معلوم أن ا سم ( سلمى - بفتح السين _ ، وسلمى - بضم السين -) مشتق من ( سلم ) والعرب تنزع إلى التفاؤل لأن طبيعة أرضهم وطبيعة معيشتهم محفوفة بالمخاطر غالبا ، فيهرعون - بضم ياء المضارعة وفتح الراء - إلى ما يدخل الطمأنينة على النفوس ، والمرأة هي الشريك الأول والأهم في الحياة : أما وأختا وزوجة وبنتا ؛ فهي حاضرة ماثلة على أي حال وإن لم تكن نبع حنان وعون في شركة الحياة تحولت الحياة إلى جحيم وصارت لا تطاق بحال ، وأول صلة بين الشركاء تكون بالنداء والنداء أكثر ما يكون بالأسماء فإنهم لذلك يتخذون أ سماءهم من دلالات التفاؤل والاستبشار وأحب شيء إلى الإنسان السلامة التامة فمن مادة ( سلم ) اتخذوا : سلام و سلام - بتشديد اللام - و سليم و سالم وسلمان وسليمان وسلمى وسليمى وسليمة وسلامى وسلامة وسلامة - بتشديد اللام و ...... إلخ ، وكذلك رقة الصوت بما يبدأ بحرف السين ؛ من ذلك كله يأتي تفسير كثرة هذه الأسماء على ألسنة الشعراء ، فإذا كان الاسم شائعا لا يستطيع أحد معرفة من هي محبوبة الشاعر وهذا ما يريده الشعراء من التعمية على أهل محبوبته سترا لسرها وحفظا لعرضها وصونا لكرامتها فمن المروءة بين المحبوبين أن يصونا نفسيهما عن الدناءة والخسا سة في العلاقة العفيفة السامية فلا بأس أن نحب ونعشق ولكن البأس كل البأس أن نكون مصدر إ شاعة للهجر من القول والفعل في المجتمع فيستسيغ الناس الجهر بالمفاسد والخلاعات وقد قيل : ( إذا بليتم فاستتروا ) وهذا من أرقى الأدب النبوي الذي يفسح المجال للتوبة والرجوع إلى جادة الصواب . قلت : ويقابل ذلك المنحى اتخاذهم الأسماء الغليظة الدالة على القوة للذكور لـكون عونا على إخافة الأعداء فقد سئل أحدهم : لم تسمون عبيدكم بأحب الأسماء وتتخذون لأنفسكم أقبحها ? فقال له : إن أ سماء عبيدنا لنا ، وأ سماؤنا لأعدائنا .
إن المسألة شائكة جدا ، فالرجل الذي دعا الخليفة عثمان أن يخلع نفسه كان صحابيا وهو نيار بن عياض الأسلمي ، والرجل الذي قتل نيار بن عياض كان صحابيا أيضا وهو كثير بن الصلت الكندي . هكذا كان شأن الصحابة نحو عثمان بين مؤيد ومعارض ، فمن هم الصحابة الذين يرجى منهم التصدي للثوار والموقف موقف فتنة قد تسفك فيه الدماء دون رعاية لحقوق الله ولا لحقوق المسلم على المسلم ? وقد كان ، فكان ما كان والله يتولاهم جميعا ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ) .
في البدء هذه الأبيات من قصيدة رائعة للشاعر علي الجارم ( ديوانه ، طبعة دار الشروق ، ص 108 - 109 ) وأسلوبها إنشائي لأ ن صيغة الفعل ( فانبذي ) أمر ، والإنشاء هنا مقصود به النصيحة وإن لمسنا من ( النبذ ) شدة وأمرا قاطعا ؛ لأن الشاعر تلطف وعلل بأجمل قول وأرق نصح ، ومما يملح من القصيدة قوله :
لا عليك يا أخا العرب ، فقد ورد في بعض الأثر أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال : ( والذي نفسي بيده ، لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل ، ويخوَن الأمين ، ويؤتمن الخائن ، وتهلك الوعول ، وتظهر التحوت ) . قالوا : يارسول الله ، ما الوعول وما التحوت ? قال : ( الوعول : وجوه الناس وأشرافهم ، والتحوت : الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يعلم بهم ) . قلت : لعل تشبيه السادة والكرام بالوعول ؛ لأنها تسكن القمم من الجبال ، يعني نفوسهم عالية بما كانوا عليه من العز والمنعة ، وزوال ذلك عنهم علامة من علامات الساعة .والله المعين .
