماء الأمة على مدى تاريخها لتمييز القول الصحيح من القول السقيم من معنى التجديد فنحن بحاجة إلى الفهم الصحيح ثم الوعي الواضح المعالم بقضية الإسلام والتحديات التي تحدق به ، وهذه هي مهمة المؤتمر الإسلامي من مجلسه العلمي وليس السياسي ، فالاجتهاد الفردي ليس له مكان الآن فقد فرضت الحاجة والضرورة الاجتهاد الجماعي لأن يد الله على الجماعة والعقول المجتمعة أقرب إلى الإصابة - إن شاء الله - من الفرادى ، فإذا حاول العلماء تحديدا لمفهوم التجديد أمكن تجميع الطاقات في هدف واحد بقوة موحدة ، وبالله التوفيق .
إن كتاب ( شرح لب الألباب في علم الإعراب = المسمى بالامتحان البيركلي ) مطبوع في استانبول بمطبعة الدولة العثمانية سنة 1270 هج =1853 م . وقد نال به أحد الدارسين - أو بسبيل الدراسة - درجة الماجستير من خلال النصف الأول منه حتى باب المنصوبات : دراسة وتحقيق .