حول ترجمة القرآن الكريم ...     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
رأي الوراق :     
الأخ الكريم محمد ، تحية طيبة ، موضوع ترجمة القرآن ، هو من أخطر الموضوعات وأهمها على مدى العصور ، وهو في هذا الوقت أهم وأجدى . فضلا عن الرؤية الشرعية التي تفضلت باستعراضها واستيفاء عناصرها ، فان الموقف المعرفي من هذه القضية لهو ، في رأيي ، أمر في غاية الدقة والضرورة . يمكن تلخيص جملة الأسئلة التي تحيط بهذه القضية فيما يأتي : * هل يمكن للغة أخرى أن تستوعب المضامين اللفظية و البلاغية والأسلوبية التي توفرت في القرآن الكريم بلسان عربي مبين ؟ * هل يمكن لناقل النص العربي ، إلى مقابل في لغة أخرى ، أن يتخلّص من خلفيته الثقافية والحضارية ، سيما إن لم يكن مسلما ، ويحافظ على دقة الترجمة وصدقها ؟ * هل ترجمة معاني القرآن الكريم ، هي كباقي الترجمات خيانة للنص الأصلي ؟ ***** من جهة أخرى ، يبدو لي أن البحث في جدوى ترجمة القرآن وضرورتها أمر تجاوزه الزمن ... لم تكن هذه الإشكالية مطروحة كما هي عليه ، يوم أن كان العرب يتسيدون الحضارة ويقودونها ، لأن العالم كان يتكلم العربية (أقصد نخبته بالطبع) ، أما اليوم ، ومع انحسار الواقع الحضاري للأمة ، فإن ترجمة القرآن الكريم أصبحت أكثر من ضرورة . **** يشكّل المستشرقون ، الذين اعتنقوا الإسلام ، أفضل وأحسن من اعتنوا بتجويد ترجمة القرآن ، فنماذج بكثول ومراد هوفمان تعدّ دلائل ناصعة على أن الترجمة تصدق حين تصدق نية صاحبها . وفي اللغة الفرنسية ، دلائل أخرى لمستشرقين أنصفوا ، بشكل كبير ، هذه الترجمة . **** ومن باب الطرافة ، التجربة الجديدة في ترجمة معاني اللغة العربية إلى اللهجة البربرية ، فالترجمة كما هي طوق إلى العالمية ، هي نفاذ في المحلية واستشعار لحاجاتها . ويبدو أن هذه المسألة لم تكن مطروحة بذات الحدة عند القدماء، فأئمة وخطباء المناطق البربرية ، كانوا يستعينون بالترجمة ، بطريقة عفوية ، لإفهام العامة وإيصال الرسالة . *** في الأخير ، فإن لشعوب المايا مثلا يقول " لن تعرف أبدا سر المايا " في إشارة إلى استحالة التوحّد مع الآخر ، سواء كان هذا الآخر شخصا أو نصا أو ثقافة ، إلا من الداخل (من داخل النص في حالتنا هذه). مع التحية زين الدين |