أخي حنظلة ، جملك الله وأمتع بك ، فلكم سعدنا بالتأمل في هذه الصور الرائعة ، ونأمل منك أن تتحفنا بالمزيد من هذه اللوحات البديعة التي تنم عن موهبة فنية وذوق رفيع - زادك الله حسنى وجمالا - ولك منا الشكر العميم والعرفان المذكور غير المنكور ، مع تحياتي وتقديري . وكتبه محبكم / منصور مهران
القصيدة التي منها البيت المذكور أثبتها المقري في كتابيه : أزهار الرياض في أخبار عياض ج 1 ص 47 ، و نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ج 4 ص 486 ( طبعةإحسان عباس ) ، ويغلب على الظن أن القصيدة تسربت إليها بعض الزيادات وقد جمعها أحد الفضلاء المعاصرين وهو الأستاذ عبد الله كنون ، ونشرها في مجلة معهد الدراسات الإسلامية : المجلد السادس سنة 1958 م ، ولكني وجدت هذه القصيدة وبها الزيادات التي عرف بها عبد الله كنون ، في كتاب ( ريحانة الألبا للشهاب الخفاجي بتحقيق أخي وصديقي الدكتور عبد الفتاح الحلو - رحمه الله - ج 1 ص 370 نشرة مطبعة عيسى البابي الحلبي سنة 1967 م ) قلت : وجدت فيه القصيدة بزياداتها منسوبة إلى شاعر علوي هو السيد يحيى القرطبي ، وليس بين يدي مراجع أندلسية تسعفني بما وراء هذا فإليكم المعذرة ، ونرجو ممن لديه مزيد معرفة أن يتفضل بنشرها في هذا الموقع البديع وشكرا .
أقترح عليك دراسة قصيدة من روائع الشعر الأندلسي ، وهي للشاعر ابن خفاجة الأندلسي المتوفى سنة 533 هجرية ، والقصيدة في ديوانه بتحقيق الدكتور السيد مصطفى غازي ، وهو منشور في منشأة المعارف بالاسكندرية سنة 1960 م . وهذه القصيدة من عيون الشعر الفلسفي جمعت بين التأمل والسباحة في المعاني التي يتخيلها الشاعر من الجمادات وهو لون شاع في شعر الطبيعة لدى الأندلسيين ، وإذا رغبت في أي مساعدة فلا تترددي في الكتابة إلى ( الوراق ) وعبر موقعه سأقدم كل عون إن شاء الله .
نحو تصور لدراسة التاريخ الإسلامي( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
دراسة التاريخ الإسلامي لها أهداف متعددة ؛ منها تحقيق الحوادث لإثبات الصحيح ونفي الزائف ، ومنها جمع الأشتات إلى سياق واحد لربط المواضيع ، ومنها تيسير المادة التاريخية لصغار الطلاب ، ومنها تذكير الأمة بأسلافها لصيانة الهوية العربية من أن تذوب في طوفان الغزو الثقافي الجامح ، ومنها الاتعاظ والاعتبار بتجارب الأسلاف في بناء هذا الصرح الشامخ لأمتنا وثقافتنا ؛ فلا تزل أقدامنا فيما أصابوه من خطإ أورث دمارا وتأخرا وبلاء . ولعل هذا الهدف الأخير هو أهمها على الإطلاق ، ولا يتأتى تحققه إلا بعد تحقق بعض الأهداف الأخرى ، ومع ذلك فلن ننتظر طويلا لأن قسما كبيرا من تاريخنا معد أتم إعداد فلنسرع خطانا إليه لاستيعابه وإ شاعة عظاته في كل مجال علمي أوإعلامي فإن طوفانا من الفكر المدمر يسطو على عقول أبنائنا في كل لحظة ، وما أجمل ما نشاهده من مسلسلات تاريخية تحكي حوادث ومواقف حاسمة في تاريخ الأمة كنا نترقب مشاهدتها منذ زمن طويل ، ونأمل في المزيد منها . ثم يجب إعادة النظر في مناهج مادة التاريخ فنقصرها على تاريخ أمتنا : في مراحل التعليم الأساسية ( الابتدائية ، والإعدادية أو المتوسة ، والثانوية ) حتى نقوي روح الولاء للأمة , ونقيم مناعة في نفوس أبنائنا تقيهم شر ذلك التيار الجارف الذي لم يدع لنا شيئا صحيحا من أصول أمتنا إلا نبش فيه وشكك حوله . وإني شاكر لأخي حسين اقتراحه النبيل ومؤمل من إخواني رواد الوراق أن تتفتق قرائحهم عن فكر ووعي يعيد لتاريخنا شبابه .
أعرب عن أ سفي لسهو وقع مني يوم كتبت اقتراحي ولم أحدد القصيدة التي أعنيها ولم أذكر مطلعها ولا رقم الصفحة التي حوتها من ديوان ابن خفاجة : أما مطلعها فقول الشاعر ( ص 215 من طبعة منشأة المعارف ، أو ص 42 من طبعة دار صادر )