حكاية من وحي سحر وصف النبات { الفصل الأول } كن أول من يقيّم
و ما دمت سأقص حكايتي هذه في ملف { أحاديث الوطن و الزمن المتحول } ... و في ضيافة الأستاذة ضياء ... ملف التاريخ و الأدب و العلم ... فليسمح لي القراء الكرام بالتعبير عن خواطر أريدها أن تكون " حرة " ...... أعطي لنفسيي فيها حريتها لتصور ما يخالجها من أحاسيس و مشاعر و أفكار و ذكريات .... بما تيسر لها من ألفاظ و جمل ... في موضوع تهواه و تعشقه حتى و إن كانت لا تفقهضوابطه و لا تحسن التعبير بأسلوبه ... هو مجال القصة ... أو السيرة ... و هذه محاولتي الأولى فيها ... أرجو أن تقبلوها من الناحية التاريخية و تغضوا الطرف عن مستواها الأدبي ... و هي حكاية كدت أنساها لولا سحر وصف النبات الذي أحياها .... بداية القصة : التحقت سنة 1963 بالثانوية الفلاحية { إبن الحجاج } على بعد خمسين كيلومترا من مدينة مراكش ، لأتابع دروسي بالسنة الأولى من التعليم الثانوي ، بشعبة التعليم العام ...و موادها وقتها هي المواد المعروفة من لغة عربية و فرنسية ، و تاريخ و جغرافيا و رياضيات و فيزياء و كيمياء و دروس دينية ... كان بالثانوية شعبتان : شعبة التعليم الفلاحي ، و شعبة التعليم العام ... تعرفت خلال الستة أشهر ألأولى من الدراسة بصديق في السنة الأولى من التعليم الفلاحي ... كان النظام الداخلي بالثانوية يسمح لنا بالخروج يومي العطلة الأسبوعية ـ السبت و الأحد ـ من " داخلية الثانوية Internat " لقضاء اليوم بقرية سيدي رحال التي كانت توجد بها الثانوية .... أفضل مكان كنا نقضي فيه جل أوقات الخروج هاته ، هو وادي القرية المحفوف ببساتين الزيتون و أشجار متنوعة ... كنت أجلس و صديقي ... كلٌّ يطالع في دفتره ... و نتجاذب أطراف الحديث ... و في يوم من الأيام ... أخذت دفتر صديقي لألقي نظرة على المادة التي يطالع فيها فإذا بي أجدها وصفا مورفولوجيا للزهرة باللغة الفرسية ... لم أجد صعوبة في فهم موضوع الدرس الفلاحي هذا ... فأخذت زهرة كانت تنمو بالقرب مني ... و بدأت أقرأ في دفتر صديقي و أتعرف على مكونات الزهرة التي بيدي ... و كم كانت دهشتي حين تأكدت من أن ما يقرأه صديقي في التعليم الفلاحي أشياء ملموسة قريبة منا و تعيش معنا و نعرفها منذ أن بدأنا نتعرف على محيطنا .... و يكفي مد اليد لتصل إليه و تتعرف على مكوناتها ... فهو يقرأ عن النباتات و الأشجار و المزروعات و الحيوانات و الحشرات و الطيور ... و تحت وطأة هذه الدهشة تذكرت ما أنا مشغول بمطالعته في دفتري فوجدته درسا عن اليونان و الرومان في ما قبل التاريخ ... عندها زادت دهشتي ... و بان لي الفرق الشاسع بين ما يشغله و ما يشغلني ... كانت نتيجة هذه الدهشة ... أن سافرت في العطلة الأسبوعية التالية إلى بيتنا بقرية أمزميز على بعد خمسين كيلومترا من مدينة مراكش بالجهة المقابلة لقرية سيدي رحال ... لأخبرت والدي رحمه الله بهذه العلوم الفلاحية الموجودة في الثانوية و أحاول بكل ما أوتيت من وسائل الإقناع أن أنال موافقته لأطلب تغيير التعليم من عام إلى فلاحي .... [ يتبع] |